“رسائل عفوية” بقلم: مجد محمد وليد – مسابقة كورونا الأمل



كتبت مجد محمد وليد:


عزيزي ياصاحب الظل الطويل..
مرّ زمن ولم تصلني أخبارك، فكيف هو حالك؟..
ككل مرة أستلّ قلمي لأخط لك تفاصيل من معارك يومي؛ ولكن هذه المرّة سأكتب عن حرب ضروس…
كل شيء تغير فجأة، انقلب الحال إلى غير حال.. وعمّ وجه الأرض السمراء لون رماديّ ينبئ بفصل من العزاء، بعد أن كشر الخصم عن أنيابه الشنعاء، ليتصيد فرائسه بلا هوادة أوضجر؛ لا فرق عنده بين أجناس البشر، لا يميّز كبيراً أو صغيراً، قوياً كان أم ضعيفاً..
اكتسح البحار والصحراء وتخطى كل الخطوط الحمراء، اخترق أسوار أعتى الحصون، وفتك بقوى تهابها كل الخصوم..

ليتسلل كلّص إلينا، ويسرق الأحبّة لدينا، خطر داهم الإنسانية جمعاء؛ فدقّت لقدومه نواقيس البلاء، ليخيّم فينا بظلاله الثقيلة ويتسبب بكارثة عظيمة، خرّت الجبابرة صاغرة أمام جبروته .. ليغلق المنافذ والدروب، ويقطّع أوصال هذا العالم المنكوب، فحجز الشعوب داخل سجن غير محدود من مطلع الشمس إلى نهاية الغروب، فبعد أن استبشرنا انتهاء الحروب، وسكتت أفواه القصف المرتوب، عاودنا العناء، بعد أن حلّ فينا هذا الوباء..
أضحت كل الأماكن خاوية، الشوارع مقفرة والأزقة قاتمة موحشة، فتهاوى الصّخب على وقع خطاه العجيب..
حتى المساجد والكنائس أُوصدت بقدوم الغريب، فكبّلها بأغلال الصّمت المهيب..

كأنه كابوس اغتصب أحلام الآمنين، فتوارى الجمع خلف الأبواب مرتعدين، انقطعت حبال الوصل بالأحباب، و زاغت الأعين من فرط الرّهاب..
توشحت المشافي بثياب الحداد، وانتشرت رائحة الموت على الأعتاب، ليتعالى نحيب الثكالى أمام الفاجعة.. وكأنها الصّيحة الكبرى النّازعة..

آااه ياعزيزي..
كم أفتقدك في هكذا أيام عصيبة..
علّي بقربك أنسى الخوف والرّيبة.. فلمّ الغياب أخبرني..؟ ولمَ إلى الآن عنك تعزلني..؟!

طال انتظاري على قارعة الليل الطويل، لتنهشني الوحدة بعد أن مزقني الحنين، أتقلب ذات الشمال وذات اليمين، أتحيّن الصّبح لأولّي شطر وجهي نسائم فجرك العليل، فأيمم قلبي الذي لا يرضى بغيرك بديلا؛ فأفترش رداء الذاكرة، أجوب ثنايا سمائك المقمرة، أتنسم منها بقايا عطرك العالق بزوايا الأمكنة، أتدثر حنان طلّتك النّضرة؛ فيلفّني بعدها السكون، لأغفو على وسادة عشقي المجنون..

أتعلم ياعزيزي..؟
لازلت بك أهيم وأهذي؛ و إلى حدّ الآن لا أدري ؛ أيهما أشدّ وطأة على روحي..
غيابك المرير، أم هاجس كورونا..؟

نُشر بواسطة اسكرايب للنشر والتوزيع

دار اسكرايب للنشر والتوزيع، دار نشر مصرية، عضو اتحاد الناشرين المصريين، ‏تمتلك اسكرايب خطة نشر ومشاركات في المعارض الدولية والمحلية ترضي الكاتب ‏العربي. تهتم اسكرايب بالترجمات والأدب العالمي، والمحتوى الذي يساعد على تنمية ‏مهارات وقدرات الشباب العربي، من علوم ودراسات متنوعة‎.‎ وقد وصلت المجموعة القصصية "كأنه هو"، للكاتب البحريني "هشام النهَّام"، الصادرة ‏عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع، إلى القائمة الطويلة لجائزة الملتقى للقصة القصيرة ‏بالكويت عام 2023‏

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ