مقطع من رواية “مدينة الجنة والنار” للكاتب مينا بشرى

 انتهت الفوضى، وعاد صادق إلى رشده جالسا على مقعده أمام وائل الذي كان شارد الذهن تماما، قام وائل بتشغيل الموسيقى الهادئة ليصفي ذهنه من الدراما التي حدثت من حوله، لكنه لم يتحمل رائحة البول التي تفوح من صادق، فنادى على قائد المرتزقة وأمره أن يأخذ صادق إلى الحمام ليستحم وأن يكسيه بالملابس الجديدة ذات الرائحة العطرة، ثم نظر إلى صادق وعلى وجهه ضحكة صفراء قائلا:

– لا أفعل ذلك لأنني أحبك، ولكن لأنني لا أستطيع أن أطيق رائحتك.

 خرج صادق برفقة قائد المرتزقة، وها هنا يجلس وائل وحيدا في الغرفة المظلمة رفيقا لعقله الشارد الذي يشعر بالخوف كثيرا، لم تكن الموسيقى كافية لعقل وائل فقام بإخراج سيجارة أخرى من الحشيش من علبة السجائر الخاصة به، وبدأ في التدخين بشراهة حتى تحول خوفه إلى ضحك جنوني؛ يتذكر مشهد صادق وإصابته بالصرع عند استماع اسم ملاك الموت ويضحك بجنون.

 يضحك ويفكر ويقول لنفسه “كيف سأجعل هذا المجذوب يتحدث ويحكي قصة ملاك الموت وهو يخاف من اسمه؟”. ظل وائل على هذا الحال لفترة حتى عاد قائد المرتزقة وهو يمسك صادق من قمصيه الجديد ويسحبه خلفه كالكلب لوائل.

 جلس صادق على المقعد أمام وائل ويقف خلفه قائد المرتزقة، شعر صادق بالقلق قليلا من قائد المرتزقة الذي يقف خلفه ناظرا إلى وائل قائلا له بخوف:

– شكرا لك.

 لم يجبه وائل بل اكتفى بهز رأسه لأعلى وأسفل وهو يبتسم ابتسامته الصفراء، وظل صامتا لوهلة ثم بدأ بالتحدث:

– ملاك الموت..

 باتت علامات الرعب تظهر على وجه صادق مجددا، وهو ينظر إلى وائل وهو متسعة عينه إلى آخرها، يظهر على عينه علامات الترجي كأنه يريد أن يقول أرجوك لا تنطق اسمه. لم يهتم وائل لملامح وجه صادق التي تكاد أن تجعل من لا يمتلك قلبا يشفق عليه، وأكمل حديثه:

– ارو لي حكاية ملاك الموت.

نُشر بواسطة اسكرايب للنشر والتوزيع

دار اسكرايب للنشر والتوزيع، دار نشر مصرية، عضو اتحاد الناشرين المصريين، ‏تمتلك اسكرايب خطة نشر ومشاركات في المعارض الدولية والمحلية ترضي الكاتب ‏العربي. تهتم اسكرايب بالترجمات والأدب العالمي، والمحتوى الذي يساعد على تنمية ‏مهارات وقدرات الشباب العربي، من علوم ودراسات متنوعة‎.‎ وقد وصلت المجموعة القصصية "كأنه هو"، للكاتب البحريني "هشام النهَّام"، الصادرة ‏عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع، إلى القائمة الطويلة لجائزة الملتقى للقصة القصيرة ‏بالكويت عام 2023‏

أضف تعليق

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ