مقطع من رواية “راميل” للكاتب سامح رشاد

فقالت (زيار):
– أنت يا (أحمد) إنسان طيب سوف أحكي لك ما كنت عليه، لكن اعلم أنني لم أحكِ هذا لأحد قط فهو سر لا يعلمه أحد حتى أقرب الأقربين. كنت ابنة لرجل صالح يعمل في أحد القصور كأحد الخدم، توفيت والدتي وتركتني؛ وكان عمري خمس عشرة سنة حينها، كان والدي قد تخطى سن الخمسين وبدأت ملامح الشيب تضرب وجهه، وكان يعاني من بعض الأمراض؛ مما جعلته يترك العمل ويذهب إلى عمل آخر أقل جهدًا، وكان بيتنا يقع في بلدة (أردبيل) إحدى بلدات (إيران) العمل الآخر لوالدي هو صناعة الخبز؛ كنا نخبزه في بيتنا ونبيعه للأهالي. لم يستمر الوقت طويلًا وقد توفي والدي مما اضطرني إلى أن أعمل لوحدي طيلة خمسة سنوات بعدها طلب مني أحدهم الزواج، كان رجلًا صالحًا ذا أصل، ومكانة دينية رفيعة. قبلت طبعًا الزواج منه لأنه فرصة تتمنى أية فتاة أن تحظى بها؛ هذا الرجل كان يأتي إلينا كل عام ليتصدق ببعض المال لنا ولفقراء البلدة أجمعين، كنت لا أعلم أين يسكن ولا كيف يأتي بالمال؟ كان أشبه بمحقق الأحلام بالنسبة لي. تزوجنا ومن قبل قد اشترى لنا بيتًا يبعد عن بلدة (أردبيل) عشرات الكيلومترات. ذهبت معه بعد أن أصبحت أعيش بمفردي، وبعد الزواج رزقنا بابنة جميلة أسميناها (سياب)؛ كنا فرحين جدًا بها، لكن كان زوجي يأتي لنا يومًا بعد يوم ليطمئن علينا ويسد ما نحتاجه. لم يستمر الوقت طويلًا، ودقت طبول الأزمة الإيرانية والاتحاد السوفيتي مما جعل زوجي يخشى علينا؛ وطلب مني أن نرحل إلى دولة أذربيجان، وبالتحديد في هذا المكان الذي نجلس فيه الآن، لكنه بحكم عائلته ذات القيمة في بلدة (أردبيل) لم يرحل معنا؛ وبقي هو وعائلته ماكثين في منزلهم خصوصًا أن عائلته كانت لا تعلم بزواجه مني، وكان يتردد علينا كل حين ليسد ما نحتاجه، كان يزورنا كل شهر تقريبًا.. وذات يوم كان موسم الحج على مشارف الحضور فجاء زوجي وطلب مني أن نؤدي مناسك الحج لهذا العام، وبعدها نرحل إلى بلدتنا (أردبيل) لكنني رفضت كوني قد استقريت هنا والأهالي عرفتني، وأصبحوا كأخوتي؛ الأمر الذي استدعاه أن يغضب، لكن سرعان ما تفهم الأمر، وقال لي: “لا بأس، ابقيا هنا، وسوف أرعاكما كما كنت أفعل.” وطلب أن يأخذ معه ابنتنا (سايب) إلى منزله، الذي لا أعلم أين يقع كي تعيش معه فترة شهر غيابه عني؛ فرحبت بالفكرة فهي ابنته كما هي ابنتي، وقلت له أن يرعاها كما أرعاها، فقال: “لا تخشي يا (زيار) سوف تكون بأمان.” عاد زوجي إلى بلدته مصطحبًا معه ابنتنا بعد إتمام الحج. مرت الأيام وكنت أعدها بالثواني لحين يمر الشهر، لكن هذا الشهر أصبح أطول من عشرين عامًا. مر شهر تلو الآخر، والسنة تليها أخرى دون أن أعلم عنهما شيئًا! ذهبت لأكثر من مرة إلى بلدة (أردبيل) أبحث عنه وعن ابنتي؛ ولم أستدل عليهما، أخذت أسأل عنه الأهالي هنالك لا أحد يعلم عنه شيئًا! وسألت شيوخ الطريقة وأصحاب المقامات والحرس الطائف هنالك، سألت الحجر والرمال.. لا أحد يعلم عنه. لكنني رغم حزني على ابنتي، كنت في سكينة كونه رجلًا صالحًا؛ كنت متأكدة أنه لا يضيعها، وأكيد هي سوف تهنأ بعائلة أبيها لما لهم من جاه، وعزة.. ومرت السنون وأنا أعيش في هذا الكهف، أناجي ربي ليل ونهار عساه يردهما لي ذات يوم..

راميل
رواية، للكاتب سامح رشاد
من إصدارات اسكرايب للنشر والتوزيع
للطلب في مصر وجميع دول العالم:
عبر الرسائل: ⁦‪m.me/Scribe2019‬⁩
‏عبر واتساب: ‪wa.me/201140714600
هاتفيا: +201140714600
——————————————–
#اسكرايب #اقرأ #جدد_مكتبتك 📚
#معرض_القاهرة_الدولي_للكتاب2023
#قراءة #اقتباس #اقتباسات #تصوير #تفاعل
#أصدقاء_الكتب #كتاب_أنصح_به #روايات_وكتب #كتب #القراءة_حياة #كتاب_من_مكتبتي #كتاب_قيم
#أمة_اقرأ_تقرأ #قراءة_في_كتاب #قراءات #إذا_أعجبك_سيعجبك

نُشر بواسطة اسكرايب للنشر والتوزيع

دار اسكرايب للنشر والتوزيع، دار نشر مصرية، عضو اتحاد الناشرين المصريين، ‏تمتلك اسكرايب خطة نشر ومشاركات في المعارض الدولية والمحلية ترضي الكاتب ‏العربي. تهتم اسكرايب بالترجمات والأدب العالمي، والمحتوى الذي يساعد على تنمية ‏مهارات وقدرات الشباب العربي، من علوم ودراسات متنوعة‎.‎ وقد وصلت المجموعة القصصية "كأنه هو"، للكاتب البحريني "هشام النهَّام"، الصادرة ‏عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع، إلى القائمة الطويلة لجائزة الملتقى للقصة القصيرة ‏بالكويت عام 2023‏

أضف تعليق

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ