“سلطان حمير .. قائد وكتاب”، مراجعة نقدية كتبها البرفيسور/ قاسم المحبشي – أستاذ فلسفة التاريخ والحضارة



كتبت هيام فهيم:


شاركتنا اليوم الكاتبة اليمنية/ منى ناصر بارويس، رأي ومراجعة واحد من أعلام الثقافة في المجتمع اليمني، لروايتها “سلطان حمير” الصادرة عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع – في نسختيها العربية والإنجليزية.

“سلطان حمير .. قائد وكتاب”، مراجعة نقدية كتبها البرفيسور/ قاسم المحبشي – أستاذ فلسفة التاريخ والحضارة:

أثران يتركهما الإنسان في هذه الدنيا؛ أثر مكتوب للناس في الحياة وأثر مكتوب للملائكة في الموت بحسب الاعتقاد الديني السائد. الليلة استلمت كتاب الباحثة منى ناصر بارويس. أهداني أياه الصديق العزيز العميد/ أحمد ناصر بارويس الذي تخرج توا من كلية القيادة والأركان المصرية.

كتاب صغير الجرم ولكنه كبير المضمون وعظيم الأهمية. سردت فيه ابنة الراحل اللواء #ناصربارويس رئيس هيئة العمليات في وزارة الدفاع سيرة حياة والدها المولود في أرض حمير شبوة في مطلع خمسينات القرن الماضي وهو ابن الشيخ الحكيم #عبداللهبنناصربارويس الذي يشهد الجميع برجاحة عقله ودوره الاجتماعي في بناء وتأسيس أول مدرسة ومستشفى في بلاد سلطنة الواحدة أيام الاستعمار البريطاني مديرية ميفعة مدينة عزان حاليًا.

الكتاب في ٧٣ صفحة من القطع المتوسط في خمسة اجزاء فضلًا عن المقدمة والخاتمة بغلاف سلطاني أنيق، أعدته الآنسة أستاذة اللغة العربية المتميزة منى ناصر بارويس بأسلوب روائي عالي الجودة والتقنية السردية، قرأته في جلسة واحدة. شدني أسلوب الكاتبة في رواية سيرة والدها المرحوم الذي خلف وربى كوكبة من الأولاد والبنات الأخيار يحفظهم الرحمن.

الكتاب طبع في دار نشر اسكريب للنشر والتوزيع في القاهرة. باللغتين العربية والإنجليزية ٢٠١٩.

يروي تجربة حياة قائد عسكري استثنائي قل نظيره في الإدارة والثقافة والشعور بالمسئولية الوطنية. وهو صاحب العبارة الخالدة (بالعلم والمعرفة تبنى الأوطان) بدلًا من الروح والدم لمن يفهم الكلام.

تلك السيرة العطرة للقائد الذي لا أعرفه إلا من أولاده، والكتاب ذكرتني بأيام الخدمة الوطنية الإجبارية، إذ كنا في الصف الأول ثانوي وفي اليوم الأخير من الامتحانات السنوية. دخلنا قاعات الامتحان ونحن تطير من الفرح للحرية في العطلة الصيفية. كانت الامتحانات حينها أفضل بألف مرة من امتحانات الجامعة هذه الأيام. وفي بضع ساعات وجدنا أنفسنا في معسكر العند. تم توزيعنا إلى سرايا ومنحنا البدل العسكرية والأمتعة المطلوبة. في معسكر رأس عباس للدبابات تم إعادة توزيعنا على أساس البنية الجسدية وليس الذكاء العقلي إلى سرايا!

ستة سرايا كل سرية تتكون من ٤١ جنديا. تم توزيع ضخام البنية وأنا منهم في سرية القيادة ، أقصد المتدربين على قيادة الدبابات. يضم طاقم الدبابة أربعة أفراد (آمر وسائق ومدفعي ورمي) ومهمة الآمر قيادة الدبابة وإعطاء الأوامر للسائق ومعبي الذخيرة والمدفعي ويتعين عليه أن يتدرب ليجيد كل المهام الأربع .

جلبوا لنا أربع دبابات جديدة آخر صرخة في عالم الدبابات العسكرية تي-٦٢ وصرخة الموسم العربات القتالية الشيلكا مضاد طيران عربية قتال سوفيتية استمد تصميمها من دبابة القتال السوفيتية. الدبابة ممتعة ومثيرة ذات خفة ومرونة قتالية عالية على إصابة الأهداف بالنسبة لي كانت تجربة قيادة الدبابة ممتعة ومثيرة.

كان المرحوم اللواء ناصر بارويس حينها ملازمًا أول إذ يعد أول قائد عسكري لعربات شلكا في الجمهوري الجنوبية. وأنا أقرأ الكتاب دمعت عيني على الوطن الذي ضاع بسبب الجهل والهرجلة الفارغة. كان القائد بارويس يبحث عن وطن آمن ومستقر للجميع ولديه نظرة استراتيجية ثاقبة ولكن لم يفهمه أحد. مباركة استاذة منى ناصر بارويس على إنجاز هذا العمل الخالد عن حياة الوالد الذي يستحق الوفاء من المؤسسة الوطنية كلها.

وشكرا للصديق العزيز العميد أحمد بارويس لهذه الهدية التي انتظرتها طويلا. وألف رحمة ونور تغشى الفقيد الوطني الكبير في مثواه الذي ترك أثرا لا يمحى في قلوب كل من عرفه.

كان يجمع ولا يفرق يبني ولا يهدم يحلم بوطن نموت من أجل سيادته وعزته وازدهار، لا وثن نموت على يديه كما تمخض اليمن الآن.

مات دون أن يرى الحلم ولكنه ترك منى التي كان يحبها ويميزها عن إخوتها لذكائها وحنانها. فطوبى لها من فتاة جعلت من والدها سلطان حمير التليدة. وهي بذلك أثبتت بأنها ابنة نجيبة وفريدة في عائلة كريمة راسخة الجذور والتاريخ الجدير بالقيمة والاعتبار.


إبداعات عائلة اسكرايب

اسكرايب تزيح الستار عن أغلفة أحدث إصداراتها



كتبت هيام فهيم:


طالع المهتمون بالشأن الثقافي خلال الأيام الماضية أغلفة أحدث إصدارات دار اسكرايب للنشر والتوزيع – مصر، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وجاءت كالتالي:


🔵 “معادلة التوحد” للأستاذة: سمر الوصيفي – مصر، أخصائية تخاطب، وتنمية بشرية وتطوير أداء، دكتوراه مهنية صحة نفسية وإرشاد أسري، مدرب دولي معتمد. كتاب علمي وإنساني، يخاطب كل أم حباها الله طفلا متوحدا، وكذلك المتخصصين في الإرشاد النفسي والتربوي، وكذلك القارئ المتثقِّف.


🔵 “موسيقى الساعة الثالثة” للأستاذة: خولة الأسدي – اليمن، مجموعة قصصية متميزة، تحمل بين طياتها طابع المجتمع اليمني، وتناقش مواضيع عدة، منها النفسي، والاجتماعي، والإنساني، والسياسي.


🔵 “لص الغرام” للأستاذ: حسين علي فياض – العراق، شعر فصيح، يخاطب به الشاعر النفس الإنسانية، بين حنين وفراق واطمئنان وحرمان.


🔵 “الملحد” للأستاذ: عبد الباقي يوسف – سوريا، رواية تعد التعاون الخامس للكاتب مع دار اسكرايب للنشر والتوزيع، بعد روايات أربعة “سورين، سيامند وخجي، أمريكا كاكا، بلاد ليست كالبلاد”، يناقش الكاتب خلال روايته تجربة إنسانية لشاب ملحد وزوجته، وما يصاحب هذه القضية من قضايا إنسانية وسياسية واجتماعية، ذات صلة واضحة بالقضية الرئيسة.


🔵 “في وحل ما” للأستاذ: عبد الله مفلح – سوريا، مجموعة قصصية يناقش خلالها الكاتب قضايا إنسانية وعاطفية واجتماعية، ذات صلة وطيدة بحياته في المهجر – هولندا، عبر ثنائية نصاحبها بين صفحات مجموعته.


🔵 “بنات الحور” للأستاذ: شريف بحيري – مصر، رواية ذات طابع مميز، فكيف يرى الإنسان نفسه والحب، إذا انطلق بوسيلة ما إلى وادٍ من الحور العين؟!، وهو الذي كره النساء بالمرة!!


🔵 “الشيطان في حضرة النساء” للأستاذ: فؤاد البسطاوي – المغرب، مجموعة قصصية يناقش بين طياتها الكاتب قضايا مختلفة، ترتبط في مجملها بتناقض الشخصية العربية في مجتمعها مرة، وفي مجتمعات المهجر مرة أخرى.


وجاء التالي ضمن إعلان الدار:

🎈 اسكرايب لا تنشر إلا ما هو مميز 👊
🎈 اقرأ وأنت مطمئن 🙈💚
🎈 وانتظر الجاي .. أصل الجاي فوق القوة بمراحل ✊🙊🤨💁
🎈 وبالمناسبة باب استقبال الأعمال مفتوح 💁
🎈 #عائلة_اسكرايب بتكبر .. منتظرينك 🏃💚


إبداعات عائلة اسكرايب

“بوح قلم” جديد الكاتبة انتصار ربيع مع اسكرايب للنشر والتوزيع



كتبت هيام فهيم:


شَرُف مقر اسكرايب للنشر والتوزيع الأربعاء ١٧ يونيو ٢٠٢٠، بحضور الكاتبة/ انتصار ربيع عبد الحميد، لتجدد ثقتها في اسكرايب، بتوقيع تعاقد “بوح قلم” – قصائد نثرية، الذي يعد التعاون الثاني مع اسكرايب عقب “خواطر تغتالني”.

🎈 اسكرايب لا تنشر إلا ما هو مميز 👊
🎈 اقرأ وأنت مطمئن 🙈💚
🎈 وانتظر الجاي .. أصل الجاي فوق القوة بمراحل ✊🙊🤨💁
🎈 وبالمناسبة باب استقبال الأعمال مفتوح 💁
🎈 #عائلة_اسكرايب بتكبر .. منتظرينك 🏃💚


إبداعات عائلة اسكرايب

“موسيقى الساعة الثالثة” جديد الكاتبة اليمنية خولة الأسدي مع اسكرايب للنشر والتوزيع



كتبت هيام فهيم:


“موسيقى الساعة الثالثة” أحدث المجموعات القصصية الصادرة عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع – مصر، تعد المجموعة أولى الأعمال المطبوعة للكاتبة اليمنية خولة الأسدي.

جاءت المجموعة التعاون السادس بين اسكرايب للنشر والتوزيع التوزيع وزمرة الأدب الملكية، بعد إصدارات خمسة هي:

  • أنين على الوسائد: زهراء ناجي
  • أوراق على قارعة الروح: منى عز الدين
  • أرواح معلقة: محمد شيبة
  • سلطان حمير: منى ناصر بارويس
  • الغيلم الحكيم: مجموعة مؤلفين

جدير بالذكر استعداد اسكرايب حاليا لإخراج أكثر من عمل، بين الرواية والشعر والقصة القصيرة والخاطرة، بالإضافة لدراسات في التنمية الذاتية، مع استمرار فتح باب استقبال الأعمال.


إبداعات عائلة اسكرايب

تحميل “حياتين وقدر واحد” رواية بقلم: نورا سعد وباسم سعد | pdf | اسكرايب



“حياتين وقدر واحد” عمل مشترك  بين كل من:

-الكاتبة نورا سعد من ليبيا
-الكاتب باسم سعد من مصر

تدور الأحداث في زمن الماضي، تشويق وإثارة، حب رومانسي في زمن السيوف، ضياع الحبيبة، وانتقالها عبر الزمن، ليصنفها حبيبها بأنها الخائنة الجميلة.

“وهل قُبلة الحبيب تعيد  الحياة أم هي الموت المحقق؟!”

صدر للكاتبة نورا سعد كتاب “خواطر هشة” – المغرب

تعد رواية “حياتين وقدر واحد” أول نشر إلكتروني مجاني، تقدمه دار اسكرايب للنشر والتوزيع – مصر. يمكنك الآن مراسلتنا بعملك، جاهزا في ملف pdf، مع إرفاق غلاف للعمل، لإتاحته للنشر الإلكتروني المجاني للقراء داخل وخارج مصر، عبر الموقع الرسمي لدار اسكرايب للنشر والتوزيع.


اضغط للقراءة والتحميل

أو

اضغط للتحميل

إبداعات عائلة اسكرايب

“نصائح للكاتب” بقلم: خالد أمين “رئبال الدمشقي” | اسكرايب



كتب خالد أمين “رئبال الدمشقي”:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أسعد الله جميع أوقاتكم.
أطل عليكم اليوم مقدما بضع نصائح أدبية فيما يتعلق بالكتابة على شكليها (الرواية) و (القصة).

1_اعلم أيها الكاتب أن الكتابة في شكل الرواية أو القصة يختلف تماما عن الكتابة في الأشكال الأدبية الأخرى.

فكتابة الخواطر والشعر بأنواعهما يكون أغلب ارتكازه بين التشبيه والإيجاز والاستعارة وحتى التمويه لاستنباط المعنى والغوص من وراء الكلمات؛ بينما الكتابة في الرواية والقصة وإن تداخل فيها شيء مما ذكرت آنفا، إلا أنها تعتبر أساسا بقاعدتها على الإفهام والتفصيل والإيصال بسرد سلس ومشوق لإيصال الحكاية والقصة المرجوة دون إبهام يجعل القارئ حائرا.

فالأصل في القصص والروايات هو إيصال حادثة وقعت بتفاصيلها ليعتبر منها القارئ أو ليعلم ما حل من أزمنة وتواريخ مضت أو في أرض لايعلم عنها أو عادات لم تصله.

يقول الله في كتابه الكريم (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)
فالتعارف يكون إما بالذهاب والطوف جسدا، أو بالقراءة عن أحوالهم.

فالرواية أو القصة تأخذك بروحك وعقلك مسافرا لتعلم عن أحوال وعادات الشعوب.

كما أن هذا وجدناه حق اليقين في كلام الله بكتابه الكريم، حين قص علينا سير الأولين من أنبياء وشعوب وقبائل، لتكون لنا في ذلك العبرة.

*فاعلم أيها الكاتب أن أمانتك وصدق روايتك في القصة والرواية محسوبة عليك بين الناس وأمام الله، فاكتب وانقل بأمانة وصدق دون تزوير للحقائق أو خلق مالم يكن.

2_اعلم أيها الكاتب أنك ولتكون كاتبا ناجحا، عليك اتباع السر الذي سأبوحه لك الآن، وضعه نصب عينيك في كل ماتكتب.

(حين تكتب والقلم في يدك، هب أنك في محكمة ومكانك قفص الاتهام، وأن القارئ هو المحقق، والناقد هو المدعي العام، وأن القاضي هو الرأي العام، فعليك أن تقنعهم ببراءتك بذكاء وشعور وإحساس مع الدليل، وإلا حاكموك بالتجريم).


نصائح للكاتب، كتبها خالد أمين “رئبال الدمشقي”
١٢ يوليو ٢٠١٩


إبداعات عائلة اسكرايب

“قيثارة الروح” بقلم: نجلاء جميل | اسكرايب



كتبت نجلاء جميل:


عنكَ النّجوم إذا غابت محاسنها
نور علينا زها باليمنِ والبِشْرِ

نحنُ الثريا وذاك الضوء هامتنا
بالعزِّ يزدانُ منا منبرُ البدرِ

يا من تطوفُ بنا بالجهل نظرته
يخفى شعاعُ الضحى في الأعينِ القُصرِ

أهوى القوافي وفي محرابها أبدا
أرتل الحرفَ شعرا مترفَ الفِكرِ

الضاد قد أشرقت أوزان نرجسه
وكلّلت همسهُ المنظوم بالعطرِ

منهُ العذوبةُ روحي فيه قد مزجت
وعزفه فاتنٌ قد ذاب من ثغري

إن غابت الشمس في ليلٍ فقد حضرت
عندي تغنِّي الضُّحى في مطلع الشعرِ

يا بن الكرام انهل حرف قافيتي
ألوان ألفاظها نظمٌ مع الفخر

معزوفة أينما حطّت قصائدنا
أبياتها نغمةٌ في غاية السِّحرِ


إبداعات عائلة اسكرايب

وفاة المفكر الشاعر الفيلسوف أ.د/ حامد طاهر | اسكرايب



كتبت هيام فهيم:


في الخميس الموافق الحادي عشر من يونيو من العام ٢٠٢٠، فقدت الثقافة العربية والإسلامية رجلا من رجالها، متأثرا بكورونا، إنه الأستاذ الدكتور/ حامد طاهر، العميد الأسبق لكلية دار العلوم – جامعة القاهرة، ووكيل الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، والأستاذ في قسم الفلسفة، والشاعر المفوه، والمفكر الكبير، والفيلسوف المتفرد في تخصصه، رجل من جيل الرواد الكبار، رحمه الله رحمة واسعة، وأدخله فسيح الجنان، وطيب ثراه، وأحسن مأواه، وجعل أعالي جنان الخلد مثواه، وتغمده بواسع رحمته، وشامل عفوه، وجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأنزل على مثواه شآبيب العفو، والغفران، وأكاليل الصفح، والإحسان، وسحائب الرحمة، والرضوان.

جدير بالذكر أن الدكتور حامد طاهر أكاديمي مصري، متخصص في الفلسفة الإسلامية، ولد عام 1943م في حي الخليفة، بالقاهرة.

والتحق بالمعهد الديني بالقاهرة وحصل منه على الثانوية 1963، ثم حصل على ليسانس في اللغة العربية والدراسات الإسلامية بمرتبة الشرف من كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة 1967، وماجستير الفلسفة من الكلية نفسها 1973، ودكتوراه الدولة في الفلسفة بمرتبة الشرف الأولى من جامعة السوربون 1981.

وتدرج الدكتور حامد طاهر في وظائف التدريس بكلية دار العلوم بالجامعة بدءًا من معيد وانتهاء بأستاذ، وقد تولى رئاسة قسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم منذ عام1991. كما تولى عمادة الكلية، ثم منصب نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب.

وللدكتور حامد طاهر مؤلفات عديدة في الفلسفة الإسلامية، مثل: مدخل لدراسة الفلسفة الإسلامية ـ المدينة الفاضلة بين أفلاطون والفارابي، كما صدر له عدة دوواوين شعرية منها: (ديوان حامد طاهر 1985 ـ قصائد عصرية 1989 ـ ديوان النباحي (ديوان متخيل من الشعر العربي القديم) 1991 ـ عاشق القاهرة 1992.

رحم الله العالِم الجليل، وبارك فيمن بقي، وإنا لله وإنا إليه راجعون.


من الموروث الشفوي “ميراث عاقر!” بقلم: رحو شرقي | اسكرايب



كتب رحو شرقي:


مررت اليوم بشارع يجمع بين قصر أنيق و بيت عتيق ، تعالت منهما أصوات حتى ملأت المكان.
فأهل القصر يتخاصمون على ميراث هالك، أما أصحاب البيت العتيق يبحثون عن زنبيل دقيق.

يحكى …
أنه كان لفلاح عزوة، غادرت أمهم الحياة، حلت زوجة الأب مكانها بعدما ظهر حملها تضرع الإخوة كثيرا لله أن يرزقهم بشقيق “عقون” وقد استجاب الله لدعائهم، كي لا يمنعهم هو وأمه عند قسمة التركة لحبهم الجم للمال، وطمعهم في الميراث.

توفى الأب تاركا وراءه ميراثا واسعا من أراضِ وغنمِ، مع طمور القمح والشوفان.

كَبُر شقيقهم  وأصبح يافعا، ومن ثم بدأ النزاع على الميراث.
حانت لحظة اقتسام التركة، بعدما عرضوا على شقيقهم الأصغر حصة الشعير …فلا يتم اقتسامها إلا بالقنطار والخراف حسب عدد مواشيها، أما الصوف بالكومة و هكذا وما يليها، حتى نهاية التركة.
لكن أخاهم ” العقون ” رفض ذلك بإصرار وحزم، ليعرض عليهم طريقته في اقتسام الشعير، أن لا يتم إلا بالحبة، و الصوف إلا بالليق…

تفاجأ الإخوة لغرابة أمره واستحالة رأيه، حينها تذكروا جميعا في أنفسهم فأصبحوا بعد ذلك نادمين، لو دعوا الله أن يعيد لشقيقهم عقله ويبسط رشده لكان أرحم لهم، فيريحهم مشقة الطمع.
ضعف الطالب والمطلوب!

يا صديقي لا تطمع في رزق غيرك، كلٌ نصيبه وحظه في هذه الحياة.


إبداعات عائلة اسكرايب

“أساتذة الحظر” يكتبها: شريف بحيري | اسكرايب



كتب شريف بحيري:


تبادلت الضحكات والكلمات الساخرة مع زملائى بالمدرسة من تصريحات هيئة الأرصاد الجوية، لم أمنع نفسى من الأستعداد لليوم، مع نشوى داخلية بأجازة من خارج الرصيد الرسمى.

اشتريت المزيد من الفول السودانى وتسالى اللب والكثير من بطاطس الشيبسى والشيكولاته، أمضيت ليلتى فى إنتظارعاصفة التنين، قضيت يومين أنزح الماء من فوق سطح منزل، وشاركت الجيران فى منع زحف ماء السيول إلى داخل الجراج.

أستسلمت للنوم فى اليوم التالى طلبا للأستشفاء، لم أكد أستعيد لياقتى حتى سمعت خبر تعليق الدراسة لمدة أسبوعين لمنع أنتشار فيروس الكورونا، لم أستوعب الخبر جيدا، أتصلت بزميل لى، ظل يضحك على فهو يعرف أنها كانت أول سنة لى فى إعطاء الدروس الخصوصية.

نزلت للجلوس على المقهى، أحضر النادل لكى كوب الشاى، أشتكى من منع النرجيلة ومن هروب الزبائن إلى بيوتهم وأخبرنى أنه جهز مكان سرى لزبائنه المميزين لتدخين النرجيلة، ثم حاول الأستفسار منى عن حال أمتحانات نهاية الترم الثانى لكن لم أرد سوى ببعض الأجابات العامة.

حضر ولى أمر أحد التلاميذ الذى أعطيه درسا خصوصيا، وجلس بجوار وطلب لى كوبا آخر من الشاى، ثم نادى على النادل وأخبره أنه سوف يدفع حساب الأستاذ، ومال على هامسا معتذرا عن حصص الأسبوعين القادمين، ثم أعتدل وقال بسخرية:
-تغير حال الدنيا منذ أن فاز الزمالك ببطولتين.. أطلق ضحكة عالية فهو يعرف أنى من مشجعيه.

خاب ظنى أن ينقضى الأسبوعين وتعود الحياة لطبيعتها، وزادت الأمور تعقيدا بقرار حظر التجوال، رن الهاتف النقال فوجدت صديق لى قرر أن يمكث فى البيت لخوفه من العدوى، وحكى لى معاناه صاحب شركته لأن السكرتيرة تركت العمل خوفا على نفسها من الكورونا.

فى صباح اليوم التالى، كنت أجلس مكان السكرتيرة، رسمت صورة لها فى خيالى لعلها ممتلئة الجسم أو ذات عينين جاحظتين، أنتبهت مع ميعاد مغادرة الموظفين.

تزداد الأخبار سوءا، أصدر وزير التعليم قرار بألغاء الأمتحانات، وأستبدالها ببحث، تضاربت التوقعات والتكهنات، شعرت بمزيد من زيادة فى الوزن نتيجة ساعات الحظر.

أثناء تأديتى لرياضة المشى داخل المنزل، رن هاتفى النقال، وجدت صوت نسائى يطلب منى أن أعطى أبنها درسا فهى تخاف من طول مدة الأجازة.

حضر التلميذ بعد إنصراف الموظفين، راقبنى حارس العقار، التلميذ أصبح ثلاثة، سألنى حارس العقارعن سبب تأخرى بعد مواعيد العمل حتى إقتراب موعد الحظر، فأفهمته إنهم بعض أقاربى أساعدهم، زاد عدد التلاميذ وتنمرت نظرات الحارس لى، هددنى بفضح أمرى، فواعدته بأقتسام النقود معه.

نبهنى الحارس أن بعض الجيران بدأ يشك أن الشركة تحولت لوكر للدروس الخصوصية، فأحضرت لوح من الخشب الأبلكاش وغلفته بأوراق الكرتون ووضعت مثبتات حوامل على نوافذ الشركة لأستخدامها لمنع الصوت والأضاءة.    

فى ليلة أستمر صاحب العمل فى الشركة وأقترب موعد حضور التلاميذ، فأتصلت بحارس العقار وطلبت منه أن يبقيهم بغرفته، لكن أحدهم إتصل بوالدته، التى حضرت وظلت تهتف بصوت عالى، فأخبرت الجيران أنها خالتى وأبنها يعانى من مشكلة مع مدرسه، أستغل حارس العقار الموقف وجهزغرفته لأستقبال أولياء الأمور ولم ينسى أن يبيع لهم أكواب الشاى والقهوة.

أتصلت أحدى السيدات التى تسكن فى العقار المقابل لنا بالشرطة لشعورها بوجود حركة غريبة فى شركتنا بعد بداية مواعيد الحظر، أسرعت مع تلامذتى بالأختفاء فى حجرة الحارس، كان ضابط الشرطة أكثر ذكاء منا حيث ترك أمين شرطة ليظل بجوار حارس العقار، طلبت أحد أولياء الأمور لأنقاذنا، لم تمر الساعة حتى وجدت مجموعة من الشباب يضعون أحجار على أبعاد متساوية كأنه مرمى كرة قدم وبدأت المباراة، وتعالت أصواتهم وخرج بعض الجيران يتابعوهم من شرفات المنازل، أستغاثت السيدة الشاكية بأمين الشرطة لمنع هذه الضوضاء، ما أن ترك مكانه حتى أخرجنا الأولاد و بدأو بتشجيع الشباب فى لعب الكرة.

أصبحت هذه خطتنا الدائمة للتمويه، لم ينتبه حارس العقار لعودة صاحب الشركة، وقفت مزهولا لاأجد ما أقوله، هدئت ثورته وأبتسم لى وصافحنى بعد أن أقنعه حارس العقار أنى سوف أدفع جزء من الأيجار الشهرى.

أتقنت عملى الصباحى فى السكرتارية، حتى دخلت على فتاه رشيقة القوام، بحذاء ذات كعب عالى، وأخبرتنى أنها السكرتيرة وتريد العودة للعمل، لومت نفسى على تخيلاتى المريضة، سوف أخسر خطتى، أقنعت صاحب الشركة ببقاءنا معا، ثم جاءت الخطوت التالية، وهى أقناعها بأن تغادر مبكرا، وكانت المفأجأة انها أخت أحد تلامذتى، فكانت فرصتى للتقرب منها.


إبداعات عائلة اسكرايب

ريڤيو “صمتًا رجاءً” للكاتب “حسن أشرف” تكتبه من العراق الأستاذة/ ماري انطوانيت



كتبت ماري انطوانيت – العراق:


“صمتا رجاء” صرح أدبي رائع خطه أنامل الشاب حسن أشرف اليانعة بكل ثقة، رغم تجربته الأولى في الكتابة نلمس الثقة بالنفس في إسكات ما حوله، طالبا الصمت وبكل رجاء، فتراه تارة يبعث الأمل وتارة مشاغبا، وتارة أخرى يتغلغل فى حيثيات المجتمع، سلبياته وإيجابياته، ويضع بحرص لبنات حل لتلك المشاكل وبكل جرأة.

حسن أشرف حاول إطباق يد الخير على أفواه من أرادوا أن يحدثوا ضجيجا، فطلب الصمت كي يسمعه الجميع. كاتبنا الشاب طموح ويملك ذخرا رائعا من المفردات وقوة في اللغة الفصحى لا يغالطه العامية، وجمال في السرد المشوق فيجعلك متعطشا أن تقرأ قصصه القصيرة، وخبرته في الحياة كالربيع رغم قصره جميلة ومنعشة.

صمتا رجاء يضاهي في الجودة كتابات الرائع “رجاء النقاش”، فيه عبرة ومعالجة وسرد جميل.

شكرا أستاذ حسن لما أمتعتنا من هدوء، نحن في أمس الحاجة إليه.
شكرا لنسخة الكتاب الذي أهديتني فقد زينت مكتبتي المتواضعة.

“صدقوا ما عاهدوا” صحوة الشعر الديني يعيدها الشاعر حازم حمزة مع اسكرايب للنشر والتوزيع 



كتبت هيام فهيم:



﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: 23]، هكذا وصف الله صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومن تبعهم بإحسان، وهكذا أخذهم شاعرنا “حازم حمزة” سراجًا ينير به الشعر العربي الفصيح، فكان ديوانه “صدقوا ما عاهدوا”. 


يتناول الشاعر في ديوانه سيرة صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم، فجاء الديوان في ٣٢ قصيدة، اختتمهم بمدح لسيد الخلق – عليه صلوات الله. 


سار الديوان على نهج في نظمه، فلم يكتفِ بأن يرينا صحابة وتابعي رسول الله في عيون الشعر، بل استقى من سيرتهم العطرة ما يبغي به وجه الله تارة، وينير سبيل القارئ تارة أخرى، فخطّه ووطّأ به لقصيدته. 


نذكر ممن تعطر الديوان بذكر مآثرهم: الخلفاء الأربعة “أبو بكر، عثمان، عليّ، وعمر”، الخليفة الراشد الخامس “عمر بن عبد العزيز”، حواريّ رسول الله “الزبير بن العوام”، أسد القادسية “سعد بن أبي وقاص”، أمين الأمة “أبو عبيدة بن الجراح”، مؤذن الرسول “بلال بن رباح”، أول شهيدة في الإسلام “سمية بنت خباط”، المجاهدة العابدة “أم عمارة”، عمة النبي “صفية بنت عبد المطلب”، وأول طبيبة في الإسلام “رفيدة الأسلميّة”، وغيرهم من زمرة تعطر بها حصن الإسلام. 


جدير بالذكر أنَّ الشاعر “حازم حمزة” يعمل محررًا بجريدة “أسرار المشاهير”، وصدر له ديوان شعري: “حيثما كان قلبي”، وله مشاركات في عدد من الصحف الإلكترونية. 


“صدقوا ما عاهدوا” ديوان للشاعر المصري حازم حمزة، صادر عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع – مصر، عام ٢٠١٩، شارك في عدد من معارض الكتاب الدولية، وكذلك معرض القاهرة الدولي للكتاب ٢٠٢٠.


نموذج من الديوان:


يصور حازم حمزة أسطورة الوفاء ورمز الفداء، سيدة النساء “خديجة بنت خويلد” – رضي الله عنها – فيقول:

سبحانَ من وهبَ القلوبَ محبةً
فغدتْ كزرعٍ زاهيَ الأوراقِ

أقدارُنا هي منْ تُحَدِّدُ حالنَا
فَيُسَرُّ ذاكَ القلبُ حينَ تَلاقِي

عينايَ تنظرُ نحوَ مَكَّةَ حِينما
شمسُ الظهيرةِ فاقتِ الإحراقِ

فأري هنالكَ خيمةٌ مُلِئتْ سَنا
وبها التقتْ مراكبُ العُشَّاقِ

فمحمدٌ قد تزوجَ حِبَّهُ
وشمسُها  في حالةِ الإشراقِ

هي أمهُ هي أختهُ هي زوجهُ
هي عُرسهُ هي منحةُ الخلَّاقِ

وقفتْ على هامِ الزمانِ بصَبرِهَا
وقلبُها كالهاطلِ الدفَّاقِ

آوتهُ حينَ الكونُ أغلقَ بابَهُ
وحمتهُ دوماً منْ لظي الإملاقِ

وصدَّقت برسالته ما فكرتْ
قد آثرتْ ذاكَ النعيمُ الباقي

خديجةٌ رمزُ الوفاءِ وحسْبُها
أنَّ النبيَّ صارَ في الأعماقِ

فأحبها حباً كبيراً دائما
واذا ظمئَ كانتْ له كالسَّاقي

أولادهُ منها كنجماتِ السما
وجميعُهُم مثلَ الزلالِ الرَّاقي

نورٌ أضاءَ في حياةِ محمدٍ
ومحمدٌ أسكنها في الأحداقِ

وأتى الفراقُ نحو بيتِ خديجةٍ
فبكي النبيُّ من أليمِ فراقِ

هو عامُ حزنٍ حينَ ترحلُ أُنسُهُ
يا لوعةَ التنهيد والأشواقِ

لكنَّ حبَّ خديجةٍ متأصلٌ
سيظلُّ رغماً عن رحيلٍ باقي

ويظلُّ اسمُ خديجةٍ في قلبِهِ
وحُبُّها دَينٌ على الأعناقِ

فجزاكِ ربِّي جنةً يا أمَّنَا
وسُقيتِ عذباً سائغا رقراقِ


إبداعات عائلة اسكرايب

خفايا “جوابات قصر الدوبارة” | اسكرايب



كتبت هيام فهيم:


“جوابات قصر الدوبارة” رواية يهديها الكاتب عبد الرحمن عباس، لمن أنصفتهم الأديان، وظلمتهم العادات والتقاليد، في منظومة تضيع الحب، وتدمر قلوب العاشقين.

وعن اسم الرواية يُرجع الكاتب اختياره إلى آداة رئيسية، ضمن أدوات بناء روايته، وهي “الجوابات” أو الخطابات المتبادلة بين بطليّ الرواية “يوسف وغادة”، حيث رآها أول مرة داخل الكنيسة، فمنعه خجله عن البوح بمشاعره، فكانت الجوابات لسانه المعبر، ومع أحداث الرواية نجد أن البطلة قد آثرت استمرار التواصل عبر هذه الجوابات.

ذلك بالإضافة إلى الكنيسة الرمز، كنيسة “قصر الدوبارة” التاريخية، بعراقتها وما شهدته من تاريخ مصر، وتعاقب الدهر عليها.

الرواية بها من التجديد ما ليس في كثير من أقاصيص تلك الأيام، فتناولت موضوعات متفرعة على موضوعها الأصليّ – القصة التي جمعت بين يوسف وغادة – بأسلوب مشوق للغاية، غلبت عليه العملية الروائية بصورة واضحة، فجاءت الأحداث متماسكة، ومترابطة في سردٍ قويّ جمع بين أكثر من  موضوع في دائرةٍ واحدةٍ.

جاءت لغة الرواية قوية، تبدي براعة الكاتب في اختيار الألفاظ من غير إيثار للألفاظ الجمالية على حساب الألفاظ التي تليق بمقام الخطاب.

جدير بالذكر أن “جوابات قصر الدوبارة” رواية للكاتب عبد الرحمن عباس، صادرة عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع – مصر، عام ٢٠١٩ في طبعتها الأولى، وشاركت في عدد من المعارض الدولية والعربية.


اقتباس من الرواية:

قمت من مقعدي فورَ أن تذكرت أمي، ستكون قلقةً، هذا أمرٌ لم يُساورني فيه شك لذلك أردت أن أطمئنها، ولكنَّ العقبة الآن أني لا أريد أن يعرف أحدّ عني شيئًا، كيف أَطمْئنُ تلك المرأة التي طالما دعت الرب أن يحميني، حتى أعطتني الصليبَ في أول يوم دراسيٍ ليحرسَني ولم أتركه حتى الآن. فاهتديت إلى فكرةٍ ستمكّنني من هذا، قمت على إثرها بطلب هاتف البيت، دقائقٌ حتى جاء صوتُ أمي مليئًا بالحزن، وبكلماتٍ تخرج متثاقلةً تسأل مَنِ المتصل؟، يبدو عليها الانكسار، فأنا أعرفها جيدًا حين تكون مشرقةً وحين تبهت. كدت أنهار، حيثُ كنتُ سأخبرها أني “يوسف”، إني أشتاق إليها، إلى لمسة يدها ودعوة “مريم العذراء”، تمالكتُ نفسي، ورددت عليها بعد أن غيّرتُ نبرة صوتي مقدمًا نفسي باعتباري موظفًا في السفارة المصرية وبكلماتٍ مقتضبة أخبرتها أنَّ ابنها ما زال حيًّا ولكنَّ الاتصال ممنوع. لم أعطِ نفسي فرصة أنْ أبقى أكثر من ذلك، وأغلقت الهاتف بعد أن سمعتها تُتَمتمُ على الناحية الأخرى:
– نشكرُ الرب.

أسبوعٌ من الآن، هل يمكن أن أستمتع باليونان وبيت “دالاس” الرجل اليونانيّ الذي يعمل في تشغيلٍ آلافٍ الهاربين من الموتِ مقابل نصف ما يأخذونه. هكذا سألتُ نفسي قبل أنْ أتفحّصَ البيت. صغيرٌ وأنيقٌ وحضاريّ تمامًا مثل بيوت “أثينا” ذلك قبل أنْ أخرجَ منه لأعلم أنه في ميدان “موناستيراكي”. “أثينا” الهادئة ليلًا تحولت إلى خلية نحل لا يهدأ فيها أحد خاصة في هذا الميدان القابع في وسط منطقة السوق القديم.. الحوانيت الصغيرة ما زالت ثقاومُ زحف الحداثة.


إبداعات عائلة اسكرايب

“الأنباء في زمن الكورونا” بقلم: حياة آية برياح | اسكرايب



في زاوية الأحداث
أنباء غير الأنباء
قصة بعد منتصف الليل
لا تحدث الغوغاء
النجوم تلتزم الصمت
تتحول لنقاط سوداء

يتوسد التراب
لحافه السماء
ينام خالي الثياب
يتدفء بالبكاء
وجه بلا شكل
تتشكله أشياء

إبتلعته أضلع المدينة
وهي ترقبه بالخفاء

كلمحة حزن
كمدينة علماء
يرفع فيها كأس النبيذ
على أرواح الأشقياء
كمدينة علماء
تتوسطها كنيسة نبلاء
إنتصر الراهب
ما عادت تقام فيها الصلاة

كقطعة صغيرة
كانت أكبر منها الحياة
كحقيبة بلاستيكية
تطويها الشوارع
تترامى بين كفي الرياح

ستغفو القصة نهارا
وتتبع عندما تفر الأضواء

لا ميت هو لا حي
مصلوب على أسنان المساء.


إبداعات عائلة اسكرايب

“الملحد” وليد الصراع .. رواية جديدة للكاتب السوري/ عبد الباقي يوسف | اسكرايب



كتبت هيام فهيم:


“دلشاد” هو بطل روايتنا اليوم “الملحد”، للكاتب السوري/ عبد الباقي يوسف، تعد الرواية مزيجا من القضايا الفكرية التي تعن على المجتمع العربي، على اختلاف طوائفه، وأنماطه الاجتماعية، هذا الصراع الذي اشتد داخل البطل كرد فعل للدمار الذي أحدثته الجماعات الإرهابية والحكومات العربية، والمنظمات الشعبية، لفرض السيطرة على الشعوب فكريًا، ثقافيًا، ودينيًا، صراع سيظل مستعرًا، ليؤدي به إلى الإلحاد.

“دلشاد” هذا البطل الرمز، الذي يكره العنف باسم الدين، هذه الكراهية التي باعدت بينه وبين الشعائر، حتى وصل إلى الإلحاد.


يناقش الكاتب عبر شخصيات روايته أفكارًا عدة، أبرزها:
-ضياع البلاد العربية، وانقسام أهلها بين قاتل ومقتول.
-اندفاع بعض الشباب نحو الإلحاد، كردة فعل تجاه الجماعات المتطرفة، التي شوهت القيم الدينية.
-مقارنة بين قيود الإيمان وانفلات الإلحاد، في بيان غير تقريري، نابع من تجارب مجتمعية.
-ومثلها كسابقتها من الروايات للكاتب، يتابع إثباته لدور الزوجة في شدة زوجها، وأن الحب يحقق المستحيل.


رواية “الملحد” تصدر قريبا عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع – مصر، وتعد التعاون الخامس للدار مع الكاتب عبد الباقي يوسف، بعد روايات أربعة: “سورين، سيامند وخجي، بلاد ليست كالبلاد، أمريكا كاكا”، كما تصدر قريبا النسخة الإنجليزية من رواية “أمريكا كاكا” Reverberation of America، ضمن سلسلة ترجمات اسكرايب للنشر والتوزيع.


اقتباسات من الرواية:

كلُّ هذه المشاهدِ تتداعَى في مُخيّلتها وهي تنظُرُ إليهِ وإلى الكأسِ، وقد بدَا السُّكرُ يجِد مفعولَهُ فيهِ، وأخذَ الاحمرارُ يزحفُ إلى عينَيهِ شيئاً فشيئاً. عند ذاك رأتهُ يسحبُ كرسيّهُ ليجلسَ بشكلٍ ملاصقٍ لها، وهو يتغزَّل بها كما لو أنَّه يرَاها لأوّلِ مرّةٍ، وهي تزدادُ اضطّراباً وخوفاً من أيّ فعلٍ غيرِ مألوفٍ قدْ يصدِرُ منهُ في أيّ لحظةٍ. لكنَّها استطاعَتْ أنْ تُقنعَ نفسَها بأهمّيةِ ترقّبِ ما قدْ يبدرُ منهُ وقدْ وضعتْ كلّ الاحتمالاتِ. رأتهُ يمدُّ كفَّيهِ يدسُّ أصابعَهُ بين ثنايا شعرِهَا، وهي تنتظِرُ ما الذي سيحصَلُ، يقبّلها، ويقولُ لها كلاماً جمِيلاً، يبدُو أمامَها رقيقاً. وبعدَ قليلٍ أمسكَ بيدِها حتّى وقفَا، ضمّها إلى حضنِهِ وصارَ يقبّلهَا وهي مُندهشةٌ، ثم أخذَها إلى الكنبةِ المجاورةِ، قالت: لنذهَبَ إلى السّريرِ.
قال: لا، هُنا.. يبدُو السريرُ بعيداً عنّي، ولا أطيقُ أنْ أمشي خطوةً واحدةً، حتى لا أبتعدَ عنكَ ولو قليلاً. ثم استلقَيا على الكنبةِ التي وسعتْهما بالكادِ وهو يقولُ: لا أريدُ أنْ أغمضَ عينَي إلاّ على رؤيتِكَ، ولا أنْ أفتحَهمَا إلاّ وهُما يقعانِ عليكَ.. ياه كمْ أحبّك.. كم أنا محظُوظٌ بك.. كم أشعرُ أنَّ العالمَ بخيرٍ لأنكِ بجانِبِي.


غيّرتَ حياتِي كلّها يا دلشاد، جعلتَني أشعرُ بقيمةِ حياتِي مرةً أخرى، حياتِي كلّها اقترنَتْ بوجُودَكَ فيها. عملنَا معاً، كافحنَا معاً حتّى أنجبتُ ولداً وبنتاً يملآنِ علينَا كلّ حياتِنا. حتّى أوضاعُ المنطَقةِ التي نعيشُ فيها بدأتْ تستقِرُّ أكثرَ من أيّ وقتٍ مضَى، بلْ بدتْ أفضل ممّا كانتْ عليهِ حتّى قبلَ نُشوبِ الأحداثِ. انتشَرَ الرَّخاءُ بينَ النّاسِ، كثُرَتْ الحدائقُ ووسائِلُ التَّرفيهِ، انهالَتْ علينا الأموالُ بدرجةٍ لم نكُنْ نتخيّلُها، حتّى العجائزُ الذين لم يكُونُوا قدْ سمعُوا باسم الدولارِ، وما لمستْهُ أياديهِم، بدأتْ الحوالاتُ تصلُهم بعملةِ الدُّولارِ من أبنائِهم وأقربائِهم الذين يقيمُونَ خارِجَ البلادِ. انتعَشَ الاقتصادُ كما لمْ ينتعِش من قبل. صرنَا نتنَاولُ الغدَاءَ أو العشَاءَ كلّ شهرٍ مرَّتين في المطاعِمِ، وبين ذلكَ نوصِي طعَاماً جاهِزاً، ونحنُ الذينَ لمْ نكُنْ ندخلُ المطاعِمَ، ولمْ يسبق لنا أنْ رأينَا عامِلَ مطعمٍ جلبَ طعَاماً جاهِزاً إلى بيوتِنَا إلاّ في حالاتٍ استثنائيَّةٍ طارئةٍ. امتلأتْ الحدائِقُ بأراجيح وألعابِ الأطفالِ، كثرَتْ المُتنزهاتُ.


إبداعات عائلة اسكرايب

جديد ترجمات اسكرايب “Silence please”



كتبت هيام فهيم:


تم اليوم بحمد الله توقيع عقد ترجمة النسخة الإنجليزية من المجموعة القصصية/ صمتا رجاء – (!silence please) للكاتب/ حسن أشرف، يظهر المترجم أستاذ/ محمود حسين، في أثناء توقيع التعاقد.


الله نسأل مزيدا من التوفيق، وانتظرونا قريبا وباقي سلسلة ترجمات اسكرايب 👌


إبداعات عائلة اسكرايب

“لو …!” بقلم: مي هشام | اسكرايب



كتبت مي هشام:


ان تصبح في السبعين من عمرك هذا يعني المزيد من الهدوء من اعباء الحياه و المزيد من الوقت للتأمل.

كعاده  رجال السبعينات استيقظت قبل اذان الفجر بنصف ساعه حتي اتسابق علي الصف الاول في الجامع المجاور لمنزلي
و عند انتهائي من الصلاه مررت علي اشهر عربة فول في شارعي (عم عبدالله) حتي احضر الفطار المعتاد لي و لزوجتي.

في الحقيقه زوجتي توفت منذ سبعه اعوام ولكني اعتدت علي احضار الفطار و تناوله معها منذ المره الاولي وحتي اخر يوم
انتهيت من فطوري وذهبت لاعداد كوب من الشاي بالنعناع
نصف معلقه من الشاي مع معلقه واحده سكر و المزيد من النعناع الطازج المقطوف من هذا القصيص المستقر علي شباك المطبخ و المزروع بكل حب و اهتمام، مزيج رائع في كوب زجاجي شفاف بات عمره يقارب نصف عمري تقريبا.

هممت باخذ خطواتي تجاه ذالك الشباك الذي بات نافذتي علي الحياه، شباك خشبي قديم مثل منزلي لونه اخضر داكن
اخذ التراب يتراكم عليه طبقات، فتحته ببطء و بدات انظر من الاعلي الي الشارع.

استوقفني مشهد لعربه كروه يسحبها حمار هزيل من الواضح ان لونه كان ابيض ولاكن مع الزمن اصبح رمادي ويقودها رجل ذي بنيان ضعيف و هدوم مهروله و متسخه و ملامح مكسوره، بدأ يجلده بكرباجه مره تلو الاخري وكانه يجلد نفسه لما وصل اليه من حال او كانه يفرغ طاقة غضبه في حماره او انه يلومه علي هذا الوضع.

كل ضربه كانت اقوي من سابقتها، بدأت اتتبع خطوات الحمار و تلعثمه مره تلو الاخري حتي خر ساقطا، يبدو انه لم يستطيع ان يتحمل كل هذه الحموله و التي تبلغ اضعاف وزنه.

اخذ صاحبه ينهره و يضربه اكثر ف اكثر علي امل ان ينهض
ولاكن دون جدوي، بدات حركه المرور بالتوقف بسبب تلعثمه، وأصبح الشارع مزدحم بالسيارات و المشادات الكلاميه، وبعض من السب و القذف للحمار و صاحبه الذي وصفوه هو الاخر بالحمار
مرت خمس دقائق علي هذه الحال.

صاحب الحمار يحاول ان يصلح الموقف و يضرب حماره حتى ينهض و يحاول ان يسحبه ولاكن دون جدوي، واصحاب السيارات يعلو صوتهم و صوت عرباتهم.

لم يفكر احد ان يرحم ضعف الحمار و صاحبه، ولا حتي ان يساعدهم بل اخذ كل منهم يرمي اللوم علي الاخر، ارتشفت بعض من الشاي بالنعناع و انا اشاهد ما سيحدث، الا ان رئيت اربع شباب، يبدو عليهم القوه نزلو من سياراتهم و هن ينهرو في الاخرين (محدش فيكو قادر يساعد الراجل الغلبان ده بدل ما كل واحد منكم عمال يزعقله و يشتمه كانه قاصد عيب عليكم ده قد ابوكو)، قالوها وهم متجهين اليه.

بدأوا في مساعدة هذا العجوز و قامو بجر الحمار بل لم يكتفو بهذا فقط، قاموا بلم عيدان القصب التي ملائت الشارع بعد سقوطه
واخذو يضعوها مره اخري علي العربه.

عادت حركه المرور تدريجيا للشارع و تحركت بعض من العربات
حتي عاد الشارع لطبيعته وكان شيء لم يكن، ارتشفت اخر رشفه من الشاي، و مع انتهاء كوبي عدت للواقع الذي لم يتغير منه اي شيء.

نظرت للشارع مجددا حتي اتابع ما حدث.
لأجد صاحب الحمار يصرخ في العربات و في حماره و يجلده بكرباجه بكل ما اوتي من قوه الا ان استطاع ان يحركه الي جانب الطريق.

جلس مستندا الي حائط ئايل للسقوط، و كأنه يرجوه ان يخبئه بداخله من قسوة العالم، خبأ وجهه بين كفيه و بداء في البكاء بحرقه.

اظن اني لم اري من قبل رجل يبكي بهذه اللوعه و المراره، يبدو ان الحياه انهكته وفعلت به الافاعيل، اغلقت شباكي و تمنيت لو ان الحياه بطعم النعناع، اظنها ستصبح افضل!


إبداعات عائلة اسكرايب

“عندما تحتضن الموت” بقلم: مصطفى حسن محمد سليم



كتب مصطفى حسن محمد سليم:


وأنا أطالع الأخبار توقفت كثيراً أمام صورة هذه السيدة العظيمة وهي تحتضن جسد أمها المصابة بكورونا وهي تجلس علي أحد الأرصفة أمام أحدي المستشفيات الحكومية ونظرات عينيها ترسل كل أنواع الاستغاثات التي توجد في العالم والتي يعجز اللسان عن نقلها….

لم تفكر في الموت وأنها تحتضن جسد مصاب بالوباء…
لم تفكر غير في إنقاذ أمها من بين براثن الموت…

أنه شيء نادر في هذا الزمان الذي تجد فيه الأبناء يتخلون عن دورهم في رعاية الآباء بكل جدارة وقد يصل الحد لقتلهم لهم بدون رحمة في بعض الأحيان أو وضعهم في دار للمسنين والتخلي عنهم نهائيا وعدم تحمل مسئوليتهم تجاهم في هذا السن المتقدم الذين هم في أمس الحاجة لهم…

أنها الرحمة التي عندما تنبض في القلوب لاتحتاج إلي دليل للبحث عنها.


إبداعات عائلة اسكرايب

العاصفة” بقلم: مصطفى حسن محمد سليم



كتب مصطفى حسن محمد سليم:


عندما يحلق الموت بجناحيه السامين، ليضرب بكل قوة من يدنس عالم الموتي، قد يحدث أنك تشاهد كل شيء أمامك بوضوح ولكنك لاتدرك إلانصف الحقيقة، وقد تحل عليك لعنة تلك الحقيقة دون أن تعرف السبب، مثل العاصفة التي تأخذ أمامها كل شيء بدون رحمة بقوة الطبيعة….

لماذا تصر يامستر أرثر، علي أن في هذه المنطقة توجد مقابر مهمة، رغم أنه من المؤكد أن هذه المنطقة لايمكن أن تكون بأي شكل من الأشكال منطقة أثرية، فهي بعيدة كل البعد عن المناطق الآثرية المعروفة لدينا،  ولاتوجد لدينا أي وثيقة قديمة أوحديثة، تؤكد أن هذه المنطقة بها آثار هامة، فأومأ أرثر برأسه قائلا أنا أؤيدك في ذلك الرأي مستر عرفان، ولكن هناك نقطة مهمة قد أغفلتها في ذلك مستر عرفان، أن هذه المنطقة ورغم بعدها عن مكان تمركز الفراعنة، إلاأنها كانت مزار مهم للكهنة طوال حقبة طويلة من العصر الفرعوني، وذلك مذكور في بعض الوثائق التي عثرنا عليها في أحد الأكتشافات من قبل، والتي إشارت بشكل غامض إلي مقبرة تقع في هذه المنطقة بالتحديد، ولكنها لم تظهر عنها أي معلومات بعد ذلك، وحاستي تؤكد لي أننا سنعثر علي أكتشاف سيتحدث عنه العالم لفترات طويلة من الزمن، وسيقدم للبشرية أكبر دليل علي عظمة الفراعنة، فكل أكتشاف نجده يؤكد لنا ذلك، وهذا الأكتشاف سيغطي علي جميع الأكتشافات السابقة، أنا أتحدث إليك بخبرة 30 عامًا من التنقيب، والبحث عن حضارة لم يأتي البشر بمثلها، ولم يسبق أن توقعت شيء من قبل وفشل، وستؤكد لك الأيام القادمة هذا وربم.. وقطع حديثه أرتفاع صوت رئيس العمال وهو ينادي عليهما، لقد وجدت باب المقبرة، وأسرع أرثر، وعرفان إلي الخارج وهو يقترب منه، وألقي نظرة علي باب المقبرة التي كانت تحمل أختام ملكية لفرعون مصر في ذلك الوقت، ووجد كلمات منقوشة علي بابها تحذر من فتح المقبرة، لأن فتحها سيجلب مزيداً من اللعنة، فأرتفع صوت عرفان وهو يقول له لقد كنت أقول لك من قبل أن في هذا الأمر سر ما، ماالذي يجعل الفراعنة تقوم بدفن موتاهم في هذا المكان النائي، إلااذا كان في الأمر سراً أولعنة ما، فبدأ الانزعاج علي وجه العمال وهم ينظرون إلي وجه رئيس العمال، الذي تحدث قائلا في رهبة لعنة لا نحن لن نفتح هذه المقبرة، لن نشارك في جلب هذه اللعنة يامستر أرثر، فابتسم أرثر في هدوء وهو يقول لهم لماذا يبدو علي وجوهكم هذا الانزعاج أيها السادة، أنتم الآن تقفون أمام بوابة التاريخ، أنكم تشاركون بعملكم هذا في كشف سر من أسرار التاريخ، وأنت مستر عرفان لم ينبغي منك أن تتحدث هكذا أمام العمال بهذا الكلام الفارغ، وسأثبت لكم صدق كلامي أن هذا الباب الذي تقفون أمامه الآن باب وهمي، وهذا الكلام قد كتب عليه من قبل ليجعلنا نعود أدارجنا من حيث أتينا، وأذا ثبت صدق كلامي هذا،  وظهر ان هذا الباب وهمي، سنمضي في طريقنا مستر عرفان، تقدم أنت لفتح هذا الباب، وتقدم عرفان نحو الباب، وعالجه وتببن بالفعل أنه باب وهمي، وهنا ضحك أرثر وهو يقول  لرئيس العمال دع العمال يستريحون اليوم، وسنكمل غداً مابدأناه، فالشمس قد قاربت علي المغيب اليوم، وغداً مع أول ضوء للصباح سنبدأ عملنا، والآن أريد منك مستر عرفان أنت ورئيس العمال الأجتماع في خيمتي حالاً، ثم تركهم وأنصرف والغضب يسيطر علي كل ملامحه…..

ماالذي دعاك إلي قول هذا الكلام الفارغ مستر عرفان، ألم تستطيع أن تكبح جماح مشاعرك حتي يتاح لك الفرصة في أن تتحدث معي في ذلك الأمر، فصاح عرفان في ثورة وهو يقول له مستر أرثر الم تقرأ مثلي هذا الكلام المكتوب علي باب المقبرة، الذي يحذرنا من وجود لعنة حقيقية تقبع بداخل جدران هذه المقبرة، فصاح أرثر في غضب قائلا لاتنسي أن باب هذه المقبرة وهمي مستر عرفان، وأيضا الكلام المكتوب عليه وهمي مثله، والحقيقة تختلف عن ذلك كل الأختلاف وهذا ماستؤكده لك الأيام القادمة، وأنا لاأريد منك أن تكرر مثل هذا الكلام ثانية، خاصة أمام العمال، فهم كما تعلم غير متعلمون، وقد يصيبونا بجهلهم هذا بالعديد من المخاطر، وسيكون تأثير ذلك علينا أشد من اللعنة التي تتحدث عنها، وأنا اؤكد لك أن هذا الكلام لن يمر بسلام، فإنني سأرفع به تقرير خاص لرؤسائك في القاهرة، الذين لن يرضيهم منك ذلك بالطبع، لقد رفضت من البداية أن تكون معي في هذه البعثة من قبل، ولكن رؤسائك أصروا علي ذلك، وأرسلوك أنت، ومستر أشرف، الذي أصابته ضربة شمس وحمي شديدة وقد ذهب ليعالج منها في القاهرة، وأنا أحذرك ثانية مستر عرفان، من أثارة مثل هذه الفوضي، خاصة أمام العمال، ولكن أين  رئيس العمال لق.. فقاطعه رئيس العمال وهو يقول له ها أنا ذا أسف علي تأخيري عنكم، ولكن ثارت أزمة كبيرة بين عدد كبير من العمال، فهم يرفضون العمل ويخشون من تأثير اللعنة عليهم، فقال له أرثر وهو ينظر إلي عرفان هل رأيت مدي تاثير كلامك يامستر عرفان، ثم نظر إلي رئيس العمال وهو يقول له أنا أعرف مدي تأثيرك عليهم، حاول أن تقنعهم باستئناف العمل حتي لو أستخدمت معهم القوة، فابتسم رئيس العمال وهو يقول له في سخرية لقد أنقضي عهد السخرة يامستر أرثر، ولقد فعلت ذلك من نفسي دون أنتظار إذن منك، ولكنهم رفضوا الأستمرار في العمل مرة أخري،  ويصرون علي أخذ بقية حسابهم والرحيل، فابتسم أرثر أبتسامة زائفة قائلا لامانع لدي في أن أمنحهم بقية حسابهم، ولكن كيف سيرحلون من هنا أننا لانملك أي وسيلة مواصلات، وبعيدين كل البعد عن أي طريقة تصلنا بالمدينة، وسيارة التموين أمامها أربعة أيام للوصول إلينا، فقد رحلت بالأمس مع مستر أشرف لعلاجه، أذهب وقل لهم إنني سأجزل لهم العطاء، وسأضاعف لهم رواتبهم اذا عادوا للعمل في الصباح، أو فليذهبوا إلي الجحيم فلن أعطيهم دولاراً واحداً. مهما حدث….

مع أول ضوء للصباح، بدأ العمال في أستئناف العمل، وبدأوا في التنقيب عن الباب الأصلي للمقبرة رغم حرارة الشمس التي تصاعدت إلي الذروة، وشعر عرفان بالتعب رغم أنه وافق علي الأستمرار في العمل علي معارضته ذلك من قبل، فذهب إلي خيمته لكي يستريح، وقد مالت الشمس للمغيب وشعر العمال بالتعب، فتوقفوا عن العمل، ووقف رئيس العمال يتحدث معهم قائلا لهم من مصلحتنا أن نستمر في العمل، فإن عربة التموين لن تأتي قبل ثلاثة أيام، وقد هدد مستر أرثر بمنع رواتب العمال الذين سيتوقفون عن العمل، وأيضا سيقلل من التموين الذي سيصرفه لهم بحجة أن الذين يعملون هم أولي به، لأنهم سيبذلون جهد مضاعف في العمل، فبدأ علي وجوه العمال الاقتناع وبدأ كل منهم في الأتجاه إلي خيمته، وأتجه رئيس العمال إلي خيمة أرثر ليخبره بما توصل إليه مع العمال، وفي طريقه إلي خيمة أرثر تذكر أنه لم يري عرفان منذ أن كان معهم في الصباح، فذهب إلي خيمته ليطمئن عليه، ووقف علي باب الخيمة وهو ينادي بأسمه ولكنه لم يجد رداً منه، فاقتحم الخيمة، فوجد عرفان ملقي علي الأرض علي وجهه، فقام بتحريكه، فوجده جثة هامدة، فأسرع إلي خيمة أرثر ليخبره بماحدث، وأسرع معه أرثر الذي قام بفحص الجثة، ثم ألتفت إلي رئيس العمال قائلا له لقد لدغه ثعبان في قدمه، وهاهي آثاره واضحة علي قدمه، فقال له رئيس العمال في توتر والعمل ماذا سنفعل الآن، هل سندع الجثة في هذا الجو الحار؟ وباقي ثلاثة أيام علي وصول سيارة التموين، بالتأكيد سوف يحدث تحلل له ، فقال له أرثر ومن قال لك أننا سننتظر سيارة التموين، أن الجو شديد الحرارة، ونحن ليس لدينا أي تجهيزات للأحتفاظ بالجثة هنا،  سندفنه بالفعل، وسنواصل عملنا غداً، فرغم أختلافي معه إلا أنني أشعر بالحزن الشديد لموته، ولكنها أراداة الله….

قام العمال بدفن جثمان عرفان بعد أن صلوا عليه صلاة الجنازة، وبدأ عليهم الوجوم الشديد وهم يقومون بعملهم، في حين قبع أرثر في خيمته متأثرا بحزنه علي عرفان، وأكتشف أحد العمال وهو يقوم بالحفر الباب الأصلي للمقبرة، فأسرع رئيس العمال إلي خيمة أرثر ليزف إليه الخبر، وقام أرثر بمعاينة الباب الذي تبين بالفعل أنه المدخل الأصلي للمقبرة، وقرأ أرثر الكلمات المكتوبة علي الباب بهمهمة واضحة، وبدأ علي وجهه التغيير، ولاحظ رئيس العمال ذلك، ووقف أرثر للحظات ومازال صدي الكلمات المنقوشة علي الباب تحذره من فتح المقبرة يتردد بداخله، ولكن فضوله كان أقوي من أي صوت يتردد بداخله، وسأله رئيس العمال عن فحوي هذه الكلمات، فبدأ علي وجهه الأرتباك وهو يشيح بوجهه عنه،  قائلا له لاشيء أنها مجرد كلمات تدل علي أن المقبرة لشخص هام، وعالج أرثر الباب، وعندما تم فتح الباب أنتظر أرثر حتي تسلل الهواء الفاسد خارجها، ودخل علي ضوء المصباح الذي معه وهو يمني نفسه بوجود أكتشاف لم يسبقه أحد إليه من قبل، وتسلل إلي داخل المقبرة في خطوات بطيئة يتبعه رئيس العمال، وكأنه يخشي أن يوقظ صاحب المقبرة من رقدته الأبدية، وعلي ضوء المصباح وأشعة الشمس وجد مشهد لم يجده من قبل في أي أكتشاف، جدران المقبرة خالية من أية نقوش فرعونية تزين الجدران، ومجموعة كبيرة من المومياوات موضوعة بشكل عشوائي، يبدو من مشهدها وكأنها وضعت في عجالة غير متراصة بجانب بعض، وجال ببصره داخل المقبرة التي أمتلئت بمزيد من الجثث، وصندوق قد وضع في نهاية المقبرة، فأشار إلي رئيس العمال وهو يقول له فلتحضر لنا هذا الصندوق، لعلنا نجد دليلاً علي مانراه أمامنا الآن، ولتغلق الباب جيداً بعد أن تحضره، فأشار لأثنين من العمال بحمل هذا الصندوق، فحملوه وأسرعوا خلفه بالخروج، وطلب منهم مستر أرثر أن يذهبوا به إلي خيمته، ثم أمر رئيس العمال بغلق باب المقبرة جيداً، وذهب العمال بالصندوق إلي خيمته، فأسرع خلفهم، وحاول أن يفتح الصندوق الذي كان مغلق جيداً، فلم يستطيع، فأنتظر حتي يحضر رئيس العمال إليه ليقوم بمساعدته في فتحه……

وقف أرثر ينظر إلي قرص الشمس وهو يغيب في قلب السماء، وهو يتساءل عن ماشاهده بداخل المقبرة منذ قليل، أنه لم يشاهد هذا المشهد من قبل، هذا الكم الكبير من المومياوات، وأيضا الصندوق الذي وجده داخل المقبرة، لابد أن بهذا الصندوق سر أقوي من السر الذي يقبع بداخل المقبرة، تري ماالدافع الذي جعل الفراعنة يكتبون كل هذه التحذيرات علي باب المقبرة، أنا أخشي أن أفكر في هذا الأمر فقد تصدق نبوءة عرفان، أنه قد تكون في الأمر لعنة ما، وفي هذه اللحظة قطع تفكيره صوت رئيس العمال وهو يستأذن في الدخول، فألتفت أرثر إلي باب الخيمة وهو يطلب منه الدخول، فبدأ الأرهاق علي وجه رئيس العمال وهو يقول له هل وجدت شيء في هذا الصندوق مستر أرثر، فبدأ علي وجه أرثر الأنزعاج عندما تم ذكر الصندوق، وكأنه يخشي من أن يفتح هذا الصندوق وتخرج منه لعنة تصيبه، فقال له في شرود لا، فنظر رئيس العمال إلي الصندوق وهو يقول له لقد شاركتك في كثير من الأكتشافات من قبل مستر أرثر ،ولكن هذه المرة أختلف الأمر كثيراً، فإن مارأيته اليوم لم أراه من قبل، وحدسي يصدقني في أنك كذبت علي في ماقرأته اليوم علي باب المقبرة، وأنك كنت تخشي أن تقول الحقيقة حتي لاأرفض أن أفتح المقبرة معك، فأجابه أرثر في توتر قائلا صدقني أنا تصيبني الحيرة مثلك في كل مارأيته اليوم بداخل المقبرة، وأظن أن هذا السر يكمن بداخل هذا الصندوق، فقال له رئيس العمال إذن يجب أن نقوم بفتحه الآن، فقال له أرثر في خوف لا، ولأول مرة يتغلب علي فضوله، ولكن الكلمات التي قرأها علي باب المقبرة ظلت تتراقص أمام عينيه، ليس اليوم أنني متعب بعض الشيء، فصاح فيه رئيس العمال في ثورة قائلا مستر أرثر أنا أصر علي فتحه، حتي تجد تفسير لما حدث اليوم، فصاح فيه أرثر في حدة لاتنسي من الذي يصدر الأوامر هنا يارئيس العمال، فابتسم رئيس العمال في سخرية قائلا ليس هذه المرة مستر أرثر، ليس والأمر متعلق بحياتنا جميعاً، أن آثار اللعنة ظهرت من قبل أن نفتح هذه المقبرة، لقد أصاب السيد أشرف ضربة شمس،  ومات عرفان علي أثر لدغة ثعبان، والله وأعلم ماالذي سيحدث لنا بعد ذلك، أنا لست معك في ذلك مستر أرثر، وهذه ليست رغبتي أنا فقط أنها رغبة جميع العمال الذين يقفون خارج الخيمة الآن، ويريدون معرفة سر المقبرة؟
ولماذا قمنا بإغلاقها ثانية؟ ومالذي يحتويه أمر هذا الصندوق هل تريد مني الخروج إليهم وأقول لهم أنتظروا حتي الغد حتي تعرفوا كل شيء، وحتي لو فعلت ذلك فأنا لاأعرف ماذا سيكون رد فعلهم تجاهك، وماالذي سيفعلونه بك وقتها، أنت وشأنك إذن، وتركه وهو يحاول أن ينصرف، وقبل أن يخرج من الخيمة ناداه أرثر قائلا له أنتظر سأفتح الصندوق الآن، وقام رئيس العمال بمساعدته في فتحه، وقد أستجاب لهم الصندوق،  وعندما قام بفتحه لم يجد فيه شيء سوي بردية واحدة فقط، فقال له رئيس العمال ربما هذه البردية تحوي تفسير لما يدور بداخل المقبرة، فقال له أرثر في نبرة لاتحمل الحماس ربما ولكني متعب اليوم،  ولن أستطيع قراءة هذه البرديه، فإنني أشعر برغبة تسيطر علي بالنوم، قم بتعيين أثنين من الحراس علي باب الخيمة، وسأخلد أنا للنوم الآن،  تركه رئيس العمال وهو يقول له كما تأمر مستر أرثر، أنا أيضا ليس لدي رغبة في معرفة ماتحتويه هذه البردية، لأنني اعلم أنك لن تقول لي حقيقة الأمر كمافعلت من قبل، عندما قمت بقراءة النقوش التي كانت علي جدران باب المقبرة، وتركه وأنصرف ثم اوي أرثر إلي فرأشه وهو ينظر إلي الصندوق في خوف شديد، وكأنه يخشي أن تخرج منه لعنة تصيبه….

قلت لكم أنني لاأعرف شيء أكثر مما تعرفوه، حتي أن الصندوق لايحوي سوي بردية واحدة،  ولم يقوم مستر أرثر بقرأتها بعد، وفي الصباح ستعرفون كل شيء، والآن أريد من أثنين منكم حراسة خيمة مستر أرثر حتي الصباح كما طلب مني ذلك، ثم إشار إلي كامل، ويوسف وهو يقول لهم ستقومان أنتما بحراسة الخيمة وتركهم وأنصرف، وبدأ العمال ينظرون إلي بعضهم يتساءلون عن سر ما يحدث حولهم، ولم يجدوا فائدة من وقوفهم بدأوا ينصرفون إلي خيمهم، إلا واحد منهم وقف يتطلع إلي خيمة أرثر في فضول، وهو يشعر أن رئيس العمال لايقول الحقيقة، وأن في الأمر سر يكمن بداخل هذا الصندوق، وتعالي صوت بداخله أن يقطع الشك باليقين ، ويعرف حقيقة مايحتويه هذا الصندوق، وأتخذ القرار علي الفور وبدأ في تنفيذه….

أستيقظ أرثر في الصباح وهو يشعر بالتعب يحل في كل جزء من جسده، وزغللة بسيطة في عينيه، وتحامل علي نفسه وأقترب من المنضدة التي يضع عليها الصندوق، وأبعد الغطاء الذي يعلوا الصندوق، وفتحه بعنايه ولكنه وجده فارغ، وأنتفض جسده في قوة، ثم جال ببصره داخل الخيمة فوجد في أحد أركانها فتحة تسمح بمرور رجل منها، فصاح في الحارسين الذين يقفون علي الباب قائلا ماذا تفعلون بالخارج، هل كنتم نيام، فدخل الأثنين من العمال وهم ينظرون إليه قائلين ماذا حدث مستر أرثر، فأشار لهم نحو الفتحة وهو يقول لهم أذهبوا لتنادوا علي رئيس العمال الآن، فحضر رئيس العمال وهو يشعر أيضا بنفس الأعراض التي مر بها أرثر منذ قليل فقال له وهو خائر القوي ماالذي حدث مستر أرثر، فقال له أرثر لقد سرقت البردية من الصندوق،  ولابد أن الذي سرقها واحد منهم، فصاح فيه رئيس العمال وهو يستنكر قوله هذا قائلا له لا اتفق معك في ذلك يامستر أرثر لأني أعرفهم جيداً، ولهذا أخترتهم ليحرسوا خيمتك، أنهم يتصفون بالأمانة يامستر أرثر  لأنهم يصلون ويعبدون الله، فقال له أرثر ولكني مصر علي أتهامهم، وسأقوم بنفسي بتفتيش خيمتهم فقال له رئيس العمال فلتفعل ماتراه مناسباً مستر أرثر ولكني أوكد لك أنك لن تجد شيء، ولكن أذا أردت أن تقوم بالتفتيش، فعليك أن تفتش المعسكر كله، وقام أرثر بتفتيش المعسكر ولكنه لم يجد شيء، وقد أصابه الجنون لما حدث، فاجتمع بالعمال وحذرهم قائلا لهم أن في الأمر لعنة، وأن عواقب هذا الأمر وخيمة…..

لقد رأيتك اليوم وأنت تقوم بسرقة البردية ياعادل من خيمة مستر ارثر، لأن نفس الخاطر قد طرأ لي أيضا، فعندما قال لنا رئيس العمال علي حقيقة ماوجده في الصندوق، حدثتني نفسي بأن هذه البردية تحتوي علي سر قد يكون أكبر من السر الذي يقبع بداخل جدران هذه المقبرة، وزاد ذلك الخاطر بداخلي عندما أغلقنا المقبرة، وأكتفي مستر أرثر منها بهذا الصندوق، وقد ظننت في بادئ الأمر أن بهذا الصندوق كنز، وقمت بالاستماع إلي حديث مستر أرثر ورئيس العمال عندما أختلفوا علي فتح الصندوق، وفي جميع الأحوال كنت أنوي سرقة الصندوق، فقد أصر مستر أرثر علي عدم فتحه، ولكن مع إلحاح رئيس العمال فتحه، وقد أصابتني خيبة الأمل عندما وجدوا بداخل الصندوق بردية، ولكني حسبت الأمر بداخل عقلي، لابد أن في هذه البردية شيء هام، وقررت أن أستولي عليها، ولكنك سبقتني إليها، وكانت فكرة جيدة منك عندما خبأت البردية في خيمة رئيس العمال لأن مستر أرثر يثق فيه ثقة عمياء ولن يقوم بتفتيش خيمته، لقد حاولت سرقتها من مخبئها ولكني لم أفلح في ذلك، وعندما أعلن مستر جاك أن في الأمر لعنة كنت أنوي أن أصارحه، وأحصل منه علي مكافأة،  ولكني لم أفعل ذلك لأني أعلم أنك ستفكر في بيعها، وأنا عندي المشتري،  سنتقاسم المبلغ بالنصف لقد وافقت علي العمل في الصحراء وفي هذا الجو الخانق لعلني أستطيع أن اسرق شيء أقوم ببيعه، ولكننا لم نعثر علي شيء سوي هذه البردية، فضحك عادل بسخرية قائلا خطبة رائعة ياعبد الواحد، ولكن من قال لك أننا سنتقاسم أنا وأنت ثمن هذه البردية فضحك عبد الواحد قائلا لأنك لو لم تفعل ذلك لذهبت إلي رئيس العمال وأبلغته بحقيقة هذا الأمر، وسيقوم هو بالإبلاغ عنكً وفي النهاية لن تحصل علي شيء، سأتركك الآن لتفكر في الأمر وتأكد أنك لن تخسر شيء، العرض الذي عرضته عليك لن تجد أفضل منه، فقد يتم ألقاء القبض عليكً وأنت تحاول بيع البردية، أو ربما وأنت تقوم بالبحث عن المشتري، وأنا أعرض عليك المشتري مقابل مبلغ كبير نتقاسمه سوياً، سأمر عليك غداً لكي أعرف رأيك النهائي…..

توقفت سيارة البعثة بعد أن قطعت مسافة طويلة داخل الصحراء، ونزل منها السائق والدكتور أشرف الذي أصابته الدهشة من الهدوء الذي يسيطر علي أنحاء المعسكر، وهو يندفع إلي خيمة أرثر، وقد وجده ملقي علي الأرض جثة هامدة بجانب باب الخيمة، وتراجع عدة خطوات للخلف من شدة المفاجأة وهو يبحث عن رئيس العمال،  وقد أندفع إلي باقي الخيم المتناثرة في المكان، وقد وجد كل من في المعسكر وقد أصابته سهام الموت وماهي إلاساعات وقد أنتشر الخبر بين الأهالي وتم فرض طوق أمني شديد حول المعسكر، بعد أن وصلت مجموعة من السيارات العسكرية ورجال الحجر الصحي ، ونزل منها مجموعة كبيرة من الجنود الذين أحاطوا بالمعسكر من كل جانب لمنع أهالي العمال الذين توافدوا علي المكان من الدخول إلي المعسكر حتي يتم معرفة سبب الوفاة.


إبداعات عائلة اسكرايب

“المُلحد” خامس روايات الكاتب عبد الباقي يوسف مع اسكرايب



كتبت هيام فهيم:


📌أن تجـدد ثقتـــك بكيـان لمرتين أو ثلاث مرات، هو أمر معقول، أما عند المرة الخامسة فلك أن تتســاءل – إن لم تكن تعـــرف للجــواب سبيـــلا 🙊🤔
للمــرة #الخامسة يجدد الكاتب الروائي واللغوي السوري/ عبد الباقي يوسف، ثقته في اسكـــرايب للنشر والتوزيع، مع عمل روائي جديد، في سلسلة إبداع لا ينضب، ورواية “المُـلـحِــــــد”.
جاءت رواية “الملحــد”، بعد أربعة أعمال روائية للكاتب ضمن إصدارات اسكرايب، وهي: “سورين، سيامند وخجي، بلاد ليست كالبلاد، أمريكا كاكا”، كما أنه قريبًا تصدر النسخة الإنجليزية من رواية “أمريكا كاكا”، ضمن سلسلة ترجمات اسكرايب.


اقتباسات من الرواية:



مضَى سركوت في طريقِ المسجدِ، وهو يُفكرُ بأسئلتِها..: هل يُمكنُ أنَّها بدأتْ تتأثّرُ بهذهِ الأفكارِ الإلحاديّةِ؟. ثم بدأ يسترجِعُ ملامحَها التي كانتْ تتغيَّرُ مع حديثِهِ بينَ حينٍ وآخر، وكانَ الاضطرابُ يبدُو جلياً على سُحنتِها، وعلى حركاتها: تُرى هل كانتْ صائمةً يا سركوت.. هل ماتزالُ تصلّي؟ وبدا مُضطرباً ومشتّتَ الذّهنِ مع كلّ خطوةٍ من خطواتِهِ، وهو يمضِي في كبدِ الطريقِ نحو المسجدِ، يبتهلُ في قرارةِ نفسهِ: يا ربَّ العرشِ العظيم أسألُكَ بكلّ اسمٍ سمَّيتَ به نفسكَ، أنْ تحفظَ ابنتي من كلّ مكروهٍ، أنْ تصرفَ عنها كلَّ مَن يريدُ بها سوءاً، وتقرّبَ منها كلَّ مَن يريدُ بها خيراً. إنَّها شقاءُ عمري المُتبقّي لي في الحياةِ، أعددتُها جيداً على الإيمانِ، غرستُ فيها القِيم الإنسانيةَ النَّبيلةَ، رعيتُها يوماً بيومٍ، ساعةً بساعةٍ. لا تحرمها نعمةَ الإيمانِ يا ذا الجلالِ والإكرام، فإن كلَّ شيءٍ يمكنُ إصلاحُهُ بالإيمانِ، ولا شيءَ يمكنُ إصلاحهُ دونَ إيمانٍ.
عندما وصلتْ بهِ خطواتُهُ إلى المسجدِ، كانَ قد اكتظَّ بالجالسين خاصةً الشباب، لبثَ واقفاً وهو يستمِعُ إلی الخطبةِ، وبالكادِ استطاعَ أن يجدَ لِنفسِهِ فسحةً صغيرةً في مساحَةِ المدخلِ المُكتظّ أيضاً بالجالسين، وهو الذي اعتادَ على مُداومةِ الجُلوسِ في الرتلِ الأماميّ خلفَ الإمامِ مباشرةً، والآنَ لا يصلُهُ سوى صوتُ الخطيبِ، ولا يتمكّنُ حتّى من رؤيتِهِ ولو من بعيدٍ.


صرتُ أرتعِبُ منكَ يا رب، لأنَّكَ تدفَعُ بنا إلى كلّ هذه الكوارِثِ، ودونَكَ ستكونُ حياتُنا أفضل.
كانَ عليهِ يا سُهاد أنْ يُلحدَ بإلهٍ دمويّ وكارثيّ كهذا، كمَا هُم يلحدُون بربّ العالمين الذي ينهَاهُم عن أيّ تجاوزٍ بحقّ الآخرين.
بدأتْ مشاعرُ الفرحِ تغمُرها وهي تنظُرُ إلى أبيهَا نظرات ِامتنانٍ، كمَا لو أنَّهُ بدّدَ عن حياتِها غيوماً داكنةً.
عندمَا انبعثَتْ رائحَةُ الطَّعامِ إلى الصَّالونِ، تذكّرتْ للتوّ الطَّعام الذي تركَتْهُ على الغازِ المُشتعِلِ، فنهضَتْ صوبَ المطبَخِ تعدّ لِمائدةِ الإفطَارِ. تناهَى صوتُهُ إليها: ليتَ دلشاد يأتِي ويفطرُ معنَا يا بنتي.
أمسكتْ نفسَهَا عن قولِ أيّ شيءٍ قدْ تتسرّعُ بهِ، وهي تعضُّ شفتَها السُّفلى، لكنَّ الصَّوتَ عادَ ليترامَى على سمعِهَا. فخرجَتْ من المطبخِ مُرتبكَةً وهي مُتردّدةٌ بينَ نعم، ولا. ثمَّ بعدَ قليلٍ عندمَا رأتهُ ينتظِرُ إجابتَها، هَمهَمَتْ: كما تريدُ يا أبي.
حملَ هاتفَهُ وقد لبثتْ واقِفةً تُسدّدُ نظراتِها إليهِ، رأتهُ يتّصلُ بهِ ويدعُوه كي يشاركَهُما الفطورَ، خاصَّةً وأنَّ موعدَ الأذان قدْ اقتربَ. وبغتةً رأتهُ يغلقُ الخطَّ، هبطَ قلبُها وهي ما تزالُ تنظُرُ إليهِ، فنظَرَ إليها قائلاً: سيأتِي بعدَ قليلٍ يا بنتي.
سَرَتْ قشعريرةُ فرحٍ في أوصَالِها، ثمَّ عادتْ إلى المطبخِ، وغدَتْ توسّعُ في المائدةِ، وتُضيفُ أطباقاً من الجيليه، والرز بالحليب، والهريسةِ، و اللَّحم المفروم مع البندورة.


المُلحد .. اطلبوها قريبا من اسكرايب للنشر والتوزيع.

“ذئب المدينة” بقلم: مصطفى سيد عطا | اسكرايب



كتب مصطفى سيد عطا:


مدينة كبيرة يحاط بتا الأشجار أرضها واسعة يغلب عليها طابع الريف، منذ أكثر من عشر سنوات يمثلا قلوب أهلاها رعبا لا احد يستطيع التأخر ليلا، كثيرا ما شاهدو ذالك الذئب و كثير ما سمعوا صوته وكأنه ينادي عليهم واحد تلو الأخر، أو كائنه يصرخ من كثرة الألم الذي يعصر قلبه الجميع يعيش في حالة رعب شديد.

وفي الصباح رأي أهالي القرية رجل معلق في اعلي شجرة الجميز واحد أهالي القرية، يخرج قلبه من بين ضلوعه مشهد غريب يحدث لأول مره في القرية، كثر الكلام في القرية عن الصديق الذي قتل اعز صديق له.

علي الفور جاءت الشرطة، ولكنه لا يتحدث مع احد، عرض علي النيابة ولأكن لم يتحدث مع احد، حكم عليه بالإعدام شنقنا
الزوجة. ذهبت إلي محكمه النقض وحدد لها جلسه أخري
محكمة.

القاضي: لقد حكم عليك بالإعدام شنقا في الجلسة السابقة ولأكن قبل أن انطق بحكم الإعدام، ما هو السبب الذي جعلك تقتل صديقك .أي إنسان أنت مات فيك الضمير أم خلقت من غير ضمير تميز به الخير والشر، إن السكوت لا يفيد تكلم لا تفيدك تلك الدموع لقد سئمت منها أنها دموع التماسيح.

صوت عصا تنقر علي الأرض تمسك بها سيدة عجوز تضرب بها علي الأرض ياهتز منها، قلوب الحاضرين تتجه الأنظار إليها والي زوجة المتهم التي تمسك بها في يدها.

الزوجة تسرع  إلي زوجها تقبل قدمه ويده.
الزوج يجلس علي ركبتيه ويمسح بيده علي رئسها سكوت يملا القاعة.

العجوز: تكلم و أفصح عن ما بداخلك قص عليهم قصة صديقك الوفي.

المتهم أحمد عبد الرحمن: توفي أبي وأمي في حادث وترك لي ثروة وأراضي كثيرة وكان علاء هو صديقي الوحيد كنت أعيش أجمل أيام حياتي ألي ذلك اليوم المشئوم، يوم أن اعترفت له أنني سأتزوج من رقية ألأسبوع المقبل بارك لي وحضنني، وفي يوم الدخلة لم يتركني لحظة واحدة وسقاني كاس كان طعمه غريب وعندما سألته، قال انه شراب المحبة. أغلقت باب ألحجره أنا وزوجتي وهممت بخلع ملابسي، شعرت باختناق وعيناي تنظر الي القمر، وأتحول إلي ذئب، صرخت زوجتي وأغمي عليها .. وأصبح الصديق هو الزوج الحقيقي لزوجتي.

تمر الأيام القمرية وانأ اركض بين الذئاب وتعو عليا الكلاب كنت مطاردا حتي في أحلامي، وكنت امكث باقي أيامي  تحت شجرة الجميز الذي زرعها لي صديقي علاء منذ سنوات، وكان صديقي لا يتركني طوال النهار وعندما يأتي المساء يذهب إلي منزلي ليقضي ليلة مع زوجتي، كان دائما يقرأ عليها تعويذه الشريرة فلا تشعر بشي يغيب عنها العقل.

مرت سنوات طويلة حتي ظهرت العرافة جنايات أخزتني بجوار مسجد ونادت علي إمام المسجد، وقالت اقرأ عليه آيات لفك السحر .. الشيخ قرأ علي بعض آيات من القران ولكن لم يتم الشفاء
كاملا.

العرافة: اسمعني أيها الشاب أن كل الأسى الذي تعيش فيه بسبب صديقك علاء عليك ألان إن تلملم بعض قواك وتجلس معه وتسقيه هذا الشراب انه شراب النسيان .. وإياك أن يشعر بشئ وألا ستعيش طوال عمرك ذئب.

أحمد جلس تحت شجرة الجميزة جالس ينظر إلى علاء.

علاء: لقد أعددت إليك شرابا سيكون سببا في شفائك.
أحمد: لقد أحضرت إليك شرابا من العسل عندما رئيت تمنيت إن يكون لصديقي الوفي علاء  اشرب أن من عسل نحل طبيعي انه شراب الصداقة التي لم اعرفها ألا معك اضطر علاء إن يشرب لإرضاء أحمد.

بدأ ينس علاء التعويذة ورموزه الشريرة.

العرافة: لقد حان دورك، لقد اقترب يوم الحساب اذهب إلي منزله بسرعة انه منزل قديم تحت حافة الجبل.

احمد أسرع إلى منزله وكأنه منزل يعيش فيه شيطان نظر إلي الجدران قرئ صور غراب وذئب، اقترب منها وقرء فك تلك التعويذة الشريرة ولأكن لا تكتمل إلي بقتله وصلبه علي شجرة الجميزة
وقلع قلبه.

العرافة: هيا بسرعة لقد اقترب موعد ظهور القمر اذهب بسرعة وإلا ضاع كل شيء.

احمد أسرع متجه إلي منزله الذي أصبح مقام علاء رؤاه وهو يجرد زوجته من ثيابها.

احمد نظر إليه: لقد جاء موعد الحساب أيها الخائن.

علاء بدأ يقرأ التعويذة ولكن شراب النسيان أنساه رموزها.
احمد قتله وصلبه علي شجرة الجميز وأخرج قلبه، هذه هي قصتي التي أعيشها منذ أكثر من عشر سنوات.

القاضي: حكمت المحكمة .. براءءءءءءءءءءة.


إبداعات عائلة اسكرايب

“عزلة جبرية” بقلم: نوادر إبراهيم | اسكرايب



كتبت نوادر إبراهيم:


عندما كنت بعمرِ العاشرة، أخبرتني جدتي أنَّ الأشواك التي تغزو أقدامي ما هي إلا حروف أتعلم بها أبجدية التحمل واللا مبالاة، وعندما كبرت صارعتني الحياة وغدرت بمخططات عنادي وحلمي، كنت أهوى تحدي الوقت، أعدو متقدمةً على الساعات، وبالحديث عن الأمكنة كانت لا تحدني خارطة ولا أصغيَّ إلى ذبذبات البوصلة، ها أنا الآن أقف على حدود غرفتي، مكبلة التطلع والخطى، تجاورني سنتمترات من الحرية، كل هتافاتها لا تجدي نفعًا، فقط تتمحور حول طاولة كبيرة وتلفاز وبعض الأواني الزجاجية؛ ومن جانب محاولات هروبي من هذا الضيق الإجباري، أتطلع إلى السقف الكئيب، أنظره عن كثب وبتمعنٍ، علَّ نظراتي الممتعضة تُثقبه فأحلق إلى فضاء الحياة برئةٍ جديدة، تتنفسُ الغد والآن، حيث لا فرصة للعودة إلى الثانية قبل انهيار السقف، ولا مجال للعنةِ الضباب المتناثر إثر معركة هباءات الخلاص.

أنا بغرفتي الآن، أصابتني العُتمة، أشعر بثقل أناملي وخدر ساقي، لا أستطيع التحمل أكثر، ساختنق جراء هذه العزلة المميتة.
يقولون أن وباءً هزَّ قوى الأرض وأرهص مخالبه في قلب العافية، فما كان من الممكن لنا مواصلة سيرنا نحو الحياة والأنفاس، أصبحنا في عنق الزجاجة، نحاول صفع الخيارات المتاحة، حتى نستقر على بقعةٍ سالمة من أذى الأحياء الدقيقة، فكانت العزلة أنجع حل لدرءٍ شدة وباءٍ لا يرحم.

خرجت هذا المساء من غرفتي، أتفقد بقية منزلي، لمحت الشوارع وحدها ساكنة، لا أثر لخطواتٍ أو أصوات توحي بالوجود، فقط هناك قطط تتبختر تحت أضواء العمارة المهجورة بعد إصابة عدد كبير من ساكنيها بالوباء، هرعت بسرعة البرق إلى غرفتي، أخذتُ حمامًا دافئًا، أعددتُ كوبًا من النعناع؛ ما رأيك الآن يا فتاة برحلةٍ خاليةٍ من هذا الضجر، ما رأيك بصفحاتٍ محفوفة بالمغامرة والتجارب، إليكِ هذا الدفتر، وهذه الدواة، أكتبِ الآن، بعض الصمت، وجلَّ الكلام الكائن بسريرتك الغنّاء، ولا تنسِ أن كل هذه الفترة ستزيدك شيئًا مختلفًا، ربما صبر ربما إنعكاس برَّاق، ربما ستتعرفين على إحدى شخصياتك البعيدة.

أكتبِ الآن كل شيء عن أي شيء لامَسَ مخاوفك في هذه الأثناء، تَرجِم طلاسم الاختلاف، ولتكن هذه العزلة مطية لكل عسرٍ سرق هناء عينيك في يومٍ من الزمان، ولتكن عزلتك مختلفة بكِ، فقط تُشبهكِ، وما دون ذلك فراغ ولا شيء.

أخيرًا، علمتني العزلة أنني مازلت في طور البداية، أتحمل وأكتب لكن دون تركيز، علمتني أنني ما زلت أطمح بالسلام، وما زلت لا أعرف نفسي، لكن سأعرفها أكثر عما قريب.


إبداعات عائلة اسكرايب

تطورات “كوفيد ١٩” – الخميس ٢٨ مايو ٢٠٢٠ | اسكرايب



كتبت هيام فهيم:


عاجل بيان #وزارة_الصحة عن يوم الخميس ٢٨ مايو ٢٠٢٠

🔴تسجيل 1127حالة إصابة جديدة و29 وفاة ليصبح إجمالي عدد الإصابات 20793 وإجمالي الوفيات 845.

الصحة: ارتفاع حالات الشفاء من مصابي فيروس كورونا إلى 5359 وخروجهم من مستشفيات العزل والحجر الصحي.

الصحة: ارتفاع عدد الحالات التي تحولت نتيجة تحاليلها من إيجابية إلى سلبية لفيروس كورونا إلى 6019 حالة.

الصحة: تسجيل 1127 حالات إيجابية جديدة لفيروس كورونا .. و29 حالة وفاة.

أعلنت وزارة الصحة والسكان، اليوم الخميس، عن خروج 154 من المصابين بفيروس كورونا من مستشفيات العزل والحجر الصحي، وذلك بعد تلقيهم الرعاية الطبية اللازمة وتمام شفائهم وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية، ليرتفع إجمالي المتعافين من الفيروس إلى 5359 حالة حتى اليوم.

وأوضح الدكتور خالد مجاهد، مستشار وزيرة الصحة والسكان لشئون الإعلام والمتحدث الرسمي للوزارة، أن عدد الحالات التي تحولت نتائج تحاليلها معمليًا من إيجابية إلى سلبية لفيروس كورونا (كوفيد-19) ارتفع ليصبح 6019 حالة، من ضمنهم الـ 5359 متعافيًا.

وأضاف أنه تم تسجيل 1127 حالة جديدة ثبتت إيجابية تحاليلها معمليًا للفيروس، وذلك ضمن إجراءات الترصد والتقصي التي تُجريها الوزارة وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية، لافتًا إلى وفاة 29 حالة جديدة.

وقال “مجاهد” إن جميع الحالات المسجل إيجابيتها للفيروس بمستشفيات العزل والحجر الصحي تخضع للرعاية الطبية، وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية.

وذكر “مجاهد” أن إجمالي العدد الذي تم تسجيله في مصر بفيروس كورونا المستجد حتى اليوم، الخميس، هو 20793 حالة من ضمنهم 5359 حالة تم شفاؤها وخرجت من مستشفيات العزل والحجر الصحي، و845 حالة وفاة.

وتواصل وزارة الصحة والسكان رفع استعداداتها بجميع المحافظات، ومتابعة الموقف أولاً بأول بشأن فيروس “كورونا المستجد”، واتخاذ كافة الإجراءات الوقائية اللازمة ضد أي فيروسات أو أمراض معدية، كما تم تخصيص الخط الساخن “105”، و”15335″ لتلقي استفسارات المواطنين بشأن فيروس كورونا المستجد والأمراض المعدية.


coronavirus #COVID19 #كوفيد١٩ #كورونا

اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء واحفظنا من كل سوء 🤲

“نعناعة” بقلم: مي هشام | اسكرايب



كتبت مي هشام:


الي صغيرتي صاحبه الاربع أسنان
اليوم يا حلوتي خلدتي الي النوم لاول مره بجوار صديقتك الجديده و التي اطلق عليها والدك ضاحكا اسم (نعناعه)


في الحقيقه هي دميه يقارب حجمها كف اليد او اكثر قليلا ولاكنها في نصف حجمك تقريبا
تزين ثوبها ببرائة الاطفال و احلامهم الورديه
اليوم يا صغيرتي


رأيت فيكي و لاول مره انعاكس افعالي و غريزه الامومه و هي تنساب من بين اناملك الصغيره لتربط علي رفيقتك
في بداية الامر ضممتيها الي حضنك و اخذتي تربطي عليها مرارا و تكرارا و بعد خمس دقائق قبلتيها و اخذتيها بين ذراعيك مره اخره لاسمع منك همهمه دافئه لا يفهمها غيري بصوتك الحالم (هووووه هوووووه) كما كنت اكرر لكي.


كنت انظر اليكي و انا مندهشه حقا كيف تعلمتي كل هذا خلال الوقت القصير الذي مضيناه سويا
كنت اعرف انني سأجني نتاج ما زرعت
ولاكني لم اتخيل اني سأحصده بهذه السرعه
وخلال بضع دقائق أخرى اختفى لحن صوتك و اغلقتي عينيكي و افلتي نعناعه من بين كفيك لتعلني ذهابك الي عالم الاحلام.


دقائق معدوده ولاكنها اثارت بداخلي مشاعر كثيره لم استطيع تفسيرها
ولاكن حينها عرفت ان في انتظارنا الكثير من المغامرات الشيقه مع عضوة الاسره الجديده
سنصنع المزيد من الذكريات و الضحكات لنترك في كل ركن في منزلنا ذكري احكي لكي عنها و تقصيها انتي لاولادك يوما ما
سنبني عالما جديدا خاص بكي و نملئه باحداث تروق لكي

إهداء إلى ابنتي :ليان


إبداعات عائلة اسكرايب

“زفرات على طيف لقاء” بقلم: نجلاء جميل | اسكرايب



كتبت نجلاء جميل:


استطرق  الباب فطال الانتظار
أضحى يشكو بُعدا
وطول غياب …
قلب أبى أن يلبي النداء
قالوا .. يا هذا أجب
هنالك العيد
يبتغي منك الوصل واللقاء
يا ويلتي .. هو من  أخشاه
هو موعدي مع بقايا ذكريات
أشجان تسري بين ربوع الروح
فبأي حلة تأتينا يا عيدنا؟ …
تهامست جفوني
بلآلئ بين المقل راقصات
يا أنتِ .. منذ سنين وعهد وثيق بيننا
رداء لنا .. يلفنا
وكأننا (أعجاز نخل خاويات)
تزين  الفرح حزنا، ألما
هام بين الملمات
نوارس أضاعت شطآنها
وأسراب من حمائم الروح
صمتَ هديلها ، اختنقت دندناتها ..
فعشقتْ نايَها ؛ لتعانق طيفَ الراحلين
فتصحو  دمعة في الأحداق غافلة
عزفت لحنا ، كان منذ سنين
غارة من الذكرى بحميم الوغى
تنهش بمخالبها يرقات أمل
ضحايا الشتات أمم غفيرة
نبض مكلوم لوطن
استغاثة وَهنة ، كأنها زفرات أخيرة
نحيب على عبق سكينة
كانت بالأمس جارة  العمر
ومزن السحاب  له أسيرة
  أيا أيها العيد الحاضر البعيد ..
بأي لون أتيت  ؟ .. قل لي …
بأي دفقات حللت ، وماذا لنا أعددت ؟!
أيا زائري الحبيب ، ويا فرحي السليب ..
ألا تشتاق لطقوسك الراحلة
أم بات الضياع بين شذراتك
        سُنّةً  واصلة
فأمست عيون ربيعك  عنّا غافلة ؟!


إبداعات عائلة اسكرايب

“بيكنج بودر” بقلم: مي هشام | اسكرايب



كتبت مي هشام:


كالعاده قادتني قدماي الي السرير دون وعي مني بسبب إرهاق العمل الذي لا يخلو من ( مدام عفاف في الدور الثالث) في ثوبها الغربي، و مشاق الحياه الآخري التي فرضت علينا بعد حلول هذه الغمه من ارتداء كمامة إجباري إلي تطهير كل ما حولك و محاولات بشتي الطرق لإنقاذ نفسك من بطش الفيروس اللعين.

امسكت بهاتفي وبدأت اتصفح أحد مواقع التواصل الاجتماعي دون أن القي بال لما يظهر أمامي، حتي استوقفني منشور يبدو في ظاهره مضحك ولكن باطنه أليم: ((لقد نفذت جميع الكتب المعروضة للبيع في أوروبا بسبب الحجر الصحي، أيها العرب ماذا نفذ عندكم ؟؟))
باتت كل التعليقات ساخره…
– نفذ عندنا الطحين و الرز و الزيت و السكر.
– هههههههه نفذ عندنا البيكنج بودر و الطحين.
كثير من التعلقيات جميعها تسخر من واقع الوطن العربي وسلوكيات العرب.
أعدت نشره و علقت قائلة: أن تعيش في واقعين يعني ان تعرف أكثر!
أغلقت هاتفي و نظرت إلي السقف متأملة، كم أصبحت هذه المواقع تؤثر في حياتنا و معتقداتنا!
ثم أغلقت عيني و أعلنت استسلامي للنوم.

في صباح اليوم التالي أثناء ذهابي إلي عملي امسكت هاتفي وبدأت قراءه التعليقات علي منشوري، معظمها كان بنفس الوتيره السابقة إلا تعليق واحد! 
– تقصدي ايه بكلامك يا هدي؟!
قالها زميل سابق لي في العمل ف موطني.
آثار إهتمامي سؤاله و بدأت أشرح له الوضع من وجهة نظري.
– في الواقع يا دكتور علاء و قبل أن أسافر كنت اقرأ منشورات كتيره ديما بتشكر في الغرب و تمدح في تقدمهم و تحضرهم.
لا أنكر اني في البداية و عند وصولي أورربا انبهرت و انتظرت لأري الأشياء التي لطالما سمعت عنها ، لكن في الحقيقة لقد خابت معظم آمالي! فلم أجد الإلتزام بالمواعيد بالثانية كما كنا نسمع في وطننا و لم أجد الشوارع تلمع من نظافتها دائما كما يظن البعض. حتي الناس الملتزمه ب القواعد و القوانين و من عشرتي ليهم اتاكدت ان كلنا بشر و سلوكنا واحد في معظم الأحيان و أن لولا القانون الحازم في أوروبا لأصبح حالهم مثل العرب أو ربما اسوأ. و اكتشفت أن أعلامهم مبيظهرش إلا الحلو و لا يتحلي ب الديموقراطية ولا الشفافية كما يدعو.
ولكن اللي أكد كلامي و وجهة نظري هي الأزمة الاخيرة التي مر بها العالم كله واللي أكدتلي أن الغريزة البشرية تجاه الخوف و المجهول واحدة في كل مكان.

يقول المنشور أن الكتب نفذت في أوروبا، لكنه لم يقل أن الدقيق و السكر و الرز و الزيت و الخميرة هم أيضا نفذو في بعض الأماكن و تهافت الجميع للشراء الهستيري تماما كما في وطني. لم يقل كام خناقه قامت علي ورق التواليت مثلا في معظم المحلات في أوروبا لدرجه أن الدوله نزلت الشرطة أحيانا تحمي المناديل.
لو كنت في بلدي عمري ما كنت هصدق أن الكلام ده في أوروبا.

أنهيت تعليقي و أغلقت الهاتف مره آخري و ظللت استمع لأغنيتي المفضلة و آنيستي في الغربة (حلوه يا بلدي).


إبداعات عائلة اسكرايب

“القاهرة 1798” | قصة قصيرة | بقلم: مصطفى حسن محمد سليم | اسكرايب



كتب مصطفى حسن محمد سليم:


هناك ثورة في أعماقي، توشك علي الأنفجار، وأحداث كثيرة تتسارع بداخلي، ربما تعبر عن كل ما يجول في خاطري مما يحدث الآن، وأنا أراقب بهموم العاشق لتراب الوطن، ما يحدث علي أرضك يا قاهرة …

نامت عيون القاهرة تتنظر بزوغ فجر يوم جديد علي خوف من تكرار أحداث الأمس مرة أخري وأغلقت الأبواب في كل دار علي جريح أو قتيل في حين تصاعدت الأدخنة من خلال مآذن الازهر المتناثرة وبدأت القلوب وجلة مع أرسال الشمس أول أشعتها تداعب أزقة المحروسة وهي تنتظر أمل جديد في النصر في تلك المعركة الغير متكافئة …

القاهرة 21 اكتوبر 1798 جامع الأزهر، تجمع عدد كبير من المجاورين داخل أروقة الأزهر، وهم يحملون كل ما وصلت إليه أيديهم من أسلحة وعصي مختلفة، والحماسة تسيطر عليهم تكاد أن تقفز قلوبهم من خلال أفئدتهم، مع تعالي أصواتهم بالدعاء، وقراءة القرآن، في حين صعد البعض منهم مآذن الأزهر، ليستطلع أمر الفرنسيس كما يحلو أن يطلق عليهم سكان القاهرة هذا اللقب، في حين وقف أحد شيوخ جامع الأزهر المشهود له بالصلاح يتوسط رواق المسجد محمساً طلاب الأزهر، قائلا لهم في صوت جهوري يصل إلي قلوبهم قبل أفئدتهم، نحن اليوم علي موعد مع الكفار الذين أستباحو أرض المسجد بخيولهم، هم يريدون كسر شوكتنا، ونحن نريد دحرهم إلي الأبد من ديارنا، لا يجب أن نستسلم لهم مهما حدث، ربما فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، نحن أصحاب قضية وهم أصحاب الشيطان، لقد عاثوا في ديارنا الفساد، نهبوا، وقتلوا، وسلبوا كل ما وصلت إليه أيديهم، لقد أحرقوا مسجد الأزهر اليوم، بيت الله، ويجب أن نرد عليهم بكل قوة، وأن يكون هدفنا النصر، أو الشهادة، أو قاطعه تقدم أحد الطلاب نحوه وهو يقول له في أضطراب، لقد وصلت الآن حامية فرنسية عند الباب الشرقي لمسجد الأزهر، ولم يكمل الرجل جملته إلا وقد أندفع ذلك الحشد من الطلاب نحو المكان الذي حدده الرجل، وتجمع طلاب الأزهر خلف المتاريس، والأخشاب، التي وضعوها لحمايتهم من هجوم الفرنسين كان بعضهم يحمل بعض الأسلحة التي أغتصبوها من الفرنسين في معركة سابقة، وأغلبتهم لا يعرف كيف يستخدمها جيداً، في حين بدأ الجانب الفرنسي في أطلاق النار، وسقط عدد كبير من الطلاب، وبدأ بعض الطلاب الذين يحملون أسلحة في تبادل أطلاق النار معهم، وأشتعلت أجواء المعركة دون سابق أنذار …

سقط الآلاف من القتلة، وأمتلئت الأزقة والحارات بجثث المصريين، وقد نصب نابليون بونابرت المدافع علي مداخل الحارات، وفوق هضبة المقطم، وأتجهت حامية فرنسية من الأزبكية مقر القيادة العامة، لتطويق حواري القاهرة، بعد أن هدمت أبواب الحارات التي تحمي القاهرة من صد الهجمات واللصوص، وأشيعت الفوضي في كل أتجاه، ولم يستطبع أحد أمتصاص ثورة الثوار، التي أشتعلت في كل أرجاء المحروسة، حتي النساء شاركت أيضا في أشعال الثورة، عندما قاموا بالقاء الحجارة والمياة المغلية علي الجنود الفرنسين، الذين يعيثون فساداً، من نهب، وقتل، وتدمير في أرجاء القاهرة، محاولة منهم لبث الرعب في قلوب المصريين، في حين تقدم الجنرال ديبوي من منزله في بركة الفيل، إلي الموسكي، ومنه إلي شارع الغورية، وأراد أن يذهب إلي بيت القاضي في بين القصرين، ولكنه فؤجي بالجموع الثائرة تسد عليه الطريق، الذين لم يتمالكوا أنفسهم عندما شاهدوه، فبدوأ القاء الحجارة عليه، وعندما غادر بين القصرين حاول أستخدام العنف لمواجهة الحشود الغاضبة، ولكن لضيق الطريق فشل الفرسان في تفريق الحشود، وأطبق الناس من كل جانب عليهم، وأستخدموا كل ماوصلت إليه أيديهم من أسلحة مختلفة، من عصي، وحجارة، وسيوف، ورماح، وأسهم، وقد أصيب ديبوي في يسار صدره، وتفجرت الدماء منه، ومات متأثراً بجراحه، وأشعل موت ديبوي غضب نابليون بعد أن زاد عدد الثوار، وقد أستولوا علي بوابات القاهرة، مثل باب الفتوح، وباب النصر، وباب زويلة، وباب الشعرية، وأقاموا المتاريس خلفها، ونصبوا أسلحتهم، وجاءت جموع كثيرة من القري، وقد تحصنوا في قلب جامع الأزهر أكثر من 15 ألف من الثوار، فأعلن نابليون التعبئة لمواجهة غضب الثوار، وكبح جماح الثورة بأي ثمن …

القاهرة 22 أكتوبر 1798، وقف نابليون يتطلع من نافذة غرفته إلي المدفعية، التي تم نصبها علي أسوار القلعة المطلة علي القاهرة، ثم تنهد في عمق وهو يلقي الرسالة التي في يده علي الأرض في غضب، غير مكترث بوجود أعضاء الديوان، الذين لجأوا إليه للتوقف عن قصف القاهرة بالمدافع، والتوصل معه لحل لوقف نزيف الدم، تطلع نابليون إلي الرسالة الملقاة علي الأرض في عصبية، وهو يتذكر فحواها، لقد كانت الرسالة موجهة إليه من الجنرال بونك، يطالبه فيها بالتدخل السريع لوقف الحشود الغاضبة، التي يتم تجميعها في مسجد الأزهر، حيث أفادت بذلك تقارير الدوريات، وحينما مر علي خاطر نابليون فحوي الرسالة ضرب بقبضته علي سطح المكتب في عنف، وهو يتطلع إلي أعضاء الديوان في عدم مبالاة، قائلا لهم لقد منحت لكم فرصة أخيرة الأمس، في التواصل مع الثوار وكبح جماحهم، دون التدخل مني لأراقة المزيد من الدماء، وقف أحد أعضاء الديوان وهو يقول له لقد فعلنا بالفعل ذلك ياجنرال، ولقد رفضوا الأنصياع لنا، وعدم السماح لنا بالدخول إلي جامع الأزهر، ورفضوا التفاوض معنا، فقال لهم نابليون في حزم حسناً، أنا لاأملك أي حلول أخري الآن، لقد فقدت الكثير من جنودي، والعديد من الذخيرة، والأسلحة، لقد تجنبت الوصول للعنف معهم إلي أقصي درجة، ولكن لافائدة من ذلك، أنتم أيها المصريين تحبون القتل، والدماء، وعليكم أن تدفعوا الثمن، أنكم تحاربون جيش دولة نظامي، بحرب تشبه حرب العصابات، حاول أحد رجال الديوان التحدث معه، ولكن أوقفته أشارة غاضبة من يد نابليون، الذي وقف في عصبية وهو يتجه نحو باب غرفتهً وهو يشير إلي الجندي الواقف علي الباب، قائلا له بلغ الجنرال بون هذه الرسالة فوراً، عليه أن يهاجم مواقع الثوار، وأن يضرب الأزهر بالمدافع من أصلح مكان، ليكون أشد أثرا له، بلغوا الجنرال دومارتان أن يفعل ذلك بنفسه، وأن يستولي علي مدخل الأزهر، والمنازل الموصلة إليه، عليكم أن تقتحموه بجنودكم تحت حماية المدافع، وأن تقتلوا كل ماتجدونه في الشوارع من المسلحين، وتحرق كل المنازل التي تلقي بالحجارة عليكم، وأن تقتلوا كل ماتجدونه في المسجد، وليترك بداخله حرساً من الجنود الأقوياء …

في عصر ذلك اليوم، أنهالت قذأئف المدفعية علي مسجد الأزهر، وعلي الغوربة، والفحامين، وأقتحم الجنود الشوارع المحيطة بجامع الأزهر لقطع خط الرجوع علي الثوار، وأصبح الثوار محاصرين بين قذائف المدفعية، وحصار الجنود، وأوشك الجامع الأزهر أن يتداعي من شدة الضرب، وصارت الشوارع المؤدية إليه تعج بالخراب، والقتلي، ومات من السكان الآمنبن الآلاف، لتتوقف ثورة شعب في مهدها، أمام قوة جيش غاشم، الذي مارس أشد أنواع التنكيل، والقتل بالمدنين الأبرياء، بعد أقتحامه جامع الأزهر.


إبداعات عائلة اسكرايب

“حديث ضمير” بقلم: زهراء ناجي | اسكرايب



كتبت زهراء ناجي:


ينسكب القلم على الورق ليضع كلمات تتحدث عما يحدث الآن في عصرنا ومامضى من تيارات الزمان الماضية إلى ماوصلنا إليه وما يمتلكه العقل من غرائز وهمسات الضمير وجميع الأفكار والحواس، والميول الخفية التي تتحكم في العلاقات والأعمال الظاهرة منها والباطنة.

تتراخى قوة الإنسان وتتلاشى شجاعته ويضمحل عزمه ويتبخر جبروته في وقت الشدائد الهائلة، كالزلازل والصواعق والفيضانات وحمم البراكين التي تثور والحرائق وما انتشر الآن من ذلك الوباء الذي طال جميع دول العالم.
إن الجسد بحد ذاته ضعيف والقوة في روحه، ولولا الروح التي ملأت جسد الإنسان ما تغلب عل كل المصائب وما وصل إلى القمر وابتكر كل الاختراعات العلمية الحديثة، والاكتشافات الطبية.

ورد حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر فقيل له وما الجهاد الأكبر يا رسول الله، قال: جهاد القلب”، وأنه صلى الله عليه وسلم كان عائدًا من إحدى غزواته- غزوة تبوك. (غير متفق عليه)

إن ما يسعى الإنسان في حياته هو الجهاد الأكبر. إذا كان جهاده خدمة لنفسه ولمن حوله لكن ما نراه كان عكس ذلك؛ كان جهادا طمعا في مكاسبه الشخصية سعيا وراء بطولة وعظمة وتفاخر لذاته دون الآخرين، ذلك التفرد بالطمع والجشع دخل عقله وأخذ يتملك أفكاره ومطامعه وغزواته وحروبه؛ ملأ الأرض من أدناس جرائمه ومنكرات شروره المنبوذة.

برغم كل هذا الجبروت الظالم أثبت أن الجسم البشري أضعف مما يكون عليه من تلك القوة الزائفة، و قد هزمه أصغر فايروس تحيّر العلماء في أمره، عندما جعل الله سبحانه وتعالى الإنسان خليفة في الأرض وأعطاه السلطان عليها وعلى طبيعة الوجود.

بسم الله الرحمن الرحيم .. “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” (البقرة 30).
تناسى الإنسان فضل القوة الإلهية السماوية في هذا النظام الأرضي الكافل للحياة والسلام في جميع الأحياء الموجودة على الأرض.

إن كل ما يمر بنا وعلينا وما يجري حولنا لا يمكن أن نتجاهل فيه حماقات البشر وفسادهم في الأرض.

والسلام على كل من سمع ورعى فوعى واستغفر لربه، واقتنع بحدود الله وبكل ما خلقه من نعم طالها الإنسان بنزعات طموحه ورغبته الجامحة بالقوة والجبروت.

خلال ما ذكر سابقا وما عشناه طيلة هذه الشهور سوف نتذكر ما مر بنا لأعوام أخرى قادمة؛ أن ما حدث ليس بالشيء اليسير.

صور لا يمكن أن ينساها العقل البشري لاصلاة تقام في بيت الله ولا في المساجد. الشهر الفضيل انتهى ونحن نحتضن بيوتنا، كانت أبلغ رسالة وجهها الله للبشر جميعا بكل طوائفهم وقومياتهم؛ لا فرق بين غني وفقير ورئيس وعامل كلنا متهمون بالإهمال لهذه الأرض التي سوف تضمحل وتتلاشى من سوء أعمالنا.

لا بد الآن من استحضار روح الضمير في داخلنا لنفكر جميعا ونتسلح لنترك كل شرور أنفسنا ومفاسدها، وأن نبدأ بالإصلاح.

إن الله أعطانا الحياة ومنح الارض وطنا للجميع بكل خيراتها وجعل لنا العقل والإرادة لنفكر ونصلح؛ ليرى مدى حكمتنا وجهادنا، الله الشاهد الصادق الخبير الجبار، وله الحمد أولا وآخرا.


إبداعات عائلة اسكرايب

“العفريت” بقلم: عبد الله محمد | اسكرايب



كتب عبد الله محمد:


“حريق هائل يصيب ڤيلا في الزمالك لم ينج منه إلا الغفير بدر الذي أُصيب بحروق بالغه وتم نقله فورا إلي اقرب مستشفى”.


سمع حازم الببلاوي ذلك الخبر عبر التلفاز وهو يتناول وجبه الافطار،نشطت تلك الكلمات ذاكره حازم ليوم ملعون..يوم وفاه والداه بحريق ادي إلي تفحم جثتيهما، كان حازم حينها في الخامسه من عمره. فقد جزءا من ذاكرته منذ ذاك الحادث، قرر حازم مقابله ذلك الغفير،بدل ملابسه واتجه مسرعا نحوه.

دخل حازم والرعب ملئ قلبه من وجه ذاك الغفير الذي أصبح أقرب إلى المسوخ ..
– ازيك ياعم بدر.

اكتفي بدر بعده نظرات له ثم أكمل تأمله بالسقف: يا عم بدر، أنا عايزك تحكيلي شفت أيه خلاك ساكت كده.
– أنا قلت كذا مره يا بيه إني مشفتش حاجه.


تنهد حازم ثم قال:
ياعم بدر، أنا ابويا وامي ماتوا في حريق وانا كنت صغير وفقدت جزء من ذاكرتي ساعتها .. بس انا حاسس ان في حاجه غريبه فأرجوك احكي.

نظر إليه ووجه اقرب إلي البكاء وقال : – انا خرجت قدام باب الڤيله شويه اشم هوا ،سمعت صوت صريخ..طلعت بسرعه لقيت مدام نهي واقفه بتعيط واستاذ راضي كان بيولع علي الارض،انا معرفتش اعمل حاجه لان كان بيفصلني عن الاوضه اللي هما فيها نار..نار رهيبه يا بيه،.. ها كمل.
-مدام نهي كانت بتصرخ وهي بتبصلي علي امل اني اساعدها لكن والله مكنتش بإيدي حاجه اعملها،
شفت حاجه بتتحرك وراها وزقتها علي النار.. والله زي ما بقولك كده.


نظر حازم له نظرات تعجب وغادر حتي بدون شكره ،ولكن سمعه يقول:
-يابيه الموضوع طلع اكبر من حريق بكتير.
عاد حازم إلي منزله متوجها إلي فراشه ومن ثم ذهب في نوم عميق.


استيقظ علي صوت صراخ من الشارع ،نظر من النافذه ليجد حريق في المبني المقابل له، ركض حازم إلي الشارع ،وجد الجميع واقف في حاله من الخوف، ركض حازم إلي داخل المبني ليمسكه من يده رجل كبير في السن وهو يقول له:
– أنت لسه صغير .. بلاش!


تجاهله واكمل ركض إلي داخل المبني، وقف وهو في حاله من التشتت ثم صعد إلي الدور الاول عندما سمع صوت بكاء،دخل الغرفه التي يأتي منها ذلك الصوت لكي يجد طفل جالس على الفراش وهو يضم ركبتيه إلي صدره ورأسه بينهما والنار تحاوط ذلك الفراش ..
تعالي يا حبيبي انا هنقذك. نظر الطفل نحوه واكمل بكاء وهو يقول : – بس العفريت مش هيوافق. مفيش حاجه اسمها عفريت يا حبيبي..يلا نخرج من هنا.
– أمال مين اللي واقف وراك ده؟


قال الطفل تلك الجمله ومن ثم هناك من دفع حازم نحو النار التي تحيط بالفراش …


إبداعات عائلة اسكرايب

مسرحية بورصة مصر | يعقوب صنوع | pdf | اسكرايب



يَعدُّ الكثيرُ من النقَّادِ الأديبَ السوريَّ الأصلِ «يعقوب صنوع» أحدَ الآباءِ المؤسِّسِينَ للمسرحِ العربيِّ الحديث؛ وذلك تقديرًا لجهودِه التي أَثْرَتِ المَسْرحَ في مجالاتِ الاقتباسِ والتمصيرِ وكذلك التأليف؛ فكانَتْ هذه الأَعْمالُ على بَساطتِها، وما حمَلَه بعضُها من سذاجةٍ في الطرح، نقطةَ انطلاقٍ لأعمالٍ أخرى أكثرَ نضجًا بعدَ ذلك. وتُظهِرُ هذه المسرحيةُ جانبًا مِنَ الحياةِ الاجتماعيةِ للأُسرِ اليهوديةِ التي عاشَت في مِصْر، وكانَ صنوع مِنها، وما مارَسَه أفرادُها من أنشطةٍ تِجاريَّة، خاصةً في مجالِ العملِ بسوقِ الأوراقِ الماليةِ أو ما يُعرَفُ ﺑ «البورصة»، وما يَتضمَّنُ ذلك مِن صِراعاتٍ وخَبايا، وذلك في قالبٍ حِواريٍّ سَهْل، غلبَتْ عليه اللهجةُ العاميَّةُ المِصْرية.


عن المؤلف

«يعقوب صنوع»: كاتبٌ مصريٌّ وناقدٌ أدبيٌّ بارِز. يُعدُّ أحدَ رُوادِ ومؤسِّسي المسرحِ المصريِّ الحديثِ والصحافةِ الساخِرة؛ وذلكَ في النِّصفِ الثاني مِنَ القرنِ التاسعَ عشرَ الميلادي. عُرِفَ ﺑ «أبو نظارة»، وأَطلَقَ عليه الخديوي إسماعيلُ لقَبَ «موليير مصر».

وُلِدَ «يعقوب بن رافائيل صنوع» في القاهرةِ عامَ ١٨٣٩م. تَلقَّى تعليمَهُ الأَوَّليَّ بالقاهِرة، واستَطاعَ إجادةَ العديدِ مِنَ اللغاتِ، منها العربيةُ والعِبريةُ والتُّركيةُ والفرنسيةُ والإيطالية. أُرسِلَ في بَعْثةٍ دراسيةٍ إلى إيطاليا على نَفَقةِ الحُكومةِ المِصرية، وهناكَ درَسَ الفنونَ والآدابَ والاقتصادَ السياسيَّ والقانونَ الدوليَّ خلالَ ثلاثِ سنواتٍ مِن عامِ ١٨٥٣م حتَّى عامِ ١٨٥٥م، وقد أُتِيحَ لهُ أن يَطَّلعَ على العديدِ مِنَ الثَّقافات، خاصَّةً في فنِّ المسرَح؛ حيثُ اطَّلعَ على أعمالِ أهمِّ الكُتَّابِ المسرحيِّين، لا سِيَّما «موليير»، و«جولدوني» و«شريدان».

في عامِ ١٨٧٠م أنشَأَ فرقةً مسرحيةً لتقديمِ مَسرحياتِهِ في القاهِرة، وكانتْ مسرحياتُه تُقامُ على مسرحِ «قاعة الأزبكية»، وقدْ لاقَتْ نَجاحًا جماهيريًّا كبيرًا، حتى إنَّ الخديوي إسماعيلَ طلَبَ منهُ عرضَ مَسرحياتِهِ في القصر. وقدْ ظلَّ يَعرضُ مسرحياتِه لمدةِ عامَينِ إلى أنْ قدَّمَ مسرحيةً بعُنوانِ «الوطن والحرية»، سخِرَ فيها مِن فَسادِ القصرِ والنظامِ الحاكِم، فغضِبَ عليهِ الخديوي وأمَرَ بإغلاقِ مَسرحِه ونفْيِه إلى فرنسا.

إلى جانبِ أعمالِه المَسرحية، أصدَرَ «يعقوب صنوع» العديدَ مِنَ الصحفِ السياسيةِ الساخِرة، أهمُّها «أبو نظارة زرقاء» عامَ ١٨٦٦م، التي انتقَدَ فيها حُكمَ الخديوي إسماعيل، وعندَما نُفِي إلى فرنسا تابَعَ إصدارَ جريدتِه هُناك، وكانَ أحيانًا يُصدِرُها باسمِ «الحاوي» أو «الوطني المصري». أصدَرَ كذلكَ «أبو زمارة»، و«العالَم الإسلامي»، و«الثرثارة المصرية»، كما أنشَأَ جمعيتَينِ عِلميتَينِ أدبيتَينِ أطلَقَ على أُولاهُما اسمَ «مَحْفل التقدُّم»، وعلى الأُخْرى اسمَ «مَحْفل مُحِبِّي العِلم».

كتَبَ العديدَ مِنَ الرِّواياتِ الهَزليةِ والغَراميَّة، بالإضافةِ إلى مَسرحياتِه ذاتِ النقدِ الاجتماعي، التي كُتِبتْ بأُسلوبٍ فُكاهيٍّ كوميدي، ومِنها: «أبو ريدة وكَعْب الخير»، و«الأَمِيرة الإسكندرانيَّة»، و«الصَّداقة»، و«العَلِيل»، و«بُوْرصة مِصر»، و«الدُّرَّتَيْن»، و«موليير مِصْر وما يُقاسِيه»، و«مَدْرسة النِّساء»، و«البَخِيل»، وغيْرَها الكثير.

تُوفِّيَ في باريسَ عامَ ١٩١٢م.


حمل الملف من هنا

“البعد الثالث” قصة قصيرة – بقلم: مصطفى حسن محمد سليم | اسكرايب



كتب مصطفى حسن محمد سليم:



داخل كل منا مخاوف من المجهول، تتفاقم مع مرور الوقت، وتزيد حدتها مع مراحل الفشل التي نمر بها في الحياة، ويبقي هناك بعد آخر خفي ينتظرنا لكي ينتشلنا من براثن المجهول، ولكن إذا كان ذلك البعد هو عالم خفي، ينتظرك فيه بعد آخر يكتب لقصة حياتك نهاية أخري غير متوقعة ….
يدل مفهوم نظرية المؤامرة علي محاولة تفسير أحداث ضارة أومأساوية تحمل في مضمونها أو صيغتها دلالة علي التآمر، فتدحض جميع البراهين والتفسيرات المحيطة بتلك الأحداث، وتزداد نظريات التآمر أنتشارًا في الفترات المضطربة كما هو الحال خلال الحروب والكساد الاقتصادي وفي اعقاب الكوارث الطبيعية كالزلازل والأوبئة، ويتجلي ذلك في بروز نظرية المؤامرة عقب أحداث 11 أيلول 2001 ، وظهور أكثر من ألفي مجلد حول حقيقة أغتيال جون كينيدي أنهي الدكتور أسماعيل رضوان المحاضرة وهو ينظر في ساعة معصمه وهو يجمع أوراقه في سرعة ويتجه نحو باب قاعة المحاضرات بخطوات مسرعة ليغادر المكان، وتوقف عن السير عندما أمسكت به يد قوية من الخلف وهو يلتفت في غضب ليري صاحب تلك اليد، وسرعان مازالت حدة غضبه وهو يري صاحب تلك اليد القوية التي أوقفته، وهو يقول له معذرة دكتور حسني لقد شرحت لك قبل المحاضرة أنه ليس لدي وقت لمناقشة أي شيء اليوم ويمكنك الأنتظار للغد للحديث معك، وإذا كان الموضوع لايتحمل التأخير من وجهة نظرك يمكنك محادثتي في الهاتف في المساء لأنه حالياً يجب أن أسافر إلي بلدتي لوجود عذر قاهر لدي وهو حالة وفاة ولايمكنني التأخير أكثر من ذلك، فقال له الدكنور حسني الموضوع عاجل بالفعل يادكتور أسماعيل ولايمكنني التأخير أكثر من ذلك لمناقشته معك، فنظر الدكتور أسماعيل في ساعة معصمه مرة أخري في توتر وهو يقول له معذرة يادكتور حسني يمكنك محادثتي في المساء إذن من خلال الهاتف، ثم تركه وأنصرف وهو يسرع في خطواته نحو خارج المدرج…..
شعر الدكتور اسماعيل بالحيرة وهو ينظر إلي السماء الملبدة بالغيوم وهو يحاول أن يقنع نفسه بالعدول عن فكرة السفر فهو لايحب قيادة سيارته في مثل وجود هذا المناخ، وكان يبدو من شكل السماء أنها ستمطر وبغزارة بعد قليل، كما أن الطريق إلي بلدته سوف يقطعه في خلال مسافة طويلة، وسرعان ماحسم الأمر وهو يدير محرك السيارة وينطلق في طريق السفر، وعندما أصبح علي مشارف بلدته فتحت السماء أبوابها لتنهال علي سيارته الأمطار الغزيرة وبشدة، والتي حجبت الرؤية أمامه وشعر بالخوف الشديد من أن يكمل طريق رحلته في خلال ذلك الجو العاصف فتوقف علي جانب الطريق، وشعر بالرهبة تسري بداخل جسده عندما بدأ الظلام يحل عليه في المنطقة النائية التي توقف فيها وخلو الطريق من مرور السيارات والذي لاحظه منذ أن توقف علي جانب الطريق ومر علي وقوفه أكثر من ساعة، وأخذا يراقب حدة نزول الأمطار والتي بدأت تخفت بمرور الوقت حتي توقفت وحمد الله علي ذلك خاصة والظلام الدامس بدأ يحيط به من كل جانب، وتنفس الصعداء وهو يحاول إدارة محرك السيارة التي أخذت تزمجر وترفض الدوران وأحس بالضيق الشديد وهو يغادر السيارة ويفتح غطاء المحرك في محاولة منه لفهم سبب تعطل المحرك، وهو ينظر إلي الطريق للبحث عن أي سيارة أخري مقبلة نحوه، ولكن بلا فائدة وشعر بالحنق وهو يضرب عجلة السيارة في قوة من شدة الغضب وقد بدأت السماء في العودة مرة أخري لهطول الأمطار بقوة من جديد، وقبل أن يتحرك للإختباء من مياه المطر لمع في السماء ضوء برق شديد خطف بصره من شدته وهو يضرب المكان الذي يقف فيه قبل أن يسقط فاقد الوعي…
أستيقظ الدكتور أسماعيل ليجد نفسه ملقي علي الأرض وهو يشعر بعدة آلام تعتريه في جميع أنحاء جسده، ونظر في ساعته فوجدها قد توقفت، وتحامل علي نفسه وهو ينهض من مكانه بصعوبة وهو يبحث عن سيارته ولكنه لم يجدها بجواره، وبدأ يتفحص المكانه من حوله وشعر بالدهشة وهو يري المكان الذي يقف فيه مختلف عن الذي شاهده قبل أن يفقد الوعي، لقد أختفي الطريق الزراعي الذي كان مسافراً عليه وحل محله قطعة أرض زراعية كبيرة علي أمتداد بصره، ولم يجد مفر من أن يكمل طريقه سيراً علي قدميه متجهاً نحو بلدته، وعندما خرج من نطاق الأرض الزراعية التي كان يسير فيها وهو يصل إلي مشارف طريق يقوده إلي بلدته أعترته الدهشة وهو يشاهد منازل القرية كما كان يشاهدها بنفس الهيئة وهو طفل صغير، وأندفع نحو رجل كان يقترب منه وهو يسأله عن منزل الحاج رضوان، وشعر الرجل بالدهشة وهو يقول له لايوجد أحد في القرية بهذا الأسم، فقال له أن منزله يقع بجوار منزل الحاج بيومي سعيد، فقال له الرجل إذا كنت تقصد منزل بيومي سعيد هو يقع هنا في آخر هذا الطريق، وتركه الرجل مما جعل الدكتور أسماعيل يسرع الخطي نحو منزل الحاج بيومي لتفسير ما يحدث له، وقد وجده يجلس أمام منزله ولكن ملامح وجهه أصغر بكثير من الرجل الذي يعرفه جيداً من قبل، ولكنها هي نفس ملامح الرجل، وتقدم نحوه وهو يقول له الحاج بيومي سعيد أليس كذلك؟ أبتسم بيومي وهو يقول له نعم ولكني لم يكتب لي الحج بعد ياولدي، ماذا يمكنني أن أقدمه لك من خدمات؟ ثم أشار إليه وهو يستطرد تفضل بالجلوس أولاً جلس اسماعيل بجواره، وهو يقول له أنا كنت أبحث عن منزل الحاج رضوان؟ فقال له الحاج بيومي هل أنت الرجل الذي أرسلك بالنقود لشراء قطعة الأرض مني، لقد كان معي هنا في الأمس وقال لي أنه سيذهب لأحضار النقود ثمن قطعة الأرض التي طلب شراؤها مني ليبني عليها منزل لأسرته الصغيرة، وقال له ذلك وهو يشير له علي قطعة الأرض الفضاء التي تقع أمام منزله، شعر أسماعيل بالدهشة من حديث بيومي وهو يتركه غير مصدق مايحدث له منذ أستيقظ وهو يشعر أنه في كابوس كبير سيستيقظ منه في أسرع وقت، لأنه من المستحيل أن يكون قد عاد به الزمن كل هذه السنوات….
وقف الدكتور أسماعيل خارج أسوار الجامعة وهو يراقب حركة الدخول والخروج داخل الجامعة في محاولة منه للتعرف علي ملامح أحد يعرفه جيداً، وتنفس الصعداء وهو يري عميد الجامعة وهو يعبر بوابة الجامعة نحو سيارته وأندفع أسماعيل نحوه وهو ينادي عليه بأسمه، ألتفت الدكتور فوزي نحوه وهو يتفحص ملامحه في دهشة وهو يقول له من أنت؟ أشاح أسماعيل بيده في توتر وهو يجيبه علي سؤاله قائلا من أنت هذه سيطول شرحها كثيراً يادكتور، وأنا أؤكد لك أنك تعرفني جيداً ولكن في زمن آخر غير هذا الزمن، وأنا أعرف جيداً أنك الإنسان الوحيد في هذا الكابوس الذي أمر به الآن والذي يمكنه مساعدتي، أرجوك يادكتور لاتتخلي عني لأنني أكاد أن أكون علي شفا الجنون، ولكن يجب أن نجلس أولاً في مكان حتي ننتناقش في هذه الكارثة، قال له الدكتور فوزي في توتر تفضل في مكتبي وأشرح لي الموضوع بكل تفاصيله ربما يمكنني مساعدتك فيه…..
بعد أن أنتهي الدكتور أسماعيل من سرد كل الأحداث التي مر بها منذ أن أستيقظ، وكل مامر به حتي وصوله إلي مكتب الدكتور فوزي، حل الصمت علي المكان لعدة دقائق والدكتور فوزي يتأمل في ملامحه في دهشة، قبل أن يقول له أعتقد أن أي إنسان آخر يسمع منك هذا الحديث الذي صدر منك منذ قليل يجب أن يتهمك بالجنون يادكتور أسماعيل، ولكني شخصياً أصدق كل حرف تفوهت به أنت بأختصار، لقد أصبحت ظاهرة علمية تستحق الدراسة بعد ما أصبحت عالق في زمن غير زمانك، وبعد آخر غير الذي كنت تعيش فيه، والبعد هو محور مستقل أو اتجاه مستقل في الفضاء، يترتب علي فهم الأبعاد فهم كثير من الأمور المتعلقة بالرياضيات والفيزياء والحياة أيضا كشكل، حيث أن البعد هو اتجاه للحركة، ويجب أن تعرف أن الكون الذي نعيش فيه الآن لديه ثلاثة أبعاد مكانية الطول والعرض والارتفاعً وهناك بعد آخر الذي أشار إليه ألبرت أينشتاين وهو الزمان، والسفر عبر الزمن يمر من خلال بعد آخر وهو البعد السادس، وهو المسافة العمودية التي توجد بين المسارات الزمنيةً ويستخدم البعد السادس في مايعرف بالسفر عبر الزمن، أو التنقل بين النقاط المتطابقة بين الأبعاد الزمنية الموازية، أي أننا يمكن أن نسافر عبر مضاعفات من المسارات الزمنية الكاملة إلي الماضي، وهذا يوضح أنك قمت بالمرور عبر بوابة زمنية، وحتي تعود إلي الزمن الذي عبرت من خلاله يجب أن نجد هذه البوابة الزمنية قبل إغلاقها حتي لاتبقي حبيس خط الزمن الماضي الذي أنت فيه الآن إلي الأبد.


إبداعات عائلة اسكرايب

حياة الرافعي| محمد سعيد العريان |pdf | اسكرايب



«سيأتي يومٌ إذا ذُكِرَ فيه الرافعيُّ قالَ الناس: هو الحكمةُ العاليةُ مَصوغةٌ في أجملِ قالبٍ مِنَ البيان.» هذا ما قالَه «مصطفى كامل» في أدبِ «مصطفى صادق الرافعي»؛ إلَّا أنَّه — قبلَ هذا الكتابِ — ظلَّ غريبًا عن أهلِ وطَنِه، لا يُعلَمُ عنه سِوى وجهِ الأديبِ وهَيْبتِه. حمَلَ «محمد سعيد العريان» على عاتقِه همَّ تعريفِنا ﺑ «الرافعي» كصديقٍ حَمِيم، يأخذُنا في رحلةٍ داخلَ حياتِه الخاصة، نشاهِدُه رأْيَ العينِ ونَصْحبُه في طقوسِ كِتابتِه؛ نَصحبُ العاشِقَ المَهمومَ الذي يجِدُ في شِعرِه مُتنفَّسًا لأشْجانِه، والأديبَ الذي تَمنحُك النظرةُ الثاقبةُ في دَواخلِه يَقِينًا بأنَّ أغلبَ خُصوماتِه لم تَتعدَّ كوْنَها خِلافاتٍ نشَبتْ بينَ بعضِ الأصدقاء. ستَقرأُ في هذا الكتابِ لأديبٍ يَكتبُ سيرةَ أديب، وتجدُ شَغفًا مُلهِمًا بحياةِ عَلَمٍ من أَعْلامِ الأدبِ والوَطنيَّةِ استحقَّ أنْ تُعلَمَ أخبارُه وتُخلَّدَ ذِكْراه.


عن المؤلف

محمد سعيد العريان: أحدُ كِبارِ كتَّابِ مِصْر. لم يكُنْ مجردَ كاتب، بل كانَ أيضًا تربويًّا مفكِّرًا، وثَوْريًّا حملَ على كاهلِه مَصلحةَ الوَطَن. اشتُهِرَ برِواياتِه التاريخيَّة، وبإبداعِه القصصيِّ والفنيِّ للأَطْفال؛ حيثُ إنه أوَّلُ مَن أصدَرَ مجلةَ «السندباد» التي كانتْ تُعَدُّ نوعًا أدبيًّا فريدًا في عصْرِه. عملَ على تطويرِ التعليمِ خلالَ عمَلِه بوزارةِ التربيةِ والتعليم؛ فكانَ أوَّلَ مَن صمَّمَ وأنشأَ المَكتبةَ المَدْرسيةَ في «مِصْر».

وُلِدَ «محمد سعيد أحمد العريان» في ديسمبر عامَ ١٩٠٥م في بلدةِ محلة حسن بالمحلةِ الكُبْرى، والِدُه الشيخُ «أحمد» الذي كانَ قد قارَبَ التسعينَ منَ العُمْرِ حينَها، وسمَّاه «محمد سعيد» لولادتِه صَبيحةَ عيدِ الفِطْر. اتصلَ نسَبُه بالشيخِ العريانِ الكبيرِ «حامِي الحَجِيج» كما تصنِّفُه المَنظوماتُ الصُّوفية، وكانَ والِدُه من خُطباءِ الثَّورةِ العُرابيةِ وشُعرائِها.

تَلقَّى «محمد» في بيتِه العلمَ والدِّينَ معَ الثَّوْريةِ وحُبِّ الوطَن، فشارَكَ في ثورةِ ١٩١٩م وبدأَ اضطهادُه مبكرًا؛ إذ حرصَ أساتذتُه على رُسوبِه في امتحانِ الشَّهادةِ الابتدائية، ولمَّا اجتاحَتْ نفْسَه مَرارةُ تأخُّرِه عن رُفقائِه انصرَفَ عنِ المَدْرسةِ وانكبَّ على الكُتبِ يَدرسُها في البيت، إلَّا أنَّه اعتُقِلَ قبلَ امتحانِ الثانويةِ بخمسةِ أسابيعَ لاستمرارِه في نشاطِه الثَّوْري، وبالرغمِ من ذلكَ استطاعَ الحصولَ على شَهادتِه في العامِ نفْسِه، والْتَحقَ بكليةِ دارِ العلومِ ليتخرَّجَ فيها متفوِّقًا عن زُملائِه عامَ ١٩٣٠م. رفَضَ السفرَ إلى البعثةِ الفهميَّةِ التي رُشِّحَ لها لنيْلِ الدكتوراه ﺑ «لندن» بِناءً على طلبِ والدتِه كي لا يترُكَها وَحِيدة.

أحبَّ «محمد» قريبةً له هي «توحيدة عبد الله الدماطي» وتقدَّمَ لخِطْبتِها عقِبَ تخرُّجِه، إلَّا أنها حُجِبتْ عنه بسببِ تقاليدِ المجتمعِ المصريِّ آنَذاك، التي حرَّمتْ على الأختِ الصُّغْرى الزواجَ قبلَ الكُبْرى، فلم تتمَّ الزِّيجةُ إلَّا بعدَ ثَمانِ سَنوات. إلَّا أنَّ القَدرَ لم يُمهِلْه ليَنعمَ بقُرْبِها كثيرًا؛ فلم يعِشْ معَها سوى أربعِ سَنواتٍ تُوفِّيتْ بعدَها أثناءَ ولادةِ طِفلِهما الثالثِ ١٩٤٢م. كانَ لحُزْنِه على فِراقِها الأثرُ الأكبرُ على كِتاباتِه، حتى إنَّه عقَدَ العزْمَ على تَجميعِ ما كتَبَه عنها من مَقالاتٍ وما كانَ بينَهُما من رَسائلَ في كتابٍ يُدْعى «تحت الرَّماد»، إلَّا أنَّه تُوفِّيَ قبل أن يُنشَر، وقبلَ أن يَخلعَ رابطةَ عُنقِه السَّوداءَ التي داوَمَ على ارتدائِها منذُ وَفاتِها وحتى وَفاتِه.

تعرَّفَ في شَبابِه على «مصطفى صادق الرافعي»، وكانَ الرافعي أصمَّ، فكانَ العريان صديقَه وتلميذَه. أُطلِقَ عليه «كاتِبُ وحْيِ الرافعي»، ونتجَ عن هذا اللقاءِ أثرٌ عميقٌ في حياةِ كلٍّ منهما وفي أَعْمالِهما، فلقد كانَ الرافعي من قبلِ هذهِ الصداقةِ في عُزْلةٍ اجتماعيةٍ عن عامَّةِ القرَّاء؛ فأصبَحَ من بعدِها يكتبُ أدبًا أكثرَ اتصالًا بحالِ الوطنِ والحياة.

تُوفِّيَ في يونيو ١٩٦٤م تارِكًا للأدبِ العربيِّ مَسيرةً أدبيةً حافلةً لم تَقتصِرْ على الرِّوايةِ والقِصةِ القَصِيرة، بل توسَّعتْ لتَشملَ السياسةَ والتربيةَ وأدبَ الأطفالِ والمَقالَ وتَحقيقَ التراثِ والمُحاضراتِ القيِّمةَ المَنشورةَ في الداخلِ والخارِج.


حمل الملف من هنا

اقرأ مع اسكرايب 👌

حي بن يقظان | ابن طفيل | pdf | اسكرايب



مؤلف : ابن طفيل

اللغة : العربية

الصفحات : 56

عدد الملفات : 1

حجم الملفات : 1.58 ميجا بايت

نوع الملفات : PDF


وصف الكتاب

«حي بن يقظان» إحدى كلاسيكيات الأدب العربي القديم، ورائعة من روائعه، جمع فيها ابن الطفيل بين الفلسفة والأدب والدين والتربية، فهي قصة ذات مضامين فلسفية عميقة، تناقش ما نسميه في مصطلحنا المعاصر برؤية العالم أو النموذج المعرفي، حيث تتضمن القصة عناصر الثقل المعرفي الأساسية والممثلة في (الإله/الإنسان/الطبيعة)، كما تتطرق إلى أبعاد العلاقة بين هذا العناصر، فهي تحكي قصة إنسان استقر به الحال وهو بعد طفل على أرضٍ لا إنسان فيها، فاتخذ من الحيوان مُرضِعًا له، والطبيعة مأوًى له، فافترش الأرض والتحف السماء، ولما كبر واتشد عوده ونضج فكره، انصرف إلى التأمل في الكون، وهو الأمر الذي قاده إلى حتمية وجود خالق لهذا الكون.

ومن الجدير بالذكر أن هذه القصة قد أعيد كتابتها في تراثنا العربي أربعة مرات على يد كل من ابن سينا، وشهاب الدين السهروردي، وابن الطفيل، وابن النفيس، هذا الأخير الذي أعاد كتابتها تحت مسمَّى آخر يوافق ومعتقده الفلسفي، فسماها «فاضل بن ناطق».


عن المؤلف

ابن طفيل: هو فيلسوف، ومفكر، وقاضٍ، وفلكي، وطبيب، وشاعر عربي أندلسي، اشتهر بكتابه «حي بن يقظان»، الذي حاول فيه التوفيق الفلسَفِي بين المعرفة العقلية والمعرفة الدينية، وقد تُرْجِمَ هذا الكتاب إلى العديد من اللغات حول العالم.

وُلِدَ «أبو بكر محمد بن عبد الملك بن محمد بن محمد بن طفيل القيسي الأندلسي» بين سنتي ٤٩٥ﻫ و٥٠٥ﻫ بمدينة «وادي آش»، وتسمى اليوم Guadix، وتبعد مسافة ٥٣ كيلومترًا من قرطبة. درس الفلسفة والطب علي يد أعظم فلاسفة الأندلس وأطبائها، وتولى منصب الوزارة، وكان طبيبًا خاصًّا للسلطان أبي يعقوب يوسف، كما كان معاصرًا لابن رشد وصديقًا له.

كان لابن الطفيل إسهاماتٌ كثيرةٌ في الفلك والطب والشعر؛ ففي علم الفلك، ذَكَرَ عنه تلميذهُ البطروجي أنه عثر على نظام فلكي وتفسير لحركة الأفلاك على نحو مخالف لما قالهُ بطليموس، استغنى فيه عن الدوائر الداخلة والدوائر الخارجة. أما في الطب والشعر فقد ذكر لسان الدين بن الخطيب أن لابن طفيل أرجوزة في الطب، حيث كانت له أرجوزة في الأمراض وعلاجها، كما كانت له قصائد في الغزَل الصوفي، وتُوُفِّيَ ابن طفيل في مراكش عن عام ٥٨١ﻫ، وحضر السلطان جنازته.


حمل الملف من هنا

اقرأ مع اسكرايب 👌

“تواشيح بين المآقي” بقلم: نجلاء جميل



كتبت نجلاء جميل:



آهات تصيب أعماقنا ، كسيف مسلول تجتز بتلات أرواحنا ، تجتاح مرافئ نفوسنا ، يتلاشى اللون الأبيض من أمام نواظرنا ، لنصبح غير آبهين بما يعترينا من شجن الشموع بين ألواننا ، تتحجر الدموع في المآقي ، ليست لأنها موجوعة فحسب ولكنها ضاجة أيضا من نهرها الذي قد نضب من وقع صدمات وخذلان ومآسي . أخطاء قد اقترفناها بحق أنفسنا ، تعاتبنا الأنا لماذا وكيف ومتى سنعتق الذات من الرضوخ لمستبدات ؟ اسمها المشاعر ، ونقاء القلوب ، وصفاء النفوس .. ؟
إلى متى سندفع ضريبة ضيم القلوب .؟ وثقافة اعتنقناها اسمها الأصول ؟ تساؤلات و عتاب وملامة لا تنفض من حولك ..
حياة بتفاصيلها لاكتنا ولكناها ، شعرنا بأننا نمتلك من الدراية ما يؤمن أنفاسنا ، ويحمي من الغدر مشاعرنا ، نقتاد بإرادتنا لعلاقات كنا نحسبها ودية ، ترى وجوها مخبأة بأقنعة زاهية ، تقابلها أنت بكل ود وعطور لزهرات أبت أن تتقمص أدوارا لا تليق بها ، أو تتزين بشذا غيرها .. فأنت كما أنت ، لأنك تجهل فنون التجميل للقلوب والمشاعر ..
ولكن الخذلان أبى إلا وأن يكون أخطبوطا مادّا أذرعه بين النوايا .
أين نحن من الإنسانية ، وهل أزهار الياسمين في أفئدتنا تآكلت ،؟ وماذا عن قانون الغابات والمصالح الشخصية ؟ بدايات جميلة لكل الأشياء ، فليتها النهايات تكون كالبدايات ..
قانون أمقته ، بت أتمنى أن أغتاله ، ولا يعرف حتى الثرى له مكانا ، كأنه صك عارٍ مُفرّغ من أدنى معنى للإنسانية ..
أ يا نابضا بدفء الروح .. تمهل .. ألم تعلم أنه ما عاد بيننا سلام ، فالأمر بات مقضيا ..
فما كان بيني وبينك غير مصالح أُنجزت ، وتناثر ما كان اسمه الود في موجة خريف .. هكذا هو القانون
يا هذا .. لن أعاتبك يوما ، فأنا من كانت غشاوة الصفح الجميل كحجاب على جفون الفؤاد والروح الندية ..
فيا معشر الأجناس البشرية ، كونوا أعزة وروادا لضفاف الإنسانية
………
وللحكايا بقيّة …


إبداعات عائلة اسكرايب

“تعثّرتُ بصندوق” بقلم: رواسي إعشيبة


كتبت رواسي إعشيبة:


2020
سقطت الرسالة بين يدي كانت الغرفة مظلمة ولكنني تذكرت صاحبتها ما إن لمحت تلك القلوب المرسومة على الظرف ، تركت ما أبحث عنه وتمعّنتُ النّظر إليها كانت رسالة من “صغيرتي”..
لم أراها منذ زمن ، أفتقد حبها النقي لي ..


2019
كان يوم التنظيف الخاص بغرفتي تعثّرت بصندوق كنت محتفظه فيه بذكرياتي الثانوية وبعض الرموز التي تعني لي الكثير ..
ومن بينهما رسالة كنتُ محتفظة بها كذكرى جميلة 💛
كانت من أخت صديقتي الصغيرة ، أتذكر عندما أعطتني إياها وهي في قمة السّعادة ، لا إرادياً أثرت بي كثيراً ..

وفي كل مرّة أرى فيها تلك الرسالة أبتسم ؛ أتذكر براءة الأطفال وحبهم الصادق..

2018
لم أكن يوماً أحب البكاء أمام أحد ، أركض إلى أي متسع من الفراغ أغرق بدموعي وحدي، وما إن إرتحت قليلاً ، قمت أكتب لها رسالة أحاول ترجمت ما بداخلي على مجموعه من الكلمات ، أردت أن أترك لها رسالة عندما تفتقدني تقرأها لتواسيها عن غيابي، عن عدم قدرتي بالتواجد معها ؛
لتواسي بها نفسها عن المسافة التي أجبرتنا الظروف عليها …


الآن عرفت بأن للكلمات أثر عميق ، وللرسائل فضل كبير لمواساتنا ، نصيحتي هي أن تكتبو لمن تحبون ، راسلوهم بقلم أيدكم ، وأتركوهم ذكرى لديهم ، فالذكريات تعويض لغياب أحبتنا💕


إبداعات عائلة اسكرايب

“ما يزال معلقًا” بقلم: سهى المرسومي



كتبت سهى المرسومي:


دخلت مع صديقي إلى المقهى وطلبنا فنجاني قهوة
وبينما نحن جالسان دخل اثنان قالا لصاحب المقهی:
نريد خمس فناجين من القهوة علق ثلاثة منهم.
فسألت صديقي: ما معنى ثلاث فناجين معلقة؟ ثم
دخل أربعة أشخاص وطلبوا سبع فناجين ثلاثة منهم
معلقة.

وما هي إلا دقائق، حتى دخل رجل ملابسه
قديمة واقترب من النادل وسأله: هل يوجد فنجان
قهوة معلق؟ علمنا في بعد انه تقليد في هذا المقهى
عندما يطلب أحدهم فنجان قهوة والأخر معلق لاحقا
للفقراء والأشخاص الذين لا سيطيعون دفع ثمنه إلى
إن أصبح هذا تقليد وهناك أيضا وجبات خفيفة وطعام معلق.


إبداعات عائلة اسكرايب

“إنزواءٌ فريد” بقلم: هبة زيد



كتبت هبة زيد:


كثيرا ما كانت العزلة متعلقة بهروب الجميع من محيطه لأسباب؛ سواء كانت صحية أو بسبب اختلاجات نفسية، بينما كانت حادثة العزلة الجبرية نوعا جديدا دخل في حياتنا.
وكان عبارة عن إنزواء جميل لمعظم الناس، خاصة في فصل الشتاء.
الإستيقاظ على صوت المطر الذي يطرق الزجاج طرقاً مهذبا، وصوت صفير الرياح التي تأبى أن تتسرب إلينا حتى ولو من فتحة صغيرة، وكان للقهوة طعم آخر مع العزلة والمطر، ولطالما شاركَنا فنجان القهوة أفكارنا بصمت ورونق مميز. كل تلك التفاصيل جعلت للإنعزال وجهة نظر أخرى، فجعلَنا نفهم أنفسنا أكثر، وأصبح لدينا وقت كافٍ لنمارس فيه كل ما سلبته منا إنشغالاتنا على مدار سنوات.
منها الجلسات العائلية التي ترتفع فيها أصوات الصخب والضحكات، ورائحة خبز الأم المنزلي الذي افتقدنا طعمه منذ الصغر، وكيف كنا نحاوط المدفأة صِغارً وكِبارً لنقاوم البرد ولكن جمعتنا هي التي تدفئنا وليس المدفأة!
في هذا الإنزواء الفريد تعملنا كيف نجعل الحياة ملونة بعيداً عن الناس، فأحياناً أن تكون بصحبة كتاب خير من أن ترافق العديد من البشر، أو أن تمارس هواياتك وتُشغل وقتك بكل ماهو مفيد ونابع من قلبك بعيداً عن المهام القسرية التي كنت تنفذها فقط لإتمامها مجبراً.
وفي أوقات الفراغ تسارع كي تجلس مع أطفال المنزل لتروي لهم حكاوي الطفولة التي عاشت بداخلك عمراً وظننت أنك قد نسيتها،
فهي طفولة عِشتَ بها بكافة المشاعر الصادقة البريئة، وصنعت منك ما أنت عليه الآن.
ثم تستعدون جميعا لحلقة القرآن والتسميع فتهدأ نفوسكم من ضجيج الحكاوي والمغامرات. وتارة تهربون من تذمركم بسبب العزلة الممتدة
إلى صلاة الجماعة التي أصبحت من القليل أن تقام في المنازل ولاسيما بسبب إنشغالات الحياة.
وماذا عن سهر الليالي الذي لا أحد يفوّته وهو يعلم أن تلك اللحظات لن تتكرر مرة أخرى، فتسارعون مجتمعين لتشاهدوا فلماً أو لتتبادلوا أخبار الساعة التي تشاهدونها فقط من وراء شاشات الهواتف والتِلْفازات، وتُختَم بغفوِ أحدهم قبل الآخرين، وبنوم عميق يأوي إليه الجميع وهم مطمئنين.
إنزواء فريد حمَل بين طيّاته تفاصيل لا تُفنى أبداً، وستبقى ذكراها مختلفة وعالقة في ذاكرتنا.
إنعازل عن المجتمع جعلَنا نستشعر حلاوة الأيام وننتبه إلى التفاصيل البسيطة التي تبعَث السعادة في قلوبنا بعدما كنا نتجاهلها أو لا نسلط عليها ضوء اهتماماتنا.
أصبح لدينا من وراءه شغف جديد لنقاوم كل ما سنواجهه في الأيام الباقية.
أهي عزلة أم فرصة لذواتنا بحثنا عليها كثيراً لنحصل عليها؟


إبداعات عائلة اسكرايب

“خربشات نوادر” بقلم: نوادر إبراهيم



كتبت نوادر إبراهيم:


الصمت: بلاء الروح.

الأوجاع: حداد الخيبات.

النهايات: متاهات التلاقي.

النظرة: شوق يتيم.

اسيرة الليل والحكايات: نبيّة الحواس الخالدة.

خضاب الأيادي: لمسة حبيب غائب.

الدموع: قدسية الألم.

الخوف: تباعدك عن الحقيقة.

الحقيقة: صفعة عقل يتعاطى الواقعية.

الجنون: مشاعر يافعة تضخ أرواح جديدة.

الوجد: أن نعشق دون انتظار.

الوعد: عنفوان لحظة صادقة.

الوطن: كل شيء وأحيانًا لا شيء.

البوح: أن تقف بين نفسك وظلك، ثم تصرخ.

الصراخ: موسيقى أوتار الصدمات.

الصدمة: أن تكتشف أنك بلا حلم.

السعادة: أن تجد ضالتك في ابتسامة أحدهم.

الحضيض: لمن يخاف أوج السماء.

البداية: أن تؤمن بك.

الأمل: تأمل عبر ثقب الغد.

الغريب: حبيب يعشق كل من على الطريق.

فرط التفكير: أن تصادف نفسك ألف صدفة ولا تميزها.

أنا: بلا أنا.

الغيرة: حرب بلا انتصار.

الشوق: بداية الوله، نهاية الوحدة، ثم الانطفاء.

المعجزة: انتظار الغريب الذي أعشق.

القوة: أن أبكي من خدش طيفه كل ليلةٍ.

الضعف: حبٌ دون بوح.

الليل: غزل الكواكب، هدايا المجرة للبؤساء.

الوعي: أن تدرك أن إنعكاسك هو أنت، بكل تفاصيلك.

الغرور: قاع اللا شيء.

الإعجاب: حيلة غامضة تؤدي إلى العشق.

الشجاعة: أن تتذكر اسمك عند نهاية الكابوس.

أن تنهض: ألا تجثم عليك أوهام البارحة.

المسافة: فضاء من الأسباب الزائفة، وحدود بلا أوطان، حيث لا انتماء.

أن نكتب: أن نحيا كما يحلو لنا.

الوداع: نقطة بيضاء على طريق بلا نهاية

الختام: عبارات منمقة، وتصفيق يصيب الجدران بالتملق.

كلمة أخيرة: سأكون حيث الحياة.


إبداعات عائلة اسكرايب

“قرية الموت” بقلم: مي هشام – مسابقة كورونا الأمل


كتبت مي هشام:


في كل صباح عليك أن تختار كيف تبدء يومك. متسائلا هل سوف يمر مرار الكرام مثل سابقه أم سيكون مختلف. أنت وحدك سيد القرار، و أنا قررت أن أكسر حواجز خوفي و قيود جدي صاحب السبعين خريفا. لقد كان دائم التحذير لي من مغبة فضولي تجاه الخوارق و عبث رغباتي تجاه استكشاف الحقائق، فهو يعلم جيدا أنها غريزة في شخصية حفيده الصحفي الصغير. لكني قررت أن أخبط بكلامه عرض الحائط بعد سنوات من الإنصياع. حيث كان فضولي يزداد يوما بعد يوم ولا أستطيع السيطره عليه. حتي و إن سيطرت علي فضولي يفلت لجام خيالي ولا أستطيع التحكم به. و ظل الوضع علي هذا الحال حتي أتي ذلك اليوم، حينما قررت أن أكسر كل القواعد.


٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭


في صباح يوما قد يبدو عاديا و تحديدا منذ شهرين، بات كل همي أن أجد أكبر عدد من المعلومات عن تلك الحوادث الغريبه التي ذاع سيطها ما بين عامي ٢٠١٩ و ٢٠٢٠. فقد كان جدي دائم الحديث عنها و عن تلك اللعنه التي حلت بأهل إحدي القري في جنوب مصر و عن الشائعات حولها. هل هي لعنه أم غضب من الله أم هي بفعل الجن! حتي يومنا هذا لا أحد يعلم سر هذه القرية! كان دائما يروادني رغبة بالذهاب إلي هناك و استكشاف حقيقتها و كشف الستار عن ما حدث.
في صباح ذلك اليوم، لملمت شتات أفكاري و اتخذت قراري و صنعت كوب من القهوة و جلست أبحث و أجمع أكبر قدر من المعلومات عن مكان القرية و كيفية الوصول له. لم أكن أعرف ماذا سأفعل حينما أصل و لا إلي أين.
ستقودني هذه الرحلة إلي أن لمس حذائي ترابها و شممت رائحتها في صباح اليوم التالي. فلم تكن تلك القرية بعيدة كثيرا عن القاهرة حيث انها تقع بالقرب من بني سويف. و لم يكن علي إلا أن أستقل سيارتي و أتبع الجي بي أس.

٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭

قريه مهجوره باتت كبيت كبير للأشباح، كما وصفها جدي بل و أبشع، جدرانها ما زالت مصبوغه بلون الهلاك. كانت رائحة الموت تنبعث من كل ركن بها. تراجعت بعض الخطوات و انتابني الخوف متسائلا: عن ماذا أبحث و لماذا ؟ هل حقيقة القرية تستحق كل هذا العناء؟! لعله الخوف هو الذي دفعني للتساؤل و حاول اقناعي بأنه موضوع منتهي منذ ما يصبو الخمسة و عشرين عاما فلن تفيدني بشئ حقيقة ما حدث و لن تنفعني الحقيقة حينما يتوقف قلبي من الخوف. لكن قدمي كانت اتخذت قرارها بالفعل و قاطعت خوفي و بدأت بالتسلل بين أطلال القرية. فلربما أكشف أكذوبة لعنتها و أثبت انها مجرد هواجس و تخاريف. بدأت أتفحص البيوت و الطرقات بتروي. مع كل خطوة كانت أشعة الشمس تصحبني و تتسلل من خلف البيوت حتي استقرت فوق رأسي. فبعد أربعة ساعات متواصلة من التدقيق في التفاصيل بدون العثور علي معلومة مفيدة، و بدون أي مقدمات، سمعت صوت خطوات ثقيلة تتجه نحوي. تجمد الدم في عروقي و تذكرت كل الأساطير التي نسجها السلف عن الأشباح و أنها تخرج وقت الظهيرة. أيعقل أن يكون كلام جدي صحيحا! أهذه القرية مسكونة!


٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭


مرت اللحظات ثقيلة حتي توقف صوت الأقدام خلفي تماما، فاستدرت سريعا و ضربات قلبي كادت أن تمزق ضلوعي. لأجد رجلا رث الثياب هزيل البنية و باغتني بصوته الغليظ قائلا: من أنت و ما الذي أتي بك إلي هنا؟
صمت برهة ثم جاوبته: مرحبا بك، أنا خالد واعمل صحفي وجئت لأري القرية لأقوم بتحقيق صحفي عن حقيقتها، هل تساعدني؟ فسارعني الرجل صارخا لا يجب أن تأتي إلي هنا ارحل فورا… ارحل … ارحل… تسمرت مكاني علي وقع صراخه فكيف أرحل قبل أن أعلم الحقيقة! لقد ظللت سنوات أحلم بمغامرة كتلك و أخيرا أنا في وسطها. فباغتني الرجل صارخا مره اخري: ارحل و إلا سوف تلحقك لعنتها. قاطعته بلهجة حازمة: هل تريدني أن أصدق هذا الهراء يا راجل! أي لعنة تتحدث عنها؟! و من أنت؟ و كيف لا تحرقك لعنتها و أنت واقف مثلي في منتصف القرية!


صمت الرجل لحظات و كأنه يفكر بشئ ما و قد بدا عليه القلق أكثر مني! فبعد أن بدا كصاحب القرية يبدو الآن خائفا من شئ ما. ظل الرجل صامت فاتخذتها فرصه كي اتأمل ملامحه أكثر فأكثر. في بداية الأمر قد تظن من صوته الغليظ أنه ضخم البنيان و لكن في الحقيقة هو جد عجوز نحيل طال الزمان من طول قامته فانحني جزعه مع مرور السنوات، متكأ علي عكاز خشبي، ملامح وجهة لا تظهر أي شر، عيناه حادة لكن حزينة و مهزومة و قد حفرت السنين أثرها في وجهه.


قاطعني بصوته مره آخري: و ماذا تريد يا خالد؟
_ اللعنة، أريد حقيقة تلك اللعنة التي قادتني إلي هنا.
في الحقيقة لا توجد لعنة كنت متاكد انها اكذوبه
لكن من اين عرفت بقريتنا؟ جدي رجل عجوز جاوز السبعين عاما، كان دائما يحكي عن القرية و ما أصابها و عن سيطها بأنها مسكونة أو أن أهلها قد حلت عليهم لعنة.
_ حسنا هذا ما ظنه الناس يا خالد، ظنوا أنها لعنه. لكنها في الحقيقة كانت جزاء عملهم، انها حسابهم وما يستحقوه.


_ آسف يا عمي لكني لا أفهم عن ماذا تتحدث.
اتبعني يا خالد لنجلس و سوف احكي لك يا بني حتي تنقل عني كلامي عبره لجيلك و لكل جيل من بعدك. ٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭

في عام ٢٠١٩ و تحديدا شهر ديسمبر أعلنت جمهوريه الصين عن فيروس جديد تم اكتشافه، و في غصون ثلاثه اشهر تحول المرض الي وباء عالمي أطاح بالآلاف و أصاب الملايين. أظنك تقصد هذا الوباء كوفيد ١٩.
نعم كما يسمونه كورونا، في وقت قصير انتشر المرض بسرعه كبيره ولم يستطيع العالم التصدي له و بات أمام البشريه حل واحد و هو العزل. كل شخص يعزل نفسه و أسرته في منزله حتي تزول الغمه و تنكشف. هذا ما حدث ف كل العالم إلا قريتنا التي طغي عليها الجهل و الفقر و التخلف. في يوم من الأيام تملك الفيروس من رجل يدعي الحاج سالم و لم يعد العزل وحده كافي ولا العلاج المنزلي. فجائت سيارة الإسعاف و نقلته إلي مستشفى العزل و بعد مرور أسبوع عاد الحاج سالم بنفس السياره و لكن هذه المره و هو جثه هامده نال الفيروس منها. و عندما وصل نعش الحاج سالم القريه حتي يدفن في مقابر عائلته…

٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭ مرت لحظات طويلة من الصمت يعتصرها ألم واضح علي وجه الرجل ثم مضي مسترسلا
_ أتعرف يا خالد، هذا المشهد لم يفارقني لحظة، حينما دخل الجثمان البلدة وقف أهل القرية بالمرصاد لسيارة الإسعاف حتي يمنعوها من المرور إلي منطقة المقابر. ليحرموا جسده المتهالك أن يدفن في أرضه بين أهله و ناسه.


في ذلك اليوم تجردت القرية من كل ملامح الإنسانية و الرحمة، بل تجردت من كل ملامح العقل. فأي عقل قد يملي عليهم هذا!
و الاهم هو معرفه سبب مرض سالم
ابن سالم كان طبيب باطني و حين انتشار الوباء و العجز ف الكوادر الطبيه و الامكانيات تم استدعائه حتي يقف في الجيش الابيض امام هذا الطاغوت المميت
خدم هذا الطبيب الكثير من اهلنا
حتي امر الله ان يصاب بهذا المرض اللعين ولاكن بدون ان تظهر عليه اي اعراض
و للاسف نقله لوالده سالم دون ان يعرف
لم يستطع جسد سالم الضعيف ان يتحمل هذا المرض بجانب السكر و الضغط و السن
قاوم كثيرا
حاول مرارا و تكرار
ولاكن دون فائده
حتي جائت ساعه الحق و امر الله نفذ
لم يجد تراب يغطي بقاياه
اتذكر تلك اللحظه جيدا
لحظه توقف عندها الزمن
وقف ابن سالم يبكي و يصرخ في اهل القريه
ارحمو موتاكم
اكرمو الميت
اتقو الله
دقائق من الاستعطاف مرت كالساعات ولاكن دون اي جدوه
لم يتحرك منهم حتي شخص واحد
لم ينطق منهم احد

بل اخذو يضربون ابن سالم عندما حاول ان يدفن ابوه عنوه
حتي فقد الوعي
لم ينقذه من يدهم الا
الشرطه حين فرقت التجمع و اخذت الجثه و القتها وسط الغرباء
كانه لم يكن له اهل ولا ناس
لم يكن له عزوه و مال و بيوت و مقابر شخصيه ب عائلته
……

عم الصمت لبضع ثوان
اكمل يا عمي انا اسمعك ماذا حدث بعد ذالك و ما دخل هذه القصه ب القريه و الحوادث التي حدثت بها؟! ابتلع لاعبه و اكنه ابتلع الاحزان و الالام و اكمل حديثه كانت هذه هي شراره الانتقام و اللعنه التي حلت بنا
بعد مرور اسبوع
عاد ابن سالم لينتقم من اهل القريه
و يثأر لدم ابيه
و لكل لحظه عاش بها يخدم اهل هذه القريه
و لكل اذي تعرض له هو و اسرته
عاد ليعلن انه لن يضحي من اجلنا مره اخري لانه سوف يضحي بنا هذه المره
في شهر يوليو
و بالتحديد في الخامس عشر من يوليو
في تمام الساعه الثالثه فجرا
سمعنا صوت منادي من المسجد الكبير بان نتجمع حالا و ان الامر ضروري
ظننا ان القيامه قامت او الحرب علي الاقل ف صوت النداء كان مفزع و حين وصولنا لم نجد احدا ب المسجد


و قبل ان ندرك الامر
اغلقت ابواب المسجد و اشعلت فيه نار جهنم
كانت خطه من ابن سالم حتي يلهينا بهذا الحدث و يموت من يموت و ينجو من ينجو ولاكن في خلال ذالك كان هو ينفذ باقي خطته
احراق جميع بيوت القريه بما فيها
من اهلها
لم يترك بيت واحد الا و اقام بها الحريق
اتذكر جيدا الذعر التي باتت به القريه
اتذكر صراخ الاطفال و النساء
و لا يفارقني شكل اهل القريه و النار تمسك بجسدهم و ان لم تطل جسد احد ف قد طالت جسد اهله او بيته
تحولت قريتنا الي قطعه من جهنم علي الارض و لم ينجو منا احد
و ان نجي فقد نجي بعاهه مستديمه
حتي ابن سالم لم ينجو

كان صاحب معدن طيب لم يشتكي منه احد من قبل
عرف وسط اهل القريه بالنبل و الشهامه و الكرم و حسن الخلق ولاكن لم يتحمل ما حدث ل ابيه ف انتقم و بعد ان انطفئت نار الانتقام لم يستطيع ان يتحمل كل ما فعله في اهل القريه و قام ب القاء نفسه من اعلي منزله حتي لفظ انفاسه الاخيره و بموته ماتت معه حقيقه ما حدث لقريتنا
و من يومها و اطلقت علينا القري المجاوره بالقريه الملعونه ظنن منهم بان هذا عقاب من الله او لعنه حلت بنا بسبب جحودنا
هناك شيء غريب في هذا الامر! اعذرني يا عمي كيف تعرف كل هذه الاحداث و كيف كنت من القريه و لم يصيبك اي اذي و الاهم لماذا حتي الان تسكن هنا بين بيوتها الخاويه و ملامحها الجامده؟! 8 / 8 اتعرف ما هو الادهي يا خالد
؟!!
هناك صيغه اخري للسؤال يا ولدي و هي ان تسالني ما اسمي مثلا!؟ معذره يا عمي اخذني الحماس و نسيت ان اسئلك
ما اسمك؟!
….
ضحك ضحكه خافته يتخللها الحزن قائل: أنا سالم يا خالد….
تجمد الدم في عروقي و لم استطيع التنفس كان الهواء تجمد هو الاخر ف رائتي
لا اتذكر ما حدث لي وقتها الا اني فقدت الوعي من شده الصدمه و عندما استعدت قوتي و التقطت انفاسي لم أجد احد ابدا ب القريه
لم اجد اي اثر لهذا الرجل الذي تحدث معي ل ساعات.

“الحب في زمن كورونا” قصة قصيرة بقلم: مصطفى حسن محمد سليم



كتب مصطفى حسن محمد سليم:



قد ينتصر الحب عندما ترجح كفة الموت، وقد يكون مجرد التفكير في الهروب إلي المجهول ، من مصير آخر مجهول، هو مجرد وسيلة للتفكير مرة أخري للعودة للتمسك بروابط الحب، التي هي أقوي رباط في الحياة….
صدقيني ياماريتا الوضع هنا خطير، وأنا لاأستطيع تحمل مدة ذلك العزل الطبي أكثر من ذلك، إيطاليا أصبحت بؤرة كبيرة في انتشار الوباء، تأملت ماريتا ملامح صدقي والدموع تنهمر من عينيها وهي تجفف دموعها بمنديل ورقي، وهي تقول له ولكني لن أترك وطني لكي أسبح في مغامرة مجهولة في قلب مياه البحر، ربما يكون مصيرها الموت، وإذا كان الموت هو النتيجة الحتمية لتلك المغامرة، فإن الموت هنا، في وطني أفضل شيء لي، أنهار صدقي علي المقعد الذي بجواره وهو يدفن رأسه بين يديه وهو يغمغم في خفوت لم أتصور أبدًا بعد وصولي إلي هنا منذ عدة سنوات، ومقاومتي أمواج الموت في أثناء الهجرة غير الشرعية التي قمت بها، وقسوة الغربة التي رأيتها هنا، حتي قمت بعمل مشروعي وهو محل لتجارة الخضروات، والذي كان سبب في التعرف عليكي وزواجنا، وأصبحت بعدها مواطن يحمل الجنسية الإيطالية، أنني سأعود إلي وطني مرة أخري وبنفس الطريقة التي حضرت بها إلي هنا، وقفت ماريتا وتقدمت نحوه وهي تربت علي كتفه في حنان قائلة صدقني ياحبيبي مصر مثل إيطاليا الآن، لقد أنتقل الفيروس في جميع أنحاء العالم، وأصبح الخطر يسبح في كل مكان في العالم، ثم أن العصابات التي ستقوم بتهربيك ربما تكون عليك أخطر من كورونا نفسه، رفع صدقي رأسه وهو ينظر إليها بنظرات مستجدية قائلا ربما تكوني علي حق، ولكني أتخذت القرار بالفعل ولن أتراجع فيه، وإذا كنتي ترفضين الرحيل معي، سرف أترك لك حرية الأختيار، ومبالغ مادية تساعدك علي المعيشة هنا، ومع أول ضوء للنهار ستنتهي علاقتي بهذا البلد، وسيساعدنا في الهروب إذا وافقتي علي الرحيل معي رجال من الشرطة، أنها مافيا كبيرة تقوم بذلك أنا لايساورني القلق في ذلك، وإذا قدر لنا اللقاء مرة أخري، أرجو أن تتفهمي رغبتي في قراري هذا….

حمل صدقي حقيبة صغيرة علي كتفه، وهو يقف أمام منزله ينظر إلي زوجته، وقد سالت من عينيه دمعة سريعة، عندما توقفت سيارة الشرطة أمامه، وإشار له الشرطي الذي بداخلها في ركوب السيارة، وبمجرد أن أغلق باب السيارة، أنطلقت السيارة بقوة تقطع شوارع إيطاليا حتي توقفت به علي مشارف مرفأ صغير، وأشار له الرجل بالنزول وهو يحدثه بالإيطالية قائلا له ستنتظر في هذا الكوخ الخشبي حتي المساء مع مجموعة من الأشخاص حتي يكتمل عددكم، وسيحضر إليكم من سيقوم بنقلكم بواسطة زورق صغير علي دفعات إلي المركب، التي ستنقلكم إلي وجهتكم الجديدة، وأخرج صدقي ظرف صغير من جيب معطفه وهو يناولها له، وعندما أخذ منه الظرف وتأكد من المبلغ الذي بداخله تركه وأنصرف، وتقدم صدقي نحو الكوخ الخشبي الذي أندفع منه ثلاثة رجال نحوه وهم شاهرين أسلحتهم في وجهه، وتعرف صدقي علي أحدهم والذي أتفق معه علي تهربيه من قبل ، والذي كانت تحمل ملامحه بعض الغلظة، وهو يقول له في حدة مرحبا بك ياسيد صدقي، ستمكث معنا حتي مساء اليوم عندما يكتمل العدد، وإشار له علي الكوخ وهو يسبقه بخطوات ثابتة نحوه، وعندما دلف صدقي إلي الداخل شعر ببرودة تسري بداخله، وفكر في سرعة في التراجع عن فكرة الهروب، ولكن توارد في خاطره بسرعة مادفعه إلي ذلك، وتفشي الوضع الصحي فترك حقيبته تسقط من يديه وهو يندفع إلي أحد الغرف بداخل الكوخ، ويسقط جسده في تهالك علي الأريكة الموضوعة بجانب النافذة، ليسقط في نوم عميق هرباً من التفكير في المجهول…

أستيقظ صدقي علي يد قوية لرجل ضخم تهزه في عنف، وهو يقول له أستيقظ ياسيد صدقي أن الجميع في أنتظارك في الخارج للتحرك ، نهض صدقي في تثاقل وهو يندفع خارج الكوخ بسرعة، وشعر ببرودة الجو الشديدة وهو يحكم غلق معطغه جيداً وهو يتطلع إلي مجموعة من الرجال يقفون بالقرب من قارب أستقر علي متنه ثلاث رجال تبدو ملامحهم عربية، أندفع صدقي نحوهم وقد أستقبلوه بترحاب كبير، وتم التعارف السريع بينهم، لقد كان أثنين منهم من المغرب، والثالث من تونس، وأنطلق بهم الزورق في سرعة شديدة يشق الأمواج المتلاطمة به لمدة نصف ساعة في قلب المياه حتي توقف أمام مركب ضخم، وبدأ الرجال الثلاثة الذين كانوا معه في الصعود علي سطح المركب، وأشار له الرجل الذي يقف علي متن المركب بالصعود حتي يتحرك، وشرد ذهن صدقي سريعاً وهو يتذكر كيفية وصوله إلي شواطئ إيطاليا منذ عدة سنوات، ومكافحته للموت في قلب مياه البحر، وضياع أمواله التي أحضرها معه في قلب المركب التي غرقت بهم علي حدود إيطاليا، ورحلة صعوده في بذل المزيد من العمل الشاق، حتي أستطاع أن يقف علي قدميه مرة أخري، ومقابلته لزوجته، وقصة حبه لها، كل ذلك مر بخاطره في لحظات سريعة، وشعر بعدها بغصة في حلقه، عندما جال بخاطره كل ذلك، وازدرد لعابه بصعوبة وهو يقول للرجل الذي أمامه علي الزورق لن أكمل الرحلة معهم ، أرجوك أن تعود بي إلي الشاطئ الآن، وسأدفع لك تكلفة الرحلة كلها، نظر إليه الرجل في دهشة لعدة لحظات وهو يشير للرجل فوق المركب أن ينطلق، وهو يبتعد عنه في سرعة متجهاً نحو الشاطئ…

شعرت ماريتا بالسعادة الغامرة وهي تستقبل صدقي الذي نظر إليها في خجل، وهو يقول لها أرجوكي أن تسامحيني علي تركك هنا، ومحاولة الهروب، لم يكن من المفروض أن أفعل ذلك، قالت له ماريتا في سعادة أرجو أن لايكون ذلك الأمر حاجز بيني، وبينك، بعد الآن لقد نسيت كل شيء بمجرد رؤيتك بخير مرة أخري، أنا أتفهم جيداً أن الإنسان في لحظة ضعفه يفكر بدون منطق، أمسك صدقي بيديها وهو يقول لها صدقيني ياماريتا لم يكن الأمر لحظة ضعف، ولم يكون الأمر مجرد محاولة للهروب من الموت، لقد واجهت الموت من قبل في رحلة وصولي إلي هنا عدة مرات ،ولكن هذا الأمر غريب علي كل عقل، ومنطق، وعندما يتجاوز الأمر المنطق، يتوقف العقل عن التفكير، ويتخذ قرارات لاتتصف بالعقلانية، أعتقد أن ماجعلني أفكر في عدم أستكمال رحلة عودتي إلي وطني هي أنت، نظرت إليه ماريتا في دهشة وهي تقول له كيف حدث ذلك ؟! أبتسم صدقي في شحوب وهو يقول لها أعتقد أن حبي لك أقوي من أي شيء، أن أرتباطنا شيء مقدس، أقوي من تفرقنا مجرد عاصفة هوجاء، ستنتهي في يوماً ما، ربما قريباً، وعند أنتهائها كنت سأكون أنا الخاسر، عندما أجد نفسي قد فرطت في رباط الحب الذي يجمعنا، وأنني قد تخليت عنك في لحظة ضعف بدون تفكير.


إبداعات عائلة اسكرايب

“حكاية وطن” بقلم: مصطفى حسن محمد سليم



كتب مصطفى حسن محمد سليم:


على حدودك
وقف حارس الزمان
ينشد أمانيكى
أن يكون ليكى أمان
يابلدى يا أم الثوب الأخضر
جبينك عالى فى السماء
زي الزمان
أنت شيء
سبق خطاوى الزمان بزمان
عاشق ترابك يابلدى
وترابك حكاية زمان
عاشق أحلامك
وحلمى أكون ليكى
ولد
يحفظ تاريخك
فى دفاتر الزمان
كلمة أخيرة ح أقولها ليكى
يابلدى
مش ندمان يابلدى
أنى أتخلقت على أرضك
وثوبك لفنى بنور الأيمان
لو غربونى
عن أرضك
الغربة طعمها زى فراق الزمان
مايرتحش جسدى
إلا لو حط
على أرضك فى أمان
أنت حكاية وطن
عشق أسمه الزمان والمكان
بحبك يابلدى
والحب ليكى عبادة
سجله جوايا خطاوى المكان
فى أسمك زي الزمان.


إبداعات عائلة اسكرايب

“كورونا .. الأقرب إليك” بقلم: مريم ريان – مسابقة كورونا الأمل



كتبت مريم ريان:


في ساعة متأخرةٍ من الليل ، رحلت الطبيبه من مشفاها الذي تعمل به ، تجر جسدها المنهك بأخر طاقة فيه ، التعامل مع المرضي متعب ، خاصةً مرضي الفيروس الجديد ، يجب عليها ان تطمئنهم وتشعرهم بعدم الخطورة حتي تقوي حالاتهم النفسيه ليتغلبوا علي المرضي ، لكن الأصعب عندما يجب أن تتصل بأهل المريض وتخبرهم أن ساعة مريضهم الأخيره حانت !

وهي تقترب من منزلها تسمع اصواتاً من المحال المغلقه .. إنهم يعبثون بالداخل رغم حظر التجوال .. الا يخافون علي أنفسهم وأهلهم !؟

همّت بدخول بوابة مسكنها إلا ان اوقفها رجلين من جيرانها عند البوابه وطلبوا منها الرحيل لمكان اخر حتي لا يصابوا بالعدوي ، حاولت التكلم معهم بالمنطق والعقل تارة والإستعطاف تارةً أخرى حتي يفهموا انها غير مصابه ، إلا أنهم مصرّون علي موقفهم ، حتي جارها العاقل او الذي كانت تظنه كذلك (طاهر) هو الذي كان يترأسهم متحججاً بأن امراته حامل وتبقي لها القليل لتنجب ويخاف عليها من العدوي ، رحلت الطبيبه باكيه وهي تتوعدهم بإبلاغ الشرطه .

بعد اسبوع كان طاهر وزوجته يحتفلان مع الأهل والجيران في بيتهم بمولودهم الجديد .. ، بالطبع كل هذا بعيداً عن جارتهم الطبيبه التي رجعت لتسكن في منزلها كما كانت بعد تدخل الشرطه ، لكن جيرانها لم يعاودو الاحتكاك بها خوفً علي أنفسهم وما أن تدخل من البوابه حتي يقوموا بتطهير أي مكان وطئته قداميها .

علا صوت الزغاريد .. والاغاني و القبلات تنهال علي الصغير ، قطع هذا الاحتفال صوت رنين هاتف (طاهر) :
المتصل : معي الأستاذ طاهر ؟
طاهر : نعم انا .. خيراً
المتصل : نحن نتصل بك من المشفي التي أنجبت فيه زوجتك ، نريد ان نسئلك أكنت موجوداً في ساحة الأنتظار طوال الوقت ؟
طاهر : أكيد
المتصل : يؤسفني أن اخبرك … حضر شاب مصاب في حادث مرورى .. بالتأكيد رأيته وهو يمر علي الساحه .. كان مصاب بكورونا ولم يخبرنا والده الا بعدها بفتره
صدم طاهر صارخاً : ماذا !
المتصل : هذا يعني اصابة اعداد كبيره .. واحتمال ان يكون كل من في الساحة مصاب .
اشار طاهر علي نفسه وقال : أنا ايضا .. قد اكون مصاب !!!
المتصل : ربما … تعال غداً لعمل فحص لك .. واعزل نفسك ولا تقترب من احد .
اغلق طاهر الهاتف محدقاً في العدم … أي خبريةٍ هذه ؟! وعن اي عزل يتحدث وقد احتك بالعشرات من ضيوفه حتي الان
كان بالأمس خائفاً حتي من مرور الطبيبه بجانب بيتهم واليوم العدوي موجوده في عقر دارهم .

سيقضي هذه الليلة في الدعاء ألا يكون قد اصيب ، .. والمهم قبل اي شيء سيذهب ليعتذر للطبيبه علي إهانتهم لها .


إبداعات عائلة اسكرايب

اقتباسات من كتاب الحب والحرية والفردانية للفيلسوف الهندي OSHO



في كتاب الحب والحرية والفردانية لأوشو يقول:

إن الحب الذي اعتدناه هو حاجة تُطلب .. والحب الحقيقي مشاركة … مشاركة ليس لها أي علاقة بالحاجة التي تطلب .. مشاركة تعي فقط أن الفرحة في العطاء.

ويقول بعدها:
لا تلزم الآخرين بحبك ولكن عندما يستقبل أحد ما حبك فأنت الذي تشعر أنك ملتزم تجاهه وتشعر ناحيته بالامتنان لأن تلقى حبك.

ويقول بعدها:
لا يمكنك إحباط الحب الحقيقي لعدم وجود توقعا في المقام الأول.

ويقول بعدها:
إن كنت حقيقة تحب إنسانًا ما فأنت سوف تهتم بحاجاته الحقيقية.

ويقول بعدها:
الحب ليس واجبًا .. إنه متعة ومشاركة .. فمهما فعل المحب لا يشعر أنه قام بما يكفي بل يشعر أنه كان في الإمكان أن يفعل أكثر من ذلك .. ولا يشعر أن يلزم مَن يحبهم بشيء بل يشعر أنه هو الذي يجب أن يلتزم بتقديم المزيد طالما مَن يعطيهم الحب قبلوا عطاءه.

“همسات مطر” بقلم: نجلاء جميل



كتبت نجلاء جميل:


ونسرينة في الأفق تسترق النظر
ترقب خليلا طال انتظاره
لعله يرق يوما ، لتعانق الروح طيفه
فلا القلب ملّ ولا الحنين فتر
تشتهي المزن من كفه
ترخي جدائلها بين معصميه
تسافر بين حناياه
فيغار من شذاها كل البشر
تهادت قطرات المطر
حارت بين أشرعة وأغصان
قرعت أبواب الفؤاد
فلا زائر غيرها إلا رياح من ألم
وعبق من ذكرى لبقايا عمر قد اندثر
ترقص الأماني فرحا
على أنغام أمل ألِف نسائم الزهَر
تحتسي الدفء من كؤوس
أرواح تمتزج بالشفق
لتجتاح كل الودق
قاموس يحل رموزا بين حنايانا عشقناها
وتاهت ظنوننا فيها على الوتر
أيا كانون الأقاحي
ويا عاشق الأسامي
ليتك ما واعدتني يوما
ولا جرّعتني قهرا
أضعتَ مرفئي بين أخاديد السفر
نسرينتي تبكي ..
زخات عطر من بين جفونها
تلقفها تلك الغيمات من وراء الشجر
تراتيل على نافذتي ، أتمتمها ..
ترسمها ريشة النوارس
على شاطئ المآقي وقت السّحَر
يغازل ربيع ألوانها نسرينتي
فيهمس بين ضلوعها ..
هاك يدي ، فغدي أجمل
فقطار العمر مكتظا ، لكنه القدَر


إبداعات عائلة اسكرايب

“في الخدمة” كوميديا بقلم: محمد صقر



كتب محمد صقر:


الو معايا خدمه العملاء؟

_اهلا بحضرتك يافندم معاكي طارق

=طارق مين يابني؟

_طارق يافندم موظف خدمه العملاء

=وإي اللي مشغلك خدام يابني بس؟

_يا افندم موظف برد علي التليفونات في الشركه، ممكن اعرف استفسار حضرتك ايه؟

=بترد علي التليفونات ليه انت فاضي يعني؟

_لا دا شغلي

=يعني انت شغال دلوقتي ولا فاضي؟

_شغال يا افندم

=يعني مش فاضيلي يبني

_يا حجه.. قصدي يافندم فاضيلك طبعا ممكن اعرف نوع المشكله اللي بتواجهك؟ 

=انا عندي مشكله

_ايوا يافندم ايه هي؟

=ربنا ما يجيب مشاكل يابني انت ليه بتقول كده

_طب ممكن اعرف سبب الاتصال يافندم؟

=البتاع دا اللي بيشغل النت مش منور

_طب ممكن تمليني الرقم بتاعه بعد اذنك

=بتاع مين

_بتاع الراوتر ياحجه صحصحي معايا، قصدي ركزي معايا يافندم

=هتتصل تصحيه ياطارق

_يافندم اصحيه ازاي هو بني ادم

=وليه بتغلط فيه بس يابني حرام عليك

_انا عايز رقم الراوتر يافندم عشان اقدر ادخل علي
بياناته

=بس دا مفيش رقم ظاهرلي علي الشاشه

_شاشه ايه؟

=الشاشه بتاعة الكمبيوتر

_ثواني بس يافندم هي المشكله في ايه بالظبط؟

=الكمبيوتر مش راضي يشتغل يبني

_كمبيوتر ايه، هي المشكله في الكمبيوتر مش الراوتر؟

=ايه بربر دا يبني يعني ايه احنا ناقصين قرف؟

_الراوتر..الراوتر يافندم بتاع النت احنا شركه اتصالات ومشكله حضرتك في الكمبيوتر يعني مش عندنا

=يعني مينفعش تصلحه؟

_اصلحه ازاي بس يافندم

=اومال بتعرف تعمل ايه؟

_ياحجه متعصبنيش

=هو عشان انا ست كبيره يبني بتزعقلي

_مش بزعقلك والله ياحجه علي راسي انا بس.. 

=روح يااخي منك لله

_ليه بس ياحجه بتدعي عليا

=مبقاش فيه حد بيساعد حد في الزمان دا..

_يافندم والله دا مش تخصصنا

=حسبي الله ونعم الوكيل فيكم

_ياحجه انا ذنبي ايه

=يلا يلا خلصتولي الرصيد علي الفاضي …


إبداعات عائلة اسكرايب

“النرجيلة” بقلم: سمير اليعقوبي – مسابقة كورونا الأمل



كتب سمير اليعقوبي:



دخلت المقهى من الشقةالمفتوحة بحذر ،المقهى مملوء والضوء خافت ،النرجيلة تقرقر،الضباب كثيف،والدخان به روائح,والروائح عطرة،الطلبات كثيرة،والنادل مشغول،كرسي واحد شاغر،والطاولة مشتركة،جيراني يضحكون،يقرقرون،نظرت،فنظروا،شكلي غريب ،تصنعت الرجولة فكشفوا البراءة،حمامة تقلد النسر،النسر له مخالب ،والحمام ظريف،ولأن النسر نسر أبى إلا أن يصطاد الحمامة,خد النرجيلة وقرقر،أغادر يشمتون،أبقى،أجرب، ولماذا لا أجرب؟ الرجال مغامرون،أنا رجل،أمسك النرجيلة ،العيون تراقب،النرجيلة عليها معسل، والمعسل له نكهات،تفاح،نعناع،كرز،شكولاتة،جوز الهند،عرق السوس،كابوتشينو،بطيخ،سحبت الخرطوم، والخرطوم له فوهة،الفوهة التصقت بشفتاي،أمص،أستنشق،الفم تهيج، والصدر امتلأ، الأوكسيجين قل،والزفير ضروري،كومة من الدخان انبعثت من فمي وأنفي،والنسور تهلل..معلم!معلم! واستحليت أعيد الكرة ولأن في الكرة لا تسلم الجرة سقطت ،لحسن الحظ النادل كان زميل دراسة، ومنذ الدراسة لازمني الربو، النادل ارجع الي تنفسي الطبيعي عن طريق التنفس الاصطناعي، الوعي عاد، التف المجمع من حولي صائحين مرحبا بك بيننا في عالم كورونا،قفزت وارتجفت نسيم برد أيقظني من الكابوس ،استعدت بالله من الشيطان الرجيم ثم نفثت يمينا فشمالا،الى اليوم لم اقرب النرجيلة ولا أغادر بيتي الا في الضرورة القصوى.


إبداعات عائلة اسكرايب

“ذات ليلة” بقلم: نجلاء جميل



كتبت نجلاء جميل:



داكنة هي ليلتي
ظلماء .. نجومها آفلة
باردة .. هي باهتة
افتُقد البدر فيها وترنح الشرر
على شاطئ الغياب ، لهيب الانتظار
تهيم بأوصاله زفرات الاحتضار
وما بين أخاديد كينونة وجدرانها
وفي جوف غيوم الحنين وشجونها
سامرها القمر
لملم بقاياها …
أهي غربة روح
أم غربة أنفاس وما لها من أثر
أسدل ثناياها
وأخفاها عن كل البشر
….كأنها طفلة
تختبئ من ضجيج السفر
أهو الجوى بعد العشق؟!
هو ..قالها …
فتجافى نبضها… لا.. بل فَتر
درر عصيّة من المآقي انهالت
كأجيج قلب وصراخ اقتتر
بصمت منها باحت العيون
وفُضح ما استتر
….
أيا زهرة العمر مهلاً
وحسبك ما اندثر
إياك والهوى
هو عطر بألم،،
وصالٌ ، فشوق بلا سأم
طرب بلا عزف
بل .. هو تناهيد الشجن،،
لكنه جنان القلب وشدو الألحان
ونعمة القدر..

فيا رسول الشوق
ظَللْ فؤاد الحبيب
هو عذب السمر
ويا نبض الودق الجميل
أذِلْ عنك ثقل الليالي والسهر

….

وذات ليلة رحل فيها القمر..
فعانقت الروح غربتها
بين حنايا أحبة ..
خالتهم أغلى البشر
تصدح بأنينها راجفة
وكأنها تعزف ترانيم رثاء على كف الوتر


إبداعات عائلة اسكرايب

“هوس الشائعة” بقلم: سمر الوصيفي

كتبت سمر الوصيفي:



هل لك أن تخبريني ؟
بماذا تريدني أن أخبرك ؟
هذا العالم أصبح يعاني من شيء يدعي هوس الشائعة.
و كيف علمت بذلك ؟
رأيتهم يتسابقون كأنهم في مدمار لسباق سيارات عالمي علي مواقع التواصل.
رأيت منهم الهجوم دون مبرر.
رأيت منهم نشاطهم المتزايد في مواقع التواصل.
رأيت منهم الشغف في بث الخوف و الذعر بالعالم.
رأيتهم يتعلقون بسراب تلك الصورة الموجودة بمخيلتهم و غالبا ما تكون خاطئة .
رأيت شعب يتفكك و يهتز بسبب خرافات و شائعات لم تكن إلا من صنع أنفسهم.
رأيتهم يصنعون الخوف و التشاؤم ، بدلا من الأمل و الطمأنينة.
و كأن العالم كله اعتزم علي ذلك.
و لك أن تتخيل الإجابة ؟!!
هذا العالم استحق كل الخير ، و لكنه عزم علي إهدار حياته بالتدخل بشؤن الأخرين. ، فلم يكن لسؤالك إلا اجابة واحدة.
هوس الشائعة أصبح يهدد حياتنا ، بل و قادر علي غرس حالة من القلق المرضي في الانفس.

بقلم ” سمر الوصيفي “

“في ليلة ظلماء” بقلم: خضر العلي



كتب خضر العلي:


في ليلة ظلماء والنجم يلألها
                         نادت بصوتآ قد اجتاح أسماعي
صوتآ جميل بالأفراح يملأني
                            ويخفي عني أشواقآ كثيراتي
ونسمة خفتاء تلامس جسدي
                       وتنشر عطرآ على أبواب نسماتي
حبيبتي قمرآ والنجمات تعشقها
                        وتأخد الخجل من سرقات نظراتي
دخلت لقلبي لتنشر فرحها الأبدي
                              وتأخذ مني أحزاني ومأساتي
تنير دربي في براءتها
                          وتعطي قلبي احلا ألحان دقاتي
ربيعها أخضر بالأوراق ينثرها
                            حديقة هي من أغلا حديقاتي
الشمس تغيب خوفآ على سلامتها
                     هذي حبيبتي فلا تعجزي ياكتابتي
اكتبي ولا تتضاربي أبدآ
                فحتى الكلام خجلآ من وصف الأميراتي
أكتبي عشقي وشوقي دائمآ
                     وارسمي الضحك على شفاه مولاتي
كوني خليل الحزن والفرح
                  كوني نجمآ مضيئآ في الدروب العتماتي
كوني عنترة المشتاق ومجنون ليلى صاحب الأشواق
                          كوني الحب في سردك الحكاياتي
روحي وشوقي وحبي كله لها
                            فيا ويحي إذا أذيت ملكة حياتي
قد أغضب وقد أبعد وقد ألتاع
                          وليس من غيرك مستقبلآ لصفاتي
لقلبي انتي النبضات  ولصوتي انتي النبرات
                               ولعمري انتي اجمل لحظاتي
فما لي من دونك أحدآ
                            فأنتي عمري ومن أحلا رواياتي


إبداعات عائلة اسكرايب

“تجربة افتراضية” قصة قصيرة بقلم: مصطفى حسن محمد سليم



كتب مصطفى حسن محمد سليم:


عمر الإنسان يقاس بكل مامر به من تجارب وخبرات سابقة في الحياة، وعندما تأتي لحظة النهاية، يمر شريط قصير في ذاكرة الإنسان عن كل مامر به خلال المدة السابقة في حياته، ليجد الإنسان نفسه أمام حقيقة واحدة، هي أن فترة حياته كلها التي عاشها بكل تفاصيلها، قد أصبحت شريط سينمائي قصير….

وقف جمال منصور أمام شاشة بروجكتور كبيرة وهو يشرح فكرة برنامجه الافتراضي الجديد، والذي قد أنتهي من صنعه ليخرج علي أرض الواقع لتنفيذه في أكبر شركات البرمجة، وهو يري الانبهار يطل من أعين الخبراء الجالسين أمامه يتابعون فكرة مشروعه بشغف أثناء عرض فيديو تفصيلي لفكرة المشروع، وهو يقول لهم كما ترون في هذا الفيديو التوضيحي، أنني قد أنتهيت من صنع برنامج إفتراضي تم تطويره بواسطة الذكاء الأصطناعي لاستغلال فترة مهمة مهملة في حياة الإنسان، وهي فترة النوم، فعندما يمر الإنسان بالحلم يشعر أنه خارج إطار الزمن، ولايعرف أن كان كل ماعاشه في فترة الحلم مجرد لحظة أوقرون طويلة، حين يري الإنسان أحداثاً تستغرق أشهراً أوسنوات خلال غفوة تستمر للحظات معدودة، وسنأخد مثال علي ذلك عند بلوغ المرء 78 عاماً، نجد إن النشاط الإنساني الذي يستهلك الوقت الأطول من حياته هو النوم، حيث يبلغ مقدار ماكان يقضيه ذلك الشخص في مثل ذلك العمر في النوم مايقرب من 25 عاماً، ولو يمكننا بالرجوع إلي سنوات ذلك العمر التي مضت، فسوف نسأل : كم من الوقت نستطيع البقاء مستيقظين، وماهي النتائج التي يمكن أن تترتب علي البقاء بلا نوم؟ سيجد أي إنسان يتمتع بصحة جيدة أنه من الصعب البقاء مستيقظاً بلا نوم، لأن الرغبة في النوم أقوي من الرغبة في الأكل، فدماغك سيذهب إلي النوم رغم بذل كل المحاولات منك لإبقائه متيقظاً ، إذا كان الإنسان يقضي الوقت الأطول في الحياة وهو في حالة النوم وأثناء فترة النوم تحدث الأحلام ، لماذا لانستغل ذلك النوم الطبيعي لهذا الإنسان بتحويله إلي عالم أفتراضي لكل إنسان، يجعله يمر بحالة فريدة من البرمجة العلمية لخلق إنسان جديد يحمل معلومات وذكاء يفوق عمره الافتراضي في الحياة بعدة مراحل، بمعني آخر من الممكن صنع حياة جديدة للعقل البشري أثناء النوم، وبناءا علي ميول كل إنسان واختياراته بصنع عالم موازي لحياته الطبيعية داخل أحلامه، ودمج معلومات علمية تتسرب داخل ذاكرته بشكل أينثابي تجعله يري في أحلامه واقع مغاير لحياته الطبيعية بكل ماتحمل الكلمة من معاني، ليستطيع ذلك الإنسان بتحقيق كل ماكان يحلم به ويتمناه في حياته أثناء النوم، وتوجه جمال إلي المنضدة التي أمامه وهو يقوم بجمع أوراقه داخل حقيبته، وهو يستطرد أعتقد أنني قد قمت بشرح فكرة برنامجي الجديد لحضراتكم.

فرفع أحد الحاضرين يده يطلب الإذن بالحديث وهو يقوم بتعريف نفسه دكتور عادل حسنين دكتوراه في هندسة البرمجيات ، وهو يقول في إنفعال واضح أعتقد أن فكرة برنامجك هذا كلها هراء، بل ومستحيل تطبيقها علي أرض الواقع، أولاً:- من الواضح هنا أن كل من سيقوم بتجربة برنامجك سيفضل الهروب من عالمه الحقيقي إلي النوم، كوسيلة أخري للهروب من الحياة لتحقيق أحلام اليقظة التي لم يستطيع تحقيقها في حياته الطبيعية وعلي أرض الواقع، وثانياً:- سيصبح كل من يقوم بتطبيق فكرة برنامجك هذا سيصبح إنسان مشوه عقلياً، بل ستصبح حياته في حالة تشويش مابين الواقع والحلم، أبتسم الدكتور جمال وهو يلتفت إليه قائلا ربما يحدث ذلك، أنا أتفق معك في وجهة نظرك هذه، ولكن علينا أن نترك الخيار لكل إنسان سيقوم بتجربة البرنامج، أن يختار بين الواقع والحلم، وأيهم يفضل الأستمرار فيه، وقف المدير التنفيذي للشركة وهو يقول لهم والآن سنأخذ الأصوات بالموافقة علي البدء في تنفيذ ذلك المشروع، بصفتكم خبراء في عالم البرمجة من منكم يوافق علي تنفيذ فكرة ذلك المشروع، رفع مجموعة الخبراء الجالسين أمامه أيديهم بالموافقة، وأمتنع أحدهم عن الموافقة وهو الدكتور عادل حسنين الذي أعترض علي فكرة البرنامج في البداية، في حين صافح المدير التنفيذي للشركة جمال وهو يهنئه علي فكرة برنامجه الجديد….

أمسك المدير التنفيذي للشركة بملف كبير بين يديه وهو يقف في قاعة المؤتمرات في زهو، وهو يقول لهم مرت ثلاثة أشهر علي طرح البرنامج في الأسواق العالمية ، وحقق مبيعات تفوق الخيال، وقد حقق طفرة نوعية في عالم البرمجة العصرية، ثم ألتفت إلي جمال وهو يقول له حقاً أنه برنامج عبقري مثلك سيد جمال، أبتسم جمال في خبث وهو ينظر إلي أحد الجالسين أمامه، والذي كان يعترض علي تنفيذ فكرة برنامجه، وهو يتجاهله في الحديث قائلا لهم أعتقد أن فكرة نجاح البرنامج كانت تعتمد علي الابهار لكل من يتعامل معه بكل معاني الكلمة، والذي تم تنفيذه كان المستوي الأول من البرنامج فقط، لقد وضعت تقنية حديثة لم تستخدم داخل البرنامج بعد، تقنية تجعلنا نستطيع أن نتحكم في عقول جيل كامل بزرع الأفكار، التي نريدها منهم داخل عقولهم، بل والتحكم في أفكارهم التي نريدها منهم، وأيضا توجيههم أثناء أستيقاظهم، لخلق جيل جديد من البشرية مسلوب الارادة، جيل ينفذ مانريده نحن منهم بكل بساطة، لأنك إذا أستطعت أن تتحكم في أحلام إنسان ما بشكل كامل، تستطيع أن تجعله يفعل أي شيء تريده منه، وهذا ماكنت أتفق معك فيه دكتور عادل عندما كنت تعترض علي فكرة تنفيذ البرنامج، في البداية فهذا البرنامج يستطيع أن يصنع بشر عباقرة إذا قمنا بتوجيهم بشكل كامل وعلمي وزرعنا بداخلهم الأفكار التي نريدها منهم، وبمقدورنا أيضا صنع أجيال مشوهة فكرياً أيضا إذا تحكمنا في عقولهم بشكل كامل، وزرعنا فيهم بعض الأفكار الهدامة، فهذا البرنامج هو سلاح ذو حدين، وكل إنسان قد أمتلك ذلك البرنامج هو الآن تحت سيطرتنا بشكل كامل دون إرادته، ساد في القاعة اعتراضات كثيرة وأحاديث جانبية، مما دعي جمال إلي الجلوس حتي ساد الهدوء القاعة مرة أخري وهو يتوجه إلي شاشة العرض، ويقوم بعرض فيلم قصير لرجل كان يقف بهدوء علي جانب الطريق ينتظر توقف إشارة المرور حتي يستطيع أن يعبر الطريق، ثم فجأة أثناء قدوم سيارة مسرعة نحوه، أندفع بسرعة وهو يعبر الطريق ليقف أمامها وهي ترتطم به في قوة، ليطير جسده في الهواء بكل قوة لعدة أمتار.

ثم أغلق شاشة العرض وهو يبتسم في زهو قائلا هذا الإنسان تم التحكم فيه عن طريق البرنامج، وتثبيت فكرة الإنتحار في عقله، مما دفعه إلي تنفيذها بشكل كامل، وقف عادل معترضاً وهو يقول له هذا يعني أنك قد أصبحت قاتل سيد جمال أشاح جمال بيده في حركة عصبية وهو يقول له لكل تجربة علمية جديدة ضحايا سيد عادل، ولكنك نظرت إلي الجانب السلبي في الموضوع، وتركت الجانب الإيجابي فيه، وهو أنك تستطيع أن تتحكم في عقول كل من يستخدم برنامجنا بكل سهولة، ودفعه لتنفيذ ماتطلبه منه دون إرادته، سادت الفوضي في القاعة بعد حديثه، وترك بعض الخبراء القاعة والغضب يعلو وجوههم.

في حين تقدم منه المدير التنفيذي للشركة وهو يقول له كان يجب أن تطرح هذه الفكرة في أجتماع مغلق بيني وبينك فقط سيد جمال، نحن أصبح بين أيدينا الآن سلاح قاتل، ويجب أن نعرف كيف نقوم بتطويره وأستغلاله جيداً، وتعالت ضحكاتهم وهم يتركون القاعة في هدوء غير مكترثين بما حدث منذ قليل من اعتراضات علي فكرة المشروع.


إبداعات عائلة اسكرايب

“كلانا تمنى البقاء أكثر” بقلم: عصام أمين



كتب عصام أمين:


أنت النسيم المعطر
وحلم السنين
إذا غبت عني
عنك الروح تسأل
أمامي أراك
وأرنوا إليك
وأشتاق أكثر
لا تقولين البعد
عني شيء مقدر
فأنا بدونك
لا شيء يذكر
فطوفي بأرضي
وكوني الرحيق
يذوب في


إبداعات عائلة اسكرايب

“إلى التي رحلت” بقلم: عصام أمين



كتب عصام أمين:


عندما التقيتك
اشتهيت النساء
فيك سهرت الليالي
وصار عطرك
يخاطب الرجولة المستكينة
داخلي
علي شاطئ الحب
كان اللقاء
لكن رحلت كقمر
تسلل من ليلي
هاربا
كصيف عصفت
به ليالي الشتاء
وماذا تبقى بعد الرحيل
تلال من الحزن
وذكرى أريجك
يعطر عبق المكان


إبداعات عائلة اسكرايب

“تعلم البدر السهر” بقلم: عصام أمين



كتب عصام أمين:


من النجم استمد
الكون الضياء
ومنك تعلم البدر
السهر
ينادي الحيارى
ويعشق فيك
الخلود
يعانق فيك
عبير الورود
يعاند فيك القدر
يا من إليها
يجيء الوجود
تعالي إليّ كشمس


إبداعات عائلة اسكرايب

“السنبلة” بقلم: نوادر إبراهيم



كتبت نوادر إبراهيم:


بيني وبينك
باقي مسافة

عمر أميال
قُرب ولطافة

بيني وبينك
صمت الليل
كلام أمبارح
ونُص متصالح
كامل فيك،
لا شك لا مخافة

كل الكون
الشمس
الشجر
الأرض الشايلة
حلاوة روحنا
الناس الروحو
وسقونا سُلافة

كلهم……
واااااحد
بشبهو نفسهم
يقينهم وكفرهم
كلو سخافة

وبين الوِذر الخايف التوبة
قلب مطمور
بالوهم الطاغي
الإسمو ثقافة

وقالوا حليل الأمس الطيب
حليل أيام ما كنا قِيافة

حليلو حبيبنا
كان جنو يشوفنا
يلامس خوفنا
نلقاهو إتعافى

من جوفنا بنفرح
نضحك ونغني
ب ريدنا عيون الشوق
تتصافى

وكان حظنا أخضر
ومفرهد بسمة
وبساطة تَعجبك
لا زيف يتنافى

مع مبدأ فِكرك
ولا روعة جوطتك
فيك تتجافى

واليوم يا حليلنا
ضيعنا دروبنا
ويا دموعنا كفافا

لمتين فيك نغرق
وخدودك تسأل
تهديها جفافا

يا حليلنا سرقنا
وسلبنا الراحة
الوهم الطاغي
الإسمو ثقافة


إبداعات عائلة اسكرايب

“محمد بن عبد الله” (ﷺ) سيد الخلق (ج١)



نسب النبي ومولده

كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أشرف الناس نسباً وأعظمهم مكانةً وفضلاً، فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وقد تزوّج والد النبي عبد الله من آمنة بنت وهب، ووُلد النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، وهو العام الذي توجّه فيه أبرهة لهدم الكعبة، إلّا أنّ العرب تصدّت له، وأخبره عبد المطلّب بأنّ للبيت ربٌّ يحميه، فقدم أبرهة مع الفيلة، فأرسل عليهم الله طيوراً تحمل حجارةً من نارٍ أهلكتهم، وبذلك حمى الله البيت من أي أذى، وقد توفي والده وهو حملٌ في بطن أمه على الصحيح من أقوال العلماء، فوُلد الرسول يتيماً، قال -تعالى-: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى).

أربعون عاما قبل النبوة

رضاعته

رضع محمدٌ -عليه الصلاة والسلام- من حليمة السعدية بعد أن قدمت إلى قريش تلتمس أيٍ من الرضعاء، وكان لها ابناً رضيعاً لا تجد ما يسدّ جوعه، ذلك بعد أن رفضت نساء بن سعد إرضاع النبي -عليه السلام- بسبب فقده لوالده؛ ظنّاً منهنّ أن لا تعود عليهنّ رضاعته بالخير والأجر، وبسبب ذلك نالت حليمة السعدية بركةً في حياتها وخيراً عظيماً لم ترَ مثله قطّ، ونشأ محمّد -عليه السلام- بخلاف غيره من الشباب من حيث القوة والشدة، وعادت به إلى أمّه بعد أن بلغ العامين من عمره واستأذنتها ببقاء محمدٍ عندها خوفاً عليه من الأمراض في مكة، وعاد معها بالفعل، وفي أحد الأيام أتاه رجلان ذوي ثيابٍ بيضاء شقّا بطنه واستخرجا علقةً سوداء منه، فكانت حادثة شقّ الصدر، وكان ذلك الأمر الفاصل في عودته إلى أمه.

كفالته

وفيت والدة النبي -عليه السلام- آمنة بنت وهب وهو ابن ست سنواتٍ، وكانت عائدةً به من منطقة الأبواء؛ وهي منطقةٌ واقعةٌ بين مكة والمدينة، إذ كانت في زيارةٍ لأخواله من بني عدي من بني النجار، فانتقل بعدها للعيش في كفالة جدّه عبد المطلب حيث كان يعتني به اعتناءً شديداً؛ ظانّاً فيه الخير والشأن العظيم، ثمّ توفي جدّه والنبي في الثامنة من عمره، وانتقل بعدها للعيش في كفالة عمه أبي طالب، وكان يأخذه معه في رحلاته التجارية، وفي إحدى الرحلات أخبره إحدى الرهبان بأنّ محمداً سيكون ذو شأنٍ عظيمٍ.

رعيه للأغنام

عمل الرسول -عليه الصلاة والسلام- في رعي أغنام أهل مكة، وفي ذلك يقول -عليه الصلاة والسلام-: (ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا رَعَى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُهُ: وأَنْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أرْعاها علَى قَرارِيطَ -جزء من الدينار والدرهم- لأهْلِ مَكَّةَ)، وبذلك كان النبي -عليه السلام- قدوةً في كسب الرزق.

تجارته

كانت خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- ذات مالٍ كثيرٍ ونسبٍ رفيعٍ، وكانت تعمل في التجارة، وحين بلغها أن محمداً رجلٌ صادقٌ في قوله أمينٌ في عمله كريمٌ في أخلاقه استأمنته على الخروج تاجراً بأموالها مع غلامٍ لها يُدعى ميسرة مقابل الأجر، فخرج -عليه الصلاة والسلام- تاجراً إلى بلاد الشام، وجلس في الطريق تحت ظلّ شجرةٍ قريبةٍ من راهبٍ، فأخبر الراهب ميسرة أنّ مَن نزل تحت تلك الشجرة لم يكن إلّا نبياً، وأخبر ميسرة خديجة بقول الراهب، ممّا كان سبباً في طلبها الزواج من الرسول، فخطبها له عمّه حمزة، وتزوّجا.

مشاركته في بناء الكعبة

عقدت قريش العزم على تجديد بناء الكعبة؛ لحمايتها من الهدم بسبب السيول، واشترطوا بناءها من الأموال الطيبة التي لم يدخلها أي نوعٍ من الربا أو الظلم، وتجرّأ الوليد بن المغيرة على الهدم، ثم شرعوا بالبناء شيئاً فشيئاً إلى أن وصلوا إلى موضع الحجر الأسود، إذ وقع الخلاف بينهم في مَن سيضعه في موضعه، وتراضوا على قبول حكم أول داخلٍ عليهم، وكان الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وأشار عليهم بأن يضع الحجر الأسود على ثوبٍ تحمله كل قبيلةٍ من طرفٍ ليضعه في مكانه، وقبلوا بحكمه دون خلافٍ، وبذلك كان رأي الرسول -عليه الصلاة والسلام- عاملاً في عدم تنازع قبائل قريش وعدم خلافها فيما بينها.


صلى عليك الله جل جلاله

“عطر الياسمين” بقلم: نجلاء جميل



كتبت نجلاء جميل:


يضوع الكون بعطر الياسمين ، بإطلالة رفيقته التي توارت عنه ليلا ، فيحتضنها بعد شوق وحنين ، ولوعة انتظار كأن غيابها كان منذ سنين ، تلك الأشعة التي تطلق العنان لخيوطها ببث ضياء الدفء ، فتنتشي الروح بعطر فوّاح من بين ذرا المحبين ؛ ليرتوي ما بين الضلوع شبق الحياة بابتسامات، علت قلوبا نقية ما عرفت غير العطاء والصفاء بالرغم مَن حولها من فؤوس العابثين ، نرمق النور من خلف السحاب فنحيك من خيوطه ثوبا زاهيا ؛ ليرتديه الأمل من بين حنايانا ، ونعلن للدجى أننا ما زلنا بين قوافل المخلصين .
نعشق كينونتنا بأصالتها وطيبة منبتها حتى لو أصابها سيل جارف من جروح نقشت أخاديد الشجن ، بأنامل كنا قد خلناها للحن الود من العازفين ، نصدح كطيور البيادر الطليقة ، بأهازيج الأماني الوردية ونشدو بأننا عنوان الحالمين
هو النقاء في قلوبنا ، والرضا بقضاء رب العالمين بما يصيب نفوسنا ، يجعلنا نسدل الستار على دجى الآلام ونصافح ضحكات الحياة بصدى يغازل أعنة السماء ليقول ، نحب الحياة بتفاصيلها لغزوها من زفراتنا بنهر لا ينضب من الحب وعطر الياسمين ..
حكاية لا تنتهي في تفاصيل أخاديدنا ، بين بتلات الياسمين ذات الأفئدة النقيّة ، وزهرات الليمون ذات الأرواح الزكيّة ..
وستبقى لحكايانا بين الأكوان بقيّة .. ليت القلوب تتزين بعقد في جيدها من صفاء ونقاء الياسمين ..


إبداعات عائلة اسكرايب

“عودة أمل” بقلم: إيهاب السيد – مسابقة كورونا الأمل



كتب إيهاب السيد:


ارتطمت الممرضة وفاء بأحد مناضد الجراحة المستنده علي جانب الطريق إلي حجرة العنايه المركزة حيث تهرول بإتجاهها وما أن وصلتها حتي دلفت مسرعة وهي تناول الطبيب ملاك المحقن وهي تلهث بقوة وتقول
-تفضل يا سيدي ، هذه هي الحقنة التي طلبتها ،لقد حضرت بأسرع ما أمكنني
عاجلها ملاك في توتر
-حسنا …. حسنا يا وفاء أشكرك

ثم التفت إلي الطبيب الأخر علي يمينة وهو يقول في صوت خافت ونبرة قلق واضحة
-أتمني أن ينجح الأمر هذة المرة يا سمير …. الرجل في مرحلة حرجة جداا …. أتمني من الله أن ينقذة
أجابة سمير وهو يمسح بضع قطرات من العرق تتصبب علي جبينة وهو يربت علي كتف صديقة قائلا
-لا عليك يا ملاك لقد فعلت ما في وسعك …… المشكلة كبر سنة وأنة تم الإبلاغ عن اصابتة بذلك الفيروس اللعين كرونا و إحضارة متأخرا إلي العنايه المركزة

أومأ ملاك برأسة موافقا في استسلام قبل أن يسقط قلبة بين قدمية أربعين خريفا وترسم لوحة قلق في جنبات وجهة فورسماعه لصافرة جهاز القلب والتي تعلن مرور المريض بأزمة بطينية في القلب ومالبث ملاك أن كسر تسمرة وعمد يعطي تعليماتة للجميع بتحضير جهاز صدمات القلب وهو يردد ترددات شحن الجهاز مرة تلو الأخري والجسد الممد أمامة ينتفض في كل مرة تلمسه ألواح الجهاز الباردة إلي أن توقف ملاك والبرودة الدائمة تسري في الجسد العجز الممد علي الطاولة أمامة بعد أن وصل للمرة الخامسة دون أن تظهر أي علامات الحياة أو يظهر أي تغير في منحني الجهاز ليتوقف الزمن ويغزو صمت الحزن المكان وتعلن عقارب ساعة قطار الموت وصولة إلي محطتة الأخيرة علي لسان ملاك وهو يقول في جمود غلبتة الصدمة

-وقت الوفاة الساعة الثالتة وأربعون دقيقة صباحا
ثم عمد يرجع للوراء وهو يخلع قفازية ويلقي بهما في صندوق القمامة قبل أن يعتدل وعيناة تملأهم الحزن والحيرة وهو يقول لوفاء
-يجب أن يتم الإتصال بأهلة وابلاغهم بالأمر كي يستلموا والدهم ويتم دفنة
لم ينتظر ملاك تعقيبا من وفاء وهو يخرج سريعا من الغرفة متجها نحو مكتبة
مرت ساعتين منذ دلف ملاك إلي حجرتة وهو مازال علي نفس جلستة يفكر وهو يتابع أخر أخبار ذلك الفيروس اللعين الذي يحصد الأرواح ويقتل داخلنا الرحمة ويخرج أسوأ ما بنا من جهل وتخلف قبل أن يقطع جلستة طرقات خفيفة علي الباب أتبعها ظهور وفاء ممرضة العناية المركزة وهي تعتذر وتقول

-المعذرة يا سيدي ولكن أبناء المتوفي متواجدين في الإستقبال وهم ….. وهم ……. أقصد أنهم يرفضون أن
قاطعها ملاك وهو يقف معتدلا ويقول في عصبية
-ماذا بك يا وفاء …. ماذا هناك تحدثي
ابتلعت وفاء ريقها وهي تشعر بغصة في حلقها وتقول
-أنهم يرفضون إستلام جثة والدهم ….. يقولون أنها ملوثة بالفيروس وأنهم لن يحملوها أو يدفنوها
اتسعت عينا ملاك في ارتياع وعلامات الغضب والحزن تملأ قسمات وجهة قبل ان يندفع خارجا ومتجها نحو الإستقبال وما أن رأي هذان الشايان الواقفان في مدخل المشفي حتي عاجلهم دون ان يلقي السلام

-ألهذا الحد قتلت داخلنا الرحمة ….. ألهذا الحد تناسينا قيمنا وعاداتنا …… أهذا ما تعلمتاة في دنياكم ….. هل لو كان الوضع منقلبا وكنتما أنتما المتواجدان مكانة فهل كان ليرفض إستلامكم …… هل كان سيلقي بفلذة كبدة مثلكما …. لا أظن ….. لو أراد لفعلها بالتأكيد عندما مرضتما وانتم صغار فسهر عليكم وطببكم ولم يلقيكم ….. سحقا لتلك الحياة والأخلاق الضائعه سبحان اللة دائما لة حكمة ان يجعل مثلكما يعيشان ومثلة يلقاة
لم يبد علي الشابين اي إهتمام ولم يبدر منهم أي بادرة تأثر او حزن وأكبرهما يعاجل ملاك قائلا
-حسنا ……خطبة رائعة ولكننا لن نستلمة ولن نلمس أي شيء في ذلك المكان الموبوء …. تلك كلمتنا الأخيرة …… أرجو احضار الوراق كي نوقع برفضنا استلامة وموافقتنا علي ان تدفنة المشفي بمعرفتها وقبولنا دفع التكاليف كاملة

تركهم ملاك يملئان الأوراق وهو يتجة نحو غرفة المتوفي ويجلس جانبة كأنة يحدثة وهو يشعر بمرارة اليأس وانطفأت جذوة الأمل وتململ نبض الشفقه في العروق وابتسامتة الساخرة تملأ جنبات جسدة وهي تتمدد في غزوها محاولة دحر جيش الأمان والرحمة في قلب ملاك وكادن نربح المعركة ويستسلم لزلا أن وقع نظرة علي تلك الطفلة الجميلة المستندة إلي باب المشرحة وتحمل في يدها لعبة وإبتسامه بريئة رائعه تملأ وجهها فتقدم نحوها وجيوش المل في غد أفضل تعود للمعركة بقوة لينسحب اليأس وجنودها تضمد جراحها وهو يحمل الطفلة بين ذراعية ويسألها في حنان وهو غير مدرك لشلال الدموع المتدفق من عينية ويحفر خلال أخاديد وجهة –ما بك يا عزيزتي ….من أنت؟ وما الذي أتي بك إلي هنا ؟ أين أهلك ؟ وكيف وصلت لتلك الغرفة؟

اتسعت ابتسامة الطفلة في هدوء وهي تقول
-أنا أمل …..مريضة بالكورونا ……وانا هنا وحدي …… اتواجد في غرفة 109 ولقد شعرت بالوحدة فخرجت من غرفتي لأسير قليلا
ابتسم ملاك وهو يمد يدة ليمسح دموعة قائلا في حنان
-لا تخافي يا عزيزتي ….. كورونا ليس مرضا خطيرا ….. إنة شيء صغيروسرعان ما سوف تشفين منة …. لا تخافي
ابتسمت الطفلة وهي تمد يدها الرقيقة وتمسح دمعة مازالت متعلقة بعينية

-أنا لست خائفة ….. فأنا أعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ….. أبي يقول أنة أختبار من الله ليري كم نحن نحبة وكيف سنصبر ونشكر نعمة الكثير لنا …. وأيضا طمأنني وقال لي لا تخافي ابدا لأن هناك ملائكة رحمة سخرهم الله لنا كي يرعونا في المشفي وأنت منهم ،أليس كذلك؟ ألن تفعل ما في وسعك لتنقذنا؟ ألن تتحمل كل ذلك ولن تفقد الأمل ابدا ؟ أليس ذلك صحيحا؟ أبي قال لي أنكم تقسمون علي ذلك قبل أن تصبحون أطباء وملائكة رحمة…. أتعلم ،أنا أريد أن أصبح مثلك عندما يشفيني الله وأكبر
ابتسم ملاك وهو يربت علي شعرها ويتحرك في طرقة المشفي
-بإن الله ستشفين وتكبرين وتصبحين أعظم طبيبة …. انا متاكد من ذلك

ثم تابع وهو يفتح باب الغرفة 109 ويضعها علي الفراش ويقول
-والأن يا أميرتي يجب أن تخلدي للنوم فالوقت اصبح متاخرا … هيا يا عزيزتي
ثم عمد إلي باب الغرفة وهو يغلقه وراءه بعد خروجة وابتسامة أمل تملأ جنبات جسدة كلة وكأن ما حدث اليوم كان شيئا لم يكن وهو يتجه نحو مكتبه ويجلس معتمدا يداة وراء رأسه ومغمضا عيناة قليلا في صمت لم يدم طويلا حيث فتح عينية وهو ينظر للهاتف الملقي علي جانب المكتب قبل أن يلتقطة ويضغط أذرارة فيسمع صوت موظفة الإستقبال تقول
-نعم سيدي كيف أخدمك
-حسنا …. أريد أن أعرف عن تلك الطفلة نزيلة غرفة 109
مرت دقيقة من الصمت قبل أن تقول الموظفة
-نعم سيدي …. أمل عبد المنعم …… 10 سنوات …..كانت متواجدة هنا منذ ثلاثة أشهر مشخصة كمريضة كورونا …. ولكن ما الذي ذكرك بها دكتور ملاك
-لا … ليس هناك شيء ، لقد رأيت…..
قطع ملاك كلامة في سرعة وهو يقول
-ماذا تقصدين بكانت …. ماذا تعنين
بدا صوت الموظفة مهتزا وهي تقول في تردد
-اقصد أنها كانت هنا قبل أن …. أن ….
عاجلها ملا بنفاذ صبر
-أن ماذا … ماذا حدث
-لقد سائت حالتها بعد يومين من وجودها هنا والجميع حاول انقاذها ولكن مشيئة الله نفذت رغم كل محاولاتنا وتوفت و……
ترك ملاك سماعه الهاتف وتركها تكمل باقي قصتها وابتسامة عريضة تغمر فاة قبل أن يضحك ويقهقة في هيستيريا دون توقف وقلبة يعلن عودتة …. عودة أمل.


إبداعات عائلة اسكرايب

“السر” بقلم: سمير اليعقوبي



كتب سمير اليعقوبي:


لك أن تختار يا أنا يا أمك؟ واحدة منا فقط من ستبقى في هذا المنزل ،إما أن تأخدها إلى دار المسنين أو أرحل عنك رفقة أولادي ،وابحث بعد ذلك عن من يخدمك.
لكن ما الذي أجج غضبك؟ ولماذا تضعينني في هذا الموقف الصعب؟

للمرة المليون سأقولها لك لن أفني زهرة شبابي في خدمة امرأة ضريرة لا تصلح لشيء.
اخفضي صوتك حتى لا تسمع قبح قولك،فتلك المرأة الضريرة هي أمي التي وعدتني قبل زواجنا أن تحسبيها أما ثانية.
لا حاجة لخفض صوتي هي تعلم كل شيء أخبرتك به. وقد جمعت كل أغراضها لكي ننتهي من هذا الكابوس ونعيش حياتنا.

دون أن أنبس ببنت شفة ،عرجت إلى غرفة أمي الضريرة، وجدتها جالسة تمسك التسبيح بيدها، وتمرر عقيقه بين أصابعها بسرعة فائقة على غير عادتها. وقد أدركت أنها بذلك إنما تحاول أن تخفي ارتباكها ورعشتها،بيد أنها سمعت حوارنا الذي جرى لوهلة وتتظاهر بأنها لم تسمع شيئا رغبة منها أن تمر هاته العاصفة الهوجاء بردا وسلاما.انحنيت أقبل قدميها فأبكي على صدرها الحنون ،وهي تمرر أصابعها بين خصال شعري تهدئ من روعتي.

استاكنت روحي بعدها وتلطفت،فخرجت إلى الردهة وزوجتي تلحقني صائحة :إذن ماذا قررت؟
ببرودة دم وسكينة أجابتها: يمكنك أن تغادري المنزل إن شئتي.

نظرت إلي حانقة: سأرحل إلى أهلي مع أولادي.
إلتف حولي الأولاد يبكون صائحين: أمي لن نذهب معك سنبقى رفقة والدنا.
صرخت في وجوههم “تبا لكم سأغادركم جميعا وأنتهي من حياة البؤس”
في تلك اللحظة انتبهت إلى أن أمي الضريرة قادمة إلينا وهي تمسح الفضاء بيديها محاولة أن لا يعوقها عائق، انطلقت إليها امسكت بيدها فخاطبتني: لا تدعها تذهب يا ابني فحق لها أن تقنط فقد أثقلت عليكم ويجب أن أغادركم.

هب الصغار إليها ممسكين بتلابيب ثيابها. يقولون بصوت واحد :لا يا جدتي لن نرضى بذلك.
دمعت عيناي لذلك المنظر وأنا أرى أبنائي يقفون وقفة الحق ويطأون على عواطفهم،لا يخافون لومة لائم,فشعرت حينها بنوع من الشفقة حيالهم، فرميت بأخر محاولة عسى أن تؤتي أكلها ولعلي أثنيها عن تركنا ،فدمدت قائلا:

إذا كانت خدمة والدتي تزعجك فسأتدبر أمر خادمة تسهر عليا، الله وحده يعلم حاجتنا لك فلتبقي بالبيت .
قلت لك لا أريدها أن تعيش معي تحت سقف واحد.
ما هي إلا دقائق معدودات جمعت أغراضها وغادرتنا.
الحق يقال أن فراقها كان أمرا عسيرا،الشيء الوحيد الذي يجبر خاطري هو أنني لم أطردها وتمسكت بها إلى اخر مرق ,لكن هي حرة اختارت طريقها التي بدت لها مناسبة.
في تلك الليلة إجتمعت بأبنائي في غرفة أم العزيزة مخاطبا إياهم: أرى يا أبنائي اليوم أنه قد حان الوقت كي أكشف لكم سرا كان طي الكتمان.

بعيون مستطلعة ومتشوقة لمعرفة السر راقبوني وأنا أقوم بغتة بعيون دامعة أنحني مقبلا رأس والدتي:إن جدتكم الضريرة هي من وهبتني هاتان العينان فقد سبق وأن تعرضت لحادثة في صباي أسفرت عن فقداني حاسة البصر ،فأبت أمي أن تتركني أفني عمري على هذه الحال ،لقد وهبتني قرنيتا عيناها حتى أرى النور بينما ترضخ هي تحت وطأة الظلام،وقد إستحلفتني أن أكتم هذا السر عن أمكم رأبا لنار الغيرة،يا أبنائي فهل جزاء الاحسان إلا الاحسان.
صعق الأولاد لسماع السر،ثم ارتموا يقبلون قدميها ويحضنونها،وهي تبادلهم كل الحب .

مرت الأيام سريعة،إندمجنا مع الواقع الجديد،نتبادل الأدوار في المطبخ وهمنا الأكبر هو أن نقضي مأرب والدتي الضريرة، وكل يوم نجدها ترفع أكفها لله داعية لنا جميعا بالتوفيق والسؤدد.

ما هي إلا أسابيع قليلة حتى توفيت والدتي وفاة طبيعية وهي راضية عنا فلله الحمد والمنة أنني لم أتخلى عنها في أخر أيامها،بعدها عملت بنصيحة الخليل لإبنه اسماعيل وغيرت عتبة بيتي.


إبداعات عائلة اسكرايب

“رسائل عفوية” بقلم: مجد محمد وليد – مسابقة كورونا الأمل



كتبت مجد محمد وليد:


عزيزي ياصاحب الظل الطويل..
مرّ زمن ولم تصلني أخبارك، فكيف هو حالك؟..
ككل مرة أستلّ قلمي لأخط لك تفاصيل من معارك يومي؛ ولكن هذه المرّة سأكتب عن حرب ضروس…
كل شيء تغير فجأة، انقلب الحال إلى غير حال.. وعمّ وجه الأرض السمراء لون رماديّ ينبئ بفصل من العزاء، بعد أن كشر الخصم عن أنيابه الشنعاء، ليتصيد فرائسه بلا هوادة أوضجر؛ لا فرق عنده بين أجناس البشر، لا يميّز كبيراً أو صغيراً، قوياً كان أم ضعيفاً..
اكتسح البحار والصحراء وتخطى كل الخطوط الحمراء، اخترق أسوار أعتى الحصون، وفتك بقوى تهابها كل الخصوم..

ليتسلل كلّص إلينا، ويسرق الأحبّة لدينا، خطر داهم الإنسانية جمعاء؛ فدقّت لقدومه نواقيس البلاء، ليخيّم فينا بظلاله الثقيلة ويتسبب بكارثة عظيمة، خرّت الجبابرة صاغرة أمام جبروته .. ليغلق المنافذ والدروب، ويقطّع أوصال هذا العالم المنكوب، فحجز الشعوب داخل سجن غير محدود من مطلع الشمس إلى نهاية الغروب، فبعد أن استبشرنا انتهاء الحروب، وسكتت أفواه القصف المرتوب، عاودنا العناء، بعد أن حلّ فينا هذا الوباء..
أضحت كل الأماكن خاوية، الشوارع مقفرة والأزقة قاتمة موحشة، فتهاوى الصّخب على وقع خطاه العجيب..
حتى المساجد والكنائس أُوصدت بقدوم الغريب، فكبّلها بأغلال الصّمت المهيب..

كأنه كابوس اغتصب أحلام الآمنين، فتوارى الجمع خلف الأبواب مرتعدين، انقطعت حبال الوصل بالأحباب، و زاغت الأعين من فرط الرّهاب..
توشحت المشافي بثياب الحداد، وانتشرت رائحة الموت على الأعتاب، ليتعالى نحيب الثكالى أمام الفاجعة.. وكأنها الصّيحة الكبرى النّازعة..

آااه ياعزيزي..
كم أفتقدك في هكذا أيام عصيبة..
علّي بقربك أنسى الخوف والرّيبة.. فلمّ الغياب أخبرني..؟ ولمَ إلى الآن عنك تعزلني..؟!

طال انتظاري على قارعة الليل الطويل، لتنهشني الوحدة بعد أن مزقني الحنين، أتقلب ذات الشمال وذات اليمين، أتحيّن الصّبح لأولّي شطر وجهي نسائم فجرك العليل، فأيمم قلبي الذي لا يرضى بغيرك بديلا؛ فأفترش رداء الذاكرة، أجوب ثنايا سمائك المقمرة، أتنسم منها بقايا عطرك العالق بزوايا الأمكنة، أتدثر حنان طلّتك النّضرة؛ فيلفّني بعدها السكون، لأغفو على وسادة عشقي المجنون..

أتعلم ياعزيزي..؟
لازلت بك أهيم وأهذي؛ و إلى حدّ الآن لا أدري ؛ أيهما أشدّ وطأة على روحي..
غيابك المرير، أم هاجس كورونا..؟

“ما زلنا ننتظر الأجمل” بقلم: نوادر إبراهيم وحسن أشرف



كتبت نوادر إبراهيم وحسن أشرف:


مللت العنب المُعتق، اُريد حليب أمي، عناق أبى، عشريني فقدت شهيتي، دهشتي، واعتراني صمتي، لقد كفرت بالمشاعر يا الله، لا نصلُح للحُب، ها قد بدأ الكدر مِن هنا يختلف، عنصر مرفوض منطوي لا يأتلف، وبرغم مللي مِن احتساء العنب المُعتق، نخبك يا عالم، نخب كُل ما هو رحيم، نخب سمو الأميرة، يُجيدون الكذب فى إبريل، فى حين كذبهُم فى الشهور الأخرى دون البوح به، نخب الهُدنة التى تعتري عقلي، هناك شخصان داخلى، عربات حرب تسعى لحذف الراء، كيف نحن أحياء نذرف الدمع، و الأموات يذرفون الورود؟

أعتذر حقاً، لأننى لم أفلح فى تقديم نخبٍ لنفسي، أعتذر مرة أخرى، لأن النفس ما زالت تسأل عن ملاذها، ذلك الملاذ الدافىء، الذي يبعثر كل شيء داخل الأكاذيب، فيعيد ترتيبنا بنقاء وشفافية، لنعلن للعالم أجمع أننا على ما يُرام، وأننا على حق عندما صرخنا لحظة الميلاد، تلك الصرخة التي كتبت مصيرها داخل أحشاء الطرقات، طرقاتنا البعيدة منذ الأزل، منذ الخطوة الأولى المعبقة بالحنين إلى الأرحام، وإلى حنان الطفولة.

طفولتنا الوارفة بظلال البراءة واللهو، نَضِرَةٌ بنظراتنا الحادة على حدود الأمل، وعلى حدود أحلامنا الأن نقف ونصمت، في انتظار ثورة الروح التي عانت وبكت وأسرفت في لفظ أنفاسها، لكنها لم تمت، لأنها روحنا القوية رغم ضعفنا وانهزامنا في ساحات المصاعب، لأنها (نحن) ونحن ما زلنا ننتظر الأجمل، في الغد والحين، وإلى حين لقاء الأفراح، نستودع الأيام أحزاننا وبعض مدخراتنا من الأمل، وسيبقى الأمل أجمل ما بداخلنا.


إبداعات عائلة اسكرايب

مراجعة لرواية “إرم العهد الحديث” للكاتب يوسف حسين، بقلم صفاء فوزي



كتبت صفاء فوزي:


– رواية إرم العهد الحديث
– الكاتب يوسف حسين
– دار اسكرايب للنشر

الغلاف
اختيار صورة الغلاف موفق وملائم لأحداث الرواية

العنوان
إرم العهد الحديث عنوان أكثر من رائع ومناسب لأحداث الرواية و المقصود مدينة تسمى أرم هي التي لم يخلق مثلها، ذكرت في سورة الفجر في القرآن
اتصف أهلها بالجمال لكن أهلها فعلوا الفاحشة فعاقبهم الله ورفضت الأرض جثثهم بعد الموت وهو تشبيه بما يحدث في إرم العهد الحديث من ظلم وفاحشة .

الفكرة
الرواية دراما من العيال الثقيل ممزوجة بواقعية سحرية ، تستعرض قضايا هامة وشائكة ، الهجرة غير الشرعية ، الخيانة ، زنا المحارم ، التطرف ، الإرهاب صراعات متتالية بين الخير والشر ، الوفاء والخيانه ، الحق والباطل بطريقة شيقة وجاذبية بارعة .

الإهداء
يعتب علي الكاتب الاهداء الذي تصدر العمل سيجعلك تظن أنك أمام عمل ماجن رغم أنه يحارب المجون بشتى صوره ..لذا كان من الممكن استبداله.

اللغة
استخدم الكاتب اللغة العربية الفصحى ، بصور بلاغية ودقة تنم عن أديب بارع متمكن من اللغة وأدوات الكتابة ، قاريء مثقف واع و ملم بأمور الفقه والشريعة والقانون أيضا

الحوار
الجمل الحوارية سلسة جدا ، والسرد متناغم يؤثر القاريء بالتشبيهات الأكثر من رائعة كأنك تسير في حديقة تحيط بك الأشجار والأزهار وتسمع صوت الطيور وتشم رائحة العطور ،حروف خطت بمداد من مسك وعنبر تنثر علي قلبك فتحيه بنشوة الحب ، ثم تصدم بأرض الواقع الذي يطعنك بخنجر مسموم من قسوته وغدر أقرب الناس ، فتموت الأزهار وتمتلأ السماء بالغيوم ،تلتحف رداء الحزن من آهات الظلم والقهر ثم يصيب عقلك رداء اليأس عندما تكتشف الحقيقة .

الشخصيات
رسمها الكاتب بيد رسام بارع ، وحرفية أديب متمكن ، وقلب إنسان تألم فالألم أفضل معلم في مدرسة الحياة ، تكاد تسمع أصوات صرخاتهم وضحكاتهم ، تشعر بدموعهم تتساقط وترى جراحهم تسيل دما ، تشاهد صراعاتهم و تجري خلف خطواتهم تتبع أحداث مثيرة بشغف الوصول للنهاية ،وما زاد الاحساس بذلك الوصف الدقيق لكل شخصية مثل وصف أحد الشخصيات .. لها عينان ماستان ممزوجتان بخضرة الجنة ، والوجنتان وردتان جوريتان ، مهاجرتان من بلاد الشام على وجهها، الشفتان كحبتان من الكرز تتعانقان لتزين وجها كالبدر بينهما عقدين من اللؤلؤ، وغمازة على خدها الأيسر تمنحها ابتسامة بريئة .

النهاية
تقف ريم بشموخ معلنة سبب كل ما حدث من ظواهر غريبة :
الدين هو الموكل بحفظ الأرواح ونقائها وما من دين سماوي يدعو لفاحشة أبدا ، والأسوء من الإثم هو الجهر به ..


لو قرأت الرواية قبل سنوات مضت لقلت أنها سوادوية صادمة وأن الواقع ليس بهذا السوء .. لكن الأن وقد تجرعت مرارات الخذلان والغدر من أقرب الناس .. الأن وقد أصبح الدم مياه عكره ، والخيانه والغدر متوقع من أي شخص ، فالواقع أسوء من إرم القديمة والحديثة معا..
رغم ذلك تساقطت دموعي مع دموع ريم وهي عند قبر أمها كأنني أجلس كلي معها كانت تتحدث بما يدور بقلبي ،من شوق وفقدان وندم وحزن وألم ، ليتك تعودين يا أمي ولو ليوم واحد ؟! هكذا تمنت ريم وتمنيت مثلها فالفقد ليس هين .


فالمجد للأرواح المهلكة التي رغم انتهاء صلاحيتها إلا أنها تقاوم اليأس بكل ما أوتيت من هشاشة .

هي ليست رواية كما تظن أنها الوجه الآخر للعالم عندما يكشر عن أنيابه ، فلا تكن أنت الفريسة .

تحياتي للكاتب المبدع ، مع خالص تمنياتي له بدوام الابداع والتوفيق والتميز.


إبداعات عائلة اسكرايب

القصة الومضة .. التعريف والماهية



كتبت هيام فهيم:


بداية فالقصة الومضة أو ما يشبه إلى حد كبير القصة القصيرة جدا (ق.ق.ج)، فن قصصي حساس نال انتشارا واسعا واهتماما نقديا في السنوات الأخيرة.

أدق ما يمكن وصف هذا النوع الأدبي باختصار هو “فن الاقتصاد في اللغة، والتركيز في الدلالة بدون حشو في الوصف والسرد”، وهو كما وصفه كاتب القصة الومضة “هارفي ستايرو”: “فن ممتع لكن ليس من السهل تأليفه”.

وقد اشترط النقاد فيما اجتهدوا فيه بشأن هذا الفن أن تكون مقوماته هي نفسها مقومات القصة القصيرة جدا، من حيث: التكثيف الشديد، والإيحاء عالي الدلالة، ووجود حس مفارقة خارجة عن النص، وخاتمة مباغتة قد تبدو أحيانا غير مقبولة لدى القاريء.

إضافة إلى هذا فإن قصة الومضة لا تستوعب إلا بطلا أو شخصية واحدة ولا تقبل تعدد الشخصيات مثل القصة القصيرة لكونها أصغر جنس قصصي من ناحية السرد، أما بالنسبة للمكان والزمان فهما شبه غائبين ويسود الحدث لاعبا دور البطولة المطلقة في هذا الجنس الأدبي الوليد.

وهناك العديد من الكتاب والنقاد الذين وجدوا لهذا الفن أصولا في تاريخنا الأدبي، فقد اعتبروا التوقيعات الأدبية في العصرين الأموي والعباسي والأمثال والحكم والأقوال البليغة جذورا لفن الومضة، وفي هذا وجهة نظر مقبولة نوعا ما.

لكن الكثير من النقاد والكتاب رأى أن فن القصة الومضة أو قصة “الفلاش” كما تسمى في الولايات المتحدة الأمريكية، أو قصة “ميكرو”كما سماها أدباء أمريكا اللاتينية، فن طلبته الحياة المعاصرة بلسانها، واستدعته استدعاء حاجة وذلك لطبيعة المواقع الأدبية الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي الكثيرة التي احتضنت النصوص القصيرة الشعرية منها والقصصية، وحاجة المتلقي الذي يلتقط النصوص واقفا لضيق الوقت وكثرة الانشغالات التي جعلت من النصوص القصيرة وجبة سريعة مستساغة، توفر وقتا وجهدا.

نماذج من قصة الومضة

ندبة للقاصة عايدة بدر

حينما هم أن يقطفها بعد أن شم رحيقها حد الثمالة. أصرت على أن يكون جرح شوكتها ندبة بيديه تظل معه طوال حياته.

ذبابة للقاص مبروك السالمي

أزعجته حاول صدها تمادت، أمسك بها وشد قبضته عليها بكل ما يملك من قوة. رماها جثة هامدة

وبقيت روحها عالقة بكفه.

عتمة للقاص مهند العزب

كلّما قالت الأم لطفلها الكفيف: أطلق عصفورك من قفصه، يجيبها: لا.. سيتوه في العتمة.

مغترب للقاصة أسماء المصري

غادرها عروساً قبل أربع سنوات ظلّ يبعث إليها بأحدث الجوالات ليطمئنها بقرب عودته وتخفف عنها ألم فراقه. كل ليلة تنام محتضنة جوالاته الثمينة، واثني عشر ألف صديق.

حنين للقاصة أسمهان الفالح

أمطرها بنظراته؛ تفتّحتْ أكمام الشّوق الغافيةُ.

اندفاع للقاصة جواهر رفايعة

في مرآة نقية لم تر صورتها، كانت هناك كومة ريش لطيور متحمسة اخترقت وضوح الزجاج.

قراءة في كتاب “الموسيقا الإلهية” للفيلسوف الهندي OSHO بقلم: زينب الأسدي



كتبت زينب الأسدي:


كتاب 📚 الموسيقا الإلهية 📚

باختصار من هو أوشو وما رؤيته؟

🌸أوشو: فيلسوف هندي، عاش مغتربا في أمريكا، سجن ومات مسموما.

رؤيته:

🌸لا توحيد مطلق ولا إلحاد مطلق.

🌸إن الغرب اهتم بالجزء الخارج من الإنسان لذا أصبح الغربي رغم علمه وعمله يعاني من فراغ داخلي.
والشرق اهتم بالجزء الداخلي للإنسان لذا صار الشرقي إنسانا متأملا ولكنه جائعا، مشردا بعيدا عن العلم والعمل.

🌸أن تعرف عن العلم شيء، وأن تبدع باستخدامه شيئا آخر…
أن تعرف عن التأمل شيء وأن تتأمل شيء آخر…
الغرب بحاجة لمزيد من الفكر التأملي والشرق بحاجة لمزيد من الفكر العلمي وعندها فقط يمكن الوصول إلى إنسانية لا يمكن تصورها.

🌸عصي على الأديان أن تفهم طبيعة الجسد.

🌸العقل واحد، والفكر صنيعة البيئة.

🌸الفكر يحول بين العقل والجسد من جهة والروح من جهة أخرى.


إبداعات عائلة اسكرايب

“هي” بقلم: خضر العلي



كتب خضر العلي:



لا أعتقد أن ثمانية وعشرون حرفآ قادر أن يوصلني إلى طريقة وصفها. .
تجذبك..تسحرك..تضيع عقلك..
جميلة..سمراء..عنيدة..قوية..
حساسة..غبية إذا أرادت وهي كلها ذكاء.
قادرة أن تسيطر عليك كليآ..
هل سبق ووقعت تحت تأثير التنويم المغناطيسي..؟
تأثيرها أقوى بكثيرررر.
كلماتها قادرة على اختراق جدار صدرك لتصل إلى القلب مباشرة..سترى مشاعرها تفيض من عيناها..سترى ذاك البريق في عيناها الذي سيغرقك حتمآ.
سترفعك إلى أعلى قمم الحب إذا أرادت.
ستنزل بداخلك أشد العقوبات إذا ماشاءت.. لذلك أحذر
أحذر من أن تتمايل في طريقها..
ألم أقل لك أنها عنيدة!
سترافقك بدربك ولن تترك يداك..
ستعطيك أكثر مما يستحق أن تعطي..
ستعلمك على الخطو في دربها فلا داعي للإستعجال..
هل عرفت من هي..؟
يبدو أنها تتراءى أمام عينيك الأن أليس كذلك..؟

ما هذا..
هل هذه رعشات قلبك التي تنتفض..
هل تنظر حولك ظنآ منك أنك تراها..
أصبر على نفسك
ستأتيك في المنام والأحلام وصيغ الكلام
ستأتيك حتمآ ولن تغادر فكرك. .
يبدو الأن أنك عرفت من هي..
هيا حدثني عنها بلساني

جميلة طبعآ هكذا يراها قلبك
حساسة حتى من اسخف الأمور..
لديها ابتسامه طالما سرقتك وأوقدت فيك نيران لا خمود لها..
عيناها ترافقك في كل اوقاتك..
خجولة ولكنها تقوى بك..

هذا لسان حالك أليس كذلك..
يبدو انك عاشق مثلي..
وكل ماينطبق علي ينطبق عليك
هذا هو العشق له قواعد وكلنا يسير بها..
هل تعلمت العشق مسبقآ وعلمت قواعده..؟

طبعآ لا
فالعشق يا أبله ليس للتعلم
هو يستوطنك.. يسكنك.. يتناثر في أرجاء جسدك.
يجعلك غبيآ أوقات.. ويجعلك أميرآ أوقات.

هل مازالت تجول في خاطرك الأن؟

هل أزعلتها…؟؟؟
أحمق….
لقد جنيت على نفسك..أذهب حالآ وكلمها..

هي ليست موجودة لتزعلها..هي موجودة لتفرحك..

أعلم أن طريق العشق ليس بالطريق السهل، إذا أردت الخوض فيه عليك أن تتعلم أولآ أن تكون هادئآ طبعآ.. لقد اخبرتك منذ البداية من هي .. عنيدة وفي عنادها يطيب العشق.


إبداعات عائلة اسكرايب

“مجهري بمنزلنا” بقلم: سمر الوصيفي – مسابقة كورونا الأمل


كتبت سمر الوصيفي:


بدأ علي شكل سعال جاف ، و إرهاق ، و حمي ،أوجاع وألالام بالجسم ،احتقان و سيلان بالأنف، حيث إستغرق معها الأمر 5-6 أيام بين إصابتها بعدوي الفيروس و ظهور الأعراض و لكن في بعض الحالات قد تطول الي 14 يوم . حدث ذلك تقريبا بين عشية و ضحاها بداية لم تكن تلاحظ الأمر و لكن حقيقة أننا يصعب علينا تصديق ضعفنا و قلة حيلتنا أمام المرض ، دخل ذلك المجهري الذي سمي بإسم ” كورونا ” أو كوفيد 19 إلي جسم تلك الفتاه الصغيرة التي كانت حياتها مليئه بالألوان و الكتب التي تقرأها.

و ذات يوم بينما كانت ذاهبة الي المدرسة لاحظها أحد جيرانها بعدما تواصل معها بصريا و بدأ يراوده الشك خاصة أنه كان طبيب بعمل للتحاليل الطبية ، كما كان الصديق المقرب لأبيها ، لم يكن الطبيب ليقلق الفتاه فلم يخبرها شيء و انتظر ذهابها و ذهب إلي منزلهم و أخبر والدها بحالتها وما يدعوه للشك ، و طلب منه أن يأتي بها لإجراء تحاليل الفيروس ، و حين عادت من المدرسة لم يتمكن قلب أبيها من إخبارها ، فكذب عليها حتي لايدخل علي قلبها الحزن و الخوف و قال لها سوف نذهب سويا لإجراء تحاليل من أجل الروتين ، فوافقت الفتاه و لم يخطر علي يراودها أي شك خاصة أنهم معتادين علي ذلك و بعد ان ذهبوا لإجراء التحاليل أخبره صديقة أنه نتيجته بعد 72 ساعة علينا الانتظار ، عاد ذلك الاب و ابنته و الخوف و القلق يملأ ربما كانت تشعر ابنته و لكنها خافت ان تسأل .

و بعد 72 ساعة اتصل به صديقة الطبيب و اخبرة بصدمة عمرة و قال ابنتك مصابه بكورونا و لم يكاد يغلق سماعة الهاتف و بدأت الدموع تنهمر منه انهمارا شديدا ،
فأتت له ابنته و بيديها الناعمتان مسحت دموعه ،و قالت له أنا لست ضعيفة يا أبي ليتغلب عليا كائن مجهري كهذا.
فعلمتني أن أتغلب بإيماني علي أصعب حروبي و بك تكمن إرادتي سنتغلب عليه سويا.

و في نفس اللحظة أعدت حقيبتها مع أبيها لتذهب للحجر و عندما دخلوا الي باب المستشفي إذا بيد أبيها تتركها و لكن عيناهم كانت تتحدثان لا تقلقا سأكون بخير مادمت معي يا أبي………

و عليكم أن تتخيل ما سيحدث بعد ؟!!!
بينما كان ذلك الاب في منزلة يتذكر ماضيهم سويا و ذكرياتهم الجميلة و عيناه تذرف دمعا بسبب الأفكار و الذكريات التي تتداعي في ذهنه عن حياته مع ابنته التي عاشها طولا و عرضا.

و إذا به بعد 20 يوما تلقي تليفونا من صديقه الطبيب يخبره بأن ابته تتعافي و بصحه جيده و لكن علينا المحافظه ، و منع الإختلاط و لمس الأسطح و استخدام المطهرات. و عادت الفتاه الي البيت و تمكنت بإرادتها و إيمانها و حبها لأبيها من التغلب علي مرضها.
لذا علينا أن نري” أنه في كل شر يكمن خيرا.


إبداعات عائلة اسكرايب

“صمت الكلام” بقلم: خضر العلي



كتب خضر العلي:



من صمت أحزاني أستوحيت الكلام، أيقظني حزني على دفء الكلام، كتبت بصمتي عنوان الهيام،
استحلني الحزن وأمسى بداخلي
سيطر على فؤادي وأحتل الصدارة بمشاعري…
من أنتي حتى تصنعين هذا بي
كيف سمحت لنفسي ان يحدث هذا بي.
تقولين وتهمسين وتضحكين وتمرحين وتركتي بداخلي ذكريات تلك السنين..
أتذكرين..أتذكرين..وكيف تذكرين ؟؟؟
أتذكرين اسمي أم نسيته أيضآ
أتذكرين صمتنا وهمس أعيننا
أتذكرين جلستنا ومقعدنا
أتذكرين دفاتر أحلامنا
شجرتنا وحديقتنا وأزهارنا
أتذكرين ذلك الشارع الذي لا تملأه سوى ضحكاتنا
أتذكرين رسائلنا وكلامنا في عتمه الليل وضوء القمر
ألم يآن لهذا أن يحرك فيكي الحنين
أم أنك ستنسين وتتناسين!!
صمتي بات كلام
وحزني ستبدده الأيام
وأوراقي سيتلفها الزمان
وأشواقي اصبحت من الحرمان
إما أنتي هل ستقفين للحظة
وتتذكري ذلك الأنسان…
ولما الذكرى في زمن لا تنفع به الذكرى


إبداعات عائلة اسكرايب

“الحجر الصحي” خاطرة شعرية بقلم: سمر الوصيفي



كتبت سمر الوصيفي:



بين عشية و ضحاها تبدل حالنا من اليسر و الفرح إلي الحزن و القنوط
لم نتوقع ذات يوم أننا سنحبس بالمنازل لم نتوقع أن هذا ما سنكون عليه بسبب كائن مجهري تاجي
جاء الينا لحظه غدر و أجلس الجميع بالمنازل ،عجز الجميع أمامه و تجمدوا كالصخور
ملأ الشوارع ،و البوادي و المداشر ، و الحواري ، و قف الجميع أمامه منتظرين مصيرهم منه . فقد أعجز الأطباء بعلمهم ، و العلماء بمعرفتهم ، و الشيوخ بدعائهم
عطل حركة الجميع فأغلق المدارس ، و المصانع و الحدائق ، و المحال
رد أبواب المساجد في وجوهنا
تري أين ذهب قوة كل تلك الشعوب من ذلك ؟!!!!!
أين الشيوخ الطاعنون ؟
أين هؤلاء أصحاب رؤس الأموال ؟
أين كبار الدولة ؟
نزل علينا ببطيء ثم بدأ ينجرف تيارة بسرعة البرق فأخمد كل الشعوب لم يبعث فينا سوي الرعب و الخوف و قلة الحيلة
هبط الينا هبوط صواريخ العدول عجز الجميع أمام قوة ذاك المجهري ، عاني الجميع منه فبدأ يوقف معظم أشكال الحياه
عجز أمامه الجميع
تري هل جاء ليحكم العالم ، أم أنه ضيف ثقيل سنستضيفه لمدة قصيرة
حبس الجميع بمنزله أصدر علينا فرمان بإرتداء الكمامات و القفزات و الإستخدام المفرط في المطهرات من شده ما بعثه من رعب و خوف
شكل من البشر دمي تشبه نوع من العرائس و تسمي ” عرائس الماريونيت “
تحكم فينا فأصبح العالم يعاني اكتئاب ، أصبح الجميع يعاني هشاشة نفسية لما يتلقاه من أخبار كل يوم و إشاعات
بدأ الجميع يخرج من صمته من شده الضيق.
و لكن أصابهم العمي من شده خوفهم و ضعف إيمانهم بالله فلم يروا ما فعله ذاك المجهري
أنظرتم الي تلك البيوت التي أصبحت مساجد ، و تلك الرجال التي أصبحت أئمة ، و تلك الأسر التي تتعرف لأول مرة بعدها اخذتها داومة الحياه


إبداعات عائلة اسكرايب

“إجفال” بقلم: خضر العلي



كتب خضر العلي:


‎ليا ذَكَرْت عُيونَك صَابَنِي إِجْفَال
دَقاتْ قَلبِي تَنْبِض دَقَةَ بِدَقه
‎مُرَّكْ يِحْلَالِي لَو كَان بِكُبْرَ الجِبَال
‎و ارضَى أَمُوت مِنْ حُبَك بِسَكتَه
‎صُورِتَك مَرسُومَةَ دَايم عَ البَال
‎يَلِي هَوَاكَ القَلْب مِنْهو اللي يِردَه
‎بِضحكِتَكْ أَحِس بِعُمْرِي كَنَّه يطَال

‎والقُرِب مِنَكْ يَالغَلا زِيدَه ولا لا تِصده
‎ولَيا شِفتَنِي سَارِح و شَارِدَ البَال
‎اعرِف أَنِّي طَالِب مِنْكَ المَوَدَه
‎انْسُج أَحلَامِي فْي سَرْدَ الخَيَال
‎وَ ارجُو مِنَ المَولَى يِبعِدنَا عَن الفُرقَه


إبداعات عائلة اسكرايب

“الدكتور” بقلم: محمد صقر – سلسلة الغامض



كتب محمد صقر:


من حوالي خمس سنين حصلت حادثه في مستشفي في قريه موجوده في الصعيد… انا حسن طارق دكتور جراحه لسه متخرج جديد ودي اول مستشفي انزل شغل فيها،كنا اربعه بس في قسم التشريح بس كان فيه دكتور زميلنا في اجازه ف كان ضغط الشغل علينا احنا التلاته بس في الشهر دا، في الحقيقه كان فيه حاجات كتير غريبه بتحصل في المستشفي دي من ساعه ماجيت بس مش لاقي ليها تفسير منطقي زي ماتكون حاجه من وراء الطبيعه او بمعني اصح ليها علاقه بالعالم التاني، مكنتش مركز اوي في الحكايه دي وخصوصا اني كنت بحضر ماجستير ومشغول جدا في المذاكره والشغل.

لحد اما جيت في يوم كنت ماشي في ممر بين غرف المستشفي ولمحت وانا معدي من قدام باب غرفه الدكتور علي السمنودي اثار دم علي الارض ف رجعت تاني وفضلت ادور علي المسار اللي جي منه الدم ولقيت ان اخر المسار كان دولاب ولما فتحته هنا كانت المفجأه…

جثه الدكتور علي السمنودي، المنظر كان بشع لأن الجثه كانت مشوهه، والغريب في الموضوع ان فيه رمز مرسوم علي رقبته بالدم، الرمز كان واخد شكل الغراب وحواليه كام شكل غريب كده معرفتش افسره، منكرش ان انا في الوقت دا كنت هموت من الخوف ودا اللي كان هيحس بيه أي حد مكاني، فضلت ارجع ل ورا وانا مصدوم من المشهد لحد اما لقيت نفسي خبطت ف حاجه كانت ورايا ف اتكعبلت ووقعت علي الارض وفقدت الوعي… ابتديت افوق بعدها بشويه فضلت ابص لكل ركن في الغرفه اللي كنت فيها لحد اما عيني جت علي الدولاب واتفجأت ان الدولاب فاضي ومفيهوش الجثه اللي كانت موجوده وفجأه سمعت صريخ جاي من برا، جريت علي المكان اللي الصريخ جاي منه.

ولقيت انه جاي من غرفه الدكتوره نور،لما دخلت الاوضه لقيت جثتها مرميه علي الارض والدم حواليها ونفس نقش الغراب دا علي رقبتها، انا قلبي كان هيقف حاسس اني في كابوس المشاهد كانت صعبه جدا ، مكانش قدامي حل غير اني ابلغ البوليس…البوليس جيه بعد اما كلمته ب نص ساعه بالظبط وفتشوا المستشفي كلها لحد اما عرفوا مكان جثه الدكتور علي السمنودي،اسمي جيه في التحقيقات بس مش ك شاهد لا دا كنت انا المتهم في القضيه،المشرط اللي اتقتلوا بيه الضحيتين كان عليه بصماتي، انا فضلت انكر ان انا اللي قتلتهم بس طبعا كل الادله كانت ضدي…

من زاويه تانيه انا الدكتور طارق ذكي ، انا كنت ببيع اعضاء الحالات الخطره والحوادث اللي كانت بتجيلي والدكتور علي والدكتوره نور كانوا مشتركين معايا ف كل العمليات دي ولما انفصلت عنهم ابتدوا يهددوني انهم يبلغوا البوليس ف اضطريت اني اقتلهم وكان لازم طبعا الاقي حد يشيل القضيه وكانت القضيه من نصيب الدكتور حسن طارق، فخططت ان ازاي اخلي الادله ضده وجيه ف بالي اني استخدم المشرط اللي استخدمه في اخر عمليه عشان بصماته واحاول اشوه اي جزء في الجثث ف يبان ان الموضوع غريب عشان لما يحكي علي اللي شافه يتقال عليه مجنون وياخد القضيه …


إبداعات عائلة اسكرايب

“لعنة أرانيست” بقلم: محمد صقر – سلسلة الغامض



كتب محمد صقر:


دم…قتل…خوف…ضحيه… بقالي فتره مش بسمع غير الكام كلمه دول لما بكون نايم ،بدأت حكايتي من اربع ايام….انا محمود السيد “عالم اثار” ، كنت في رحله استكشافيه انا وفريق البحث بتاعي واكتشفنا مقبره جديده ،الغريبه ان الباب بتاع المقبره كان مكتوب عليه كلام باللغه الهيروغليفيه وترجمه الكلام ده كانت “هذه مقبره الملكه ارانيست ومن سيقوم بفتحها ستحل عليه لعنتنا وتذكروا انها مقابل خمسه ارواح”.

انا طبعا مبصدقش ب لعنه الفراعنه ولا مؤمن بيها عشان فتحت مقابر كتير ومكانش بيحصل اي حاجه، والحجات اللي بتسمعوا عنها دي بتبقي نتيجه الفيروسات اللي بتدخل جسم الناس اللي بيفتحوها عشان المقبره بتبقي مقفوله بقالها الاف السنين ، ففتحنا المقبره وكنا تعبانين جدا من الرحله ديه ف قولنا نروح بيوتنا ونرجع نكمل الصبح وطبعا كل واحد روح علي بيته، والساعه 12 بليل لقيت باب الشقه بيخبط وروحت عشان افتح لقيت جثه طارق “مسؤول التصوير في الرحله” مرمي قدام باب الشقه ، اتصدمت من المنظر وكنت هفقد الوعي انا طبعا اول مره اشوف قتيل اول مره اتحط في موقف زي ده وكنت خايف بس مكنتش متأثر اوي عشان انا اعرفه معرفه سطحيه بس اصله لسه شغال معانا من يومين بس ،فضلت افكر هعمل ايه في المصيبه دي عشان لو بلغت البوليس ممكن يقولو ان انا اللي قتلته فقررت اني ادفن الجثه ف خدت الجثه في العربيه ودفنته في مكان بعيد عن البيت ،تاني يوم الصبح بفتح باب البيت لقيت جثه عماد “واحد من فريق البحث”.

نفس المشهد بيتكرر تاني بنفس المنظر ،انا ابتديت اصدق الكلام اللي كان مكتوب علي المقبره وكده هيبقي فاضل 2 وانا التالت فعملت في الجثه دي نفس اللي عملته في الجثه الاولي ، وجريت علي المقبره وفتحت الباب والمفجأه كانت ان الحجات اللي في المقبره كلها اختفت مكانش فيه اي حاجه خالص،روحت بيت خالد “واحد من فريق البحث” عشان اقوله اللي حصل فضلت اخبطت كتير محدش كان بيرد وابتديت اقلق عليه ف كسرت الباب ودخلت لقيته مشنوق ومتعلق في السقف… كده مش ناقص غيري انا وطلعت “المساعد بتاعي في الرحله”.

اتصلت ب طلعت ولقيت تليفونه مقفول ف جريت علي بيته وفضلت اخبط ولقيته فتح ف حضنته وكنت عطشان جدا عشان كنت بجري طول الطريق ف قولتله هات كوبايه مايه فجابلي وقعدنا حكيتله علي اللي حصل وان المقبره فاضيه ومفيهاش حاجه وفجأه لقيته بيضحك:
مالك ياطلعت بتضحك ليه انا بقولك التلاته اتقتلو ومش فاضل غيري انا وانت -قصدك مش فاضل غيرك ايه اللي انت بتقوله ده.


-انا اللي قتلت طارق وعماد وخالد وانت كمان هتموت من السم اللي حطتهولك في الميه اللي شربتها
انت اكيد اتجننت -انا اللي رسمت طريق المقبره عشان تساعدوني اوصلها وطبعا انتو كنتو هتكلمو الحكومه عشان يستلمو المقبره مننا، انا كنت متفق مع خواجه عشان ابيعله الحجات اللي في المقبره دي وبيعتهاله كلها وقبضت الفلوس في نفس اليوم اللي اكتشفناها فيه ،انتو روحتوا البيت وانا رجعت تاني ، وطبعا كان لازم ادفن سر المقبره دي عشان محدش يعرف عنها حاجه ف قتلتكو واستغليت الجمله اللي كانت مكتوبه علي المقبره عشان محدش يشك فيا وكله يصدق ان اللعنه دي موجوده فعلا ،وبالنسبالك انت هتموت بعد 24 ساعه من دلوقتي عشان مفعول السم ده هيبتدي يشتغل انت بني ادم مريض وقذر.


-يلا اخرج برا.
_بتبيع بلدك يا طلعت.
-وابيع ابويا كمان لو السعر عجبني.


فضلت افكر هعمل ايه لحد اما ملقيتش غير اني اروح المستشفي وفعلا روحت وقدرو يلحقوني وعملت غسيل معده عشان السم مفعوله كان بطئ ، وبعدها بيوم سمعت خبر وفاة طلعت…..طبعا دا الكلام اللي قولته في المحضر انما الحقيقه هي ان انا اللي قتلت الاربعه
وبيعت المقبره ودلوقتي معايا خمسين مليون دولار.


إبداعات عائلة اسكرايب

“قديسة تنتصر على الشيطان” بقلم فارس عمرو – كاتب الموتى



كتب فارس عمرو:


القصة الحقيقية لأشهر فتاة مسكونة


فتاة المانية في ريعان الشباب و مفعمة بالأمل تتحول حياتها فجأة الى جحيم لا يطاق عندما تتقمصها الارواح الشريرة و تستلب منها روحها و أرادتها ، انها اناليس ميشل ، الفتاة التي تحولت في نظر البعض الى قديسة حاربت الشيطان و انتصرت عليه ، تعال معي عزيزي القاريء لنتعرف على اشهر قصة في العالم لفتاة تقمصها الجن.

تنوية : انا لا اؤكد و لا انفي هذه القصة فهناك البعض يؤمن بظاهرة التقمص و هناك اخرون كاطباء و باحثون يؤكدون ان حالات التقمص ما هي الا امراض نفسية يمكن علاجها عن طريق جلسات العلاج النفسية و الادوية.

هذه القصة هي من اشهر قصص التقمص في العالم .

كان جسدها مسكونا بستة ارواح او اكثر !!
ولدت اناليس ميشل في احدى بلدات مقاطعة بافاريا الالمانية عام 1952 لعائلة مسيحيه كاثوليكية متدينة و عاشت حياة طبيعية حتى سن السادسة عشر حيث ظهرت عليها فجأة بعض الاعراض الغريبة كالأرتجاف الشديد و عدم السيطرة على حركات بعض اجزاء جسمها لذلك قام والديها بأدخالها الى المستشفى لتلقي العلاج اللازم و لكن حالتها استمرت بالتدهور و بدأت تشاهد اطياف لوجوه غريبة تحدق بها و تسمع اصواتا و صرخات مرعبة في رأسها تقول لها بأنها “ستحترق في جهنم” ، خلال جلسات العلاج النفسية اخبرت اناليس طبيبها بأن جسدها مسكون و ان الاصوات الغريبة بدأت تأمرها بأن تؤدي بعض الاعمال التي لا تود القيام بها ، لكن طبيبها فسر كلامها على انه مجرد هلوسة مما جعل اناليس تفقد الامل في العلاج الطبي و بدأت تلتمس الحصول عليه عن طريق جلسات طرد الارواح الكنسية.

قام والديها بالألتماس لدى عدة قساوسة للقيام بعملية اخراج الجن من جسدها الا ان طلبهم رفض لمرتين و ذلك لأن للكنيسة معايير خاصة للأعتراف بأن شخصا ما قد مسه الجن و من اهم هذه المعايير او الشروط هو ان يبدي الشخص كرها شديدا و نفورا عميقا من الرموز الدينية او ان يتكلم بلغة اجنبية ليس له او لأي شخص من عائلته اي المام بها او او ان يحوز على قوى خارقة غريبة.

بدأت حالة اناليس تسوء اكثر ، اخذت تسب و تشتم افراد عائلتها و تعض من يحاول الاقتراب منها كما بدأت تمتنع عن تناول الطعام لأن الجن الذي يسكنها يمنعها من ذلك و صارت تمزق ملابسها و تنام على الارضية و تلتهم العناكب و الذباب ، و اصبحت تصرخ بهستيرية لساعات و تحطم اي صليب تقع يدها عليه و تمزق صور المسيح و تكسر اواني الزهور و الورود كما انها بدأت تجدع و تقضم اجزاء من جسدها و تتبول على ارضية الغرفة و تشرب بولها احيانا.

نظرا لسوء حالتها وافقت الكنيسة اخيرا على اجراء جلسات لطرد الجن من جسدها و خلال عامي 1975 – 1976 تم اجراء جلسة او جلستين اسبوعيا لأناليس التي اخبرتهم خلال هذه الجلسات بأن جسدها مسكون من قبل ستة ارواح شريرة او اكثر من بينها روح قابيل و نيرون و هتلر.

رغم ان اناليس بدأت تشعر ببعض الراحة بعد جلسات الكنيسة الا انها لم تشفى تماما و كانت تتعرض بصورة مستمرة الى نوبات هستيرية شديدة تشبه الصرع يتجمد جسمها خلالها كالمصاب بالشلل و تفقد الوعي ، استمرت جلسات طرد الجن في الكنيسة لعدة اشهر و غالبا كان يحضرها نفس الاشخاص المكونين من القساوسة و والدا اناليس و احيانا بعض المصلين. قام القساوسة بتسجيل وقائع الجلسات على 40 شريطا صوتيا خلال فترة عشرة اشهر و كانت اناليس احيانا تخرج عن السيطرة خلال الجلسات مما يحتاج لثلاثة رجال اقوياء ليسيطروا عليها رغم ان وزنها اصبح لا يتعدى الاربعين كيلوغرام و احيانا كانوا يضطرون لتقييدها بالسلاسل.

اخر جلسة تم اجرائها كانت في 30 أكتوبر 1976 و كانت اناليس خلال هذه الفترة قد انهكت تماما حيث كانت تعاني من ذات الرئة و من حمى شديدة كما كانت قد اصبحت في منتهى الضعف و النحول جراء امتناعها عن تناول الطعام لفترة طويلة و كانت اخر جملة لها خلال جلستها الاخيرة هي “اتوسل من اجل المغفرة” ، و في مساء ذلك اليوم التفتت اناليس الى امها للمرة الاخيرة و قالت بصوت متهدج “اماه ، اني خائفة” و كانت هذه هي اخر كلماتها اذ فارقت الحياة في نفس الليلة.


قامت الشرطة بأعتقال القسيين اللذين اجريا جلسات طرد الجن و كذلك والدي اناليس بتهمة الاهمال المؤدي الى الموت فحسب تقرير الشرطة فأن السبب الرئيسي لموت اناليس كان الجوع نتيجة امتناعها عن تناول الطعام و خلصت الشرطة بأنه لو تم اجبار اناليس على تناول الطعام قبل اسبوع من وفاتها لكان بالأمكان تفادي موتها ، اثناء المحاكمة قالت اخت اناليس بأن شقيقتها الراحلة كانت تكره المستشفى لأنهم يجبروها على تناول الادوية و الطعام كما تم عرض بعض الاشرطة التي سجلت لأناليس خلال جلسات الكنيسة و التي تحوي على بعض الجمل او العبارات الغريبة و منها على سبيل المثال حوار اشبه بالجدال بين اثنين من الجن حول ايهم عليه ترك جسد اناليس اولا و كانا يتكلمان بصوت رجولي و بلهجة غريبة. الا ان الطبيب النفسي الذي جلبته المحكمة ليحلل علميا حالة اناليس قال انها كانت تعاني من حالة اضطراب نفسي شديد و انه كان من الممكن انقاذها من الموت لو تم احضارها الى المستشفى قبل اسبوع من وفاتها و بناء على ذلك فقد وجدت المحكمة والدا اناليس و كذلك القساوسة مذنبين و حكمت عليهم بستة اشهر من السجن مع التعليق لكل منهم.

بعد وفاتها اصبحت اناليس بمثابة القديسة في نظر الكثيرين و اصبح قبرها مزارا للكثير من الزوار كما ان حياتها و قصتها اصبحت مثار اهتمام كبير و تم تصوير عدة افلام مستوحاة من قصتها لعل اشهرها هو الفيلم الامريكي ” The Exorcism of Emily Rose ” المنتج عام 2005 .


شكرا ل زياد احمد على تصميم الغلاف 💙


عوالم شيطانية

إبداعات عائلة اسكرايب

“الكاميرا الخفية في زمن كورونا” بقلم: رحو شرقي



كتب رحو شرقي:


في شهر مارس من عام 2018 سُئل الفنان القدير سيد زيان والمعروف عند الجمهور الجزائري بـــ ” هبنقة” وهذا لدور أداه بمسلسل في ثمانينات القرن الماضي مع كوكبة من نجوم الشاشة المصيرية كليلة طاهر وهال فاخر وغيرها من الفنانيين.. ماذا يعنى لك التلفزيون ، السينما ، المسرح ؟
أجاب سيد زيان قائلا ” التلفزيون أخطر مكان للمثل، أما السينما صناعة، لكن المسرح هو أبوي وأمي وسيد الفنون “

“عندما يعجز العقل عن الإبداع، يتفانى في الضرر بامتياز وصدق”
ظهرت في الاونة الأخيرة الكثير من البرامج التلفزيونية لملء الفراغ الرهيب لتقريب المسافة بين المشاهد والتلفيزيون بالمتعة أو صناعة الفرجة الهادفة، لكن هذه البرامج لم تزد إلا ألهُوّة والنفور بعيدا عن صناعة احترافية لمشهدية تحترم الذوق الراقي لدى المشاهد، فعادت مهازل.

يقول الجاحظ ” المعاني مطروحة في الطريق الطريق “
حسب نظرتي البسيطة هو فقدان النص أو الفكرة والاشتغال عليها من كل جانب دون المساس بالدين ومشاعر الآخرين وافتقاد الممثل إلى ثقافة قبول أو عدم قبول الدور الذي سيؤديه وقناعته التي تحكمها خلفية ثقافية رصينة.

من الفكرة إلى الفرقة ذلك العقل الجماعي الحصيف المكين الذي يسير في تناغم كجوقة موسيقية، ليخرج لنا عملا مكتملا في حلته الإبداعية دون تكلفة، بفكرة غير مستهلكة بعيدا عن الملل والنفور.

وأنا أتابع هذه البرامج استفزني كثيرا الطفل العبقري سامي الجويني من أصول ليبية والذي عمل الكثير من الإبداعات بامتياز رغم أنه ليس خريج المعاهد الفنية وبطبيعة الحال وراءه كل فنان ناجح كم من النصوص والسيناريوهات وجيش من الفنيين والتقنيين.

سامي الجويني لم يسىء للدين أو يخدش مشاعر الآخرين، أدخل البهجة إلى بيوت إخواننا التونسيين من خلال عدة حلاقات ” مقلب المسدس ، مقلب إنقاذ الغريق ، مقلب الصياد….إلخ.فأوصل الكميرا الخفية العربية الى العالمية.
كانت تقدم حلاقاته بمستوى راقي، ومحترم مما كشف لنا ردة فعل راقية وحضارية من المجتمع التونسي، خالية من كل ظواهر العنف والتي تحمل قيم المجتمع العربي الحقيقية من الشارع دون تكلف.
إلى السيد روان أتكينسون المدعو بأسم الشهرة بان Bean Mrالذي أدخل الفرحة على قلوب العالم دون أن ينطق كلمة واحدة.
السيد بان مهندس كهربائي …كاتب و سيناريست، منتج ومسرحي.
إلى متى تنتهي لعبة الرداءة في انتظار احترام الطرف الآخر وخاصة المواطن يعيش حالة حجر في زمن كورونا.
ذكرني السيد روان أتكينسون بالشاعر نزار عندما سئل عن نجاح أغنية قارئة الفنجان ؟
أجاب أن المغني هرم الغناء العربي ويقصد عبد الحليم، والملحن هرم، محمد الموجي… بطبيعة الحال سيُقدم لنا عمل عظيما .
إلا أن السيد روان أتكينسون يجمع الثلاث، لذلك العمل الذي يفتك ثقة المشاهد وبلوغ العالمية هو ليس تذكرة تمنح لدخول مشاهدة عرضا للثيران ثم يقوم أحدهم لإنقاذ الموقف كمن يرمي المنشفة في حلبة للصراع … كميرا خفية …كميرا خفية.

وأخيرا من غير الممكن أن نصنع طبيخا يرمى في االقمامات، نصيحة أن لا تبذروا، إن الله لا يحب المبذرين، فالله فرض الصيام وفي الصيام صحة وعافية ، خير من هذه البرامج التي لا ترقى لاسم برنامج.


إبداعات عائلة اسكرايب

“بداية جديدة” بقلم: سمر الشاذلي – مسابقة كورونا الأمل



كتبت سمر الشاذلي:


مر أسبوع منذ ثبتت إصابة زوجته بالوباء الجديد.. وتركت البيت لتقيم فى مستشفى العزل.. لم يكن يدرك قبلا أن الخطر قد يكون قريبا إلى هذا الحد.. لم يكن يصدق من الأساس أن ثمة فيروس يجتاح العالم.. كان يعتقد أنها مجرد شائعات وأنها جزء من مؤامرة عالمية.. ولكن إذا كان لا يوجد فيروس.. فما الذى أصاب زوجته؟!

لم يستطع أن يتمالك نفسه من هول الصدمة.. يحاولون طمأنته بأن فرصتها فى التعافى كبيرة.. فحالتها ليست خطيرة.. لكنه لم يكن خائفا عليها بل على نفسه.. هو يعيش معها فى بيت واحد.. أو كما يقول الأطباء.. مخالط لها.. كان يموت رعبا فى كل دقيقة حتى ظهرت نتيجة تحليله سلبية.. برغم ذلك عليه أن يلتزم المنزل.. فحتى لو سمح له بالخروج ومخالطة الناس.. هو لا يزال مرفوضا من كل من حوله.. الجميع يخشون الاقتراب منه.. لا بأس.. لديه فى البيت ما يكفى احتياجته.. والأهم أن زوجته ليست فيه.. شعر بالراحة كأنه سجين أفرج عنه للتو.. أخيرا سيعيش وحده.. ولو لفترة قصيرة.. دون قيدها الذى لم يعد يسعه احتماله.. أخيرا يشعر بالحرية.. الحرية التى فقدها يوم أن قرر أن تشاركه حياته وأن يكون لها فيه نصيب.

أسبوع لم ير فيه وجهها.. من حسن حظه أن الزيارات ممنوعة.. له عذره فى الامتناع عن زيارتها.. تكفى مكالمة بسيطة كل يوم.. يقول فيها بضع كلمات حفظها سلفا لحفظ ماء وجهه كزوج.

سيدبر بنفسه كل أمور المنزل.. الأمر بسيط.. وهو راشد بما يكفى ليعتمد على نفسه.. ماذا كانت تفعل فى المنزل؟ هذا السؤال الذى اعتاد تكراره فتنفجر بعده غاضبة.. لتبدأ نوبة شجار جديدة.. دائما تنفعل لأتفه الأسباب.. سؤال عادى من وجهة نظره لا يستدعى كل تلك الثورة.. الآن فقط سيكتشف الإجابة بنفسه.

لكن الأمر لم يكن سهلا كما توقع.. لقد اكتشف أنه عاجز عن فعل أبسط الأشياء ..من أول يوم تراكمت الأوساخ وامتلأ حوض المطبخ بالأطباق.. وتبعثرت ملابسه فى أرجاء البيت .. أدرك أنه لم يعتد أن يعتمد على نفسه كأنه طفل صغير.. برغم سنه ومستوى تعليمه ومهارته فى عمله لا يستطيع أن يعد لنفسه كوبا من الشاى .. صارت الفوضى فى كل مكان.. وامتلأت يداه بالجروح والحروق أثناء محاولاته إعداد الطعام والتى غالبا ما كانت تفشل.. لكنه مضطر أن يأكل ما صنعه مهما كانت حاله.

لكن هذا لا يهم.. المهم أنه أصبح حرا ولو لفترة مؤقتة.. وأنه أخذ استراحة من نكدها.. كل شىء فى بدايته صعب.. سيتقن كل هذا مع الوقت.. ستعود قريبا بعد أن تنهى علاجها وعليه ألا يجعل أى عقبة تعكر عليه صفو هذه الهدنة.

على مضض قام ليتصل بها.. لم تصله إجابة.. بعدها جاءه اتصال من المستشفى.. لقد دخلت زوجته العناية المركزة.. لا تستطيع أن تحادثه.. حالتها تزداد سوءا.

جلس يتابع الأخبار.. كل يوم يسمع عن حالات وفايات جديدة.. قريبا ربما تصبح هى ضمن أرقام الوفايات ليستريح منها للأبد.. ألم يكن هذا ما يريده.. أن يفترقا.. لن يضطر إلى سماع عبارات اللوم ممن حوله لأنه طلق امرأة مثلها.. هم لا يعرفونها كما يعرفها هو.. لذا هم مخدوعون فيها.. لا يرون عيوبها.. العشرة تظهر الناس على حقيقتهم لذا .. هو وحده من يعرفها حقا.. وها هو القدر يمنحه ما يريد دون أى خسائر.. فرصة جديدة ليبدأ حياته بدونها.. بداية جديدة.

لكن إذا كان هذا ما يريده.. لماذا انقبض قلبه هكذا قلبه عندما خطرت بباله فكرة موتها.. لماذا يشعر بهذه الغصة القاتلة؟! لماذا يضيق صدره وكأن كل ما حوله من الهواء قد نفد؟! لماذا بدأ يشعر بالوحشة عندما تخيل أنه لن يراها ثانية.. ولن يتسنى له حتى أن يلقى عليها نظرة الوداع؟!

أحقا يفتقدها!

على الرغم من عدم شعوره بالجوع قام ليأكل.. أخد بضعة لقيمات من الطعام المحترق.. تذكر تأنيبه لها عند كل وجبة.. وسيل التوبيخ الذى كان يوجهه لها مع كل صنف تقدمه.. لم يشكرها على شىء قدمته له مهما كان رائعا.. وكأن كلمة شكرا قد اختفت من قاموسه.

أسبوع لم يسمع فيه الجيران صوت شجارهما الذى صار معتادا.. أسبوع لم يرفع صوته ولا يده عليها ولم يهددها بالطلاق أو بالزواج من أخرى.. ولم يغادر البيت صافعا الباب خلفه تاركا إياها تذرف دموعها ألما وينزف قلبها حسرة.. أسبوع لم يجلدها فيه بكلماته الجارحة ونظراته الحادة.. ولم ينعتها بالنكدية أو المجنونة.. أسبوع لم يوجه لها أمرا ولا نهيا ولا انتقادا ولا اتهاما.. هل بات يفتقد تلك الشجارات؟!

الملل يقتله.. لم يعد ثمة ما يسليه فى البيت.. فعل كل شىء.. وفقد شغفه لكل شىء.. فبدأ بتفقد الأشياء القديمة عله يجد فيها ما يسليه.. وجد ألبوم صورها القديم.. راح يتأمل الصور وكأنه يراها لأول مرة.. كان وجهها جميلا وابتسامتها لا تفارق وجهها.. كان ابتسامتها هى أكثر ما يميزها.. وهى ما جذبه إليها.. كانت تحمل بداخلها روح طفلة لم تقتل براءتها تجارب الحياة.. كانت ملامحها تفيض حيوية وبهجة.. أين اختفت تلك الملامح؟ لقد تغيرت مع الوقت.. قلما تبتسم.. وإذا فعلت.. تأتى ابتسامتها باهتة خالية من الحياة.. ما الذى غيرها.. أين ذهب مرحها؟!

بدأ يشعر بالوحشة.. فكرة موتها تطارده.. تؤلمه حقا.. قلبه ينتفض بين ضلوعه صارخا.. هل لا يزال يحبها.. كيف؟!

لقد ظن أن حبه لها مات منذ زمن.. تلك النار التى اشتعلت فى قلبه يوما قد انطفأت للأبد.. كان يحبها.. نعم.. كان يسهر ليله يفكر فيها.. ويترقب الصباح كى يراها.. كان يحب لقاءها.. حديثها.. ضحكتها.. حتى غضبها.. لكن كل هذا تغير مع الزمن.. ولم يبق من نار الحب غير رماد.. ولكن ما يشعر به الآن خلاف ذلك.. تحت ذلك الرماد الساكن.. جمرات متقدة.. تجاهد كى تبقى.. تبحث عن ما يذكيها لتشتعل من جديد.. نعم لا يزال يحبها.. ولا يريدها أن تموت.

الموت.. نراه حولنا كل لحظة.. يحمل لنا رسائل غالبا لا نقرؤها.. نراه شيئا عاديا طالما أنه بعيد عن دائرتنا.. نعزى غيرنا على فقد أحبتهم ولا نشعر بما يشعرون.. أما عندما يقترب منا فالأمر مختلف.. هنا نشعر بمرارة الفراق.. وقسوة الفقد.. لا نشعر بقيمة ما نملكه إلا عندما نفقده أو نوشك أن نفقده.. نراه يتسرب من بين أيدينا ولا نستطيع التمسك والاحتفاظ به.. هكذا شعر.. بدأ يرى أن عيوبها شيئا عاديا.. هى عيوب كل البشر على كل حال.. ما من إنسان كامل.. بدأ يرى عيوب نفسه وتعجب كيف تحملته كل هذا الوقت.. لم يكن ما أصاب علاقتهما مسئوليتها وحدها.. بل هما معا.. وإذا أرادا إصلاح ما فسد فعليهما أن يحاولا معا.. ولكن هل يمنحهما القدر فرصة ثانية ليكونا معا.

لم يَعُدْ يَعُدُّ أيام الغياب.. صارت الدقيقة كأنها يوم.. يقضيها ما بين الدعاء لها بالشفاء.. وترقب أى خبر عنها.. يتابع حالتها عبر الهاتف.. ينتظر تقارير المستشفى بصبر نافد.. يرجو سماع أى شىء يطمئنه.. ويخشى فى نفس الوقت أن يكون فى ما سيسمعه نهاية آماله.

أخيرا.. جاءه خبر.. تحسنت حالتها.. خرجت من العناية المركزة ويستطيع الآن محادثتها.. تمنى لو كان معها الآن.. لو استطاع أن يراها ويعانقها.. وضعت الهاتف على أذنها بيد مرتعشة.. لم تصدق ما تسمعه.. أحبك.. أفتقدك كثيرا.. لا أستطيع الحياة بدونك.. متى ستعودين.. كلمات ما ظنت يوما أنها ستسمعها منه ولو كذبا.. فكيف وهى تشعر بالصدق فى كل حرف فيها.. كلمات نزلت على قلبها نزول المطر على الأرض المقفرة لتعيد إليها الحياة.. كانت متعبة.. ردت بكلمات بسيطة.. لكنها كانت كافية لتبعث فى نفسه الطمأنينة والأمل.. ووعد ببداية جديدة.


إبداعات عائلة اسكرايب

“نبضات ثائرة” بقلم: نجلاء جميل



كتبت نجلاء جميل:


آهات تصيب أعماقنا ، كسيف مسلول تجتز بتلات أرواحنا ، تجتاح مرافئ نفوسنا ، يتلاشى اللون الأبيض من أمام نواظرنا ، لنصبح غير آبهين بما يعترينا من شجن الشموع بين ألواننا ، تتحجر الدموع في المآقي ، ليست لأنها موجوعة فحسب ولكنها ضاجة أيضا من نهرها الذي قد نضب من وقع صدمات وخذلان ومآسي .

أخطاء قد اقترفناها بحق أنفسنا ، تعاتبنا الأنا لماذا وكيف ومتى سنعتق الذات من الرضوخ لمستبدات ؟ اسمها المشاعر ، ونقاء القلوب ، وصفاء النفوس .. ؟
إلى متى سندفع ضريبة ضيم القلوب .؟ وثقافة اعتنقناها اسمها الأصول ؟ تساؤلات و عتاب وملامة لا تنفض من حولك ..


حياة بتفاصيلها لاكتنا ولكناها ، شعرنا بأننا نمتلك من الدراية ما يؤمن أنفاسنا ، ويحمي من الغدر مشاعرنا ، نقتاد بإرادتنا لعلاقات كنا نحسبها ودية ، ترى وجوها مخبأة بأقنعة زاهية ، تقابلها أنت بكل ود وعطور لزهرات أبت أن تتقمص أدوارا لا تليق بها ، أو تتزين بشذا غيرها .. فأنت كما أنت ، لأنك تجهل فنون التجميل للقلوب والمشاعر ..
ولكن الخذلان أبى إلا وأن يكون أخطبوطا مادّا أذرعه بين النوايا .


أين نحن من الإنسانية ، وهل أزهار الياسمين في أفئدتنا تآكلت ،؟ وماذا عن قانون الغابات والمصالح الشخصية ؟ بدايات جميلة لكل الأشياء ، فليتها النهايات تكون كالبدايات ..


قانون أمقته ، بت أتمنى أن أغتاله ، ولا يعرف حتى الثرى له مكانا ، كأنه صك عارٍ مُفرّغ من أدنى معنى للإنسانية ..
أ يا نابضا بدفء الروح .. تمهل .. ألم تعلم أنه ما عاد بيننا سلام ، فالأمر بات مقضيا ..


فما كان بيني وبينك غير مصالح أُنجزت ، وتناثر ما كان اسمه الود في موجة خريف .. هكذا هو القانون
يا هذا .. لن أعاتبك يوما ، فأنا من كانت غشاوة الصفح الجميل كحجاب على جفون الفؤاد والروح الندية ..
فيا معشر الأجناس البشرية ، كونوا أعزة وروادا لضفاف الإنسانية
………
وللحكايا بقيّة …


إبداعات عائلة اسكرايب

“ظلَّت الصّداقة…؟!” بقلم: رحو شرقي



كتب رحو شرقي:


كانت ليلة دعجاء من ليالي كانون الثاني، خلت شوارعها من حركتها المعهودة.
حتى عاد خد أرضها كالمرآة من شدة الصقيع .
بقيت إحدى زوايا الحي تحترز قليلا من الدفء، جمعت بين كلب وقط!.


ظلا يتقاسمان الرغيف والمكان، كما يتقاسمان المحبة والوئام بنشوة زهوٍ، تُذهب حشرجة البؤس من صدورهما …فلا يحلو المكان إلا باستئناس بعضهما البعض.
غير أن المارة من أهل الحي، الذي كان يشوقهم أكثر مما يشوقهم!


استغراب هذه المحبة القائمة بين الكلب والقط، وهم على ثقةٍ أنه حب مستحيل.


راح البعض منهم يردد في نفسه:
” ما أعظم هذا الحب!
والبعض الآخر يبحث عن سر هذه العلاقة الغريبة القائمة؛ تلك التي أفتقدوا وجودها بينهم.

“حين اكتشفوا السبب؛ بَطُل العجب”
كان الكلب والقط يشوبهما عيب!
“أصمان لا يسمعان!”

ومنذ ذلك الوقت علموا أن الصداقة ظلت مشوهة، لأن أفواهنا امتلأت بعيوب الآخرين.


إبداعات عائلة اسكرايب

“بائعة الجبن” بقلم: إيمان صلاح



كتبت إيمان صلاح:


المرأة العجوز الجالسة دائما على حافة الرصيف بشارعنا تبكي كل يوم عندما يركل الأطفال في وجهها الكرة ،كنت دائما أفكر بها كيف لها أن تتحمل سخافات البشر دون أن تمل الأمر وترحل حتى جاء اليوم الذي تأملت بها ملابسها التي عبارة عن أسمال ووجهها الشاحب من قلة الطعام وأطباق البيض والجبن أمامها في الأرض تحاول أن تبيعهم ،تنادي على المارين أمامها بأمل حتى تبيع ما تبيعه وتذهب بقوت يومها لكن هناك من لا يريدها تجلس هنا ، يعرقل حلمها الصغير.

كنت أتابعها وأتعجب لصبرها.
قررت في ذات يوم من أيام شهر رمضان الكريم أن أحدثها وأخفف عنها معاناة البيع والصيام في هذا الجو الحار.


تقدمت نحوها:
هل تقبلين مني هذه الهدية أعلم أنك تكابدين عناء البيع في ظل الصيام
يابني هذا أكل عيشي لابد ان أكابد حتى أشعر بقيمة المال الذي أحصل عليه..


هذه هي الحياة يا بني:
أعلم جيدا ما تقولين ولكنني أحببت أن أعطيكِ حق البيض والجبن كاملةً اليوم على أن تعودي بهم لبيتك.
لا يابني لابد أن أبيعهم لأشعر بأنني أنجزت عملي اليوم
إذن لا مفر تفضلي حق البيض والجبن لليوم وأعطيني كل الكمية التي لديكِ على أن تذهبي للراحة.


رأيت السعادة تكمن في عينيها فلقد حصلت على مال اليوم بكبرياء.
حينها قررت أن أشتري منها كل يوم خلال الشهر الكريم الجبن والبيض الذي معها فقد أحببت أن أعطيها وأن تحتفظ هي بذاك الكبرياء العظيم.
ولكن ماذا أفعل بكل هذه الكمية؟


بعد تفكير قررت أن أعطي للمحتاجين هذه الكمية بتوزيع عادل ،إنها متعة العطاء حتى وإن كانت بشيء رمزي تجعلك في حالة من الانتشاء وتدلك على السلام النفسي.


إبداعات عائلة اسكرايب

“الجندي المجهول” بقلم: خضر العلي – مسابقة كورونا الأمل



كتب خضر العلي:


لعلَّ أولَ مَا يَجُولُ بِبَالِكَ عِندَ قرَاءَةِ هَذا العُنوانِ أَنَّ المقصُودَ هوَ أَحدُ الأَشخاصِ الجنودِ في صُفوفِ أحِدِ الجيوشِ وَ أَنَّهُ مِنَ المُقَاتِلينَ الأَشَاوس الذينَ لَمْ يُسجلْ التاريخُ لَهمُ شيءً بينَ طياتِ صفَحاتِهِ ولَمْ يَذكُرَهمْ أَحدٌ قَطْ، بَل إنَّهم اندَثَروا معَ غُبارِ الزَمانِ على الرُغمِ مِما قَدموهُ مِنْ بُطولاتٍ ومعاناةٍ في تَغييرٍ لِهَذا التَارِيخِ…
اعتِقادِكَ صَحيحٌ في مُجمَلِهِ ولكنَّ مَقصَدي هُنا فِي هَذِهِ القصةِ على عكسِ ما تَعتَقِد، فليسَ كُلُ الجنودِ أشخاصٌ..


على مَرِ الزمنِ علمنَا أَنَّ هُنَاكَ الكثيرُ مِنَ الجنودِ الذينَ غَيروا مَجرَى قَبائلَ وأقواماً وشعوب، ولكنَهم لَمْ يَكونوا أشْخَاصاً، بَلْ كَانوا جنداً مِنْ جُنْدِ اللهِ الذينَ لا يُقهَرونَ.


سَمِعنا بطوفانِ نوحٍ الذي غَيَّرَ مجرى الكُرةِ الأرضيةِ ولَم يبقَ مِنها أَحَدٌ سِوى مَنْ أَرادَ اللهُ، وكَذلِكَ بالرِياحِ الصَرصَرِ التي لَمْ تُبقِ ولَمْ تَذَرْ في الأقوَامِ لأَحدٍ أَثَر، وعَلِمنا بقصةِ الطيورِ الأَبابيلِ، والكَثيرُ الكثيرُ مِنَ الجُندِ المختَلِف تَسليحَهُم وَ عَتَادَهُم.


جُنودٌ قَد غَيروا مجرى الأَحداثِ في البشريةِ.. أتوا بأَمرِ رَبِهم ليُهلِكوا كُلَّ مَنْ طَغى وتَكَبرَ وُتجبرَ.. أتوا لِيُعَلموهُم أَنَّ اللهَ ليسَ بغافلٍ عَن أَعمالِهم وما صَنَعتْ أَيديهمْ..
إِنَّ أَكثرَ ما جذبني ولَفَتَ انتباهي فِي هَؤلاءِ الجُنودِ أَنَّهُم أَتوا لِيصلِحوا ما قَدْ صنَعَتِ البَشريةُ مِنْ أَفعالٍ وأقوالٍ شنيعةٍ مليئةٍ بالتَكَبُرِ والجَبَروتِ.. ولَعلَّ لِسانُ حالِ هذا الزمانِ يَبوحُ لَنَا بخفاياهُ ويُظْهِرُ لنا مَا كُنَّا لا نعلَمَهُ.


لَقد كُنتُ على يقينٍ تامٍ بهذهِ المقولة :أَنَّ الساقِي سَيُسقَى بِنفسِ الكَأسِ التي أَسقى بِها غيرهُ.. على مَا يَبدُو أَنَّنا نُسْقى بِنفسِ ِ الكَأس.


فِي الفَترةِ الأخيرَة مِنْ هَذا الزمَانِ تَقَلَّبَ وَجهُ البشريةِ وارتدى قِنَاعَهُ الآخَر.. قِناعُ الشَرِ والشيطانِ.. ازدادَ الفسادُ في الأَرضِ.. تعالى صوتُ الباطِلِ على الحَّق.. تفشى العُنفُ.. تمادى الظالمونَ بِظلمهمْ.. القويُ يقتلُ الضعيفَ.. كلِمةُ الحقِ لا تُسمَع.. أكلُ المالِ الحرَام.. الزِنا.. العَالَمُ الافتراضيُ ومسَاوِئَهُ.. التحايلُ على الغَير.. الفِتْنةُ.. والكَثيرُ الكثيرِ مِما تصنَعهُ الأَيادي البشريةِ التي تَظُنُ أَنَّهُ لَن يقوى على لَيِّها أَحَد.


تعالى اللهُ عَن كُلِّ هَذا.. كيفَ يعتقِدُونَ هَذا وعِندَ المَلِكُ القويُّ ميزانَ عدلٍ لا يُضيُّعُ مِثقَالَ ذرةٍ.
سُبحانَكَ رَبي لا قوةَ لَنَا أَمامَ قُوَتِك.
أَليسَ هَذا الجُندي الصَغيرُ الذي لا يُرى بالعينِ المجردةِ المُسمى “كورونا” أو بِمصطَلحهِ العلميُ “COVID19” أَحدُ الجنودِ الذينَ اختارَهُم الله لِيُطلِعَنَا على حقيقةِ ما اقترَفَتْ أَيدِينَا.. ويُعيِدُ حِساباتِنا مَعَ أَنفُسِنا.. ويُلفِتُ نَظَرنا لِمدى صِغَرِنا وضَعفِنا وقِلَّةَ حيلَتَنا.
أَليسَتِ البشَريةُ الآنَ على حافةِ الهاوية!!


أصبَحَ العالمُ خالياً مِن أُنسِهِ كُلُّ مَنْ فيهِ يَختَبِئُ بمنزِلهِ خَوفاً مِنَ الإصابةِ والموتِ.
الخوفُ يملَأ الأرجاءَ بلدانٌ ومدنٌ كبرى وصُغرى لا تَرى فِيها أَحَد.. خَاويَةٌ خاليةٌ شوارِعُها فارغةٌ.. حَدَثٌ غريبٌ لَمْ يَحدُثْ مِنْ قَبلُ.. مساجدٌ مُقفَلَةٌ.. أَسواقٌ متوقفةٌ.. لا تَجمعاتْ.. لا لِقَاءاتْ.. حتى الحروب قَدْ حَطَتْ مِنْ أوزارِها وسَكَتَتْ.

أينَ هُمُ الأَقوياء الآن؟
لِمن الجَبَروت اليوم؟
لِمَن القوة ُ اليوم؟
هَل سَتَكونُ نهايَتنا قَريبَةٌ!
أَم أَنَّ هَذا الجُندي قَد أتَى لَيُصْلِحَ الإِعوِجاجَ فِينا.
هَلْ سَنُصلَحُ أَم نبقى على حالِنا.. وعلى الحالِ التي تَأمُرنا بِهِ النَفسُ الشيطانِيةُ.
أَلَم يَحِن للصَحوَةِ الكُبرى أَن تَخرُج مِنْ بَينِ كُلِ هَذا الذي يَحدُث.
أَلسْنَا قَادرينَ على أَن نَعتَبِرَ.. وَ أَن نُصْلِحَ حَالَنا ونُخرِجَهَا مِنْ ظُلمَتِها إلى النُور.


كُلي يَقينٌ وأَمَلٌ بِاللهِ أَنَّ الفُرصَةَ لَمْ تفُتنَا وَ أَنَّ كُلَّ هَذا الذي يَحدُثُ لَيسَ سِوى القَليلُ مِنْ عِنِدِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، وَ أَنَّ هَذا الجُندي المُرسَل لَيسَ لَتَهلُكَتِنَا، بَل أؤمِن باللهِ حَقَ الإيمَانِ أَنَّهُ مُرْسَلَهُ لِيُصلِحَ اعوجاجِنا، لِيُعيدَ حِسَاباتنا مَعَ أَنفُسِنا، لِيعلِمَنا مَدى ضَعفِنَا، لِيُعلِمَنا أَنَّ قِتالَنا فِيما بَيننا لَيسَ سِوى طَريقَنا إِلى الهَلاكِ.


اللهُ عَادِل ولَيسَ لَديهِ سوى العَدل.
سَيحكمُ العدلُ فينا ذَاتَ يَوم وَ أَرجو مِنَ اللهِ سبحَانَهُ وَ تَعالى أَن تَكونَ هَذهِ الأَيامُ.
احذَروا جُنودَ اللهِ فَهُم لا يُقهَرونَ ولا يُجابهونَ ولا يَقوى عَليهُمُ أَحدٌ.


وَاعلموا أَنَّ هَذهِ الُدنيا مَا هيَ إِلا طَرِيقٌ عَابِرٌ سَتَسلِكُونَهُ أَنتُم وَغَيرِكُم، الفَائِزُ مَنْ عَبَرَ الطريقَ بِرضىً مِنَ اللهِ وَتَقواهُ وَ خَرَجَ مِنهُ بِما كَتَبَ اللهُ لَهُ أَنْ يَكون، والخَاسِرُ مَنْ زَاحَ عَن الطَريق وارتدَى ثَوبَ الظِّلِ الأَسودِ فَعَاشَ حياتَهُ فِي السَوادِ وَلا يلقى فِي الأخرةِ غيرُ السوادِ.


كُلي أَملٌ باللهِ أَنَّ الشَمسَ سَتُشرِقُ مِنْ جَديد وَ تَنثُرُ أَشِعَتَها على هذا الكُون الوَسيعُ، وَ أَنَّ الحياةَ سَتَنبُضُ، وَيَعُودُ النُّورُ لِيَصِلَ إِلى غَياهِبِ الظُلُمَاتِ.
سَنَعجزُ هَذِهِ الأَيامُ عَن الحَل، لكنَّ الله سَيعجِزنَا قريباً بِالحَل..
ثِقوا باللهِ.
وكَما أَشرتُ: السَّاقِي سَيُسْقَى بالكأسِ التي أَسقى مِنها.

النِهايةَ.


إبداعات عائلة اسكرايب

“البحر أنت” خاطرة شعرية بقلم: شادية عبد الرحيم محمد



كتبت شادية عبد الرحيم محمد:



البحر انت والهوى
والموج و الشطئآن
والسحر في القلب انت
والعطر والريحان
الشوق يغزو خاطري
فيحطم الجدران
والروح تهفو الى ناظريك
فأجوب في البلدان
لارتوي العشق من راحتيك
والعشق كالبركان
تقذف يداه في الهوى
حمما
فتُكَسر الأوثان
و يطوف قلبي يلتمس
املا
أن تطفئ النيران
بنت المشاعر بيننا سُفنا
للحب والغفران
و معا سنبني للهوى مدناََ
تخلو من الأحزان
كم عز ذاك الود بيننا
اسفا
لكن وقته لابد حان

إبداعات عائلة اسكرايب

“لقاح الأمل” بقلم: إيمان صلاح – مسابقة كورونا الأمل



كتبت إيمان صلاح:


شعرت بوخزة في قلبي حين قال لي الطبيب يومها بأنني مصابة بكورونا و سأتوجه لمستشفى العزل فورا بعدما أثبت التحليل أنني أحمل ذاك الفيروس الذي أتى من الصين ليقضي على مظاهر الحياة بالعالم أجمع ولكن كنت أظنه بعيدا كل البعد وخاب ظني.


لم أشعر بمثل ذاك الخوف من قبل حتى عندما علمت منذ عام بأنني مريضة بالسكري، اتخذت الأمر وكأنه مزحة بينما كانت أمي تشعر بالحزن اتجاهي لأنني صغيرة على مرض السكري ثم تعود سريعا من حزنها لتحمد الله على أنني مازلت صلبة لم يهزني المرض وتستغفر كثيرا.
نعم لم يهزني السكري لأنني رزقت برجل يحبني ولا يلتفت لمرضي وقد حارب كل الناس التي نصحته بألا يتزوج من مريضة ستتعرض دائما لنوبات سكري ولكنه يقف بجانبي، كنا نستعد للزواج ونحضر له حتى انقلب كل شيء بعد ظهور أعراض كورونا عليّ والتأكد من الإصابة.


لم يشغل بالي حينها سوى أمي هل تمت إصابتها أم لا وبينما كانت أمي تنتظر النتيحة وأنا في مستشفى العزل كنت أموت من القلق عليها لم أقلق بشأن ذاتي فقد سلمت أمري لله .


لم يتركني خطيبي حينها ولكنه كان يطمئن علي دائما ويتصل بي ليحدثني بكلماته الرقيقة:
ستكونين بخير حبيبتي صدقيني سننجو ونتزوج قريبا
أغلق الهاتف وأنا في قمة سعادتي أشعر بأنني سأهزم هذا الكورونا بالرغم من حديث الجميع عن أن الأكثر عرضه لمضاعفات كورونا هم أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن إلا أنني أشعر بالتحدي العظيم ،إنها معركة كبيرة ولابد أن أنتصر.


جاءت الأخبار مبشرة بأن أمي وخطيبي نتائج تحاليلهم سلبية حينها قتلت الخوف وشعرت بالتحسن بعدما تدهورت حالتي كنت أسمع أصوات الأطباء من حولي بأنها مسألة وقت وستنتهي حياتي لأن التدهور جاء سريعا.


هم يقولون أنني سأموت وبداخلي أشعر بالتحسن
هم حولي بداخلهم حزن استشعره ولكن بداخلي حياة مازال لها بقية.


لم يصدق الطبيب أنني أتعافى وأن نتائج التحاليل الأخيرة سلبية أحسست بفرحته وكأنه يعرفني من سنين بل رأيت تأثره من وراء النظارة واضحاً.


عدت للمنزل ومعي أمي وخطيبي وقد اقترب مني أكثر من السابق ثم قررنا أن نؤجل الزواج حتى تنتهي الأزمة
وبعد وقت عادت الحياة إلى طبيعتها وتم العرس ، إنها نطفة الأمل نضجت برحم الحياة، إنه فجر جديد يولد.


إبداعات عائلة اسكرايب

“عزيزتي بيرغامو” بقلم: مينا سعد الله – مسابقة كورونا الأمل



كتب مينا سعد الله:



“نحن في حالة حرب، استعدوا لفقدان أحبائكم قبل الأوان، نبتعد عن بعضنا اليوم لنتعانق غداً، نتوقف اليوم لنركض بسرعة غداً، الأسوء لم يأتي بعد” تصريحات من شتي بقاع العالم بثت الخوف والرعب إذاعها تلفاز إحدي مستشفيات بيرغامو شمال ايطاليا، دكتور ريچيني يذرع الحجرات بحثاً عن صديقه الطبيب مارتن سانتينو وما أن وجده حتي أسرع إليه لاهث الأنفاس:


فريدريكا يا مارتن أحضروها للمشفي ووضعوها الآن في غرفة العناية في حالة متدهورة لم يحتمل مارتن وقع الخبر فسقطت من يده زجاجة العصير وتناثرت شظاياها ثم دفع صديقه أرضاً، هرول كالمجنون باكياً يذرع الممرات والطرقات التي أصبحت تعج بالمرضي، فالعنابر لم تعد تكفي وعديد الأقسام العلاجية تحولت إلي مآوي لمرضي كورونا وحتي غرفة الطوارئ بالمستشفي تحولت إلي وحدة عناية مركزة بعد أن امتلأت الأصلية عن أخرها بالمرضي، الأجهزة الطبية والشاشات الطنانة من كل حدب وصوب وأجهزة التنفس الصناعي إلي جانبهم تمدهم بالأوكسجين الذي تتعطش له رئاتهم المعتلة مرتدين خوذة بلاستيكية وأجساد أفراد الطاقم الطبي مغطاة بالكامل القدمان واليدان والرأس لا تتمكن من رؤية إلا عيونهم خلف الأقنعة الزجاجية، شريط ذكرياته مع فريدريكا يمرأمامه والأحلام التي شرع كلاهما في بنائها علي حافة الأنهيار وما أن صل إلي الغرفة حتي أسرعت إحدي الممرضات إليه بالحديث: لقد قمنا بعمل اللازم يا دكتور وما تبقي فهو شأن السماء قالت هذا ثم غادرت هي ومن معها، ارتمي مارتن علي أحد المقاعد المواجهة لسريرها وأخرج صورة لهما يحتضنان بعضهما البعض ورأس كل منهما ملاصق لرأس الآخر مطلقين ضحكتهم لآلة التصوير، فتاة ممشوقة القوام تلفها وداعة الملائكة وسيماء القداسة تكسو بشرتها البيضاء المليئة بالنمش وعيناها مزيج بين الخضرة والزرقة مفعمتان بالحياة ولها في خديها غمازتان حينما تضحك ويديها النحيلة تبرزمنها العروق. نظر مارتن إلي الصورة كأنما يريد لعيناه أن تمتص كل ما يشعره بإنها بخير وإنها ليست تلك المسجاة علي الفراش تصارع الموت وبصوت باكٍ مختنق:

هذة ليست رائحتك أعلم ذلك هذة رائحة المواد الكيميائية وقماش المشفي الذي ترتدينه رائحتك دوماً تفوح بالحياة والحب، تماسكي يا فريديريكا لا أريد أن أراكي في الحلم فقط ثم احتضن مارتن الصورة واغرورقت عيناه بالدموع ثم شعر بيد تربت علي كتفه لقد كان ريچيني ريچيني: اطمئن يا مارتن ستكون بخير، التفاؤل والثقة أجمل سلاح في مواجهة ما لا حيلة لك يا صديقي مارتن: ليس لي سواها هي و أمي ثم صمت برهة، مسح دموعه بكف يده وأكمل حديثه: أنا آسف يا ريچيني لا أعلم كيف فعلت ذلك ولكني أعلم إنك تتفهم ما حدث.

وما كاد ريجيني يرد حتي أسرعت ممرضة إليهم: نحتاج إليكما هناك حالات تفد إلينا الآن وفدت حالة منهم كان دكتور مارتن علي رأسها لشاب يحتاج إلي جهاز تنفس اصطناعي في حالة متدهورة لم يكن لدي مارتن حل سوي عجوز يبلغ 70 عاماً اتضح بعد الفحوصات إصابته بمرض رئوي خطير إلي جانب أصابته بالفيروس و موضوع علي جهاز تنفس والأمل في شفائه ليس بالكبير، بالكاد تمالك مارتن نفسه أمامه قائلاً له: أتريد أن تقول أي شئ؟ سامحني ليتني أستطيع فعل أي شئ آخر.

أبصر العجوز وهم يحضرون شاباً مريضاً في سرير ليضعوه بجانبه فعلم ما في سريرة الطبيب:
_هيا أيها الطبيب لا تبالغ بصوت واهن يصارع للخروج
لم يحتمل مارتن نزع جهازالتنفس ورؤية العجوز يحتضر فأشار لأحد الممرضين فقام بنزع الجهاز ووضعه علي الشاب المصاب وعمل اللازم له
مرت ساعات العمل والحالات في تتضاعف ونتائج عينات المسح الطبية تشير واحدة تلو الأخرى: إيجابية، إيجابية، إيجابية. غرف الطوارئ تنهار والعبء النفسي علي الأطباء مدمر بسبب الخيارات التي يتعين عليهم اتخاذها وبدلا من قبول المرضى على أساس أسبقية الحضور فإنهم يضطرون إلى الاختيار بين من يتلقى العلاج أولاً لإنقاذ حياته ومن يُحرم من ذلك بسبب ارتفاع عدد المصابين
جاءت الساعة التاسعة مساءً ومعها ارتمي مارتن إلي أحد المقاعد خائرالقوي مستهلك الذهن والجسد،أخرج صورة لأمه لقد مر أسبوعان لم يعرف فيهم طريقه للمنزل لا يأكل سوي لقيمات وينام سويعات مفترشاً الأرض أو إحدي حجرات الموارد الطبية حتي أضناه الهزال وشحب وجهه وأثناء ذلك جاءته ممرضة ممسكة في يدها مظروف وتوجهت له بالحديث: بعد أن تسلم عامل الثلاجات جثة العجوز وبينما كنت أهيئ السرير يا دكتور وجدت هذا.

أعطته المظروف ثم غادرت، فتحه مارتن فوجد بداخله رسالة:
ربما في يوم لن يتسني لعجوز مثلي أن يحصل علي العلاج هنا، العلاج غير متاح للجميع والحياة ربما ليست للجميع حسناً أنا من التراب خلقت وعلي التراب عشت ومع التراب تعاملت وربما إلي التراب سأعود لألتقي بزوجتي هذا كل شئ. لقد ماتت زوجتي منذ عامين دون أن ننجب أطفالاً ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش بمفردي في منزلي الفسيح وفاءً لذكراها، أنا مابين السعادة والشقاء ستقولون هذا العجوز قد مسته لوثة من الجنون ولكن دعوني أخبركم ما يحزن عجوز مثلي خاض الحرب العالمية الثانية ونجا منها إنه سيموت بسبب فيروس لا يراه اللعنة علي تلك خاتمة لكان موتي في الحرب أفضل، إنها ليست بخاتمة جيدة لأسدال الستارعلي مسرحية حياتي وما يبهجني أنني سألتقي بزوجتي مجدداً كم اشتاق إليها.


ترقرق الدمع في عينه وغادر المشفي وفي الطريق أوقفه شرطي طويل القامة ذو بشرة قمحاوية ويرتدي بذلة شرطة كاربنيري، أشهر له مارتن هويته تفحصها ثم أفسح له الشرطي داعياً له بالسلامة، لا أحد يسير في الشوارع سواه وعلي مقربة من شارع منزله سمع غناء السكان ودي جي تسمع منه كلمات إينو دي ماميلي ( النشيد الوطني الأيطالي ) بوضوح:
“لقرون طويلة كنا مظلومين والناس يسخرون مننا
لأننا لم نكن شخصاً واحداً
لأننا كنا منقسمون.
فلنجعل علماً واحداً وأملاً واحداً
يوحدنا كلنا
لقد دقت الساعة وأتي الميعاد”

وما أن وصل شارع منزله حتي توقف الغناء ودوى صوت تصفيق عارم من السكان من شرفات منازلهم ممتزج بإطلاق هتافات التحية والمحبة وهناك من أخرج هاتفه والتقط صورفلاش له، لقد شعر مارتن وكأنه في حفل علي السجادة الحمراء نظرإليهم مشدوهاً سعيداً وحدج النظرإلى نوافذهم: إحدي النوافذ كانت مزدانة بلوحة قوس قزح ومصحوبة بتعليق “كل شيء سيكون على ما يرام” وأخري ” هذا الكابوس سينقضي حتماً”، وأخري كتب عليها حكمة رومانية قديمة “ما دام هناك حياة، فهناك أمل” وأحمر وجهه خجلاً فلم يسعه سوي الأنحناء شاكراً لهم ودعاهم بالبقاء في المنازل والصلاة ثم صعد درجات منزله فعاودوا الغناء مجدداً ورنت في أذنه كلمات النشيد مرة أخري.

دخل منزله، وجد أمه نائمة في غرفتها تغط في نوم عميق وذلك بفضل إنها لا تضع سماعة الأذن الطبية عند نومها فهي أصم لا تسمع بدونها فكيف سيتسني للمرء أن ينام وسط هذا الغناء والدي جي إن لم يكن أصماً، فلم يشـأ أن يزعجها وأغلق باب الغرفة بهدوء وارتمي علي الاريكة المبطنة، فتح التلفاز بعض الوقت ثم أغلقه ونهض لأعداد العشاء له
تناول العشاء ثم ارتمي علي السرير أخذته الأفكار كل مآخذ فريدريكا والرجل العجوز لقد كانا أسبوعان عصيبان في المشفي ظل مارتن مطرقاً في التفكير حتي أخرجه صوت أحد الجيران من جولات تفكيره منادياً أياه فخرج للنافذة.


_ هيا يا دكتور لما لا تشاركنا الغناء وتعزف لنا، فالحفل الصاخب والمبهج ينقصك
دخل مارتن غرفته وخرج للنافذة حاملاً كامنجته السوداء فقد كان منذ الصغر يتلقي دروس الكمان وكان عزفه يأخذ قلوب أساتذته وصوته يلامس أرواحهم حتي أشارعليه ممن حوله امتهان الغناء والموسيقي ولكنه أحب الطب أكثر. بدأ يعزف و يغني لهم أغنية لأندريا بوتشيلي (سأسافر معك):
أجل، أرى أن لا ضوء في غرفتي فالشمس لا تدخلها
عندما لا تكون معي، معي
وفي النافذة يرى الجميع قلبي
الذي أضئته يرونه داخلي
كالضوء الذي إلتقيته -أنت- في طريقك
سأسافر معك
للبلدان التي لم أذهب إليها، ولم أعش فيها معك، الآن سوف أراها
سأسافر معك
على سفن عبر البحر، وأنا أعرف أنها غير موجودة
سوف أراها معك

كان صوته كهديل الحمام طروباً دفاقاً شجياً وما أن انتهي حتي دوي تصفيق من الشرفات ثم بعد ذلك شرع الجيران في توديع بعضهم البعض وإغلاق نوافذهم وإطفاء المصابيح واستسلموا للنوم.

مارتن….مارتن اسيتيقظ مارتن مأخوذاً علي نداءات أمه المستغيثة هرع مسرعاً وفتح باب الغرفة و بصوت واهن يبذل جهوداً مضنية للخروج:
_ جسدي يرتجف بشدة وحرارتي مرتفعة جداً يابني لا أقوي علي النهوض من الفراش يا مارتن، طوحتنه الافكار واستبدت به الظنون فهي كبيرة السن و تعاني من مرض السكري والضغط مما يشكل احتمالا كبيراً للأصابة تمني مارتن أن يخطئ في حدسه أسرع يرتدي بملابس وقاية كانت لديه ثم عاد وقام بقياس درجة الحرارة فوجدها 39درجة.

علينا إبلاغ المشفي الآن ثم هرع خارج الغرفة يمسك بالهاتف اتصل بالمشفي حيث يعمل أجابه موظف الأستقبال: المستشفي وصلت لطاقة الأستيعاب القصوي ليس لها إلا ان تلزم الحجر الذاتي إنها كلمات بالغة الصعوبة ولكنها الحقيقة يا دكتور مارتن، اتصل بعدة مستفشيات أخري ولكن لا يوجد سرير لها الاستيعاب القصوي الاستيعاب القصوي احتدت نبرته ثم ألقي بهاتفه علي الأرض في في غضب عارم وأخذ يذرع الطرقة جيئاً وذهاباً ممسكاً برأسه بكلتا يديه باكياً لا يعرف ماذا يفعل، كانت أيقونة للقديسة صوفيا تتوسط حائط غرفة المعيشة جثا مارتن علي ركبتيه وبصوت متهدج رافعاً يده: فريدريكا وأمي، أنا لست مثلك لأتحمل هذا البلاء فساعديني عكف مارتن علي الأعتناء بأمه إعداد الطعام وإعطاءها الأدوية اللازمة وقياس الحرارة وكلما دخل لها بالطعام يجدها تلتحف بالغطاء من رأسها إلي أخمص قدميها وتصرخ باكية: لا تقترب كثيراً يا مارتن لا تقترب يا كنزي أخرج أخرااااج من هنا فكان مارتن يضع الطعام ثم يخرج باكياً لقلة حيلته. الأيام تمر كغيمة سوداء ثقيلة كئيبة متشابهة حتي مرأسبوع وفي اليوم الثامن تفقد أمه صباحاً ثم نزل لشراء مستلزمات المنزل والوقوف ساعات في طابور بحسب قواعد التباعد الأجتماعي ولكنه غادر للزحام ثم عاد في وقت لاحق، بعدها تصفح صحيفة L’Eco di Bergamo والتي تصدريومياً في بيرغامو: كنائس بيرغامو تتحول الى مقابرمؤقتة وثلاجات المستشفيات وصلت لطاقتها القصوي في الأستيعاب صمت المدن يقابله ضجيج المستشفيات الاتحاد الأوروبي لم يعد إتحاداً، دول متناحرة تسرق بعضها البعض أحد مسؤولي الدفن: لقد مات جيلا كاملاً في أسبوعين فقط، لم نرمن قبل شيئا من هذا القبيل وهو ما يجعلك تبكي بحرقة التحفظ علي شاحنة كمامات من الصليب الأحمر كانت في طريقها إلي إيطاليا من قبل السلطات التشيكية مسّن إيطالي عمره 101 عام يهزم فيروس “كورونا” بعد نجاته من الانفلونزا الإسبانية علا محياه الدهشة والأستغراب: يا إلهي !!! كم مرة وصل هذا العجوز إلى باب الجحيم وعاد مجدداً إنه أعجوبة مثل أعجوبة كاتدرائية دمومو ميلان التاريخية ثم فيض يصل لعشر صفحات من رسائل العزاء والنعي للموتي حتي شعرمارتن بالأختناق فلم يكمل وأعاد الصحيفة إلي الطاولة ثم اتصل ب ريچيني للأطمئنان علي فريدريكا إنها كما هي ولا جديد يذكر. المخاوف أصبحت الغذاء اليومي في بيرغامو تجدها في الصحف وشاشات التلفاز والمشفي وفي شوارعها المظلمة وحتي غرفة النوم. حلت الرابعة ومعها شعر مارتن بالجوع نهض لأعداد الغذاء له ولأمه مستمعاً إلي أندريا بوتشيلي تلك الاسطورة الأوبرالية الأيطالية في إضفاء الامل والحب والشفاء، كان مارتن يشعر دوماً بالأسترخاء والهدوء كلما استمع لموسيقاه وصوته وكان يدندن معه ويقول:

حقاً لقد صدقت يا نيتشه “الحياة بدون موسيقي خطأ فادح” فكيف سيتسني للمرء مواجهة هذة الظروف دون الموسيقي والغناء، إنها ملاذ وملجأ لهروب مؤقت من الآلام ولكن أفضل من عذاب دائم، تلامس الروح و بمقدارها دوماً أن تبوح بما يعجزالمرء قوله إنها كالصحة لا تقدر بثمن. ثم حادث أمه بالفيديو فهذه قد أضحت الطريقة الوحيدة للتواصل مع من تحب بلا طبطة بلا ملامسات بلا أحضان وبعد أن أغلق معها خرج للشرفة يتأمل الشارع لقد كان من المعتاد أن يجد الناس يخرجون للملاهي مساء ويسهرون في الخارج يخرجون للجري وتمشية الكلاب لقد تغير كل شئ، الآن أدرك الجميع خطورة الوضع دفنوا نفوسهم في بيوتهم، يداوون جراحهم في منازلهم وسيارات الشرطة تطوف الشوارع وتوصي الناس بالبقاء في البيت، بيرغامو تحولت إلى شوارع فارغة مقفرة: أغلقت المتاجر،لا عروض في مسرح دونيزيتي (دار أوبرا بيرغامو) ومنطقة ماريسانا ذلك التل المزروع بأشجارالكستناء والغابات الكثيفة رائعة المنظر وكنيسة سانت ماريا ماجوري أحد أقدم الكنائس في اوروبا، وكاتدرائية بيرغامو جميعهم خلت من السياح ومن سكان المدينة أنفسهم. لقد أصبحت بيرغامو الآن ملائمة لسكني الأشباح. نظر في ساعته لقد حلت السابعة إنها الساعة السعيدة حيث يخرج السكان إلي الشرفات للغناء والعزف مضت 3 ساعات من الرقص والغناء قبل أن يسمع بعدها هاتفه يرن لقد كان ريچيني مارتن: ريچيني، أخبار جديدة؟ هيا أخبرني إنها أفاقت، أخرجت من العناية؟ أهي بخير أ……. فريدريكا ماتت يامارتن مقاطعاً حديثه الذي لا يتوقف كالقطار.

لم ينبس مارتن ببنت كلمة مصدوماً يكاد لا يصدق ثم أغلق المكالمة ولكن لم تمر بضع ثوان حتي وجد مكالمة فيديو من أمه فكان يبذل جهوداً هائلة أمامها ليبدو وكأن شئ لم يكن.
مارتن: أأنتِ بخير يا أمي أتريدين شيئاً؟
الأم: نعم يا كنزي أعزف لي اعزف وغني ولا تتوقف يا صغيري
مارتن: أمي يجدر بك الآن أن تستريحي
الأم: ربما لن يتسني لي ذلك في المرة القادمة
صرخ باكياً: لا تقوليها يا أمي لا تقوليها أرجوكي
الأم: هيا يا مارتن هيا يا صغيري
كان مارتن يعزف ويغني قرابة الساعة وأمه بصوتها الواهن المريض تغني معه بينما داخله يحترق وما كاد ينتهي حتي شعرت بالأختناق وندت عنها صرخة هائلة ثم صمت تام لقد ماتت علي الهاتف
مارتن ممسكاً بالهاتف: لاتمزحي يا أمي لا تفعليها لا تفعليها أنتي أيضاً يا أمي ثم أطلق صرخة صاخبة كادت معها أن تتقطع أحباله الصوتية: أمي
في ليلة واحدة خسر كل شئ.


إبداعات عائلة اسكرايب

“القط والإنترنيت” بقلم: جوان زكي سلو



كتب جوان زكي سلو:


بتبجّحٍ، يمشي الهوينا، متبخترا بفروته الناعمة، بلونيها الأبيض والأصفر، يموء، يقفز، يخرّ، يحرك ذيله في تفاخر، وهو يسير ببطء نحو أنثاه، التي تتوسط الجدار الفاصل، بين بيتنا وبيت جارنا، هناك كانا يموءان معا، تبرق أعينهما العسليتان، في نشوة مائعة، فشباط لم ينتهِ، حتى ولو أصبحنا في حزيران.


يرفع قائميه بتواتر مُحبّب، يمسّد بإحداها على رأسها، ويقترب، لامسها بشاربيه، قابلته بالمثل، كانا يتحابان بعشقٍ، على سلك أصفر، يمتد على طول الجدار، ينتهي بعلبة الراوتر الرمادية، هناك، كان ودّهما يضغط على آلاف الاتصالات، والذبذبات، التي مرتّ وتمرّ كل ثانية في هذا السلك، لا يدريان أنهما جعلا كل شيء في السلك يجري بسخونة، حتى تلك العواطف الباردة بين القلوب المهاجرة والآباء المقهورة، لقد تركا كل شيء يموج في بعض، كبحر يغمر الشاطئ بزبدها، هنا أصبح الكلّ واحداً، وتساوى الجبل بالوادي، والسهل مع التل، الصحراء مع النهر، هناك لم تبقى للحقيقة قيمة، وللخيانة وزن، وللصدق أذن وللنميمة حدود، واختلطت الأديان معا، في زوبعة من الفوضى الخلاقة، هنا تجد الإمام يسجد في كنيس، والقس يرتل في جامع، والحاخام يؤذن على المنابر، وكل المذاقات باتت واحدة، فلا فرق بين مالح وحامض، وحلو وحاذق، واللغات تحولت إلى إشارات بلا مشاعر، عوّضت عنها بوجوه الإيموجي الخبيثة، هناك كانت الحيوات تنتهي حين يرفع الأموات رؤوسهم من تحت التراب، آلاف المقاطع امتزجت في عاصفة من الصور المتلاحقة، ساخنة حينا، وحينا باهتة، في شذوذ من الملذات، لا تنتهي.


قط أسود آخر، يتجرأ عليهما، ليغزو مخدع متعتهما تلك، يخطو نحوهما في تكبّر مبالغ فيه، اشرأبّت نحوه الأعين الماجنة، نهضت من تحته تموء، تخرّ بميوعة، تهرب من معركة وشيكة، بين متنافسيَن، هجم الغازي على العاشق، دافع العاشق عن عرينه، صعدتْ الصرخات من خلف الحناجر، اشتبكت المخالب حتى انغرزت في كرات الفرو، لحظات قليلة وهرب الأسود، يجري خلفه الأشقر، ابتعدا، بعد أن خلّفا دماراً في علبة الراوتر الرمادية، فما إن بدأت معركة البقاء للأقوى، حتى سقط الراوتر ضحية حبّ ولحظات سعادة غابرة، حينها، أسودّ كل شيء في عالمي، وظهرتْ جملة على شاشة هاتفي: فُقد الاتصال بالإنترنيت.


إبداعات عائلة اسكرايب

“لحن الخلود” بقلم: عصام أمين



كتب عصام أمين:


صار نهاري وليلي سواء
فالعشق اتعبني
اراني امر لأمضي
بارض غير ارضي
لاسكن واحة عشق جديدة
اراني احلق يوما
احدق في زهر الهوي
فلا اري سوي
نجمة جاءت
لتسكن قلبي
تشع الضياء
ولكن بارض الافاعي
تموت السباع العنيدة
وقلبي سيابي الرحيل
يردد لحن الخلود
يعانق فيك القصيدة


إبداعات عائلة اسكرايب

قراءة في كتاب “بلاد الشركس الإيديغي” للكاتب “محمد بن ناصر العبودي” .. بقلم: م. زينب الأسدي



كتبت م. زينب الأسدي:


📚 #قراءة في كتاب 📚

اسم الكتاب: بلاد الشركس الإيديغي
اسم المؤلف: محمد بن ناصر العبودي
عدد الصفحات: 154 صفحة

تصنيف الكتاب: أدب الرحلات

✍#نبذة عن المؤلف:

كاتب ومؤلف ورحالة سعودي، عضو رابطة العالم الاسلامي في جدة، له مجموعة كبيرة من المؤلفات بهذا الخصوص.


✍#نبذة عن الكتاب:

رحلة المؤلف مع 3 من رفاقه أعضاء الرابطة، لبلاد القوقاز، مرورا ببلاد القرم والبحر الأسود وكرسنادار وصولا لبلاد الشركس الإيديغي للاطلاع ومعرفة أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية.

التسمية:

الشركس: قبائل تسكن شمال بلاد القوقاز.

أخذ الاسم من من كركس أو سيرست أو سراكس.
وعرفوا عن المؤرخين العرب باسم سركس أو سراكس.

الإيديغي: اسم قومي أصيل للشركس، وقد أجمعوا على أن معناه نجيب، أو أصيل أو نبيل أو إنساني.

الأصل:

يقول علماء الأجناس أنهم من أقدم الشعوب التي وجدت في منطقة القوقاز.

البقاء:

حافظوا على نسلهم نقيا، فهم لم يندمجوا بغيرهم من الجماعات رغم الغزوات والفتوح المختلفة التي وصلت بلادهم.

عقيدتهم:

يعتقدون بأنهم نوذج الإنسان الأبيض الكامل لذلك لم يتداخلوا مع أي قادم إليهم لأنهم يعتبروه أقل منزلة منهم.

أصلهم:

اختلف في أصل مجيئهم..

الرأي الأول: وهو الأقرب للصواب بأنهم من الحيثيين الذين جاءوا إلى القوقاز من جهة الجنوب.
كانت لهم حضارة عريقة إلا أن حروبهم مع جيرانهم السومريين العراقيين أضعفتهم
فاضطروا لترك المنطقة والذهاب لجهة الشمال.

إسلامهم:

تمسكوا بالإسلام وأصبحوا متعصبين لدينهم، مشهورين بإيمانهم وتقواهم، محافظين على السنن والفروض.

لغتهم:

للشركس لغتهم الخاصة، كما واحترموا اللغة العربية واعتبروها لغة الدين والأدب.

طوائفهم:

١.جمهورية الإيديغي: للإيديغية من الشركس لا يشاركهم فيها أحد من الأقوام العريقة للمنطقة ولكن صار يشاركهم فيها من الغرباء عنهم في الدين والجنس واللغة.

٢.جمهورية القرتشاي شركس: يتكلمون التركية وليس بينهم وبين الشركس قرابة نسب بل أخوة في الدين.

٣.جمهورية القبرداي بلغار: لا يختلفون عن الإيديغي والقرتشاي شركس بالدين واللغة. وأغلبهم من البلغار.

✍#تعقيب:

شركس: هذه الكلمة لم أكن قد سمعتها من قبل، وربما مرت بي دون تأثير أو مررت بها دون اهتمام… فلم أنل شرف معرفتها ولم تنل هي عنايتي حتى أضافني السيد Nizaar Gobokai
رغم عشرات الأصدقاء ولكن كل ما يتعلق بالحضارة، التاريخ، التراث، الموسيقى، الاختلاف والتنوع العرقي والثقافي والاختلاف العرقي؛ يثير فضولي وكل هذا أو الجزء الأعظم منه قد وجدته في مصطلح “شركس” بين طيات منشوراته.
وبما أنه قاص بارع، وشخصية خفيفة الظل؛ له من التابعين عدد يحسد عليه حقيقة.. ولكن…

كنت أتساءل هل كل هؤلاء يعرفون بواطن هذه الكلمة التي لا أرى أنا منها إلا قشرتها؟! هل أنا الجاهلة الوحيدة هنا…؟!
أقفز غالبا لمحرك البحث Google كطفل يكتشف الأشياء لتوه.. يلمس كل ما يقع تحت يده، وما لايقع يذهب إليه بنفسه بل بفضوله حتى أكون أدق!
حاولت مثله لكنني لم ألمس ضالتي.
-وما شانك أنتِ، لم تحشرين منخريكِ؟!
-كان أهون لو كنت حشرتهما، أنا حشرت رأسي لذا ظل عالقا كقط البراري في نافذة بعد مطاردة رب بيت النافذة!
-أأجازف وأسأله؟ لا لا ربما سأبدو كمصفق وسط جمهور الناصتين.

وأخيرا بادر أحدهم وسأله: “من أنتم؟”

هنا مسكت رأس الخيط من نبذة السيد نزار التي افحم بها السائل.

فعثرت على هذا الكتاب ووجدت به ضالتي.

✍ قراءة:
م.#زينب_الأسدي


إبداعات عائلة اسكرايب

“عزيزة أنا” .. بقلم: نجلاء جميل



كتبت نجلاء جميل:



وإن جارت عليّ أمم
فكم غزت رياح القهر جبالا
فازدانت بها قممُ
غفت في خِدرها حينا كأنه الوسنُ
تئن البلابل بين ضلوعها جريحة
فيغدو صقيع الليل هائجا
ينثر شذاه بين حناياها و لنزفها فَطِن
أيا سكون الصمت ودّع حنينا
تصدّع في رحم ثغر
قد أصابه حزَنُ
للشمس محراب ثائر بين جفوني
يغازل صهوة السماء
فلا يستكين ولا يهنُ
وزمرد في جيد الروح يختال زاهيا
لتنحني صدور الفجر مهللةً
تُقبّله وتحتضن
سأمضي …
بين قناديل الرحايا شعاعا
من ودق الغسق ينساب طُهرا
وعلى عِقد المدى ترويه سننُ
فؤادٌ عصيّ السؤال ..و للخطوب معاند
سل عني النوازل وسنديان الثنايا
بين أمواج محمومة كم جاورتني محنُ
قيّدتُ جرحي بين معصمي
استباح النور أركاني
فعانقته ربوعي لعله المزنُ


إبداعات عائلة اسكرايب

“أنقذوا كلمة كافّة قبل فوات الأوان” بقلم: أ.د. ياسر الملاح


أ. د. ياسر الملاح

كتب أ. د. ياسر الملاح:


تتعرضُ اللغة العربية، في هذه الأيامِ التي نحْياها، لطامّةٍ كُبْرى تستهدفُ الأصواتَ والمفرداتِ والتراكيبَ والدلالاتِ، والأمثلة على كلِ مُستوىً من هذه المستوياتِ كثيرة جدا لطغيانِ العاميّةِ وكثرةِ الدخيلِ والمُعرب في اللغةِ المَحْكِيّةِ المعاصرةِ. ولأنّ النحوَ والتركيبَ اللغويَ يُعدُ أهمَ مُستوىً يَحْفظ للغةِ شخصيتَها وامتيازَها عن غيرِها من اللغاتِ، وإذا عُبث به أو اختلَّ فإنّ نظامَ اللغةِ كله يختلُ ويكونُ مقدمة لِخللٍ كبيرٍ يصلُ إلى حدِ تفسخِ اللغةِ إلى لغاتٍ، أحببتُ في هذه المقالةِ تسليط الضوءِ على خطأٍ فادحٍ يقعُ فيه كثيرٌ من المتكلمين بالفصْحى، كالخطباءِ والكتاب، وهو ما يتعلقُ باستخدامِ كلمةِ ” كافّـة “.

وللتأصيلِ والاحتكامِ إلى الجذورِ الصافيةِ نوردُ الآياتِ القرآنية التي وردتْ فيها هذه الكلمة ليتضحَ استخدامُها القرآنيُ أولا، ثم نُثني باستخدامِها في النصوصِ التي تلي المرتبة القرآنية.
وردتْ هذه الكلمة أي كلمة “كافّـة” في بضعِ آياتٍ من القرآنِ لا تتجاوزُ خمسَ مراتٍ هي :


1)    قال تعالى في سورة البقرة الآية 208 :” يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافّة “.
2)    وقال تعالى في سورة التوبة الآية 36 :” وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة “.
3)    وقال تعالى في سورة التوبة الآية 122 :” وما كان المؤمنون لينفروا كافة “.
4)    وقال تعالى في سورة سبأ الآية 28 :” وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا”.

فهي في هذه الآياتِ جميعا تُعربُ حالا منصوبة، وقد يرى بعض الناس أن بعضها قد يكون بمعنى جميعا، أي أنها تحمل معنى التوكيد، وعلى هذه السُّنّةِ كان استخدامُ هذه الكلمةِ في الحديثِ الشريفِ، وفي الشعرِ قديمِه وحديثِه، وفي الخطبِ الموروثةِ الفصيحةِ، وفي الرسائلِ، وفي مختلفِ ألوانِ النثرِ العربيِّ حتى أزمنةٍ قريبةٍ من النصفِ الأولِ من القرنِ الميلاديِّ المنصرم ِ، وحتى في أيامِنا هذه عند بُلغاءِ الكتاب ومشاهيرِهمْ كالعقادِ والزياتِ ومصطفى صادق الرافعي وطه حسين وسيد قطب وغيرِهمْ من الذين لا يشقُ لهمْ غبارٌ في الكتابةِ والتأليفِ.

وهذه الكلمة مشتقة من الجذرِ اللغويِّ (كفف)، وكما وردَ في لسانِ العرب لابنِ منظورٍ : كفَّ الشيءَ يكُفه كفا جمعَه. وفي حديثِ الحسنِ أنّ رجلا كانتْ به جراحَة، فسأله: كيْفَ يتوضأ؟ فقالَ: كُفّه بخرقةٍ أي اجمعْها حوله. ويتحدث عن “كافة” التي هي موضوعُ حديثنا هنا، فيقولُ في مكانٍ آخرَ من حديثِه عن المادةِ نفسِها : “… والكافة : الجَماعة، وقيلَ : الجماعة من الناسِ. يقالُ: لقيتُهم كافة أي كلَهم…وقال في قوله تعالى :” وقاتلوا المشركين كافة ” منصوبٌ على الحالِ، وهو مصدرٌ على فاعلةٍ كالعافيةِ والعاقبةِ، وهو في موضعِ قاتلوا المشركين مُحيطين، قال (أحد العلماء الذي ينسب الكلام إليه): فلا يجوزُ أنْ يُثنى ولا يُجمع، فلا يقالُ : قاتلوهم كافّاتٍ ولا كافّين، كما أنكَ إذا قلتَ : قاتِلهمْ عامّة لم تثنِ ولم تجمعْ، وكذلك خاصّة.

فهذه الألفاظ جميعا، أي كافة وعامة وخاصة، لها خصوصية في الاستعمالِ، فلا تجيز اللغة تغييرَ ما وردتْ عليه في الاستعمالِ الفصيحِ، وهذا توضيحٌ لمَنْ يخطرُ ببالِه هذا التساؤلُ، وهو : ألا يَجوز لنا، أبناءَ العربيةِ هذه الأيامَ، أنْ نطورَ استخدامَ هذه الألفاظِ كما نطقها منْ نقدتَ استخدامهمْ لها حديثا؟

فالجوابُ الصريحُ على هذا التساؤلِ : لا يجوز لنا هذا، لأننا نحن في اللغة، وبخاصةٍ في التراكيب، أي النحو، نتبعُ ولا نبتدعُ، لأنه  لو فتحَ البابُ  لهذا التصورِ في النحو، لتغيرت اللغة وتشرذمتْ وأصبحتْ لغات منذ زمن بعيد. غير أن البابَ مفتوحٌ في الألفاظِ والدلالاتِ لأنّ الحاجة تدْعو إلى ذلك.    

ومُنذ النصفِ الثاني من القرنِ العشرين إلى أيامِنا هذه، أخذنا نسمعُ ونقرأ استعمالاتٍ مُخالفة للصورةِ الفصيحةِ لهذه الكلمةِ، وعلى نحوٍ مُغايرٍ تماما لوظيفتها وجَوْدةِ اسْتخدامِها القرآنيِّ والشعريِّ والأدبيِّ بعامّةٍ.

والأمثلة على هذه الصورةِ غيرِ الصحيحةِ منتشرة بكثرةٍ، وهي أكبرُ من أنْ يُحيط بها إحصاءٌ في ما يُتفوهُ به في الخطب والبياناتِ والإعلامِ، وفي ما نقرأه في الصحفِ وعلى صفحاتِ المجلاتِ والجرائدِ والرسائلِ.

وإني لأخجلُ من إيرادِ هذه الشواهدِ مَخافة استفحالِ المرضِ، ولكني سأضربُ مثلا واحدا على ذلك، لتتضحَ الصورة التي نتحدث عنها وننقدُها، وندعو إلى تغييرِها وَفْقَ الصورةِ الفصيحةِ الصحيحةِ، وهو قولُ مَنْ قالَ:
–    سيعلنُ الإضرابُ العامُ في كافةِ المؤسساتِ الحكوميةِ يومَ كذا وكذا.


فقولُ القائلِ : في كافةِ المُؤسساتِ خطأ بين، وهو مُخالفٌ لاستخدامِ النصِ القرآنيِ الذي عرضنا شواهدَه قبلَ قليلٍ، وما أسْهلَ إصلاحَ الأمرِ ! فيَستطيعُ المُتحدث أو الكاتبُ أنْ يقولَ، ببساطةٍ وخفةٍ، وانسجامٍ مع قواعدِ اللغةِ :
–    سيعلن الإضراب العام في المؤسسات الحكومية كافة يوم كذا وكذا.

فإذا قالَ هذا، على النحو الذي عرضتُه، كان التركيبُ صحيحا، وغيرَ مُكلِفٍ أبدا، وهو أجملُ مما يقالُ، وربما يُتكلفُ، لمجردِ الإصرارِ على ارتكاب الخطأِ الذي لا فائدة منه إلا تخريب اللغةِ وقواعدِها.

ومن المحتملِ أنّ عددا كبيرا من الناسِ الذين يقعون في هذا الخطأِ لا يعرفون هذه الحقيقة اللغوية، ولا يُعيرون لها بالا، لأنهمْ سَمعوها ممن يثقون بهم وبكلامهم دون فحصٍ أو تمحيصٍ، ثم درجتْ على ألسنتِهمْ، حتى شاعتْ شيوعَ النارِ في الهشيمِ، فأصبحتْ تترددُ وتسمَعُ كثيرا على ألسنةِ أعدادٍ كبيرةٍ من الناطقين والكتاب.

وإنّي منْ على هذا المنبرِ الإعلاميِّ العالميِّ أدعو الكتابَ جميعا إلى الانتباهِ على هذا الخطأِ، وأنّ على كلٍ منا التنبيهَ عليه، أو التذكيرَ بصورتهِ الصحيحةِ، ما استطاعَ إلى هذا سبيلا، لعلنا نساعدُ على إنقاذِ هذه الكلمةِ الجميلةِ من الاستخدامِ اللغويِّ غيرِ الصحيحِ.

وإني، كذلك، بهذه المناسبةِ، لأشكرُ لِعددٍ من الإخوةِ الكتاب الذين طلبوا مني أن أقرأ لهم ما كتبوه من مقالاتٍ، وكانوا يستخدمون هذه الكلمة الاستخدامَ غيرَ الصحيحِ، فطلبتُ منهم، بالدليلِ والبرهانِ، الإقلاع عن هذا الاستخدامِ غيرِ الصحيحِ، فاستجابوا لما ذكرتُه لهم، وعند قراءتي ما كتبوا بعد ذلك، لم أعدْ أرى هذا الخطأ في كتاباتِهمْ، فجزاهمُ اللهُ خيرا على هذه الاستجابةِ المحمودةِ.  اللهمَّ اشهدْ فقد بلغتُ !؟!


لغويات اسكرايب

“غطرسة نملة” .. بقلم رحو شرقي



كتب رحو شرقي:


إنتهى موسم الحصاد ببشائر الفرح تغمر قلوب الفلاحين وزهو البيادر بأغمارها ليس لها نظير !
جلس الفلاح والغبطة تملأ صدره ليستمع إلى حوار دار بين نملتين.


قالت نملة لنظيرتها :
الحمد لله لقد أنعم الله علينا في هذا العام بالخير الوفير حتى امتلأت مخازننا .


_ ردت عليها بغطرسة وهي ظالمة لنفسها قائلة :
أنا لست منكم كي تخبريني عن مخازنكم، ألا ترين أن لدي جناحين ؟!..إنني من الطيور..أمر مقرف.

ردت عليها النملة بهدوء مذكرة إياها :
_ أنت وأترابك أصحاب الأجنحة، أكثرتم من أكل القمح وحقوق غيركم ،ثم تنصلتم من جلدتكم.


هزت صاحبة الجناح رأسها، فلم تكنه لحديثها وراحت تطير في غرور وتنكر متباهية بإجحاف العشرة حتى علت الأنظار .
لكن الفلاح بقي مشدوهاً بنظرته الشاخصة وما سمعه من حديث.


مازالت تلك النملة تتبع أثر صاحبة الجناح ، وإذ بخطفة رادفة من طائر طائش حتى استفاقت صاحبة الجناح نفسها بين مناقير الطائر.


حينها حزن النمل عليها كثيراً، وتوعدو بأخذ الثأر من ذلك الطائر الطائش.
بعد برهة من الزمن جرى قتالاً في السماء أردت الطائر بالسقوط قرب مساكن النمل، وحان القصاص .


قال نفر من النمل مخاطباً الطائر :
_عندما نشبع ونطير تتخطفنا أنت وأترابك؛ لكنك عندما تطغى وتسقط على الأرض نأكلك أنت مع أترابك.
بعدها بدقائق تحول إلى رميم.


ومنذ ذلك الوقت مازال بعض الناس، عندما يشبعون يتنكرون لأبناء جلدتهم، وعندما يسقطون لا يجدوا من يواري سوءاتهم الثرى.


إبداعات عائلة اسكرايب

اقتباس من رواية “جوابات قصر الدوبارة” للكاتب عبد الرحمن عباس



ذهبتُ وأشعلتُ سيجارتي.. الشيءُ الوحيدُ الذى من حقِّه أنْ يُلامسَ شفتّيَّ.. أنْ أضمَّها وأُطبِقَ عليها بين خطَّينِ من نارٍ لأُعطيها قبلةَ الحياةِ ويشتعلُ كلُّ ما فيها لِتُخرِجَ دُخانَها من هذا الوهجِ، أنظر إلى “ندى” الطائشةِ هاويةِ الضحك بدونِ أسبابٍ.. المنتصرةِ دومًا على الحياة.. انتصارُها أن تُخرِجَ لسانَها لكلِّ موقفٍ يُؤلمُها وتقولُ كلمتَها المفضلةَ:

  • ابو أم اللي يزعلني..! كم أتمني أنْ أصبحَ مثلَها.. أنْ أُعاندَ كلَّ شيءٍ.. أن لا أستسلمَ أبدًا.. أن أملكَ تلك الضحكةَ، حتى خطيبها “أحمد” الذي تعشقُه منذ سنواتٍ تعرفتْ عليه وعلى أُمِّه وأبيه حتي أصبحت جزءاً من العائلةِ وكان “أحمد” وحيدًا فاتَّخذتْها أُمُّه بنتًا لها.. هكذا بضحكتها المعهودةِ أستطاعت “ندى” أن تتسلَّلَ إلى هذا القلب.
    مازلتُ أُحدِّثُ نفسي بينَ الآنِ والآخرِ مُتعجِّبةً:
  • كيف صبرت على أحمد كل هذا الوقت وكيف تتعاملُ مع الأمرِ ببساطةٍ حدَّ الاستفزازِ.. حتى إنها ضبطته مع امرأةٍ أخرى يجلسانِ فى مقهىً؛ فما كان منها إلا أن قالت: متآمر وأهبل طب اخرج معاها في مكان مبروحوش..!وقتها أتذكر كيف أنَّ الأمرَانتهى بسلاسةٍ وأكملت هي الجلسةَ معه بعد أنْ ذهبت صديقتُه.

📖 جوابات قصر الدوبارة
⁦🖍️⁩ عبد الرحمن عباس
🔖 رواية – رومانسي – اجتماعي

اسكرايب بتوصل لكم في أي مكان في العالم⁦✌️⁩

راسل اسكرايب عبر الرسائل: m.me/Scribe2019
أو عبر واتساب: wa.me/201140714600

أو اطلب إصدارات اسكرايب عبر المواقع الإلكترونية 👇
بوك باظ: https://bookbuz.com/ar
جملون: https://jamalon.com/ar
نيل وفرات: https://www.neelwafurat.com

إصدارات اسكرايب للنشر والتوزيع

اقتباس من كتاب “استراتيجيات شعرية الخطاب” للدكتور فريد سعدون



يتميز الخطاب الشعري عند البياتي باحتوائه قصائد يمكن تسميتها قصائد الموقف / المبدأ، يحاول من خلالها تشخيص ملامح عصره في أنساق تستثمر مشاهد الظلم والاستعباد والقهر والطغيان والاغتراب وغيرها، وتفضي إلى رؤية شعرية تجمع بين موقفه الذاتي، بما يحمله من إحباط واستنكار وتطلع نحو التغيير، وبين الفكرة الإيديولوجية التي يؤمن بها، وهذا الجمع يأتي في إطار بناء جمالي، يلخص أسلوب المعالجة الفنية في شكل مألوف، يتمسك بموقف سياسي، أو يعرّف بفكرة تستبصر جوهر الواقع في التقاط تفاصيله المفجعة، مما يفضي بالخطاب الشعري إلى منحى بلاغي تخفّ فيه الخصوبة الإبداعية، فثمة تعقّب واضح للحالة السياسية، وانشغال بها، يستبدّ أحياناً بجسد القصيدة، فقد كان البياتي «من أكثر الشعراء العرب المحدثين التصاقاً بالتحولات السياسية في المجتمع العربي والعالم منذ الخمسينيات حتى الآن،… مواكباً تجلياتها وصورها المختلفة، مؤشراً ملامحها، المستـتر منها والظاهر للعيان، بإبداع شعري يوجهه موقف ثوري واضح ورؤية إنسانية عميقة».

📖 استراتيجيات شعرية الخطاب
⁦🖍️⁩ د. فريد سعدون
🔖 دراسة

اسكرايب بتوصل لكم في أي مكان في العالم⁦✌️⁩

راسل اسكرايب عبر الرسائل: m.me/Scribe2019
أو عبر واتساب: wa.me/201140714600

أو اطلب إصدارات اسكرايب عبر المواقع الإلكترونية 👇
بوك باظ: https://bookbuz.com/ar
جملون: https://jamalon.com/ar
نيل وفرات: https://www.neelwafurat.com

إصدارات اسكرايب للنشر والتوزيع

عمي دامولو .. بقلم: نجاة بن خدة – مسابقة كورونا الأمل



كتبت نجاة بن خدة:


أكانت الحقيقة، أم هي لقطة مأخوذة من فلم خيالي ما ؟
و أنا لطالما كنت أسأم من هذه الأفلام المملة.
لقد كانوا واقفين أمام سيارة الإسعاف., يريدون إنزال شيء ما من الخلف.


كانوا يغطون جميع تفاصيل جسدهم، و وجهم كأنما كانوا سينزلون قنبلة موقوتة، أو جرثومة خطيرة!
أنزلوا صندوقا، و أخذوا يجرونه على الأرض.


كان ولداه واقفين يردان الاقتراب لكن الرجال الأربعة لم يسمحوا لهم بذلك.


ألقوا به في الحفرة العميقة، و جعلوا آلة الحفر تعيد عليه التراب.
هم لم يصلوا عليه، و لم يتركوا أحدا يودعه.
لقد كنت واقفة خلف السياج أسرق اللقطات المريرة عبر شاشة هاتفي الصغيرة.


لم أشعر بنفسي إلا و أنا على الجبل.
أقف خلف الذين قرروا الصلاة عليه [و لو من بعيد].
فالذي جروه جرا كان عمي: {دامولو} الرجل المجاهد اليتيم ابن الشهيد.


فق= أباه و هو لا يزال في حجر أمه ثم فقد أمه بعد أن زوجوها برجل غريب لم يكن فقد أباه.
عاش مع جديه، و شاء القدر أن يبني قبيلة بأحفاده، و حينما مات لا أحد شيع جثمانه.


كنا جميعنا نندبه خلف الأسوار., فعمي [في غفلة منا] اجتاحه [كوفيد 19]، و بعد أربعة أيام سكن صندوقه دون أن نتمكن من إلقاء النظرة الأخيرة عليه.
[فالله يرحمك يا عماه].


إبداعات عائلة اسكرايب

“كورونا الأمل” بقلم: آمال ناجم مولاي – مسابقة كورونا الأمل


كتبت آمال ناجم مولاي:



لقد كان كل شيء واضحا من البداية، لم تكن الحياة لي يوما.. أقصد الحياة الجميلة التي تعيشها باقي الفتيات مثلي في أي مرحلة من مراحل نضجي.
منذ ولادتي وحياتي لا تسير كما أريد لها، بل إنها كانت تسير كما لا أريد لها تماما.. ولدت ضعيفة بجسد هزيل وقلب متعب وأبوان يعيشان تصدعا هائلا في علاقتهما يوشك القضاء على حياتهما كزوجين يبدوان للجميع وكأنهما مثاليان.
لم يكن مجيئي صدفة ولا خطأ، جئت كمحاولة لإصلاح ما أفسدته الشكوك والوساوس بين طرفين لا يفكران إلا في نفسيهما، جئت وعلى عاتقي ثقل أحمله أنا الصغيرة بعد عن عجز عن حمله الكبار. على الأقل هذا ما كانت تفكر به أمي وقد نفدت جميع حيلها لاسترجاع أبي، لكنني جئت معاكسة تماما للتوقعات، أتيت حاملة معي ثقلا جديدا فريدا قطع ما تبقى من الخيط الواهي للعلاقة دون رجعة.
كيف يمكن أن يكون مجيء أحد ما إلى الحياة ذنبا يضاف إلى ذنوبه القادمة؟
كنت أُنعت دائما بأنني طالع سوء وهم دائمين، وبأنني الأمل المرتجى الذي تحول في نهاية المطاف إلى ألم لم يكن في الحسبان، وكنت أرى نفسي في كل هذا ما يعرف بأثر الفراشة والقشة التي قصمت ظهر الجمل لولا أنني كنت أثقل بكثير من فراشة أو قشة..
أنا كنت الجمل نفسه.
رفع أبي دعوة طلاق على أمي بعد شهرين من كارثة ولادتي، وضعتني هي الأخيرة جانبا أو لنقل في الخلف ولحقته ترجوه أن لا يطلقها، أفلتتني بكل ضعفي وتشبثت به بكل قوتها.. لكن بدا أنه كان زاهدا في كلتينا.
لا أجد لتصرف أمي تفسيرا منطقيا يعفيني حيرة التساؤل إلى الآن خاصة بعد الذي حالت إليه، أقول أحيانا أنها كانت تحبه بشكل أعمى، ما الذي يفسر زواجها بعد الطلاق بسنة واحدة بعده؟ أقول أنها كانت تخاف نظرة المجتمع الدنيئة لأي امرأة مطلقة، ولكن لم لم تخش نظرة ازدرائهم لها وهي تطارده كالمجنونة دون اعتبار طفيف حتى لكبريائها؟ أقول أنها كانت تخاف على شعور ابنتها التي ستكبر دون أب وماذا سيكون جوابها فيما لو سألتها عن… ولكن من الذي كان ليهتم بصحتي الجسدية أولا حتى يفكر في نفسيتي ومعتقداتي؟
علمت منذ وقت طويل أنني لن أجد إجابة شافية لسؤالي هذا، فأغلقت على نفسي بابا كان يجيئني بالريح فحسب.
العار الذي خشيت أن يلحق أمي لحقني قبل أن أفهم معنى هذه الكلمة حتى.. في كل سنين طفولتي لقبت في المدرسة ب”ابنة المطلقة” حتى من أقاربي.. كانوا ينعتونني كذلك لإغاظة أمي التي يبدو أنها ضربت أقوال الآخرين وآراءهم عرض الحائط واكتفت بما يبدو لها هي مناسبا.. كنت ابنة المطلقة مع أنني عشت مع والدي الذي تزوج بعد شهرين من طلاقه. لقد ظهر بوضوح أنه باع أمي لأجل أن يشتري أخرى.. لقد باع اثنين مقابل واحدة في الحقيقة.

عشت حياة أستطيع أن أصفها بالطيبة، لقد كنت أميرة في منزل والدي وسيدة قراراتي طوال الوقت. هذا الحال لم يكن وليد حب أو اهتمام. لقد كان والدي يشفق على حالي لأنه أراد دائما أن ينافس أمي ويشعرها أنه على قدر المسؤولية وأنه أجدر بلقب الولي منها.
لم تكن أمي متلهفة على بقائي معها بأية حالة، ولم تكن لتفتعل مشاكل من أجل أن أعيش بقربها أو حتى من أجل أن تستعلم أخباري.. لم يكن مهما بأية حالة.
لكنه كان مهما جدا في داخلي،
لقد كنت دائما أرغب في أن تكون لي أسرة جميلة تعيش بهدوء وسكينة.. أن أمتلك أما تربت على كتفي حينما أعود باكية من المدرسة، لا أبا يحاول إقناعي أن الحياة لا بد لها أن تسير هكذا. أما تفهم حاجتي الدائمة لشخص يحتويني ويفهم مشكلاتي دون أن أفصح عنها، وهذا الشخص لن يكون يوما سواها.
في البداية كنت أسأل عنها والدي كثيرا، كان دائما يبدي ردة الفعل نفسها، وكنت أفهم من تصرفه أنها لا تود رؤيتي، لم يكن أبي ليصرح بالأمر لأنه كان يخشى على مشاعري طيلة الوقت، يحسب ألف حساب لكلامه قبل أن يتفوه به.. يعزيني دون أن يحصل شيء ويسألني أن أسامح أمي نيابة عنها.
لن أسامحها.
لم أكن لأستطيع نسيان هجرانها لي ونكرانها لابنة أنجبتها ذات خطأ حتى لو رغبت في ذلك، طاقتنا على تذكر المواقف السيئة باستمرار تفوق مقدرتنا على التجاوز بسهولة.
لم أعد أحتاج التفكير في مسامحتها من الأساس.
الموت رغبتي الأعظم منذ مجيئي الحياة، أحلم أن أموت بشكل مريح يخالف الطريقة التي أتيت بها.. لكن للأسف الشديد ما كل ما يتمنى المرء يدركه، وهذه القاعدة تنطبق علي أنا ضعفين.
لكنها تحققت حينما جاء هذا الوباء، فيروس الكورونا صديقي ومخلصي من حياتي الكئيبة، ليس مصيبة على الإطلاق.. على الأقل عندي أنا، لم لا ينظر الناس من زاوية مشرقة للأمر مثلي؟ أشعر لأول مرة بأنني متفائلة وبعيدة عن السوداوية وأن العالم هو الذي يسير جانبا مظلما بينما أمضي بافتخار تجاه العالم المضيء الساطع:
عالم الأموات.
لم تكن هذه فكرتي أبدا قبل أن تصاب زوجة أبي بالمرض، لم أكن لأفكر أن هذا الوباء سيصل لمكان معزول كبيتنا أو كغرفتي بالأحرى.
كانت زوجة أبي تجول بيوت الجيران كلها صباحا، قالت إنها لا تستطيع التوقف عن زياراتها المعتادة أو جولاتها المقدسة حتى في ظل هذه الظروف الطارئة. ظلت تحضر الأعراس وتطمئن على صديقاتها في كل مرة تسمع أن إحداهن قد قدمت لقضاء العطلة من بلادها.. كانت تخاف الموت، لكنها زعمت أن هذا الأخير لا يقرب شخصا يخافه. الموت يحب الذين يحبونه، ويجيء بشوق كامل للذين يطلبونه. إنه عزيز نفس لا يقبل المذلة والمهانة.. وبالفعل، لم يأخذها.
لكنه جعلها تتمناه.
تم حجزنا بعدها في المستشفى أنا وأبي ومجموعة من الجيران وكل من اتصلت به زوجة أبي في الأسبوعين الماضيين.. ظللت أدعو الله طيلة فترة الحجر الصحي أن أكون مصابة، بقيت أتذكر قول الرسول عليه الصلاة والسلام “أدعوه وأنت موقنون بالإجابة” وهذا ما كنت أفعله بالضبط.. أدعو الله أنا أعرف يقينا أنني سأموت.. لم يخيبني ظني ولا ربي.
تأكدت الإصابة بالوباء.
إنني أنتظر أن أنتقل للخطوة القادمة الآن.. لأمت بسرعة يا الله.
حينما تأتي التحاليل مطابقة للفيروس بعد الحجر الصحي في المشفى يتم نقل هؤلاء المرضى إلى غرف جماعية عادية، وأنا شاركت الغرفة مع فتاة لطيفة ومرحة.
على الأقل هذا ما كانت تبدو عليه في البداية.
طيلة الأيام الأولى كنت أشعر بإعياء وخمول دائمين في جسدي، أعطس وأسعل بشكل مؤلم وعندي صداع رأس رهيب.. لم أكن سعيدة بأية حالة، أردت أن أرتاح بطريقة ما، إما أن أموت أو تعود إلي صحتي.
هذا المنتصف متعب ويجعلك تتمنى العودة إلى نقطة البداية أو النهاية لا فرق، المهم أن تكف الحالة عن كونها هكذا.
أختنق وأفقد القدرة على التنفس تماما حلقي ينهشني من الداخل وأتمنى لو أني خلقت بدون رئتين من الأساس.. أستلقي، أقوم، أجلس، أقرفص.. كل وضعية تزيد من حدة الشعور بالصداع وتفاقم الأمر.
ألعن المرض وجسدي ورأسي، نفسي وحياتي وأبي وأمي.. تحاول الممرضات تهدئتي لكنني أصرخ فقط وأواصل شتمهن بشكل أشعر بالخجل منه الآن.
لكنها أمامي لا تفعل شيئا مما أفعله. إنها لا تحس ولا تشعر ويبدو أنها تكذب بشأن حالتها الصحية، ربما تود هي أيضا أن تموت.
في كل مرة تراني فيها أصرخ لا تحرك ساكنا، تبتسم ببرود قاتل وترفع كفيها بالدعاء.
لعنتها هي الأخرى في سري بالمناسبة.
بعد مرور أسبوع ونصف على كل ذلك، بدأت حالتي في الاستقرار، استغنيت عن جهاز التنفس الاصطناعي وخف الصداع كثيرا مقارنة بالسابق..
لكني بقيت أتمنى الموت،
بقيت أرجو الله أن يأخدني وينهي عذابي القادم قبل أن يبدأ مرة أخرى.
ناضحة بالحيوية رغم شحوبها اقتربت مني.. مدت لي كفها وقالت:

  • مرحبا.
    لم أعرها ذرة اهتمام..
  • أنا نور، أظنك تشبهينني في كثير من الأشياء.. هل يمكن أن نتعرف؟
    هل أشبه أحدا بالفعل؟ أنا لا أشبه سوى الأموات والأموات لا يعرفون ولا يُتعرف عليهم.. يكفيهم أن الموت يعرفهم.
  • يبدو أنك لست بخير.. حينما تشعرين بتحسن ورغبة في الحديث أخبريني.
  • إسمي ليلى.
    إنها فرصتي الوحيدة للانفجار. أنا قنبلة موقوتة انتظرت الموت كي يخمدها أو يعطل توقيتها لكنه لم يأت، وربما لن يفعل.. هذه الفتاة هي حيلتي الوحيدة.
  • الليل يا ليلى يُعاتبني..
  • لم قد يفعل؟
  • يطلب مني أن أسلم على ليلى.
  • ؟
  • لا عليك، إنها قصيدة مشهورة ذكرني بها اسمك.. ما أول شيء ستفعلينه حينما ستخرجين من هنا؟
  • سأتمنى الموت مرة أخرى.
  • يتمنى الموت من تلفظه الحياة خارج أسوارها إلى ما لا رجعة..
  • ..
  • لقد صارعتصرختلعنت طويلا كي لا تطردي من هنا، لأنك لا تريدين أن تموتي بعد، الحياة ما زالت في حاجتك، وأنت ما زلت في حاجتها. لديك الكثير بعد مما عليك فعله قبل أن تتمني الموت فعلا.. جميعنا رغبنا في أن نكبر بسرعة كي نتصرف برعونة الكبار التي بدت لنا سيطرة، ثم تمنينا العودة لبراءة الأطفال ولامسؤوليتهم لأننا جربنا طعم أن نكبر بعقل لا يهدأ عن التفكير. لم ترغبين في الموت أنت؟ ولدت دون والدين؟ جربت العيش في ميتم يؤهلونك لتصبحي في المستقبل خادمة؟ تعرضت لكسر في رجلك لأنك حاولت الهرب من الميتم ثم ندمت لأنك أصبحت موصومة بالعرج طيلة حياتك؟ تعرضت للتنمر من أطفال سيدتك في منزلها لأنك عرجاء؟ تم طردك أخيرا لأن الكيل قد طفح؟ هل جربت أن تحلقي في السماء السابعة لأنك وجدت من يهتم لأمرك لوهلة ثم سقطت سقوطا حرا مدويا كسر جميع ما تعبت وأنت تجمعينه طيلة الفترة السابقة لأن هذا الشخص قرر أن يختفي فجأة دون أتفه سبب؟ لم تجربي شيئا من هذا، صحيح؟ لماذا تتمنين الموت إذن؟ أتعلمين؟ إنني أشمئز طويلا من الأشخاص التافهين الذين ينظرون إلى أصبع الكوارث وهي تشير به إلى القمر دون أن يلمحوا هذا الأخير. أشمئز وأشتم القدر لأنه لم يكن يوما عادلا في توزيع الحزن على الناس يوما.. أيبدو لك عادلا أن نعاني نحن بهذا الشكل المخزي ثم يجيء من يتمنى في مكاننا الموت؟ من سيبقى لنا؟ من سيخلصنا من كل هذا الثقل الذي نحمله على أكتافنا دون الموت؟ أنتم لا تستحقون الموت بأية حالة، إنكم تستحقون أن تدخل عليكم الحياة من أوسع أبوابها.
    ما عدت أفهم شيئا من كلامها، إنها ترطن كثيرا وتقول أشياء مبهمة، ترفع يديها وتبدو كما لو أنها تود قتلي لأنني تمنيت الموت، ولو لم تعترف بما قالته قبل قليل لكانت بالفعل قد قتلتني. الطنين في رأسي يعلو وحلقي يكاد يخنقني ولا أقوى على التفكير بتاتا..
    غاب كل شيء فجأة، وعلمت بعدها أنني أنا التي غبت عن الوعي.
    أثناء غيابي عن مواصلة الاستماع رأيت أشياء كثيرة في منامي.. رأيت أنني أطير وأن أمي تضحك لي وأبي يجري من ورائي يحاول الإمساك بي. لم تكن هناك زوجة أبي لكن طبخها اللذيذ كان حاضرا. كنت أطير وأركض في السماء ذات الوقت، لم أكن سعيدة لكنني كنت راضية وخفيفة غير ساخطة.
    رأيت نور تبتسم وتلوح من بعيد بجناحين مزركشين.
    حينما استيقظت، كان سريرها شاغرا وممرضة تقوم بتعقيمه، سألتها وأنا كلي يقين من إجابتها: أطلقتم سراحها خلاص؟
    لم تنظر الممرضة في عيني وبدا كأنها لم تسمعني، لكنني أسمع جملتها إلى الآن تقتحم أذني بشراسة: “البقاء لله”.
    نور طارت فعلا نحو السماء.

أنا اليوم غير سعيدة ولكنني راضية وخفيفة غير ساخطة، وأعلم اليوم أكثر من أي وقت مضى أنني أستحق الحياة لا الموت، أستحق أن أصل للمرحلة التي يطاوعني فيها كل شيء أطلبه بسهولة.. نور لم تكن حلا لمشاكلي مع أهلي صحيح، لكنها علمتني كيف أتفاهم كع مشاكلي الداخلية بيني وبين نفسي وهذا ما يهم. نور لم تكن فتاة فحسب، كانت اسما على مسمى جعلني أعيد النظر في سلسلة حياتي بأكملها.
كلنا لدينا نور بأشكال وأسماء مختلفة، لكن المعنى واحد: الظروف السيئة التي تمر بنا لا تعني أنها نهاية الحياة ولا بداية التفكير في الموت.. إنه مر وسيمر كما مر الذي قبله، وما الذي لم يمر كما قيل؟
إنني أمامكم مثال حي، لم يهزمني الفيروس حتى مع كل استسلامي له ورغبتي الحقيقية في استقبال الموت، وكذلك لن يهزم شخصا يتشبث بالحياة ويريدها، جسمك سيقاتل ليكسب المعركة، ساعده بتفكيرك وتفاؤلك وتشجيعك وسيطاوعك..
أدعو لكم بالعافية جميعا.


إبداعات عائلة اسكرايب

مسابقة كورونا الأمل

“دموع في كف القمر” بقلم: نجلاء جميل



كتبت نجلاء جميل:


وكم أمقت ضعفي ، عندما تخور قُواي من بين أضلعي ..
وكم أخجل من مرآتي فأداري دمعتي بين ضباب توجعي
كيلا تعانق تلك الدموع انكسارات في دواخلي ..
أختبئ بين خيوط نبض يأبى الاعتراف بوهن قد أصابه ، يرسم بريشته شعاعا استمده من تلك السلاسل الذهبية ليرسل من تلك الخيوط أملا يستنير به الكون
ويبتر وجعا قد أعياني ، ويستضيء القمر من نجوم لمقل
قد نسيها بدره ، فبات في كفّه جرح وشجن ..
أراود بناني ؛ فيعتصرني ألم وكأنه اتخذ من أهدابي أرجوحة يعتلي بها عرش جفوني ، ليعزف على أوتارٍ من مزنها لحنَ شجوني ..
فكر ، قلم ، سطور ،بيان وتبيان .. خلان عزفوا عني وأضاعوا ما بينهم ظنوني ..
أناجيكِ حروفي ، أناديك بياني .. أغثني ،
يرد الصدى .. لست الآن في رباه ..
ربّاه .. يا ويلتي ..
أ أبكيه ، أم أناجيه ، ما الذي أغشاني وأغشاه ؟..
أ هي قيلولة اشتاقها القلم ، أم جفّت أحباره واعتنقه الألم ..
أم غيبوبة طالت وأصابها الاحتضار وغرقت في بحر من العدم ..
أ جفاء هو وعصيان لسطور ، أم عزلة وفتور ..
أيا بنت أفكاري ، أهان عليكِ نبض ألحاني وبديع سلطاني …
عودي إليّ ولا تصغي لعصيان قد أماتك وأدماني ..
ألستِ زهر الحنون وسط كل بركانِ ؟!
وما بالك يا قلمي أراك تحتضر ، ولحكايتي تختصر ، فنارك تلهب أغصاني ..
أما كنتَ جداول الربيع وعصيّا على النسيانٍ .. !
فيا دمعتي جودي بأحباري ، ويا شموعي ترفقي بكبرياء حرفي وعنفواني ..
فليت غيثك يستعيد ما تاه مني ، ولعله يوقظ قمرا ، يتجلّى في بدره طيف خلّاني ..
ويكفكف دمعة تحجرت في مقلة لقلمي وعنواني ..


إبداعات عائلة اسكرايب

“نبت الصعيد” بقلم: عرفات سعيد


كتب عرفات سعيد:


أنا نبت الصعيد طين أرضي حنة

من نيلها تروى بالطيبة والوفاء

عذب ماؤها وهواؤها مسك شذاه

أنا ابن كيمت سماري فخر الرداء

جدتي ربت على أكتافها زعماء

أرضعتهم من خيرها حكمة وذكاء

أورثتهم عنفوانها وشموخها والبهاء

أنا ابن الصعيد هامتي دوما للسماء

هنا ولدت الرجولة والكبرياء

هنا التاريخ والحضارة والعلماء

هنا بلادي العتيقة عاصمة العالم

هنا الطيبة والعزيمة والاقتداء

هنا جدنا أوزير القمر يحلق بالخير

هنا بداية الخليقة هنا سكن النبلاء

بين أجناس الأرض ذاع صيتنا

من شلالات إفريقيا إلى البتراء

الكبر والنفاق والبخل أعداؤنا

والكرم والجود والعنفوان لنا أخلاء

احمس ابن قنا لمن لا يعرف صيته

فخر لنا مازال يهدينا السعادة والهناء

حرر أرض الكنانة من أيدي الطغاة

سحق الهكسوس بدد أحلام الغزاة

تعلمنا أننا وطن لا يقبل التشرذم

وأننا زخيرة مصرنا الشهباء

وأننا ظهيرها اذا نادت علينا

وأننا جيوشا ومدافع تلبي النداء

لا تجزعي يا مصر يا وطني

هنا بصعيدك تكمن قوة الرماة

أرواحنا قربانا لك عطاء بعطاء

لا نتصنع الطيبة لا ندعي الكبرياء

سنحيا كراما بشموخ كالجبال

لأننا طعمنا إخلاصا وانتماء

نحيا بعزتنا وإن جارت الدنيا علينا

ونموت نجوما تشع سابحة في الفضاء

إبداعات عائلة اسكرايب

“من أجل قلب كتبت” بقلم: محمد شيبة


كتب محمد شيبة:


حين تشرق شمس الأشواق..
على مدينتك قبل مدينتي..
وتداعب نسمات الدفء قلبك قبل قلبي..
وتسهر عيني تأبى المنام دونك..
تحتار أمازلتِ هنا أم يمهلك القدر حياة..
على حافة الأنين.. تتألم الضلوع.. شوقا إليك..
تنصت علها تجد عزف أنشودتك..
تتابع النظرات نحو الشرق..
تنتظر قدوم طيفك.. او رسولك الناعي..
حنين يمزق الأحشاء في اضطراب وهلع..
أي سبيل تسلك روحك يا زهرة العمر..
قد آن الأوان أن نلتقي..
وتأبى الأقدار أن نجتمع..
ماكثٌ في محرابي ابتهل..
أن يرعاك الذي اسكنك الفؤاد والعقل..
يا روحاً أضاءت ظلمات عالمي..
كيف أنساك وانت نوري..
لا تحسبي صمتي هجراً لقلبك..
إنما صمتي ألماً وبكاء عليك..
لا طاقة لي بالحياة دونك..
فإن استبقتي الرحيل.. فإني منتظر قدري..

إبداعات عائلة اسكرايب

“الطاووس” قصة قصيرة بقلم: عصام أمين

كتب عصام أمين:


كان يقف في تيه كالطاووس يشعر بالفخر بعد أن استطاع إثارة الشفقة داخل نفوس مشاهدي برنامجه الإنساني الذي يقدمه عبر أثير احدي القنوات الفضائية الشهيرة لم يكن يعنيه اثناء التصوير سوي إبداء الامتعاض ومحاصرة ضيفه الذي لا يملك من الدنيا إلا حطام فما كان من الاخير سوي إطلاق العنان لدموعه وهو ينهال مقبلا يده وهو يعرض على شاشات التلفاز كم المساعدات الواهية التي تلقاها من أهل الخير.


كان المخرج مستاءا كم حاول إقناعه بتخفيف الاستعراض الذي يقوم به والذي كان يعتبره متاجرة بمشاعر الغلابة لكنه في كل مرة كان يواجه بثورة عارمة من النجم الشهير لا يملك أمامها سوى الصمت.


وكان المذيع الشهير يبدو متأنقا هذه المرة أكثر من ذي قبل يشعر بالمتعة وهو يضغط على جراح تلك العجوز المسكينة التي أكل منها الزمن وحفر الحزن له مكانا في وجهها كان يلقاها في طريقه دائما تبيع الناس بضاعتها الرخيصة البسيطة في صورة اقرب للتسول وجدها فرصة لاستضافتها في برنامجه وممارسة هوايته لكن المسكينة لم تحتمل شعرت بعيون الناس كأسهم تخترق قلبها تحاول أن تتواري بعيدا دون جدوى لم يترك لها المجال
انفجرت باكية هل تعرفني؟


نظر لها في استنكار دفعت يدها داخل جيب سترتها البالية أخرجت وثيقة فردتها أمامه صوتها الناحب يرتفع أنا امك.


يصيح في وجهها صارخاً أيتها العجوز الخرفة ماذا تقولين يصرخ في المخرج طالبا وقف التصوير يقف المخرج صامتاً في تلذذ وعدسات الكاميرا تقترب عارضة الوثيقة عن قرب يشعر بالظلام من حوله يسقط فاقد الوعي والعرق يتصبب فوق جبينه في غزارة.


إبداعات عائلة اسكرايب

“همسات شاعر” .. ينسجها قلم: نجلاء جميل

كتبت نجلاء جميل:


جذوة من الشوق ألهبت ما بين الضلوع …
ترجل الحرف عن صهوة الهيام
طاف بين السطور …
أيا شاعري ..
حنين يعانده الشوق وآزره الصدوع
أسكنتك الروح ..
فكنت مزن غيمتي وغدير سقيايا
ومنك عطري يضوع
عزفتك نغما ، وشدوتك لحن قصيدي
فلغيرك ما عرفت قافيتي الخضوع
أيا شاعري ،، و يا حاضري وغائبي
أتشتاقني .. فإليك الروح تتوق ؟..
قفر مربعي وعاث ظلامي بين الربوع ..
اتكأ على مرفأ فؤادها ..
قبّل كف الصبابة بين معصميها
وتبسم ثغر مقلتيه وهمّ بالركوع
عبقت دموعه عطرا ،
وارتجف القلب الخجول
ناداها من بين حناياها
يا بنة الروح ، هاك نبضي
على شاطئ أجفانك يجول
كيف أشتاقك ..
وسكناكِ بين الثنايا يغازله ترياق البتول
وصايا العشق أنت بين ليالي العاشقين
أهزوجة الربيع محيّاك ، وشموس الغائبين
تتقد شموعي في محراب عينيك
وتتوه قسماتي بلقياكِ بين نُساك العالمين
أيا ملاكي …متيم أنا وظلي في هواكِ
أحبك ، حب الفراش لزهور الياسمين
غفى عطرك في كياني وكهف الحالمين
أيا شاعري .. وشعاع النور في زماني
ما بين زفرات الروح نبضات
فيك مسكنها وعنفواني
ويا بسمتي الضائعة أسألك الربيع ..
منك الهروب وإليك عنواني ..


إبداعات عائلة اسكرايب

“هواجس كوفيد 19” .. قصة قصيرة بقلم: نجاة ناصر – مسابقة كورونا الأمل

كتبت نجاة ناصر:


(١)

يظن أغلب البشر أن الوباء الذي لحق بنا مؤخراً جاء للقضاء على الفساد ، والالتزام والحث عن النظافة وأنا أرى ذلك أيضاً ، لكن الذي أيقنت مؤخراً أن الله حل علينا هذا البلاء لندرك عظمته وقدرته على فعل الأشياء ، فـ وباء صغير مثل الكورونا قادراً علي القضاء علي بلدة بأكملها ، وهذا حدث بالفعل في بلد بجانبي ، فمنذ ظهور كوفيد١٩ وكنت لا ابالي ، وكنت أحدث نفسي كثيراً هذا يحدث في الصين ، بيني وبين الصين كم هائل من المسافات اي وباء هذا الذي يقطع الكم الهائل والأميال والمسافات لـ يصيب فتاه مثلي، وكنت إذا رأيت منشوراً للتوعية أتجاهله ظننت أن هذا لن يحدث في مصر ، مصر البلد التي ذكرت في القرآن ، الذي قال عنها النبي محمد (ص) أهلها فى رباط إلى يوم القيامة

فـ هي محمية من الله لذلك أنا واثقه بأن هذه الغمة ستزال ، وسوف يعم الخير مرة آخري الي بلدي .

(٢)

بـ تفكير محدود للغاية ، جلست أفكر فيما تنبأ به العلماء منذ سنوات بهذا الوباء ، فهما لا يعلمون بهذا لكنهم أرادوا إيصال فكرة أن العلماء والأطباء هم من يساعدون في إنتهاء هذه الغمة .

_ جهاد ، أين أنتِ …؟

_ أمي أنا هنا عند المكتبة ، هل تريدي شيء ..؟

_ اقبلي إلي هنا لتهبطِ معي إلى السوق لشراء احتياجات المنزل ، فلا أحد يعرف ماذا يخبئ لنا غدا ً..؟!

_ حسناً يا أمي أنا أتيه .

مشيت من غرفة المكتبه لغرفتي لتبديل ملابسي ، وبعد ارتداء الملابس ووضع الكمامه ولبس قفازات لليد ، ومسك زجاجه كحول خرجت لأجد أمي لم تفعل شيء مما أنا به .

_ نظرت إليها وعلي وجهي علامات استفهام ، أمي لما لا ترتدي القفازات والكمامة ..؟

_ الله الحارس ، ثم أنا أشعر بهذا التلاعب بعقول البشر ، ماذا يعني فيروس ..؟ لا شيء من هذا القبيل .

_ كيف يا أمي ، فـ وسائل الأعلام تتحدث طوال الوقت عن ذلك الفيروس اللعين وهناك العديد من الأشخاص المصابين ، الم تري الكم الهائل من المتوفين في الصين…؟!

_ جهاد ، هذا هراء لا يوجد شيء ، والأعلام الفاسد في بلدنا يضخم أي موضوع صغير فهما لا يجدون شيء يتحدثون به ، لذلك يتحدثون كثيراً عن ذلك الفيروس .

_ لا يا أمي الموضوع خطير جداً ، كنت لا أصدق حتى رأيت ذلك بنفسي ، فـ لدي دكتور في الجامعة مصاب ، لا تستهوني يا أمي بالله ، خذي الكمامه وضعيها والبسي هذه القفازات .

_ لن البس شيء ، هيا بنا لقد تأخرنا وسوف يبدأ حظر التجول.

لقد حاولت معها مرراً وتكرراً ولكن لم يؤثر بها .

نزلت ورأيت استهتار أغلب الاشخاص بالمرض ، والتجمعات وخطف السلع من بعضهم وكأن نهاية العالم اقتربت ، فكل شخص خائف من عدم سد احتياجاتهم من المأكل والمشرب ، وجدت المناوشات على كيلو الطماطم و الضرب باليد لأخذ الدقيق ، وجدت شعب هائج لا يهمه أمر المريض بقدر ما يهمهم المأكل والمشرب .

(٣)

عدت من السوق وقمت بعمل اللازم من الوقاية ولكن لم تفعل أمي ذلك أيضاً ، كل ما فعلته تبديل ملابسها ، تقول لي نحن سنموت من الوهم أكثر من الفيروس .

وأري أنها محقة في ذلك ، فـ الوهم نصف الداء .

جلست وفي يدي الهاتف أتصفح مواقع التواصل لأجد رسائل من أصدقائي يبلغني بأن دكتور زيدان قد أصابه المرض ، بكيت عند سماع ذلك النبأ ، فهو دكتور مادة التربية النقدية دكتور من أفضل دكاترة الجامعة مهذب خدوم جداً ، يقدم لك النصيحة كامله بدون اى مقابل ، يخاف عليك وكأنك ابنه ، فحزنى عليه لا يقدر جلست أبكي وامي لم تصدق ذلك ايضاً ، تقول أنه اشتباه وسوف يعود بالرغم من تأكيد النبأ وأولاده يطلبون الدعاء من الأشخاص لشفائه .

_ نظرت إليها بغضب وقلت لها ، أنتِ لن تصدقي ذلك حتى يتوفي شخصاً منا إذن ، أرجوكِ الوقاية خير من العلاج ، خذي حذرك لم تجيب علي تركتني وذهبت لتكمل إعداد طعام العشاء .

(٤)

أثناء جلوسي أمام التلفاز وجدت بيان من رئيس الوزراء بإنهاء المرحلة الأولي والدخول في المرحلة الثانية وهي مرحلة صعبة وبها قيود أكثر ، وبعد ذلك البيان بعدة أيام ، جاء تحذير للشعب بالدخول في المرحلة الثالثة ، وهذا أخطر وأخطر .

سمعت صوت شيء يرتطم بالأرض فجأة ركضت لأجد أمي طريحة على الأرض لقد سقطت مغشياً عليها ، قمت بالأتصال بـ أبي وأخي معتز ، لينقذها واتصلت بالإسعاف جاءت وكانت المفأجاة في المستشفى ، أمي أصبح لديها اشتباه في الفيروس ، وسوف تحجز حتى يتم التأكد من ذلك ، بالرغم من أني في حالة لا يرثي بها ، لكن وجدت جهود عظيمة من الأطباء في إنقاذ حياة المرضى ، كما أن الجيش الوطنى يقف بجد وأخلاص وتصدى لمواجهة الأزمة ، ما أجمل التضحية في سبيل الوطن حقاً فهم يقدمون حياتهم في سبيل عيش أبناء ذلك الوطن .

(٥)

خرجت أمي من المستشفى ولم يكن بها شيء فهو برد عادي وانخفاض مستوى الضغط في الدم هو من جعلها تسقط طريحة .ومن بعد ذلك أمي تخشى أي شيء على نفسها ، وتقوم بفعل كل شيء بخصوص العنايه .
ما حدث بعد ذلك هو أخي معتز الذي يعمل في إحدى بنوك مصر ، اكتشفت حالة عندهم وأصيب أخي ظننت في البداية أنه امر عادي و سيمر بسلام من أجل الاطمئنان علي صحته أو أنه أشتباه لا أكثر ولكن أخي بالفعل مصاب من الحالة التي معه في البنك ، وأصبح يلازم الفراش ونخاف ان نراه ، أو نلمس شيء يخصه ، كنت أود أخذه بين زراعي ، أن أطمئنه علي حياته وسيكون بخير ، لكن هذا ممنوع ، فلا أحد يتخيل هذا قطعه منك لا يجوز لمسه أحتضنه ، تخفيف حدة الألم عنه ، يالله خفف عنه ما يمر به ، اللهم أشفي كل مريض يتألم .
لا تستهونوا بحياتكم أخي الآن طريح الفراش ، لا يقوى على فعل شيء ، لو علمتم كم الآلام التي يعاني منها أخي لن تفعلوا ذلك .

أنقذ حياة شخص مازال يرى الحياة جميله وامكث في منزلك فـ ذلك وقاية لك ولكل الأشخاص .


مسابقة كورونا الأمل

إبداعات عائلة اسكرايب

“وباء كورونا .. داء لم يكشف له دواء” .. بقلم: عبد الحكيم أبي القاسم

كتب عبد الحكيم أبي القاسم:


بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ففي واقعنا المعاصر كثير من الأحداث التي يندى لها الجبين خجلا، وتضيق بها صدور الذين لهم مسحة من أخلاق وقيم، حيث تحملت البشرية في العقود الماضية من المعاناة والألم.

إن انتشار كثير من التنبوءات، ثم تسخيف من ادعى أو يدعي معرفة الغيب، أو القدرة على الخلاص من المرض دون تداخل طبي علمي، والانفتاح على تغير العدد من المفاهيم والمعتقدات، أو على الأقل تعديلها، فرجال الدين وقفوا عاجزين عن فعل أي شيء، وبعض الساهرين على شؤون الدين آثروا صحة مواطنيهم على تقاليد وأعراف دينية راسخة، بل هم نسفوها نسفا، وما إغلاق المساجد الدينية والمحلات التجارية إلا دليل على ذلك…

إذا غضب الله سبحانه وتعالى عم غضبه الصالح والطالح، وما نراه اليوم من انتشار جائحة كورونا المستجد ما هو إلا انظار من الحق سبحانه وتعالى لعباده لعلهم يتضرعون إليه وينيبون، وهذا ماطرح العديد من التساؤلات ترتبت عنها إغلاق بيوت الله، ووقوف الاقتصاد، وكثرة الوفيات، وزيادة في حالة الاصابات بهذا الفيروس الخطير، ومما يؤدي القول إن سبب إغلاق المساجد إلا للضرورة المحتمة، لأن حفظ الصحة أولى من حفظ الدين، لاشك أن المصائب التي تنزل بؤمتنا قد جعلها الله سبحانه وتعالى بحكم كثيرة قد تكون المصيبة بسبب الابتلاء ولأجل الامتحان، وقد تكون المصيبة لأجل رفع الدرجات، وقد تكون المصيبة لأجل تكفير السيئات، وقد تكون المصيبة لأجل العذاب ولأجل العقاب، لحكم لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ، وكما جاء على لسان العديد من الأساتذة ومن ضمنهم الأستاذ حسن أبو أويس: ” فمن ناحية الجزم لا نستطيع أن نجزم أن هذه المصيبة الفلانية “كورونا” أو أن هذا الوباء الفلاني كوفيد 19 هو عقاب من الله أو عذاب من الله سبحانه وتعالى،….”

قد نتحدث عن الأمر بصفة عامة هل هو عقاب فعلا من الله؟ هل هو غضب من الحق سبحانه؟ هذا لا إحراج فيه وأن هذا بسبب تقصيرنا و بسبب تفريطنا في حق الله سبحانه وتعالى هذا أمر لا حرج فيه كما يشير الكثير من الدعاة والوعاظ والمشايخ والعلماء والأطباء والأدباء والمفكرين أنه علينا أن نتوب إلى الله وأن نستغفر الله سبحانه، هذا أمر حسن وهذا أمر محمود ولاحرج فيه، نحن البشر نتحدث هل نجزم مثلا هذا الوباء بالضبط مثلا وباء كورونا هل هو عقاب؟ هل هو عذاب؟ من الله سبحانه وتعالى، إن الأمراض التي مرت بهذه الأمة مثلا كالإنفوانزا الخنازير، والكوليرا والكثير من الأمراض عفانا الله وإياكم .

هل هي عذاب من الله؟ تكون الأمراض لأجل عذاب ولأجل عقاب، قد تكون الأمراض لأجل رفع الدرجات كما أسلفت وقد تكون للإبتلاء وللإمتحان فلا يجزم بشيء معين، وقد يكون المرض نفسه، أو المصيبة نفسها قد تكون على أقوام لأجل التهديب، وليس لأجل التعذيب، قد تكون على أقوام لرفع الدرجات وتكفيرا السيئات وقد تكون لأقوام ابتلاءات وإمتحانات إلى غير ذلك من أمور، لذلك دائما الإنسان في مثل هذه الحالات يتهم نفسه ويراجع نفسه بسبب تقصيره وتفريطه في حق الله سبحانه وتعالى، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان إذا حز به أمر تضرع إلى الصلاة وإذا كسفت الشمس في عهده صل الله عليه وسلم يصفر وجهه من شدة ما يراه، وكان الرسول صل الله عليه وسلم حتى إذا رأى السماء قد إسودت كان يرى الكراهية في وجهه، وقالت أمنا عائشة رضي الله عنها، إذا تغير لون السماء كانت عائشة رضي الله عنها ترى الكراهية في وجه النبي صل لله عليه وسلم، فكان يقول عليه الصلاة والسلام ما يؤمنني قد يكون عذاب من الله سبحانه وتعالى، وكما قال صل الله عليه وسلم الإنسان دائما يتهم نفسه بتقصير ويخشى عذاب الله سبحانه وتعالى ويخشى عقاب الله تعالى ويلتجئ في هذه المحن وفي مثل هذه المصائب….إلخ

ما سبب العنف الحجري؟ ومما يرن في مخيلاتنا أن الحجر الصحي ترتبت عليه مخاطر مختلفة حتى قضايا اجتماعية كانت تحت الرماد، وأبرزها ظاهرة العنف الأسري التي توقف عندها الأمن العام والبرامج التواصلية، ” العنف الحجري” كما أن الدولة حتمت على المواطنين الالتزام بواجبات صارمة، لذلك يتطلبه عليها بتلبية حقوقه.
وبخصوص شرعة حقوق الإنسان واحترام حريته، وقع التضحية بها دون احتجاج يذكر، لأن قيمة الحياة أعلى من تلك القيم، فنحن نرنو للعيش أولا تم لترسيخ حقوقنا الآخرى.
وقد أرضى الناس الانحباس في منازلهم رغم قساوته وكدره، لأن في ذلك سلامتهم كما تقول كل نصائح الأطباء.

ومن عرف العارفين جرى الحجر الصحي مخاطر متنوعة على اقتصادات الدول الغنية والفقراء على حد سواء، ويحز في نفسيتنا تساؤلات عدة إلى أي حد سيطول هذا الحجر الصحي؟ وهل الحجر الصحي سبب نفي الفقراء؟ وسيفسر الحجر الطويل عن ازدياد عدد الفقراء في العالم بيوم بعد يوم، بمعنى أن عمل يومه أكل قوت يومه….إلخ.
وعلى الصعيد الصحي قد يؤول الأمر إلى تغيرات كبيرة في هذا القطاع، في طول الحجر الصحي لما يحملها من أخطار واحتمالات، وخاصة إن إمتدت إلى الجينات المتصلة ببني الإنسان …إلخ.

وهل التعليم عن بعد ظاهرة صحية أم ظاهرة مرضية؟
ربما أوحى التعلم عن بعد في هذه الأزمة للقيمين على شؤون التربية بتوسيع هذه التجربة وتخفيف اكتظاض الصفوف وتكاليف بناء المدارس واختزال جهود الأهل والطلبة في توصيل أبنائهم إلى مدارسهم…..(ظاهرة مرضية).
ونأمل أن يكون موقفنا غيض من فيض، عن هذا النوع من البحوث لعله يجد أذانا صاغية في إيجاد حلول أو على الأقل طرق فحص الناس دون حضورهم إلى المخابر والمشافي، وهذا يوفر أيضا جهدا ومالا..وإذا كان حقا أن فيروس كورونا أو ما يصطلح عليه بكوفيد 19 قد نجم عن محاولة العبث بالهندسة الوراثية لفيروس مختلف، وياترى هل هذه الجائحة تبقى حبيسة ذاتها أم تتولد عنها جائحات أخرى؟.

إبداعات عائلة اسكرايب

“اسكرايب” تدشن مشروعها للترجمة بصحبة “سلطان وأمريكا والعيون الزرقاء”

كتبت هيام فهيم:

بخطوات واثقة متئدة، وإدارة الروائي/ يوسف حسين، تواصل اسكرايب للنشر والتوزيع سيرها نحو حلم قد عزمت عليه.

الأحد التاسع عشر من أبريل، بحمد الله، تم توقيع تعاقد ترجمة ٣ روايات من إصدارات اسكرايب، ليكونوا نواة مشروع ترجمة لعدد من أبرز إصدارات الدار.

شرف مقر اسكرايب بالسادة المترجمين:

  • د. أيمن خليفة:
    رواية سلطان حمير للكاتبة اليمنية منى ناصر بارويس.
  • أ. عصام حافظ:
    رواية أمريكا كاكا للكاتب السوري عبد الباقي يوسف.
  • أ. محمد فؤاد:
    رواية وكانت عيونها زرقاء للكاتب المصري معاذ خيري.

جاءت الترجمات الثلاثة بتنسيق من الأستاذ/ تامر العشماوي.

وبفضل شهر رمضان المعظم، نسأل الله العلي القدير السداد والعون والقوة، وأن يعطي الله كل منا سؤله، فبفضل الله وحده نصل بكم ومعكم لأقاصي الأرض وأدناها ..

معكم الحلم عزيمة 💪

معكم اسكرايب 🤨

ترجمات اسكرايب

“الاختفاء الغامض” قصة قصيرة .. بقلم: مصطفى حسن محمد سليم

كتب مصطفى حسن محمد سليم:


هل تعرف أنك عندما تمكث وحيداً في ذلك العالم، تفكر ماذا سيحدث لك بعد عدة دقائق في خيالك ، أوماذا سيحدث لك في المستقبل ، قد تجد أنه ربما يحدث لك شيء لاتتوقعه، قد تكون فيها نهاية غير متوقعة لكل أحلامك، أو بداية جديدة للدخول منها إلي بوابة عالم جديد……


تزايدت حدة الطرقات علي باب شقة الدكتور عماد، الذي قفز من فوق فراشه في فزع وهو يرتدي نظارته الطبية في توتر، وهو يتقدم في خطوات مسرعة نحو باب الشقة، وعندما قام بفتح الباب وجد مجموعة كبيرة من الرجال يقتحمون شقته في سرعة، في حين جلس أحدهم علي المقعد المجاور لباب الشقة، وهو يتابع في هدوء رجاله وهم ينتشرون في جميع أنحاء الشقة وهم يقومون بالتفتيش الدقيق في المكان بحثاً عن شيء ما، في حين وقف الدكتور عماد وهو يلوح بيديه في الهواء في عصبية شديدة وهو يقول للرجل الجالس أمامه هل من الممكن أن أفهم ماذا يحدث الآن في منزلي؟! أشعل الرجل الجالس علي المقعد أمامه سيجارته وهو ينفث دخانها في هدوء وهو يقول له معذرة يادكتور عماد لقد نسيت أن أقوم بتعريفك بنا منذ بداية وصولنا إلي منزلك، أنا العميد فوزي عاصم وبمجرد أنتهاء الرجال من التفتيش ستعرف ماهو سبب وجودنا هنا، ولم تمر سوي دقائق قليلة وقد أنتهي الرجال من التفتيش، وأندفع أحدهم نحو العميد فوزي وهو يقول له لم نجد شيء، صاح فيه الدكتور عماد قائلا كان من الممكن توفير مجهودكم هذا، والفوضي التي حدثت في المكان لو عرفت ماتبحثون عنه بالتحديد، أبتسم العميد فوزي في سخرية قائلا له نحن نعرف مانبحث عنه جيداً يادكتور عماد، ثم ربت علي كتفه في هدوء وهو يستطرد هل قمت بزيارة المتحف المصري من قبل يادكتور عماد؟ وقف الدكتور عماد ينظر إلي العميد فوزي في بلاهة وهو يحدق في ملامحه في دهشة شديدة قائلا له وهل سبب كل مايحدث هنا من فوضي يتوقف علي إجابة ذلك السؤال، أعتقد أن هذا السؤال كان من الممكن تأجيله حتي صباح الغد ياسيادة العميد فوزي، وأعقب قوله هذا وهو يشير له بيده علي ساعة الحائط التي قد تجاوزت الثالثة بعد منتصف الليل، وهو يستطرد وأعتقد أيضا أنه كان من الممكن قبول زيارتك في ذلك الوقت المتأخر في حالة واحدة فقط ياسيادة العميد، وهي إذا كنت قد حضرت أنت ورجالك لقيامك بي إلقاء القبض عليا، أنتبه العميد فوزي إلي موضوع الوقت هذا وهو يبتسم للدكتور عماد قائلا في حدة أنت بالفعل شبه قيد الاعتقال يادكتور عماد، أنفعل الدكتور عماد في لهجة واضحة وهو يشيح بيديه في الهواء قائلا إذا كانت هذه مزحة منك ياسيادة العميد، أعتقد أنها مزحة سخيفة بالفعل، أقترب منه العميد فوزي وهو يخرج هاتفه من جيب معطفه وهو يقول له هون علي نفسك الأمر يادكتور عماد، الموضوع خطير جداً بالفعل ولايتحمل التأجيل حتي الصباح، ثم قام بفتح هاتفه علي مقطع فيديو يظهر فيه قاعة داخلية للمتحف المصري، وقد تركزت الكاميرا علي حجر بن بن من هرم أمنمحات الثالث من الأسرة 12، وظلت الكاميرا مثبته عليه لمدة دقيقة واحدة دون حدوث تغيير في الصورة، حتي سطع نور شديد أضاء المكان لعدة ثواني، وقد ظهر شخص من العدم وهو يضع يديه علي الحجر، ثم أختفي هو والحجر بعدها في لحظات، تاًركا خلفه مكان الحجر خالي منه، أصاب الدكتور عماد الذهول لعدة لحظات وقد تجمد في مكانه، ثم عندما سيطر علي ذهوله صاح بصوت عالي في انفعال واضح، أنه الدكتور شوقي عامر دكتور الفيزياء النظرية زميلي في الجامعة، وهنا أمسك العميد فوزي الهاتف من يديه وهو يجلس علي المقعد المجاور له قائلا تمام، لقد تعرفنا علي شخصيته مثلك بعد مشاهدة ذلك المقطع الذي تم تصويره بواسطة كاميرات المراقبة في المتحف المصري ، فهو شخصية عامة ومعروفة في المجتمع، وعندما قمنا بتفتيش منزله وجدنا في خزنة مكتبه ملف مكتوب عليه أسمك بداخله، وبه مجموعة كبيرة من الأوراق العلمية التي تحمل بداخلها المزيد من المعادلات العلمية، وعدة رموز أخري مبهمة بالنسبة لنا، وحاليا يعكف فريق من الخبراء لدينا لمعرفة ماهية هذه المعادلات، وأيضا وجدنا بعض الأحدات المهمة بتواريخ محددة ستحدث في المستقبل في غاية الأهمية، أعتقد أنك فهمت الآن لماذا نحن هنا وفي ذلك الوقت المتأخر، لذلك سوف أمهلك عدة دقائق لتقوم بتغيير ملابسك كي تحضر معنا إلي المتحف المصري، لتقوم بالتفسير لنا بعض الأمور الغريبة التي تحدث هناك الآن منذ أختفاء ذلك الحجر، والدكتور شوقي معه ….


التزم الدكتور عماد الصمت طوال المسافة التي قطعتها السيارة من منزله حتي بوابة المتحف المصري، وهو يطالع المعادلات العلمية المكتوبة بداخل الملف بخط ردئ جداً، والذي يؤكد أنها كتبت بهذا الشكل لعدم فهم محتواها إلا لمن قام بكتابة هذه المعادلات، وقد أخذ وقتا طويلاً في فك بعض رموزها، ولم ينتبه إلا علي يد العميد فوزي وهي تربت علي كتفه بهدوء وهو يقول له لقد وصلنا يادكتور عماد، أنتبه الدكتور عماد إلي توقف السيارة ومد يده في سرعة لفتح باب السيارة الذي بجانبه وهو يحكم غلق معطفه جيداً من شدة البرودة بالخارج، والتي أحاطت به بمجرد خروجه من السيارة، وقد سبقه العميد فوزي إلي بوابة المتحف الداخلية بخطوات مسرعة، في حين وقف الدكتور عماد يتأمل واجهة المتحف المصري، وبعض القطع الآثرية المتناثرة داخل حديقة المتحف، وشعر برهبة كبيرة تسري بداخله، وأنبهار شديد من عظمة ودقة صنع هذه الحضارة.

تجاوز بوابة المتحف الداخلية، وجد العميد فوزي في انتظاره وهو يشير له من بعيد علي النقطة التي كان موضوع عليها الحجر الذي أختفي من مكانه، وهو يقول له للأسف لن نستطيع الأقتراب أكثر من هذا من ذلك المكان، وهذا يعتبر أحد الأسباب الرئيسية في وجودك هنا في ذلك الوقت المتأخر يادكتور عماد، عندما أختفي الحجر والدكتور شوقي معه قد ترك لنا خلفه وفي مكان أختفائه هالة كهرومغناطيسية شديدة، تمنع أي إنسان من الأقتراب من ذلك المكان، والله وحده هو الذي يعلم متي ستزول تلك الهالة من مكانها، والمفروض أنه سيتم فتح المتحف بعد عدة ساعات قليلة من الآن.

الدكتور عماد يتطلع إلي حزمة الأشعة التي تركزت علي نطاق واسع في المكان، وقد شملت مكان وجود الحجر غير مصدق مايراه يحدث أمام عينيه، وهو يهتف في سعادة بالغة لقد تحقق الحلم، شعر العميد فوزي بالحيرة وهو يقول له ماذا تقصد بقولك هذا يادكتور عماد، علي ضوء معلوماتنا التي جمعناها عنكم أنت والدكتور شوقي، أنكم كنتم تقومان بعمل مشروع مشترك وك.. قاطعه الدكتور عماد قائلا وأختلفنا، وقد تركته يكمل مشروعه بمفرده، قال له العميد فوزي في عصبية وهل مايحدث هنا الآن وتراه أمامك بسبب مشروعكم المشترك هذا؟

صاح فيه الدكتور عماد قائلا لقد قلت لك مسبقاً أنني تركت العمل معه في ذلك المشروع، لآن الدكتور شوقي توصل لنتائج متطورة في بحثه، وعندما توصل إليها رفض أن يشركني معه فيها، مما جعلني أتوقف عن العمل معه علي الفور ، ولقد قال لي في أحد المرات أنه قد توصل إلي أكتشاف علمي سيغير مجري تاريخ العالم، ولقد كان ينوي تسجيله بأسمه لحصوله علي جائزة نوبل في العلوم، نظر العميد فوزي في ساعته وهو يقول له الوقت يمر يادكتور عماد، هل من الممكن أن أعرف ماهية ذلك الأكتشاف، وذلك ماأريد معرفته منك بكل صراحة ووضوح، تطلع الدكتور عماد إلي الهالة الكهرومغناطيسية التي تزداد تألقا بمرور الوقت، وهو يقول له أنها خاصة بحجر بن بن، وإرتباطه بفتح بوابة الدخول إلي عالم موازي لعالمنا.

أكتشف الدكتور شوقي مسارات كونية تجعله ينفذ منها إلي عالم موازي لعالمنا، ولكن المشروع قد توقف علي الوسيلة التي تمكنه من العبور إلي ذلك العالم، وهذا ما كان موجود في الملف الذي وجدته سيادتك في مكتبه، والذي أحتفظ به الدكتور شوقي لنفسه، وهي الوسيلة التي تمكنه من ذلك، وأظن أنه أصبح من الواضح الآن أن حجر بن بن أو الهرم الأسود المغناطيسي هو وسيلة العبور لذلك العالم ، ذلك الهرم مصنوع من الحجر الاسود، ولكنه ليس حجر عادي، لأن كل مكوناته ليس لها وجود علي سطح الأرض – الحجر الاسود الحديدي هذا الحجر لايتواجد إلا بالفضاء في النيازك الفضائية، وهنا يظهر اللغز الآخر لأنه حجر حديدي صلد صعب التشكيل، أوالحفر، فكيف تم قطعه بهذه الدقة في جميع الزوايا، والانحرافات، وكيف تم صقل اوجه بذلك الصقل الفريد، وهنا نجد اللغز الثالث وهو كيف تم بتلك النقوشات الدقيقة جدا علي أوجه ذلك الهرم، وقد وجد العلماء أستحالة وجود أي اداة سواء قديما، أوحديثا قامت بنحت تلك النقوش، إلا إذا أستخدم اداة قطع ليزر، وهنا نصل إلي لغز آخر، وهو أن الحجر الاسود الحديدي النيزكي بفضل تركيبة مكوناته، يتمتع ببث طاقة كهرومغناطيسية موجبة في محيطه، وهو يقوم بالتأثير علي طاقة الإنسان، مهما كان العدد بمجرد وجودهم في محيطه، والطاقة الكهرومغناطيسية الموجودة الآن في محيط المكان، حدثت بعد أن أتحدت طاقة الدكتور شوقي، وطاقة الحجر الاسود الحديدي، فمن المعروف أن كل إنسان يمتلك طاقة بداخله، حيث أن الجسم يحاط بهالة غير مرئية تشع علي هيئة موجات كهرومغناطيسية ذات 7 ألوان (الهالة النورانية) وهي علي شكل طاقة مغناطيسية قوية جدا، تخرج من مخ الإنسان علي هيئة تيار مغناطيسي غير مرئي (موجات) بحيث تؤثر في غيره، وترتد إليه من نفس نوع الطاقة الصادرة منه (سالب أوموجب) وهذه الهالة تصدر من الشخص علي شكل طاقة مغناطيسية تصل قوتها 300 مليون جاوس، الهالة ذات طبيعة حيوية كهربائية روحية، وهي تتأثر بالمغناطيسية، والكهرباء والمواد الكيميائية، والحالة الصحية والنفسية للشخص، والافكار وتختلف مساحة الهالة وبعدها في الجسم المادي حيث يترواح بعدها في الجسم من 20-30سم، ويتكون الجسم الغير مرئي للهالة من جزئين الهالة الداخلية وهي تحيط بالجسم وتبعد عنه بمسافة صغيرة، والخارجية تحيط بالداخلية وتبعد عن الجسم حوالي 30-100م وهي تحمي الداخلية لمنع تسرب الطاقة، فقال له العميد فوزي حسناً يادكتور عماد محاضرة علمية رائعة، ولكن يبقي سؤال أخير لتوضيح ما قد حدث هنا منذ ساعات مضت كيف وصل الدكتور شوقي إلي داخل المتحف في ذلك الوقت المتأخر من الليل وتجاوز كل الإجراءات الأمنية الشديدة وكاميرات المراقبة حتي ظهر فجأة من العدم؟! فقال له الدكتور عماد ربما أتخذ مسار معين بقوة طاقته الجسدية المحدودة حتي وصل إلي مكان الحجر، أو صنع جهاز متطور قام بواسطته بتوصيله إلي داخل المتحف، صدقني أنا لا أعرف حتي الآن الوسيلة التي أستخدمها الدكتور شوقي في ذلك الأمر.

العميد فوزي في حنق قائلا له أياً كانت الوسيلة يادكتور عماد نحن الآن في ورطة كبيرة، المتحف سوف يتم فتحه للزوار بعد عدة ساعات، ومازالت الهالة الكهرومغناطيسية موجودة في المكان، فقال له الدكتور عماد وهو يتقدم نحو الهالة يجب أن تعرف ياسيادة العميد أننا الآن أمام بوابة دخول إلي عالم موازي لعالمنا وهذا الحدث يستحق منا أن يصل إلي كل العالم، وأيضا كل الاحترام والتقدير للدكتور شوقي علي تحقيق ذلك السبق العلمي ، وأنا أؤكد لسيادتك أن الحجر سيعود لمكانه بمجرد غلق هذه البوابة، ولكن الذي لن يعود إلينا هو الدكتور شوقي، وأعقب قوله هذا وهو يندفع نحو الهالة التي تألقت لعدة لحظات بمجرد عبوره داخلها، وصوت العميد فوزي يتلاشي صداه وهو يحذره من فعل ذلك، ثم عاد كل شيء لطبيعته في المكان بمجرد أختفاء الدكتور عماد داخل الهالة الكهرومغناطيسية، وقد عاد الحجر إلي مكانه مرة أخري، في حين وقف العميد فوزي يتطلع إلي الفراغ المحيط بالحجر، وهو يتسائل بداخله لماذا فعل الدكتور عماد ذلك.

إبداعات عائلة اسكرايب

“حاجز الصمت” قصة قصيرة بقلم “إيناس مهنا”

كتبت إيناس مهنا:

على الشاطئ المهجور يدوي بريق مشاعري, كعاصفةٍ هوجاء اجتحتِ صفاء روحي, كآثام الخاطئين تملكني طيفك, كان حُباً محرمٌ عليَّ حتى أن أتلفظ حروفه طبعاً ان استطعت إن كانت حروفُ الحبِ عنكِ, تُدركين أني أراقبك بصمت, صباحاً حينما تخرجين لجامعتك, مساءاً حين عودتك, سبعُ دقائق في كل يومٍ كانت جرعتي من أكسير الحياة المتمثل فيكِ, أدركتُ الحبَ جميلٌ من وجوه العشاق الذين أراقبهم من بعيد, من القصص التي قرأتها دائماً, لكن حبي لكِ مؤلمٌ جداً , موجعٌ بطريقةٍ لم أعد احتمالها… ولا أستطيع البوح عنها لأحد , حتى إليكِ..

كنتُ أعيش في منفاي سعيداً راضياً هانئاً في صومعة السكون عن ثرثرة العالم و تفاهاتهم, ولم أكن أبالي و لكني بعدما عرفتك… بعدما أدمنتك…. كرهت انعزالي وصمتي وعجزي ,

وذات مساءٍ حينما هممت بإغلاق المكتبة أنار كيانكِ مملكتي, سقط الكتاب من يدي وتطلعتُ بكِ مشدوهاً وأنا أقرأ حروف السلام من بين شفاهك, انحنيت لألتقط الكتاب وأومأت لك بالسلام, وادعيت الانشغال بترتيب الكتب المرتبة !
لعدة سنوات ومنذ افتتحتها لم تدخلي مكتبتي! فما الذي جاء بك اليوم ؟

انتقلتِ لصفِ الروايات لتنتقي منها ما يعجبك, وما زلتُ عاجزاً عن التنفس في وجودك كيلا أشعرك باضطرابي, كانت نظراتك تنتقل على عناوين الكتب بتشتت وكأنك حديثةُ العهد بالقراءة, بل أنت فعلاً كذلك وعرفت ذلك من نظراتك الحائرة فتقدمتُ منكِ حينها لأسهل المهمة منتقياً روايةً مناسبة لعمرك وحداثتك في القراءة وقدمتها إليكِ , قلبتِ الرواية بين كفيكِ وأشرق وجهكِ العذبُ بابتسامةٍ ممتنة أسرت روحي حينها, ولكم تمنيت أن أنطق لكن الابتسامة الآن ونظرات عيني وحركات يدي هي لغتي الوحيدة .
وخرجتِ من مملكتي كما دخلتِها محدثةً هرجاً ومرجاً داخل صدري فارتميتُ خلف مكتبي ناسياً حتى أني كنتُ على وشك الرحيل !.

وتكرر إشراقُ مكتبتي بنورك ، صرتِ تترددين بين حينٍ وحين لتنتقي كتاباً أو تعيدي آخر، ولم أكن أبوح بما اعتمر صدري من مشاعر خوفاً من الصد الذي لن أتحمل صداه ، أنا لم أسمع صوتاً في سنوات عمري الثلاثين, لم أنطق حرفاً كذلك …لكني حين اقترابك بت أسمع ضربات فؤادي تعلو وتعلو، أشعر بروعة وجوده بسببك، وأستلذ برسم شفاهي لحروف اسمك الذي عرفته مصادفةً ذات يوم من خلال كراستك الجامعية _ شمس _ اسمٌ أنار روحي كصاحبته, اسمٌ تملكني بدفءٍ جميل, لكني لم أتجرأ يوماً بالإفصاح عن حبي حتى بالرسائل, اخترتُ طريقاً آخر أكثر سكوناً كحالتي ….فكثيراً ما كنتُ أظلل على كلمة (أحبك ) ( أشتاقك )
( أحلم بك ) من داخل الرواية الذي سأقدمها لكِ حينما تحضرين ولم تنتبهي بادئ الأمر أو تجاهلتي رسائل تظليلي الخفية لستُ أدري

وتجرأتُ يوماً بعد يوم …وزادت مساحة التظليل في قلم الرصاص على كلمات الكتب لتعانق جملةً كاملة وشعوراً يماثل حبي إليكِ …. واقتصر ذوقك كذلك على الروايات ، وكأنك توسعين لي آفاق التظليل بقلم الحب على السطور….وأبحرنا معاً بين سطور الروايات في حكاية حبٍ متواريةٍ خلف الظلال…

لأرى ذات يومٍ ما زلزل كياني وبعثره ! كان خطاً صغيراً كتبتِ فيه (انتظر اعترافكَ الصريح ) في أعلى الصفحة العاشرة رداً على خطوط تظليلي التعيسة, أغلقتُ الكتاب بارتباك , ثم فتحته وأغلقته وكأن كلماتك ستختفي حينها كأفلام الخيال ! أمسكتُ القلم وأصابعي ترتعش والورقة البيضاء ساكنةٌ بكل وداعةٍ على المكتب, هل سأعترف ؟ هل سأخط لك نبض قلبي على الورق! …لعل جوابك عقب اعترافي كموافقتي تماماً على تنفيذ حكم الإعدام , فلحظة رفضك لي يا شمس تماثلُ الإعدام في قسوة المشهد .

ودخلتِ من الباب في اليوم الذي يليه فأعطيتكِ الكتاب الذي جهزته لكِ بأولى كلمات اعترافي على ورقةٍ صغيرة دسستها بين صفحاته ولربما كنت فعلاً أريد أن أتأكد من صدق ما خططتِه لي البارحة..

(( أنا رجلٌ تملكه الصمت وشاءت الأقدار أن يحتجزني السكون , كنت أؤمن دائماً بأن الحب يشابه الحرب من حيث سرعة اشتعاله ..لكنه لا يطفئ بسهولة … وأنا لا أريد لحبك أن يطفئ سيدتي, أريدك أن تكوني لساني الذي أنطق به , وسمعي الذي أسمع ,أريدك أن تكوني حبيبتي ))

وقفت تلك الليلة أمام البحر الذي تتقاذف الرياح أمواجه, تمنيتُ أن أصرخ بأعلى صوتٍ لأكسر حاجز الصمت الذي أغرقني بين جنباته منذ ولادتي…. فلم يخرج مني إلا أنينٌ خافت, إن روحي هي من كانت تصرخ,فأشعر باللهيب يحرق حنجرتي … بعقلي ضجيجٌ رهيب ومئات الاحتجاجات, فكيف ستعترفين بعشق رجلٍ أصم لن يسمع رنين عذوبتك ! كيف ستتقبلين رجلاً أبكم لن يلقي الشعر كل صباحٍ في عينيكِ الزمرديتين ,
هل ستعشقين رجلاً لن يقول لكِ صباحكِ سكر ؟ لن يتغزل في جمال تكوينك! كيف سيجتمع الكمال والعجز في خندقٍ واحد !

تهاديتُ على الرمال لتلطمني الأمواج عليٌ أصحو من سكرتي وخوفي .. إني خائفٌ فعلاً من أن ترفضي مشاعري, خائفٌ من كوني رأيتها إشارةً خاطئة ولربما كانت مجرد حروفٍ عابثةٍ من قلمك !

وأشرق نور الصباح فجلست أنتظر بالدقائق لحظة مجيئك ,عقارب ساعتي البلهاء قررت لهذا اليوم أن تسير ببطئٍ مثيرٍ للأعصاب فعلاً ! حتى اشتممتُ رائحة عطرك بعد ساعاتٍ من اللهفة والترقب وكأني طفلٌ وقت امتحان! استدرتُ ناحيتك وغرقت أكثر في عينيكِ الصافيتين ألتمس أثر رسالتي اليتيمة ,أشرت لكِ بأصابع يدي عن جواب رسالتي متمنياً أن تفهمي مطلبي فتورد وجهك بحمرةٍ طفيفةٍ وألقيتِ الكتاب ناحية المنضدة وهربتِ بعيداً من أمامي كشمس الشتاء حين تتوارى خلف الغيوم!, هكذا أنتِ يا حبيبتي , تشرقين و تتوارين بغتةً كأشعة الشمس حين تخترق حدَّ السحاب, هرولتُ ناحية الكتاب بعد رحيلك وتلقفته بحماسٍ ممزوجٍ بخوف أبحث عن حروفك المتوارية بين صفحاته ….قلبت وقلبت حتى سقطت تلك الورقة الصغيرة المعطرة بعبق عطركِ الرقيق, أغمضت عيناي لأشتم عبير الزهور وفضضت الورقة ليترقرق قلبي بسعادةٍ أستشعر لذتها للمرة الأولى …

(( لم أفهم معنى الصمت حقاً إلا من خلالك, الأشجار صامتةٌ لكن عطائها لا حدود له, الأزهار صامتة لكن شذاها لا يمكن إنكاره وكذلك أنت … إحساس قلبك العاشق وصدق حروفك يا سيدي جعلتني أعشق لغة الصمت, .. لأشهرٍ طويلة أخذتني في رحلة تظليلك العجائبية لما وراء الخيال …في كل روايةٍ أقرأها, كنت أقرأ روايتنا معاً… رواية عشقك باتت كلحنٍ أثيري يعزف على أوتار روحي معزوفةً عذبة …وفي الختام صمتك لن يكون حاجزاً بيننا ))

أتعلمين أني حينها قبّلت الورقة ! تبسمت ودمعت عيناي بآنٍ معاً ,وخرجت كالمجنون من المكتبة أركض على شاطئ البحر …
صرت أركض وأركض حتى تقطعت أنفاسي فارتميت على الرمال التي تلفحها حرارة شمس الصيف ألهث وضحكت كالمخابيل …
ألا يقولون أن الحب مجنون ! .

وكم كانت ليلة البارحة طويلة ! هذه الليلة كانت أطول منها بكثير… وكأن الساعات قد توالدت وتكاثرت وأنا كالسجين الذي ينتظر لحظة فكاك أسره لأنطلق صباحاً إلى المكتبة وأنتظر قدومك … لن أخط لكِ الظلال على كلمات الكتب بعد الآن بل ستستشعرين نبض قلبي لأنكِ سكنتِ فيه,

وأنار ضياءك مملكتي من جديد, هرعتُ ناحيتك بلهفة عاشق واحتضنت كفكِ بين يدي ووضعتها على صدري لتشعري بضرباته, لتفهمي أنك فيه, بل جزءٌ من تكوينه, حركتُ شفاهي قائلاً (أحبك) …صحيح أنها بلا صوت لكن لغة قلوب العشاق هي النبض وقلوبنا الآن تنبض بلغةٍ أسمى من كل لغات العالم … أخرجتِ مفكرتكِ الصغيرة لنخط عليها الحروف ولتتعانق كلماتنا لتمتد رحلتنا معاً …في حبٍ من نوع آخر… تمت بحمد الله

إبداعات عائلة اسكرايب

قراءة لرواية “العيب” للكاتب يوسف إدريس .. بقلم: شرين رضا

كتبت شرين رضا:

من إبداعات يوسف إدريس في القصة القصيرة والتي طالما ابهرنا بها وبأسلوبه المتميز، الآن يطل علينا بروايته” العيب” التي تنساق تحت واقعية الأدب العربي، وتعتبر علم من علوم الاجتماع التي ينتج داخلها صراعا واقعيا بين الأنسان والضمير، وصراع المادة الذي أدمى إلى صورة حقيقية من صور الفساد الاجتماعي والأخلاقي التي انحدر له المجتمع بمؤسساته، وما يشغله من عاملين.
وتتمحور الرواية حول قضية يرتشفها المجتمع في كوبِ نحاسي مطلي بقشورِ مزينة.


عندما نكون في حاجة لتغير مبادئنا نقنع أنفسنا بذلك ونطعم ضميرنا المزيد من الخدع الصغيرة، حتى لا يستطيع الشعور بالندم أو الصراخ.


تبدأ الرواية بالوجه الحقيقي للحقيقة والتي تمثلها سناء صوت الضمير وصورة الأخلاق والقيم التي نشأت عليها، لتتشوه الصورة رويدا رويدا، ويتداخل معها الوجه الآخر من الكوب، لتخالط عالما غريبا عن مبادئها المتعارف عليها وكأن هناك تعاقب لليل والنهار معا لتُصدم بصورة جديدة تتخبط داخلها أفكارها، وقيمها بهذا العالم المملوءة برائحة الفساد والادرج المفتوحة على مصراعيها التي تتقبل المزيد من الأوراق النقدية والتي كانت تشم فيها رائحة دموع شقيقها الذي حُرم من ممارسة حقه فالتعليم والمذنب تلك الورقة اللعينة التي تسير كسفينة في عرض الحياة تتباهى بقوتها وسطوتها على الأنسان لتثبت لنا إنها أقوى منا في تحقيق أهدافها.


فتكتشف سناء إنها تمارس عملها في مكانِ يمتلك فَهِ لأبد وأن يتم إطعامه بالمزيد وإن بداخله سرداب له عدة أبواب مجهولة لا يملك مفاتيحها سوى ساكنيه.
وكانت سناء لهذا العالم دخيلة لا تفقه فيه شيئا سوى رسالتها التي تؤمن بها.


سقط بنا الكاتب داخل بؤرة عميقة لن ينج منها الكثير، عندما جعلك تداعب شيطانك وترى نفسك مكان سناء أو واحدا من هؤلاء الذين أتاحوا لها طريق الخطأ بسبلِ ملتوية وجعلوها تتبع طريقهم.


فلكل شيء قاعدة حتى الخطأ له قواعده التي يتبناها العقل ويسير يوجه لنا ضربات متتالية ويبقى الخيار المتاح لنا هو الاستسلام وتم استسلام سناء والانضمام إلى تلك اللعبة، ولم تعلم هل كانت حقا متواطئة معهم عندما كشفت عن مُثلهم المزيفة، وفتحت أدراجهم لترى ما فيها، أم كان هذا ثمنا ما لخطيئة لم تفتعلها.

الرواية تنبش داخل الكثير من الأسرار والجعب المملوءة بالحكايات التي تزيل عنا حقيقة ما هو عيب واللاعيب والخطأ واللا خطأ، صورة نقدية لواقع اجتماعي لا مفر منه وقد فعلها الكاتب من خلال روايته، ووصف لنا ذلك العالم عن قرب.

إبداعات عائلة اسكرايب

رواية “إرم العهد الحديث” للروائي يوسف حسين .. برؤية الكاتبة رشا فوزي

إرم العهد الحديث للكاتب يوسف حسين

كتبت رشا فوزي:

“إرم العهد الحديث” للكاتب المبدع يوسف حسين

الرواية دراما من العيار الثقيل، ممتزجة بواقعية سحرية أضافت لها الكثير من الجاذبية والتشويق.

مدينة تخلت عن الفضيلة، وجاهرت بالرذيلة بلا استحياء أو خوف من الخالق، تواجه حدث فريد من نوعه؛ حيث نبذت الأرض جثث ثلاثة من المجرمين عند دفنهم، وكأنما أبت أن تكن لهم المثوى الأخير!

فما السر وراء تلك الجثث، وبما ستخبرنا أرواحهم الشقية عن مدينة الفاحشة تلك؟

أهوال تقشعر لها الأبدان، سردها الكاتب بلغة تأرجحت بين التقعير والقوة؛ حيث قد تحتاج للمعجم في بضع صفحات من الرواية. 😁

جاء السرد خالي من الأسهاب، في صورة أحداث سريعة متباينة لمجموعة من الأشخاص سرعان ما انتظمت مكونة صورة ملحمية ملتهبة على غرار كلاسيكيات العصور الوسطى.

راقني التوظيف الجيد جدا والمبتكر للواقعية السحرية ومزجها بسلاسة مع أحداث الرواية الواقعية، والحبكة المحكمة للرواية، بينما لم يروقني مبالغة الكاتب في التصوير، والأفراط في استخدام الأسلوب البلاغي؛ بحيث تكاد لا تخلو جملة من استعارة، كناية، أو تشبيه.

نحن أمام كاتب له أسلوبه الخاص، يمتلك أمكانيات مخيفة في اللغة والسرد، مع قدرة متميزة في الأبداع، التجديد، والجرأة في أفكاره.

فقط اتمنى قليل من التحكم في استخدام تلك الأمكانيات، بحيث لا يبدو في الأمر استعراض، تكلف، أو مبالغة؛ قد ترهق القاريء أو تخلق حاجز نفسي بينه وبين أبطال الرواية؛ فلا يستطيع التفاعل أو التعاطف معهم ومع ما يمرون به من أحداث.

تحياتي للكاتب المبدع، مع خالص تمنياتي له بمزيد من النجاح والتألق.

راسل اسكرايب عبر الرسائل: m.me/Scribe2019
أو عبر واتساب: wa.me/201140714600

أو اطلب إصدارات اسكرايب عبر المواقع الإلكترونية 👇
بوك باظ: https://bookbuz.com/ar
جملون: https://jamalon.com/ar
نيل وفرات: https://www.neelwafurat.com

ذكرى فتح عمرو بن العاص لمصر

فتح مصر

كتبت هيام فهيم:

مرت أمس الذكرى الثلاثمائة والتاسعة والسبعين بعد الألف للفتح الإسلامي لمصر على يد القائد عمرو بن العاص.

وهي كذلك ذكرى سقوط حصن بابليون فى يد جيوش الفتح الإسلامى بقيادة عمرو بن العاص، بعد حصار دام نحو سبعة أشهر 18 ربيع الآخر 20 هـ وكان سقوطه إيذانًا بدخول الإسلام مصر، ويعتبر الحصن المذكور حصنا قديما يقع في مدينة القاهرة في مصر، تحديدًا في منطقة القاهرة القديمة بجانب المتحف القِبطي.

س/ متى كان فتح مصر؟

ج: فتحت مصر فى يوم 16 أبريل من عام 641، سقط حصن بابليون في يد عمرو بن العاص، ليعلن منذ هذا التاريخ سقوط آخر معاقل البيزنطيَّة، وبداية الفتح العربى الإسلامى لمصر.

س/ ما هو حصن بابليون؟

ج: هو حصن قديم يقع في مدينة القاهرة في مصر، تحديدًا في منطقة القاهرة القديمة بجانب المتحف القِبطي، ويُعدّ الحصن من أعظم الحصون الشاهدة على الحضارة الرومانية التي قامت في مصر، وهو من أعظم القلاع التي بَنَتْها الإمبراطورية، كما يُعدّ المركز الذي بُنِيَت عليه مدينة الفسطاط، ولاحقًا مدينة القاهرة، يعود تاريخ بنائه إلى النصف الثاني من القرن السادس قبل الميلاد، ويرجع سبب تسمية الحصن إلى اسم عاصمة مُجاوِرة تُعرَف باسم باب “بابل”.

س: كيف سقط الحصن فى يد العرب؟

ج: لم يشأ عمرو بن العاص أن يشتت قواته ويضعفها ليذر قسمًا منها على حصار الحصن ولِيسير بالقسم الآخر إلى الشمال حتَى يبلغ الإسكندريَة، ممَا يشكل خطرًا على إنجازاته التي حقَّقها حتَى ذلك الحين من واقع رد فعل البيزنطيين الذين سوف يستغلون هذه الفرصة لِيقوموا بِحركات ارتداديَّة يستعيدون خلالها ما فقدوه من أراض ويطردون المُسلمين من مصر، لِذلك ركَّز جهوده العسكريَة على فتح الحصن، وذلك بعد حصار دام سبعة أشهر، وبعد سقوط حصن بابليون في يد المسلمين طلب المقوقس الصلح.

“فيروس كورونا” قصة قصيرة بقلم: أحمد صالح .. مسابقة كورونا الأمل

كتب أحمد صالح:


سمع أحدهم يقول فيروس قاتل يهدد العالم كورونا حقنت الدماء
سجل التاريخ أن كورونا حققت السلام العالمي الآن ليس هناك طائرة حربية في الجو أو قتال فى أي مكان
هنا تيقن بأن كل ما حدث تأتي عواقبه الآن
ظل طيلة الليلة يفكر هل كل ما يحدث لنا صدفه أَمْ أنه عقاب من الخالق ….،وبعد تفكير غزير غلب عليه النوم دون أن يدري ؛وفي نومه حدث المتوقع حدوثه نتيجه لتفكير مميت أرهق جهازه العصبي طيلة الليلة …إذا بحلم مفزع يستوطن عقله حتي الصباح


أخبرني كيف حالك الان ؟ حاله من الرعب تغزو قلبي وعقلي
هل أنا مرعب لهذا الحد ؟ ولما لا ؟! أنت الآن حديث الصباح والمساء
أعلم ولكن ما أفعله الآن ناتج من مرارة أعمالكم أفعالنا نحن ؟! ماذا فعلنا نحن لكي تلحق بنا بهذا الدمار ..
عجباً لكم ابناء الدماء ..قادرون علي ارتداء وجه ملائكي في ثوان معدودة … تقصد ابناء ادم ؛وماذا تقصد بالوجه الملائكي
لا أنا اعـي ما أقوله أنتم ابناء الدم و سأخبرك بعد قليل لماذا أقول هذا مراراً وتكراراً ؛أما عن الوجه الملائكي لكونكم مثل السارق الذي سرق وشاهده الجميع ويأتي يوم محاكمته وينكر ما حدث من أنت ومن أتى بك الي إلينا …هل ستكون سلاح لحرب جديدة ابتكرها أحد الدول أم أنك جند من جنود الله أرسلك الله مثل طير ابابيل
سأخبرك الان ماذا فعلتم و أترك لك الاجابه عن هذا السؤال حسناً
_هل تتذكر ما فعلته الصين في مسلمي الإيغور من قتل وتعذيب وتشريد …هل تتذكر هذا ؟

  • نعم بكل تأكيد لا يمكننا أن ننسي ، كان أمر مفزع بحق
    أتعلم أين الحزن حقا ؟! أين ؟!
    المحزن بشده في هذا الأمر هو انقطاع ألسنتكم عن قول شئ أو اتخاذ موقف ;عار عليكم اين قلوبكم؟ …قلوبكم كالحجارة … لا يمكننا فعل شئ
    جمله اعتاد عليه ابناء ادم منذ ملايين السنين لا نحن لا نملك شئ حقا
  • أنظر ما قاله أوزيل في تصريحه : “القرآن يتم إحراقه… المساجد يتم إغلاقها… المدارس الإسلامية يتم منعها… علماء الدين يقتلون واحدا تلو الآخر… الإخوة يتم إرسالهم إلى المعسكرات”.

أضاف ايضاً: “المسلمون صامتون. صوتهم ليس مسموع
نحن لسنا أوزيل لاعب مثله يفعل ما يشاء له بريقه وشهرته في انحناء الأرض أما نحن لا حول لنا ولا قوة نعم ..ولكن يجمعكم من المفترض قوة الاسلام
_هل هناك شئ اخر ؟!

  • سأكتفي بعدم وجود رد فهذا رد مخزي ،ولكن نستكمل مراره حديثنا ، ما حدث في المملكة العربية السعودية من حفلات غناء ورقص …وملاهي ليلية تقام كل يوم وتبرچ السيدات …هل كان أحد منا يتوقع أن البلد التي يوجد بها بيت الله الحرام وقبر الرسول يحدث بها كل هذا
  • اعلم أن الامر محزن نحن فعلنا أشياء لا تغتفر …
    وشئ آخر أخبرني عن حالك وأنت تشاهد مباره كره القدم وانت جالس في المقهي وتسمع المؤذن يقول حي علي الصلاه …. والان حزين علي غلق المساجد …الله لا يريدك في بيته ..قلبك الان يفهم ما اقوله إذا كان به ذره من إيمان لنفطر حزناً … نعم حزين وأعلم أن كل هذا بسبب ما فعلناه
    _وماذا يفيد حزنك الان …ولماذا لم تكن حزين حينما تمر علي مسجد تجده فارغ وتجد المقهي مكتظ بـالأعداد أين كان حزنك ؟
  • النفس أمارة بالسوء …
    _وأنتم الان في حاله من الرعب والخوف تقيمون في بيوتكم ليلا نهارا …خوفا من الموت قذف الله في قلوبكم الرعب …
  • وهل هناك المزيد نحن في أعداد متزايدة من الموتى و الإصابات حول العالم ..العالم بأكمله في حاله من الرعب ولكنها ليست بصدفة أن تبدأ بنفس البلدة التي قامت بقتل المسلمين وحرقت المصاحف
  • بالطبع ليست صدفه …ومن هنا كان الانتشار لجميع بقاع الأرض
    _ كما أنها ليست بصدفة خبر منع الاذان وصلاة الجماعة في نفس اليوم الخاص برحلة الاسراء والمعراج ..
  • الله يغضب أشد الغضب
    _لكنه رحيم أيضا ..
  • هل معني هذا أنه سيرفع البلاء كـرفع الأقلام من علي الصحف
  • بكل تأكيد.. ولكن متي يحدث هذا لا أعلم
  • هل في رمضان ؟
    ‌_لا أعلم ..ما عليكم إلا الدعاء و تقربوا من الله واعلموا أن الله قادر علي كل شئ، مهما بلغ بكم من تطور .. فأين الآن الجبابرة المتغطرسين و الملحدين الناكرون لوجود الله. أين الظلمة والمجرمون و المنافقون ؟ لا صوت فوق صوت الله
    لمن الملك اليوم الواحد القهار الذي قال في كتابه العزيز:”ان شاء ننزل عليهم من السماء آيه فظلت أعناقهم لها خاضعين “
    عاجزين أمام الله … راجعوا أنفسكم …انا حتما يوم ما لا تجد لى أثر في حياتكم ولكن سيأتي زمان به أناس أشد منكم بطشاً حينها ستحل نهايه العالم ويغلق الستار لا بيوت لا أموال لا أهل لا علم ينفع ستقام كوارث وثورات وسيحل الجفاف الأرض…وتنتشر الامراض في كل مكان
    -إن هذا لوصف مقارب لما نحن به لأن
  • الله ورسوله أعلم؛ والآن عرفت من انا !؟
    نعم ..انت جند من جنود الله ؛ولكن ماذا عن ابناء الدم بعد حديثنا هذا هل استشعرت بذره من ادم وخلق ادم
    الدماء في كل مكان ..كل واحد منكم ينظر لنفسه في المرآة ويحاسب نفسه علي ما مر من عمره وعن أخطائه وعن ذنوبه وعن ما فعله في حق نفسه وحق غيرة حتي تكونوا ابناء ادم ..ابناء الإنسانية
  • ولكن ما الأمر بعد ،ماذا نفعل الان ونحن علي قرابة المليون مصاب، والألف من الأموات !؟

_ انتم بالفعل تفعلون ما بوسعكم في حدود قدرارتكم التي تزعمت بها ، و خيلت لكم أنفسكم بأنكم تملكون الأرض وما عليها ؟

_أنت علي حق الآن ،ولكن تتنتهي بهذه الإجراءات ،هل تنتهي بفرض المؤسسات حظر التجوال ، وعدم نزولنا من منازلنا ،والصلاة في مساجدنا و ……

_ هل لديكم المزيد ، إذا كان لديكم اروني الآن

_من أين أتيت بتلك الثقة !؟ ما حدث للطاعون ، والكوليرا سيحدث لك

_أنت علي حق ، ولكن ماذا عن حالة الزعر التي تتفاقم في صدوركم لحظة بلحظة، ماذا عن خوفكم من الغد ، ماذا عن أعمالكم ، و أموالكم ..

_حتي أكون صادق ،فالوضع لا يغني ولا يثمن من جوع ، نحن علي حافة العالم الآن . نحن في انتظار مصل يقضي عليك وهذا الأمر يأخد عدة شهور قد يصل الي عام كامل ،فنحن نحاول قدر الإمكان الخروج بأقل الخسائر من خلال فرض حظر التجوال والتوعية الصحية والأعلامية ، وجهود الأمن وغيرهم الكثير ….


في الصباح

المنبه يعلو بصوته ،ومازال نائماً ولكنه استيقظ بعد مرات عديدة من تكرار المنبه …
كان العرق يتصبب من جسده بكثافة شديدة
جسده منهك وكأنه اتي من عمل شاق في يوم حار
تعجب من نفسه قائلا :من اين اتي كل هذا العرق؟ وما هذا الأرق الذي أشعر به؟
تذكر علي الفور ما حدث في تلك الليلة …فخرج من غرفته وصنع كوباً من القهوه ،فشعر بتحسن قليلاً …،وفتح التلفاز ولم تكن صدفة حينما سمع أحدهم وهو ويقول وزارة الصحة العالمية تصنف كورونا بأنه جائحة عالمية .
ويمر يوم تلو الآخر والأرض تتنفس برائحة الموت رغم كل هذا كان هناك بريق من الأمل في غد أفضل وأن الله سيرفع البلاء…في إنتظار اليوم الذي يفتح فيه التلفاز ويسمع أحدهم وهو يقول ولقد رفع البلاء وفتحت المساجد وعادت الحياه الي طبيعتها فاللهم امين ..

إبداعات عائلة اسكرايب

“زمن القلوب” قصة قصيرة بقلم: شمس الأصيل .. مسابقة كورونا الأمل

كتبت شمس الأصيل

حالة طوارئ تعم أرجاء المستشفى، الهلع يغزو القلوب فيرتسم على الوجوه؛ الأطباء مستنفرون، الممرضات تركضن في جميع الاتجهات كخلية نحل ترتدي البياض. خرج ''عمر'' من غرفة أحد المرضى بعد أن قام بمتابعة حالته، متوجها إلى غرفة التعقيم كي يستعد لأخذ قسط من الراحة، فهو لم يتوقف عن العمل منذ البارحة، لكن نداء الممرضة باسمه وإعلانها عن وصول حالة أخرى جعله يغير مساره في لمح البصر، وقف مشلول الفكر من شدة الصدمة، لا يصدق ما تراه عيناه، عجز عن التقدم والإتيان بأي حركة، حتى انتشله صوت الممرضة الذي يحثه على الكشف على المريض الذي تبدو حالته سيئة جدا، ليستجمع كل مابقي له من قوة مع إنسانيته ويباشر إجراءات العلاج المعتادة.

خرج من غرفة الإنعاش بعد وقت لينهار على أقرب كرسي، عائدا بخياله إلى ما يقرب الشهرين من الزمن؛ في تلك الليلة آوى إلى فراشه وفي قلبه سعادة الأم بوليدها بعد عقم، فغدا سيطلب يد فتاة أحلامه التي كبر حبها في قلبه بقدر وحدته التي يعيشها منذ غادر أبواه حياة الأرض إلى حياة السماء، بعد خيالات كثيرة عن السيناريوهات المحتملة التي ستخلص إليها مقابلته مع والدها، داهم النوم أجفانه ليمنحه بعض السلام.
استيقظ صباحا يحذوه الأمل في أن تزور السعادة جنبات بيته الحزين منذ سنين، وأن يعود الدفء إلى أحضانه، ابتسم وهو يرى طيفها بالمطبخ حين دخله لإعداد قهوته، نفض رأسه بقوة عند سماعه أصواتا تأتي من غرفة الأطفال، هامسا لنفسه:
-يبدو أنك أصبتني بالجنون يا أميرة القلب … فبعد أن سكن طيفك البيت بعد القلب والروح … ها أنا اليوم أسمع أصوات أطفالك!.
دخل ردهة البيت الفخم وهو في كامل أناقته، يرافقه أحد العمال، استقبله والدها ببرود شديد، مشيرا له بالجلوس على الأريكة المقابلة له، تفصل بينهما طاولة صغيرة ملئت أوراقا وملفات. ساد الصمت المتوتر المكان بعد عودة الأخير للانغماس بتلك الأوراق اللعينة. عاد ذات العامل بعد لحظات يقدم الضيافة، ليقول والدها أخيرا:
-ذكرني باسمك.
-عمر … اسمي عمر.
-عمر ماذا؟!
ارتبك الأخير من طريقته و سؤاله ليرد بحرج:
-عمر الصياد.
-أخبرني كيف تعرف ابنتي؟ … وما هي مؤهلاتك؟
-أول ما عرفتها في الجامعة … هي صديقة أخت صديقي المقرب … كنت أراهما معا دائما … وبعدها عرفتها في المستشفى عندما كانت ترافق زيارات الجمعية التي تنخرط بها للمرضى.
-إذن أنت طبيب على ما يبدو! … أخبرني ماذا تملك لتقدمه لابنتي؟!
ازدرد عمر ريقه مجيبا:
-أنا طبيب حديث عهد … يعني لدي دخل مستقر … كما لدي بيت والدي الذي أعيش فيه و…
-ماذا تملك لتقدمه لها؟!

  • أملك قلبا حافظا لكتاب الله، عامرا بتقواه … قد سكنه حبها … فلن يضيمها بإذن الله يوما.
    وضع الآخر رجلا فوق الأخرى، أشعل سيجارته الفخمة، ورد بسخرية مبطنة:
    -قلت: قلبا، وكتاب الله، وحبا؟
    هز رأسه بثقة وفخر كبيرين، فعلت قهقهة أرجاء المكان ثم سكنت عند صدوح رنين هاتف صاحبها الذي وقف بعد إنهاء المكالمة، ليقف معه عمر في ارتباك
    -اسمعني جيدا يا فتى … ابنتي سميتها ”أميرة” ، وأسكنتها بيوت الأميرات كما ترى، وعاشت حياة الأميرات … هي وحيدتي ولن أرمي بها لمستنقع الفقر، طلبك مرفوض … انتهت المقابلة.
    انصرف يحث الخطى من ذلك المكان الذي تحول فجأة إلى جحيم يخنق أنفاسه، قبل أن يوقفه نداء والدها الذي استطرد قائلا:
    -اسمع يا ”صياد” … إن أردت أن تصطاد حوتا كبيرا فعليك أن تقدم له طعما ملائما … وابنتي صيد كبير عليك.
    وقف خارج الباب يلتقط أنفاسه، ويلملم شتات كبريائه، عندما سمعها تعاتب والدها بصوتها الباكي الذي قطع نياط قلبه فركض يقطع الفناء في لحظات.
    عاد إلى واقعه، هرع إلى ملفه الطبي، أخذ منه رقم هاتفها، أتاه صوتها الضعيف بعد عدة محاولات، أخبرها عن حالة والدها وفهم أنه عائد من أحد البلدان الموبوءة، وقد قضى فترة في الحجر الصحي الاحترازي، قبل أن تثبت إصابته و تسوء حالته اليوم. طمأنها أنه سيشرف عليه وسيبذل كل ما في وسعه لعلاجه، مرت عدة أيام بنفس الوتيرة؛ يحادثها كل يوم ليطمئنها عن حالة والدها، يحرص على متابعته شخصيا رفقة كبار الأطباء، حتى تفاجأ بتدهور حالته ذات ليلة، مما جعل كل الأطباء يتنبأون بقرب أجله، لكنه لم يستطع إخبارها بذلك، كيف سيخبرها أنه سيرحل ويتركها وحيدة في هذه الحياة! .
    ظل متمسكا بالأمل؛ يقضي كل أوقات راحته بغرفته يتلو كتاب الله في ضراعة ويدعو الله بكل يقين، ثلاثة أيام متتالية على هذه الحال كانت كافية لحدوث المعجزة، فعاد جسده للاستجابة للعلاج مجددا. تحسنت حالته بعدها في مدة وجيزة، اختفى خلالها عمر عن غرفته واكتفى بمتابعة أخباره عن بعد.
    في اليوم المقرر لخروج والدها من المستشفى، قابل عمر في الرواق، تقدم نحوه في تردد وخجل واضحين، خرج صوته بنبرة ندم ظاهرة:
    -سامحني يا ولدي … لقد كانت الغشاوة تغطي عيناي وقلبي متعلق بالدنيا … لكن بعد هذه المحنة اكتشفت أن هناك أمورا أهم بكثير من الأموال والقصور … اسمع يا ولدي … أنت طلبت يد ابنتي سابقا و قابلتك بالرفض، واليوم أنا من أطلب منك أن تأخذ بيد ابنتي من جنة الدنيا الفانية إلى جنات الخلود … فلن آمن عليها غيرك.
    لم يصدق عمر ما سمعته أذناه، فخر ساجدا لله وسط تكبيرات ومباركات زملائه، ليقف بعد لحظات وقد انهمرت دموعه فرحا ولسانه يلهج بالحمد لله، اقترب منه والدها باندفاع ليعانقه، لكنه ابتعد عنه في سرعة قائلا:
    -لا مصافحة ولا عناق في زمن الكورونا يا عمي.
    -صدقت يا ولدي … فاليوم زمن عناق القلوب.
    تمت بحمد الله.

مسابقة كورونا الأمل

إبداعات عائلة اسكرايب

“أحلام في مهب الريح” .. قصة قصيرة بقلم: مجدي محروس

كتب مجدي محروس:


بكل حيوية الشباب راح يقفز درجات السلم المتآكل، في ذلك البيت العتيق، كل خلجة من خلجاته تنطق بالفرحة والسعادة، وهو يحمل بين يديه الشهادة، التي طالما حلم بالحصول عليها ..
أمام عينيه تراقصت صورة أمه، وقد انحنى ظهرها، وضاع عمرها خلف ماكينة الحياكة، على أمل أن يحصل على الشهادة الكبيرة، ويتخرج ..
هتف بأعماقه، وهو يقفز آخر درجتين على السلم :

  • لقد انتهى كل شيء يا أمي ..
    انتهى عصر الحزن والشقاء ..
    نعم .. نعم .. انتهى يا أمي ..
    سنقذف بماكينة الحياكة من النافذة ..
    ولن تعملى بعد اليوم ..
    أنا الذي سيعمل ..
    نعم يا أمي ..
    ها هو الأمل قد تحقق ..
    وحصلت على الشهادة .. الشهادة يا أمي .
    دفع باب الشقة، فوجد بمواجهته جسدا ضعيفا، حفر عليه الزمن أعواما تعدت الستين ..
    بأعلى الجسد عينان غائرتان ، يلوح فيهما ألف تساؤل وتساؤل ..
    لوَّح بالشهادة هاتفا بفرحة، وهو يحتوي ذلك جسدها الضعيف بين ذراعيه :
  • نجحت يا أمي .. نجحت .
    انطلقت الزغاريد .
    انتعش الأمل في القلوب ..
    لمع بريق السعادة في العيون ..
    بعد أيام ..
    كان بالشارع ، وبيده مسوغات التعيين .
    أخذ يسير ويسير ..
    أيام وشهور وسنين مضت ..
    وهو ما زال يسير ويسير ..
    مات الأمل ..
    اختفى البريق ..
    ازدادت العينان الغائرتان جحوظا ..
    ازداد الظهرُ انحناءً والجسدُ نحولا ..
    صوت ماكينة الحياكة بُحَّ من الصُراخ ..
    وهو ما زال يسير ويسير ..
    وبيده مسوغات التعيين ! !
    تمت بحمد الله

إبداعات عائلة اسكرايب

“عازف سيمفونية الخلود” تكتبها “نوادر إبراهيم” برعاية اسكرايب للنشر والتوزيع

كتبت نوادر إبراهيم:

ذلك المحظوظ يتناول فطاره الآن، ربما يفكر بي كلما مدَّ يده على الطبق، يبتسم كأنه شبه طعم الملح بطعم قُبلتنا الأولى، مالحة كما الحياة والطرقات؛ ذلك الغريب يتذكرني الآن، يذكر لقاء الصدفة والصورة، كلمات الإعجاب، بعثرات الحديث الأول التى جعلته كمَنْ سحرته الخمرة فذهبت بأسراره بين السماوات، احتلت غيوم الخير، صهرتها فأمطرت سوادًا على أرضٍ بُور، كان سكانها ينتظرون الأمل، فخابت عيون الرجاء.

لم يتوقعوا أن كرم السماء سيهطل كلعنةٍ عليهم، هجرتهم الراحة فهاجروا كلهم إلى حيث العيش الرغد إلا رجلًا أشعثًا، كان يعزف المزمارَ بشجنٍ بليغٍ، يجلس تحت ظل شجرة عتيقة يابسة منذ سنوات، صامدة رغم الخراب والتصحر حولها، تبدو غامضة ولا أحد يعرف سرها سوى عازف المزمار، الذي كلما عزف حزنه اهتزت في غرابة مخيفة، لكنها مبهجة بالنسبة للغريب الذي يحتضن ظلها، كأنها لبت نداءات رغباته المكبوته برقصة، كأنها استجابت لسحر مزماره الكئيب فأنشدت معه أعجوبة البوح والوجود، ذلك الوجود الذي يعادل تساؤل الخلود والمُلك، إلى أين تؤول أوهامنا؟ وإلى أي زمان تنتمي أرواحنا؟ كيف وُجد الهواء داخل رئاتنا؟ كيف وُجدنا نحن على هذه الأرض؟

هكذا ترجم الرجل موسيقى المزمار، هكذا عكس ظلمة عقله، وهكذا نحن نهرب من الإجابة رغم عِلمنا بها؛ وفي مليء بالغيوم في تلك الأرض المهجورة عاد أحد أصدقاء صديق الشجرة الميتة، ليتفقده ويقنعه بالذهاب معه إلى بر الحياة والهدوء، وجده كعادته يعزف في ثمالة وطرب، يهيم بأنفاسه إلى حد البلاهة، وقف الصديق بقربه لكنه لم يعره اهتمامًا أو بالأحرى كان لا يراه ولا يشعر بشيء، حتى رَبَتَّ على كتفه بغضب ففزع واقفًا متجهمًا، لم يرحب بصديقه بل وتضجر من قدومه قائلًا: عدتم لتزعجونني مجددًا! هل ستعودون جميعًا؟

هزَّ الصديق رأسه متحسرًا، مدَّ له مكتوبًا وغادره، كُتب على المكتوب: (حبيبتك التي تسلتقي عند الشجرة لن تعود، ومزمارك الحزين لن يجعل روحها تنتفض وتلوذ إليك، حتى دموعك التي هدرتها والتي ستهدرها لن تحي الشجرة كما كانت من أعوام؛ صدق يا صديقي أن الموتى لا يعودون، لكننا نحيا لنحياهم بكل تفاصيلهم داخلنا، وسنحيا لأجلهم، أعزف وأذرف دموعك لكن لا تنسى أن جميلتك تحت التراب تراك تبدو كعجوز منهزم، حاربته الحياة فأعلن استسلامه دون أن يحاول الوقوف).

فرغ من القراءة، صرخ بقوة، لطم وجهه، ثم تناول كأسًا من الماء، تنفس طويًلا ثم قال: آن الأوان لتمطر من جديد، وتنبت هذه الأرض، حان وقت الحياة ووقتي لأعزف سيمفونية الخلود التي ستعيد الحياة إلى شجرتي وأعود بها إلى عالمي الصاخب بالجنون والمغامرة، هكذا أنا كما كانت تراني حبيبتي.

إبداعات عائلة اسكرايب

“كي يكون ذئبا” قصة قصيرة بقلم / مجدي محروس

كتب مجدي محروس:


شققتُ طريقي وسط الزحام، إلى ذلك الشارع الجانبي المتفرع من شارع الأزهر في وسط البلد، وولجتُ بقدمي ذلك المطعم الذي أتناولُ فيه وجبة الغداء يوميا منذ أكثر من عشر سنوات ..
على مائدتي المفضلة في ركن المحل جلستُ، واستقبلني
” شعبان” عامل المطعم، وعلى شفتيه ابتسامة واسعة زائفة، وقد راح ينظف المائدة، مرددا عبارات المجاملة المعروفة، في انتظار ما سيحصل عليه من بقشيش ..
كان شابا على مشارف الخامسة والعشرين من عمره، ولكن الزمن حفر على وجهه تجاعيد الفقر التي قفزت بعمره عشر سنوات على الأقل ..
وضع أمامي صحاف الطعام ، وعلى شفتيه نفس الابتسامة الزائفة وفجأة ..
انمحت تلك الابتسامة من فوق شفتي شعبان، وحلَّ محلها غضب شديد، وهو يصرخ :

  • أين كنتَ ؟ ألم تنظف المحل حتى الآن ؟
    تطلعت ذاهلا إلى ملامحه التي تبدلت في سرعة، وأنا أسأل نفسي ذاهلا :
  • تُرى لمن يوجه صرخته ؟
    ومن باب المحل ظهر طفل صغير، لا يتعدى عمره السبع سنوات ، وقد وقف يرتعد بين يدي شعبان، وهو يقول :
  • وهل أنظفه وحدي؟! لقد قال صاحب المحل ..
    ولم يكمل الطفل الصغير عبارته، حيث قطعتها صفعة قوية، لها دوي شديد على وجهه فسقط أرضا، وشعبان يهدد بصوت عميق كفحيح الأفعى:
  • ستنفذ ما آمرك به وإلا …
    ولم يكمل شعبان عبارته، وقد وصل مضمونها إلى الطفل، الذي نهض من سقطته، وشرع في تنظيف المحل ..
    وفي عينيه تكونت نظرة ..
    نعم ..
    نظرة ألم هائلة ..
    تحمل كل حزن الدنيا ..
    ومرارتها .
    تراجعتُ بظهري للوراء، وأنا أتطلع للطفل الصغير، وعدتُ بذاكرتي للماضي ..
    إلى ما يقرب من خمسة عشر عاما مضت ..
    إلى تلك اللحظة التي ولجت فيها قدماي أرض القاهرة، وقد جئتُ أبحثُ عن عمل يساعدني على إتمام دراستي الجامعية ..
    تلك اللحظة التي كنتُ فيها حملا وديعا ..
    وطاف بذاكرتي كل ما عانيته وقاسيته على يد مَن هم أقدم مني في العمل …
    تذكرتُ دموعي التي سفحتها عيناي ليلا ولا يوجد شاهد عليها غير وسادتي ..
    تذكرت كم مرة أقسمت بيني وبين نفسي أنني سأترك العمل ..
    وأنني سأعود لقريتي ولتذهب الدراسة للجحيم ..
    لولا ذلك العائد المادي، الذي كنتُ أحصل عليه من رواد المحل غير مرتبي، والذي كان يتزايد مع مرور الأيام ..
    عند ذلك صمدتُ ..
    وصبرتُ ..
    وتحملتُ ..
    وشيئا فشيئا وقفتُ على قدمين ثابتتين ..
    وازدادت الأرض صلابة من تحتي ..
    ونشبت لي أظافر ..
    فمخالب .. و .. أصبحتُ ذئبا مرهوب الجانب ..
    ذئبا يخشاه الجميع ويعمل له ألف حساب …
    و ….
    استيقظتُ من شرودي على صدى صفعة قوية اخرى هوت على وجه الصبي، وصوت شعبان يصرخ :
  • قلتُ لكَ .. قم بتنظيف المحل مرة ثانية .
    ومرة أخرى ..
    يسقط الطفل أرضا ..
    ينهض في ذل واستكانة ..
    تتضاعف في عينيه نظرة الألم مرات ومرات ..
    في تلك اللحظة ..
    بكي قلبي بدموع من دم، ورحتُ أصرخ بأعماقي، وأنا أتطلع للصبي الصغير :
  • يجب أن يكون ذئبا .
    ودون أن أدري هل انتهيتُ من طعامي أم لا ..
    نهضت واقفا ..
    مددتُ يدي بجيبي، وأخرجتُ ورقة مالية ..
    ووضعتها في يد الصبي الصغير ، الذي نظر للورقة المالية ثم نظر إلىَّ، وقد زالت كل علامات الألم والحزن، وحلت محلها ابتسامة شكر و … امتنان ..
    عندئذ غادرتُ المحل، وأنا أشعرُ بالفخر ..
    كل الفخر ..
    لأنني وضعتُ اللبنة الأولى لذلك الصبي ..
    كي يصمد و ..
    ويصبر و ..
    يتحمل و …
    و…. كي يكون ذئبا !
    تمت بحمد الله

إبداعات عائلة اسكرايب

“امرأة” تجربة إنسانية تصورها “سارة عوض” .. برعاية اسكرايب للنشر والتوزيع

كتبت سارة عوض:

امرأة

بعد خمس وعشرين عاما من الزواج ، دخل وهو يمسك بيده الكثير من الأشعة والتحاليل وألقاه بحجرها ليخبرها أنه مصاب بسرطان البنكرياس وحالته تتداعي .
لم تنظر لما وقع بين يداها حتى ، ولم ترد كأنها لم تنصدم !

كأنه حدثاً عادياً سيضاف لرصيد حياتها ..
انتظر ردة فعلها ، ولكنه تيقن أنه لو وقف مكانه مائة عام فلن تشفق عليه حتى ! وبينما يبتعد عنها مر شريط عمرها من أمام عينيها ، تتذكر طيلة تلك السنوات الجسام ما جعلها تعانيه ، حاولت أن تخدش الصدأ من فوق ذكرياتها لترى جميلاً بينهما فأبت السنوات والذكريات ، وأستحال العمر أن يرى في حياتها معه مودة أو استقرار أو رحمة .

كأنه حولها لكرة باردة ، جعلها تثلج من داخلها ، قتل بهجة المرأة فيها .

نظرت له تلك المرة بعمق شديد ، وكأنها تسأله “هل أنت مصاب حقاً؟!” لا يهم فأمراضي أقوى وأشد قسوة …
ثم تسللت من بين أنفاسها الملتهبة دمعتين فحجرتهما مقلتيها ، كأنها تسترجع روحاً مختفية من داخلها ، روحاً مهملة جداً ، روحاً أكلها الصدأ …

كأن المرأة تنضر بالإهتمام ، وتروي زهرتها المشاركة والصدق والمودة ، ولا يجعل قلبها غضاً نضراً سوى إحتراماً صادقاً ، فإن لم تجد أندثر كل ذلك ، أصبح كماً مهمل ، وكوكباً منطفئاً ….

أدرك الرجل أن زوجته لم تعد هنا ، وأن أحداً قتلها منذ أمد اً بعيداً ، وذلك القاتل كان هو ، أخبرته أنها تود لو يهتم قليلاً ، أن يصدق ، أن يشعرها بكينونتها ولكنه أبى …

فليدرك الجميع أن المرأة روحاً مزهرة بيدك تقتلها ، وبيدك أيضا تحييها ..

إبداعات عائلة اسكرايب

“جمال الحب في عفويته” تكتبها “منى هني دومة” .. برعاية اسكرايب للنشر والتوزيع

كتبت منى هني دومة:

ما أشعر به الآن هو أنني لم أعد أمتلك تلك الثقة، لم أعد أمتلك تلك القوة … لم أعد أمتلك ذلك الشغف في الحب. فبعد كل تلك الخيبات …. لا أدري هل علي تجاوزها والبدء من نقطة الصفر … أم أنني سأبقى أسيرة … صدمة الخيانة.


ما أشعر به هو انجذاب كبير إليك وإعجاب وحب .. لكن شيئا ما يمنعني عن الاقتراب منك لا أدري .. ما الحل لا أدري .. ما العمل … في كل مرة أحادثك فيها أشعر بحرارة عشق لم أشعر بها من قبل … ومع كل محادثة ازددت تعلقا بك … ضعيف هو قلبي إذا أحب .. قاسٍ هو إذا غُدر.


أحب الاختلاف في كل شيء …. لا أحبها أن تكون علاقة مثل تلك العلاقات العابرة … أريد أن يكون هناك حب بطريقة عفوية دون تخطيط .. دون قيود .. دون رسميات … أهوى الحياة معك … نسير في طريق الحب معا .. دون توقف .. نعيش مراحله بالتدريج لنصل إلى نهاية الطريق معا ونمارس طقوسه بكل حرية.


سأسقي قلبك بالحب والحنان … بالحياة بالفرح بالأمل …سينبت فيه ورود الوفاء والثقة … سأروي قلبك من ظمأ الاشتياق … وسأحميه من ألم الفراق …. فقط انتظرني … فقلبي مولع بحبك 💓💓

منى هني دومة

إبداعات عائلة اسكرايب

“لا أعرفه” بقلم: نوادر إبراهيم .. برعاية اسكرايب للنشر والتوزيع

كتبت نوادر إبراهيم:

هناك في أخر ناصية الحلم، جلس متكوعًا في منتهى الطمأنينة، ينظر إلى الفضاء ويده على ذقنه الجاذب، ينتظر نجمة ساحرة مختلفة يعشقها القمر، كم تمنى أن يكون في مكان ذلك القمر المحظوظ، كم تمنى أن يظفر بجرأةٍ أكبر حتى يهندم كلماته ويصرح بعشقه، ربما وبخَّ نفسه ذات انهزام ونعتها بالجبن وقلة الحيلة، ربما سَهِرَ يتحدث مع بقية النجيمات يعطى كل واحدةِ دور لخدمة نجمته المميزة، كان هائمًا طليق الرغبة والسريرة، لا يشبه إلا حكايات جدي ومغامراته في زمنٍ لا يعترف بصدق الحب، هكذا كان يصور حالته بين مد وجذر، وبين عصفه وهدوءه يصطنع الصمود أمامي، كان يتلعثم كلما ناظرني، يتصبب شوقًا لمصافحتي، بينما أنا أتوارى عنوة عن نظرته، أمتنع عن السلام فأكتفى بايماءة شجاعة، تهدد كل بقاع دفاعه وتضعف خطط دفاعه، أنا هكذا خُلقتُ لتعذيبه وملاحقة خيالاته، أتذوق شهد حديثه بالخفاء هو لا يعلم من أنا، وأنا لا أعرفه فقط أدركت أنه كاسمي، وملامحه تشبه تجاعيدي الشابة، يعشق النبش وراء أسراري وأنا ماهرة جدًا في تكتمي وغموضي، هكذا أحببنا بعضنا، وجدنا الأجوبة الشافية، فهل من سؤال أخر؟!.

نوادر إبراهيم

إبداعات عائلة اسكرايب

“رفيق رحلة” كتبها محمد شيبة

كتب محمد شيبة:

حنين: ألو، مرحباً رائف، كيف أنت؟
رائف: مرحباً حنين، بخير مادمتِ بقلبي.

  • لا تبدأ مشاكساتك أيها الحالم، أريد أن القاك لأمرٍ هام.
  • ‏حسناً ، متى تودين اللقاء؟
  • ‏اليوم، بعد ساعتين من الآن، لا تتأخر.
  • ‏لا أملك التأخير أمام لهفة قلبي عليكِ.

كان مُفعَمٌ قلبه بكثيرٍ من الحب والشوق إليها. انتهى مما يشغله سريعاً وذهب للقائها، في طريقه مرّ ببائع زهور، ابتاع لها وردة حمراء فواحٌ عبيرها.

الورود عمرها قصير، لم يكن يعلم أن أجل تلك الوردة التي ابتاعها قد كُتب حينها. وأن مصيرٌ مشابه ينتظره.

وصل أخيراً، انتظرها. لاح له طيفها من بعيد، أمعن النظر وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة شوق ما لبثت أن تبخرت حين وقفت أمامه. ألقت عليه التحية فردها وهو ينظر لرفقتها في استفهام. يحدثه قلبه أن الأمور بخير ويجادله عقله أن هناك شيء غامض يحدث. مجدداً:

  • مرحباً رائف.
  • ‏مرحباً حنين.
  • ‏هذه صديقتي المقربة. انتهينا من محاضراتنا منذ قليل. هي تسكن بالقرب من بيتنا لذلك ترافقني طريق العودة.
  • ‏مرحبا بكما، تفضلا.

  • تنحت رفيقتها جانباً بينما تمد يدها إليه بشيء مغلف لم يتبينه قائلة:
  • كل عام وأنت بخير رائف، عمر مديد لك محققاً ما تتمنى.
  • ‏أوه! يالها من مفاجأة، وأنت بخير يا عزيزتي، ما المناسبة؟
  • ‏عيد مولدك اليوم أيها المشاكس، كيف تنسى؟

هو لم ينسى ولا يجد تفسيراً لسؤاله المشاكس ربما طرحه عقله وليس قلبه. هو لم ينسى بل يدفعها للحوار دفعاً كأنما ينتشي بصوتها، أجاب:

  • أتدرين؟ أول تهنئة منك.
  • ‏عمر مديد لك ، اتمنى لك السعادة في قادم أيامك.
  • ‏سعادتي في سكناك بقلبي، سعادتي معك يا حبيبتي.
  • ‏لا اعتقد أني سأكون معك يا رائف.

تبدلت نظرته الحالمة وصوته الهادئ إلى جِدّ و توتر، انقباضة عصرت قلبه بقوة. تسائل:

  • ما بك يا حنين؟
  • ‏لا شيء رائف. أنت انسان رائع وتستحق أن تسكن قلبك من هي أفضل مني.
  • ‏لكني اخترت من تسكن قلبي.
  • ‏جيد ، ابلغها وصيتي أن تنتبه لقلبك.
  • ‏ولماذا لا تخبريها بنفسك؟
  • ‏وكيف لي أن اخبرها وأنا لا أعرفها؟ ثم ألا تخشى غيرتها؟
  • ‏أخبريني، هل تغير امرأة من نفسها؟
  • ‏……

عقله يحادثه ان هناك خطب ما في لقاء اليوم، لكنه غير منصت، مشغولٌ هو بكل كيانه بحوارها معه باشتياقه إليها وحبه لها.

  • رائف، ربما لن تراني في الأيام القادمة؟
  • ‏أقدّر انشغالك، فاختبارات العام قد اقتربت.
  • ‏نعم، وربما بعدها أيضاً، وربما للأبد.

  • انقبض قلبه بشدة، علا صوت عقله أن افق يحدث ما اخبرتك به منذ قليل.
  • ماذا تقولين يا حنين؟ لطفاً اوضحي.
  • ‏تقدم لخطبتي قريبٌ لنا.
  • ‏وكيف ذلك وقد حادثت أباكِ في أمر خطبتي لك؟ ومن هذا الذي يتجرأ ويخطبك على خطبتي؟ أم أن الأمر معي ليس جدّيّ!
  • ‏صدقني أنا متفاجئة مثلك، ولا أعلم كيف اتصرف.
  • ‏هل قابلتيه؟
  • ‏نعم ، أتى إلى منزلنا البارحة مع والده.
  • ‏وما كان ردك؟
  • ‏…….
  • ‏موافقة!
  • ‏…….
  • ‏عليّ أن أحادث أباك.
  • ‏لا تفعل ارجوك.
  • ‏ماذا تقترحين؟ أن اقف صامتا حتى يضيعك القدر مني!
  • ‏لا، ولكن ماذا بيدي افعله؟
  • ‏بيدك الكثير يا حنين.
  • ‏مثل ماذا؟

تحدث عقله مرة اخرى، ألم أقل لك! لم تصدقني، لم تستمع لي، تزعم أنها تحبك ولكنها لا تريدك، يا أحمق هي تلعب بقلبك، تبحث عن بعض التسلية ولا يهمها أيّ من مشاعرك او كلماتك او رسائلك.

  • ‏أخبري أمك برفضك، ذكري أباك بخطبتي لكِ، ارفضي هذا الرجل الذي يخطبك، أخبريهم أن لديك اختبارات نهائية ولا تفكرين بالزواج الآن.
  • ‏لا يصلح أيّا من ذلك لانهاء الأمر.
  • ‏ماذا تقترحين إذن؟
  • ‏لا اعلم رائف، أخبرتك لكي تتصرف.

في دروب الحياة، تختار قلوبنا من يشاركنا الدرب، ولكن اختيارنا وحده لا يكفي، لابد أن يختارنا أيضاً هذا الشريك.

في دروب الحياة، إذا قررت أن تشارك احداً رحلته فعليك أن تكون معيناً له على رحلته لا أن تلقي على كاهله عناء المسير والوصول وحده. فرحلة المرء منا في الحياة نوعان: إما أن تكون فردية وتلك أسهل. وإما أن تكون رفقة شريك يختاران بعضهما ليعينا بعضهما على رحلة قد تطول أو تقصر. لكن أن تختار شريكاً لرحلتك ولا يبالي بك ولا يهتم بما تفعله لكي تستمر رحلتكما حتى النهاية، فهذا غُبنٌ بيّن لك ولقلبك ولعمرك الذي ستمضيه في رحلة أولى لك أن تمضي فيها وحدك.

ومجدداً:

  • ماذا تقترحين إذن؟
  • ‏لا أعلم، اخبرتك لكي تتصرف.

عشرة اقتراحات وحلول قدمها لها، عصر عقله بحثاً ومشاورة، استخدم كل ما يمكنه من أفكار لكي تستمر رحلتهما معاً. لكنها رفضتها كلها. يحادثه عقله مجدداً يبدو أنك وقعت في فخٍّ صعب. يحزنني ما أرى. أخبرني كيف لك أن تتشبث بها وهي تفلت يدك في كل مرة.

-أحبها. يجيب قلبه.
-‏ لكنى لا ارى أيّاً مما تفعله تحت مسمى الحب. الحب يا عزيزي أن ترى قلقاً وناراً واضطراباً فيها لأنها ستفقدك وتضل الطريق بعدك، ولا ارى أيّاً من ذلك فيها.
-‏ تعلم ان طبيعة الفتيات الخجل والكتمان لا يظهرن مشاعرهن بسهولة.
-‏ أصادقٌ انت؟ أفق يا عزيزي ، لقد صارحتك بمشاعرها. لست سوى مشفقٌ عليك وإني لحزين لرؤيتك هكذا.

وقفت معلنة أوان الرحيل، نظر إليها في شتات. التقت عيناهما، هربت عيناها من عينيه، لا تريد أن تنظر إليه حتى لا يفضح استسلامها لأمرٍ واقع.

  • أراك بخير رائف. عليّ ان اذهب.
  • ‏وهل ستريني يا حنين؟
  • ‏……..

رحلت وانهار هو في مقعده وضع رأسه بين يديه يفكر في قرار ، مازال قلبه متشبثاً بها وعينيه على هديتها، تذكر الوردة التي ابتاعها من اجلها، امسك بها وهمّ باللحاق بها ليهديها إليها. لكن لاحظ ذبول اطرافها، قربها من انفه ليشم عبيرها لعله يجد فيه أملاً في عودتها. لم تفوح منها سوى رائحة الموت والفراق.

لا تصادق على حب نما في قلبك حتى تختبر حب من اختاره. ولا تتشبث برفيق رحلة يتركك في منتصف الطريق ليسلك درباً غير دربك. واستمع لذلك الصوت النابع من أعمق نقطة فيك ، فوحده الصوت الصادق من بين اصوات الحياة.

إبداعات عائلة اسكرايب

“الإرهاق يغني” كتبها شريف بحيري .. مع تحدي الملل

كتب شريف بحيري:

أنا منهك القوى؛ لأضع سيارتى فى مكان الأنتظار المخصص لى وأصعد إلى شقتى مسرعا
فأنا لم أتناول طعاما طول النهار وأريد ان أتابع أصدقائى على موقع التواصل الاجتماعى،
وأهم شىءأن أستحم؛ إنها فكرة جيدة قد تساعدنى أن أزيل هموم اليوم و تعبه ؛ لا بل أريد النوم .
وضعت أغراضى جانبا، وذهبت للحمام، أشعلت السخان فهو يعمل بالغاز؛ فأنا لا استطيع
تحمل برودة الماء رغم أن الجو معتدل وليس بالشتوى.
أغلقت الباب فأنا لا استطيع الأستحمام والباب مفتوح رغم أنه لا يوجد أحد معى بالشقة.
خلعت ملابسى تمام، و جهزت المنشفة لتكون قريبة لى؛ وأحضرت صابونة جديدة كبيرة ذات عطر مميز.
فتحت صنبور الماء الذى إنساب فوق رأسى وسال على جسدى؛ شعرت أن الماء يأخذ معه الأرهاق وينساب جاريا إلى فتحة المصرف .
كنت أغنى؛ وبدأت أعجب بصوتى؛ أنطفاء النور فجأة؛ فأنتبهت وتوقفت عن الغناء، ومازلت فى مكانى ينساب الماء على رأسى؛ أعتادت عيناى الظلام على الضوء الخافت الصادر
من شعلة السخان، فأصبحت كضوء القمر فى الليلة الظلماء، ظهرت أضواء الشارع من نافذة
الحمام؛ إذا النور إنطفاء عندى فقط؛ لم أهتم كثيرا؛ الظلام جعلنى أستمع إلى الضوضاء
الصادرة من الشارع.
شعرت أن الماء أصبحت قطراته أثقل ودرجة حرارته تزداد مع الوقت، لم يعد جسدى يحتمل سوف أحترق تحت صنبور المياه ؛ نظرت للسخان وجدت شعلاته قد ذاد لهيبها؛ حاولت أن أخفضها ولكنه لا يستجيب؛ بداءت أحترق بالفعل؛ لم أعد أسمع ضوضاء الشارع؛ سمعت كأن حجر كبيرا سقط فى منتصف الشقة.
شعرت بالذعر، وأتسعت عيناى كأنى أريد أن افهم ما حدث بالخارج؛ لكن لهيب الماء لم يدع
لى فرصة للتفكير سوى بالقفز بعيدا عنها.
خرجت مسرعا إلى الصالة وقطرات الماء تنساب منى؛ فوجدتها تجلس على الكرسى و تضع ساق على ساق و تبتسم ابتسامة هادئة .
جحظت عيناى للخارج؛ وتراجعت للخلف، وكدت أن أفقد توازنى فالأرض مبللة؛ نظرت
حولى وجدت الظلام يفرض سيطرته، نظرت إليها ثانية أنى أراها بوضوح، إبتسامتها لا تغيب؛ وكلماتى تاهت فى ظلمة الليل وهزمها الفزع؛ ناديت على شاجعتى لآستطيع الكلام؛ فقلت:

  • من أنت؟.. وكيف دخلت إلى هنا؟.
    لم أجد سوى ابتسامة هادئة تحولت إلى ابتسامة عريضه؛ أسنانها ظهرت ليس كأسنان البشر؛ بداءت ضحكتها تعلو شيأ فشيا حتى أصم صوتها أذنى؛ لم أعد أتحمل طنين الصوت، وضعت يدى على أذنى، وهنا إنتبهت أنى عارى تمام أمامها؛ فجريت سريعا لآدخل الحمام لآحضر منشفتى؛ فأنزلقت قدمى على الأرض، وتألمت كثيرا؛ وسمعت نفس صوت الأرتطام فى الخارج. وقفت ووضعت المنشفة حول خصرى؛ خرجت وأنا اتألم، وبخطوات بطيئة محاولا أن أسترق السمع؛ وجدت الصمت يرد على، فتحسست الطريق لغرفتى، فجأة سمعت صرخة قوية فى الصالة وعاد النور للمكان، فزعت، وأنتفضت فى مكانى؛ وجريت سريعا لداخل الغرفة.
    بحثت سريعا عن ملابسى واخذت أخطفها من مكانها بكلتا يدى، وإرتديها مرتبك؛ مما جعلنى أحاول إرتداءها مرات؛ فطلبت من نفسى الهدوء؛ وأتمت إرتدأ ملابسى؛ وأخذت أفكر فى السيدة الموجودة فى الخارج و صوت الصرخه المفزعة .
    سمعت صوت أقدام تقترب من غرفتى؛ فتسمرت فى مكانى، هل التفت أم اظل هكذا أنتظر
    الضربة القادمة على رأسى؟؛ وجدتنى بدون إرادة التفت إلى الخلف؛ فشهقت وتوقفت أنفاسى وأمتنعت رئتى عن الصعود والهبوط؛ لقد شاهدتها أن منظهرها مخيف حقا؛ فقلت لها وأنا
    أرتجف فزعا:
  • كيف ظهرت والنور يملاء المكان؟.
    لم تجيب، ورفعت يدها لآعلى؛ فارتعشت رعبا؛ فأشارت للمصباح فأنطفاء؛ أبتلعت أنفاسى؛ لاأعرف ما هو القادم !، بدأت تقترب ،وأنا أتراجع للخلف، الظلام يحيط بى ؛ ضحكاتها الهيسيرية تفزعنى؛ تقترب أكثر؛ سقطت على الأرض؛ أقتربت منى حتى كادت أن تلامسنى؛ لم التفت لألمى؛ أو فزعى من وجهها القبيح؛ جمعت كلماتى؛ وبصوت مرتعش :
  • ماذا تريدين منى؟.. من أنت؟.
    أقتربت اكثر، لاحظت إحمرارعينيها؛ أصدرت صوتا خافتا وقالت:
  • أنا أحبك .. وضحكت.
    تغير شكلها من المنظر المخيف إلى وجه إمرأة جميلة الوجه؛ سوداء العينين؛ شعرها ناعم طويل ذو لون أسود لامع .
    أخذت نفسا طويلا؛ وسألتها مرتبكا:
  • كيف تغيرت؟ لقد أصبحت إمرأة ناضجة شديدة الجمال ومثيرة جدا.
    نهضت من فوقى، وأشارت إلى إضاءة الغرفة، فعاد النور مرة أخرى؛ وأتجهت إلى فراشى وجلست عليه بدلال وهى تنظر لى بكل إغراء؛ ثم غمزت بإحدى عينيها وضمت شفتها السفلى
    للداخل ثم قالت فى رقة ودلال:
  • أنا أحبك .. أنت حبيبى.. ولقد جئت إليك.. لقد فاض بى الشوق.. لم أعد أحتمل بعدك عنى .
    أستجمعت الكثير من شجاعتى، وإعتدلت فى جلستى على الأرض، وجلست القرفصاء، وبنظرة
    سخرية منى قولت :
  • هل من يحب أحد يميته حرقا تحت ماء السخان؟ !.. أو يفزعه بهذه الصرخات الغريبة؟!.
    نهضت واقفا أعاتبها، وأكملت كلامى :
  • ما هذا المنظر القبيح الذى دخلت به على؟.. لماذا لم تكونى حسناء المنظر جميلة الصوت حلوة الخطى منذ البداية؟.
    ضحكت ضحكات رقيقة، ثم ضحكت ثانية، حتى ظهر على وجهى علامات التعجب فلم أقل شىء
    كوميديا، فغيرت ملامحى لمحمل الجدية, وأتخذت علامة الغضب .فما كان منها إلا أن أستمرت
    فى الضحك وقالت:
  • لم أكن أقصدك أنت.. بل كنت أطرد الحراس الذين لا يبعدون عنى ولايفارقونى أبدا.. فلم يكن بد من طردهم.. ولن يقتنعوا إلا أن يروا علامات الغضب علي.. فخافواعقابى .. ونفذوا الأمر وذهبوا إلى والدى يشتكوا إليه أفعال معهم.. أنه ذو مكانة كبيرة فى عالم الجان وضحكت ثانية. هنا كدت أسقط ارضا؛ وذادت دقات قلبى؛ وتصببت عرقا؛ وقلت بتوتر:
  • ما معنى ما قلتيه؟.. هل هذه علامات الغضب عندك؟.
    فهزت رأسها بعلامات الموافقة.
  • هل أنت معك حراس؟.
    فهزت رأسها ثانية بالأيجاب، فقلت:
  • من الجن؟.
    فأبتسمت ونهضت، وأخذت عدة خطوات حتى أصبحت أمامى تمام، وأمسكت بيدى اليمنى وقالت :
  • لا تقلق حبيبى.. فأنا جئت هنا لآنى أحبك.. لن أفزعك.. لن أخيفك أبدا.. أنا هنا مصدر سعادتك .
    لم أتمالك نفسى من المفاجأة نزل على صمت وأخذت أفكرفيما يجب أن افعله أو أقوله.
    تحبنى، أنا لا أكاد أصدق لم يخطر على بالى أن أمر بهذا الموقف، وبنظرات ذائغة وبصوت مرتعش قلت:
  • ماذا تريد؟.. هل تريد حبى؟.. كيف أحبك وأنا لا أشعربك أو أفهمك؟.. كيف أحبك و أنا لا أعرف كيف تفكرى؟.. كيف أحبك وأنا لا أستطيع تقدير ردة فعلك؟.. كيف أحبك وأنا لا أعرفك .
    ردت و ملاء صوتها حنان يذيب القلب
  • لا داعى للتفكير.. كل ما عليك هو أن تحبنى.. وأنا سوف أغدقك عليك من اشواق وحبى لك .
    نظرت إليها تتملكنى الحيرة وطارت من رأسى الأفكار، لم أعد أستطيع أن أفكر فقلت لها
  • هل يمكن أن تأتى فى يوم آخر؟.. فأنت اليوم قد فأجاتنى .. وأشعر أنى لن أستطيع أن أبادلك الحب هذه الليلة.. ولا تنسى وقع المفأجاة على لمعرفتى أن أمراة تحبنى ومعجبة بى.. وأيضا ليست أمرأة عادية.. أنها من كبار قومها.. ومن عالم آخر لا اعرفه.. أتمنى أن تتفهمى موقفى وتساعدينى أن أحصل على الهدوء حتى أستطيع أن يستوعب عقلى ما مررت به الليلة وأنسى
    أرهاقى .
    أقتربت وأخذت بيدى الأخرى، وفردت ذراعينا ممدودة لأسفل؛ وحركت قدميها للأمام
    أكثر حتى التصقت أجسادنا، بدأت أشعر بحرارة غريبة، وصوت أنفاسى يرتفع؛ وجهها أقترب
    منى؛ يا لها من أمراة جميلة كم كنت أتمنى مثلها؛ أقتربت حتى كادت أن تلامس شفتاها شفتاى
    وأغمضت عينى وأصبحت فى عالم أخر، وتهيئت لقبلة مختلفة؛ قبلة جديدة تجمع ما بين عالمين؛ قبلة قد تغير حياتى؛ لعلها حياة أو حلم ليس مهما الأن؛ عليا أن أستمتع بما هو أت .
    أسمع طرقات قوية على الباب؛ صوت صرخات تأتى من الخارج؛ جارتى تنادى على بصوت
    عالى يملوه الفزع والخوف؛ مع إستمرار الطرق على الباب؛ فتحت عينى؛ لا استوعب كم
    الساعة أو فى أى وقت أنا؛ مازل صوت جارتى ينادى على بأستغاثة ؛ أفقت وجريت مهرولا
    تجاه باب شقتى، فتحت الباب دون تفكير وعيناى لا ترى أمامى بوضوح؛ فلم يظهر سوى
    وجة سيدة تنظر إلى وتصرخ بوجهى، وحينما وجدتنى لا أستوعب ما تقول أزاحتنى من أمامها
    بكل قوة وكدت أسقط أرضا، ودخلت لشقتى مسرعة، وهى تلقى على بكلمات اللوم والعتاب وإتجهت إلى مصدر الغاز بالمطبخ، وكأنها تعيش معى، وأغلقته ثم توجهت إلى الحمام وأنا خلفها
    لا أستوعب ما يحدث سوى أن هناك دخان كثيف يخرج من الحمام لقد أحترقت الستارة الموجودة بالحمام، وكادت أن تقضى على الشقة وشقة جارتنا.
    ساعدتها فى إطفاء النار، وفتحت النافذة لآخراج الدخان .
    عدنا إلى الصالة فى حالة من الأعياء الشديد والقينا بجسدينا على أقرب كرسى منا وفردت
    جسدى، وباعدت بين ساق، وأخذت أنفاس بصعوبة، جلست جارتى أمامى تحاول أن تستجمع أنفاسها وتمنع إنسياب شعرها على جبهتها.
    نظرت إليها شاكرا، تحولت نظرتى إلى أندهاش فهى تشبه الجنية التى كانت معى؛ فقلت:
  • ماذا حدث؟
  • لقد سمعت خطواتك وأنت تصعد سلم العمارة فلقد كنت أسبقك بعدة خطوات.. ولكن يبدو
    أنك كنت مرهق لم تشعر بخطوات على السلم .. وبعد دقائق سمعت صوتك يغنى بالحمام.. لم
    أهتم كثيرا بذلك.. فأنت تعرف أن نافذة الحمام عندى تجاور نافذتك.. وفجأة سمعت صراخك وأستغاثتك.. ثم صوت أرتطام قوى على الأرض.. فى البداية لم أهتم بالأمر فلقد حدث هدوء تام
    بعدها.. لكن ما أزعجنى بعد عدة دقائق.. وجدت أن بعض الدخان بدأ يتسرب إلى داخل شقتى وشممت رأحته.. وبحثت عن مصدره فوجدته من شقتك.. فلم أشعر بنفسى إلا وأنا أطرق بابك .
    كانت تتحدث وأنا تذكرت نفسى حين كنت أغنى لأقضى على أرهاق فوجدتنى بدون تفكير أطلب منها الزواج .
    تمت

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

“جدتي لا تكذب أبدا” ترويها سارة محمد عبد الفضيل

كتبت سارة محمد عبد الفضيل:

جدتي لا تكذب أبداً
ملابسٌ بالية، وغطاءٌ مهترئ، نافذة مهشمة وباب لا يقوى على الاحتمال، جميعهم يشاهدون في صمتٍ ويقفون عاجزون أمام ذلك البرد الذي ينخر في عظامي
لماذا يأتي الليل إذاً، إن لم يحمل لنا السكينة، لماذا لم يدع الشمس تكمل مسيرة الدفيء حتى نشعر بأجسادنا، نشعر أننا أحياء، تساؤلات كل ليلة لا تمل منها نفسي ، أنفخ في يدي بشدة لعلها تشعرني بالدفيء، أو ربما بعض من الأفكار تراودني حتى أغط في نومٍ عميق.
ابتسمت في استنكارٍ وأنا أردد
-لعل حالي اليوم أفضل من البارحة، لازال في غرفتي بعض الطعام، ربما يحل علي الفجر بالنور فأمكث في عملي أكد وأتعب حتى تحل علي لعنة التغيير.
نعم يا لها من لعنة تجعل الأنوف مرتفعة، وعيون البشر تنظر باستهجان لكل من هم أقل منهم، أقدامهم تخاف أن تطأ الأرض حتى لا تتسخ.
يالها من لعنة ماكرة
أرفع رأسي إلى ذلك السقف الذي لازال صامداً أمام الشتاء وأنا أهمس في أسى
-هكذا يا جدتي، تتركيني وحيده، ألم تخبريني أنك ستبقي معي، أين أنتِ، أناجيكِ في كل ليلة، ولا أجد الجواب، أحادث الجدران فترد بأنين صدى حزني
لم يتبقى لي منك سوى اسمي، أو اسمك ” نانيس” ، تنهدت بحسرة ولازلت أحادث نفسي
نانيس هو اسم جميع جداتي، هكذا أوصتهم نانيس الجدة الفرعونية الأكبر، أن يظلوا يخلدوا اسمها إلى الأبد، لعل الاسم يربطنا جميعا برباطٍ مقدس كما كانت تعتقد هي.
نانيس، زهرة فرعونية، لا أملك من عبيرها شيء، أوراقها الزاهرة لا تضاهي جسدي الهزيل من كثرة العمل، ساقها وتلك الأرض الخضراء التي تحيا بها، لا أراها سوى في أحلامي، تحسست رأسي بأيدي مرتعشة
لعلي قد اصابني البرد بحرارة زائدة ، جسدي يتعرق بشدة، ,وأطرافي ترتجف، غلبني النعاس ، واليأس يتسلل إلى قلبي ودموعي تحتضن الوسادة. ، لا يتردد على شفتاي سوى ” نانيس”،
مرت عدة لحظات في صمت مخيف، أصوات أقدامٍ تقترب بخُفٍ له كعب صغير، كلما اقترب الصوت شعرت بأنها تقرع أبواب الخوف بداخلي، أحاول أن أرفع أجفاني لكن لا أرى ألا الضباب فتعود لحالة السكون مرة أخرى.
اندفع باب الغرفة ، شعرت بأحدهم يقترب مني، همس بخفوت
-نانيس حبيبتي استيقظي
انتفضت وكأني صعقت بجهاز تنفس كي أحيا من جديد.
شعرت ببرودة يديها، نعم إنها أنثى صوتها أوحى لي بذلك، تجمد الدم في عروقي، سحبت غطائي في هدوء، ورددت في ثقة
-لا تقلقي عزيزتي، حضرت كي تطمئني
ثم أردفت وهي تحاول أن تحتضني

  • أنا هنا كي أمحو الحزن عن قلبك
    انتزعت يدي مسرعة وعيناي تحملق في وجهها المنير في ظلام الغرفة، ورددت بكلماتٍ متقطعة بذعر
    -من …. أنت، وما الذي ….أتي بك إلى هنا” أقولها وأنا ابتعد عنها وأحاول أن اختبئ برأسي تحت ذلك الغطاء؟، لعلي أحلم فاستفيق
    رفعت الغطاء مرة أخرى عن جسدي، وهي تبتسم، اقتربت مني مرة أخرى، ورددت بصوتٍ حنون مألوف لدي
    -ألم تعرفيني حتى الآن.
    ابتلعت ريقي بصعوبة، ولم أجد مفراً من الحديث معها، هي تجلس بثقة، كأنها فرداً من عائلتي، تنهدت بهدوء، ووضعت يداي على وجنتي يائسة
    -لا لم أعرفك، ثم انتفضت من مكاني احملق في وجهها”
    -ولكن انتظري صوتك مألوفاً لدي، وأشعر بحنان روحك من حولي.
    حينها رنت قهقهات المرأة في جدران الغرفة، حتى كدت أتجمد من الخوف، ثم عادت لابتسامتها الهادئة، وأردفت في مكر
    -لا عليك، ربما ليس من الضروري أن أخبرك الآن من أنا، أهم من هذا كله، أنني مألوفة لديك. ثم منحتني قطعة من القماش الأبيض قد أحضرتها معها وقالت
    -هيا أرتدي ذلك الزي، كي تذهبي معي من هنا، هذا المكان ليس مكانك عليك أن تحيي في مكانٍ يليق بك
    حينها انفجرت ضحكاً، حتى أنها نظرت متعجبة، ثم تساءلت
    -ما المضحك فيما أقول
    حاولت تمالك نفسي، وأخذت من يدها الثوب، وأنا أقول
    -لا شيء، لا شيء
    ربما عليك ألا تعرفي لما أضحك حتى لا تودي بي إلى الجحيم، ترجلت ورائها في هدوء، كنت أتعجب لماذا أسمع كلام تلك المرأة، لكن لن أخسر شيء، وليس لدي ما أخاف لشأنه، سأمضي خلفها ربما يمنحني القدر مزيداً من المتعة تهون ما أعاني
    غرفتي ترقد بآخر طابق في تلك البناية نزلت ورائها حتى وصلنا للدور الأرضي، رفعت عصا مذهبه وصوبتها إلى منتصف مدخل البناية، ظلت تردد بعض الكلمات لثلاث دقائق وقلبي يرتجف، حتى انفتحت فتحة دائرية كبيرة، لم تترك لي الوقت حتى اندهش مما رأيت فقط أمسكت بيدي وعبرنا سوياً ذلك الدرج الذي كان أسفل الفوهة
    شعرت بجسدي يرتعش من الخوف لكنها تتحرك بثبات، أشعلت مصباحاً تحمله، لتنير الغرفة بنيران دافئة، أضفت عليها لوناً ذهبياً لامعاً.
    التفت بوجهها نحوي، ورددت
    -ربما عليك أن تتذكريني الآن، ربما أعود في أي لحظة
    ثم تنهدت، صمتت لبرهة وأردفت
    -لا عليك سأوفر عليك الأمر، وأخبركِ، اصطحبتني لأجلس على أحد الكراسي كان ناعماً مريحاً يلمع بتلك النقوش التي رسمت عليه
    رفعت رأسها في شموخ وقالت
    -أُدعي نانيس “حينها حملقت في دهشة”، نعم لا تندهشي هكذا، أنا جدتك لأمك وهنا كانت حياتي منذ آلاف السنين سمعت همس أنينك، فانخلع قلبي عليك صغيرتي، وأتيت لنذهب في جولة معاً، علها تهون على قلبك الصغير ما تمرين به.
    دفعت رأسي للخلف وأنا أغمض عيني في ذهول، لا أدرك الأمر هل أسعد أن لي عائلة تحزن لحزني، أم أن هذا كابوساً سيودي بي إلى الهلاك، تساؤلات كثيرة ترتطم الآن بعقلي، هل أتت بعد أن عاتبتها، لم أقصد هذه المرأة، إنني أقصد جدتي لأمي، من أين لي بامرأة تعرفني منذ آلاف السنين
    هي تنظر إلي وتترك لعقلي حق قبول الصدمة في هدوء، انتابتني بعض السكينة في حضرتها، فتننهدتُ بانتشاء وظل عقلي يردد، لتتركِ لنا وقتاً نحيا فيه دون أن نفكر ما علينا فعله، لتسعدي مرة في حياتك، ولو لبضع لحظات، حينها نهضت مسرعة، كنت أتمنى أن احتضنها ولكن ابتسمت في وجهها من بعيد، أكملنا حديثنا في امتنان، نتجول في تلك المقبرة التي تعج بالذهب والفضة
    أمسكت بأحد التماثيل الذهبية، ونظرت في عينيها وأنا أردد
    -ما فائدة ذلك الذهب يا جدتي، تركتم أحفادكم في فقرٍ مضجع، لتحيوا في مقابركم على بريق ثراءٍ فاحش، ليس هذا يا جدتي ما يضيء القبور.
    نظرت إلي وكأنها كانت تتمنى أن تستمع لصوتي منذ زمن، ردت بهدوء
    -يا نانيس لقد أردنا أن نحيا ملوكاً، ونموت ونحن لا نشعر بالجوع أبداً.
    رددت في غضب، وأنا أشير إلى تلك النقوش التي تزين جدران المقبرة
    -كيف؟، وقد تبادلتم الآلهة يا جدتي، آمون، أتون، وملوكٍ تُعبد، كيف تنتظرون أن ينير رب الكون قبوركم عند البعث.
    ضحكت الجدة واتكأت على كرسي مرصع بالذهب الخالص يتخلله بعض النقوش وقالت
    -هكذا يقول علينا أحفادنا، أننا كفرنا بالإله الواحد، تنظرون لما فعله فرعون بموسى، وهو ملك بين آلاف الملوك، كيف عاند وقال أنا ربكم الأعلى.
    لماذا لا تقرأون عما فعله اخناتون، ودعوته للتوحيد، إله واحد فقط يعبد في أرجاء الكون، آمون وآتون ما هي إلا رموز التوحيد واختلاف اللغات عزيزتي
    ليس لنا بهؤلاء الحمقى من الشعب الذين لا زالوا يعبدون ملوكهم، وإن كانوا في ظاهرهم يرى الناس أنهم مؤمنون
    طأطأت رأسي في الأسفل، لم أقوى على مواجهتها بعد تلك الكلمات، فتقدمت نحوي محاولة أن تزيل عني الخجل، امسكت بيدي وفتحت تابوتاً من الجرانيت الأحمر كان على مقربةً مني.
    -أنظري، لقد تركنا لكم ثروة عزيزتي.
    نظرت في استهزاء، وبريق لمعتها يضوي في عيني
    -عن أي ثروة تتحدثين يا جدتي، مجوهرات وذهب، يتعدى أثمانها ملايين الدولارات، دُفِنت مع أجدادنا حتى لا يشعروا بالفقر وهم موتى، ومن يحصل عليها، لقد سمحتم للحمقى واللصوص بسرقة ميراثنا، لم تتركوها لمن يستحق.
    ردت بغضب وهي تدفع بغطاء التابوت
    -لا تتفوهي بدون علم، لقد حميناها بطلاسم شديدة الصعوبة حتى لا يحصل عليها إلا من نريد، لكن ملوكم قد فرطوا في ميراثنا، الذي حيينا آلاف السنين نكد حتى جمعناه، كي تعيشوا في خيراته، تركوا الآخرون يحتفون به في معارضٍ دولية لا يستحون بأنهم سرقوه.
    ثم أكملت في استهزاء وهي تتحسس تلك النقوش لرجلٍ يمسك بآلة الزراعة
    -كيف لكم أن تحافظوا على هذا وقد فرطتم في مهد حضارتنا، هنا حيث علمنا الناس الزراعة، كانت أرضنا تفيض بالخير ويأتي الجميع جوعى ليزدادوا كيل بعير
    لقد افتقرتم يا بنيتي حينما فرطتم في خير أجدادكم
    ثم توجهت إلى ذلك التمثال الذي يرقد في شموخ
    -ولن تنالوا مجدنا، إلا أن تعودوا لعزتكم، وتعرفوا قدر أنفسكم، تعودوا لتستقبلوا الشمس في الصباح بأيدي سخية للعمل، وتستأنسوا قمر الليالي لراحة أبدانكم.
    حينها فقط ستعودون.

إبداعات عائلة اسكرايب

“سيدة الهوامش” تكتبها إيمان صلاح .. مع تحدي الملل برعاية اسكرايب

كتبت إيمان صلاح:

الحياة تقسو علينا أحيانا ولا ندري لماذا تصبح كأم عنيفة تضربنا ضربا مبرحا ونسقط وتسقط معنا كل الذكريات ،ينهار كل ما شيدناه وكأنه حلم غادرنا بعيدا، لطالما تذكرت كل ماحدث ولكنه يقتلني بطعنات متكررة هذا التذكر، فعندما تحدثت إلى أنجي صديقتي المقربة كيف يتعامل معي زوجي عزيز وكيف يبث حبه لي دائما كنت أشعر بشحوب وجهها كلما جاءت سيرته ولكنني لم أنتبه لتلك العلامات التي يبعثها القدر لي لكي توضح ما يجري من وراء ظهري بل من وراء قلبي.

كانت أنجي تساعدني في كثير من الأمورعندما أريد شيئا ويصعب عليّ فعله تظهر هي وتساعدني وكأنها ذاك الملاك البريء الذي هبط على الأرض وضمها بجناحيه.
بكيت كثيرا نعم بكيت ولكن لأنني كنت البلهاء في تلك الحدوتة القاسية ،على هامش الموضوع كما أكون دائما فأنا سيدة الهوامش حقا .
أسأل ذاتي عند كل صباح بلا جواب لماذا كانت تقترب مني كثيرا تشعرني بحنية الأم ذاك الشعور الذي أفتقده وعندما أتشاجر مع عزيز أذهب لها أشكو ضعفي اتجاه حبي له ، وحينها تقول بصوتها العذب
لا تقلقي حبيبتي عزيز يحبك أنا أعلم ذلك عودي لمنزلك وكل الأمور ستصبح بخير

ثم أعود بالفعل وتستقرالحياة بيننا ولكنها كانت حياة رتيبة لا شيء بها يتحرك راكدة ينقصها ضحكة طفل .
عزيز منذ علمه بأنني يصعب علي الإنجاب وهو يدللني وأنا لا أعلم لماذا كنت منتظرة منه معاملة قاسية ولكن ظهر غير ذلك حتى هذا الشجار لم يكن بسبب الإنجاب بل لأسباب أخرى.
حتى جاء اليوم الذي سمعته يتحدث بشوق أثناء مكالمة هاتفية :
“حبيبتي أعلم أنكِ تتمزقين كلما أقترب منها وكلما أهديها كلمات الحب ولكنني كما تعلمين لا يمكنني أن أتركها الآن فأنا من أسيطرعلى الشركة وهي لا تقدر على إدارة شركتها التي تركها لها والدها لأن مرضها النفسي جعلها لاتستطيع فعل هذا فمنذ علمها بعدم الإنجاب وهي تتعالج نفسيا وفي النهاية إذا حدث وعرفت بزواجنا سينهار كل شيء ويضيع تعبي.”

ثم تنهد طويلا وقال لها أحبك وأغلق الهاتف
تصارعت الأفكار داخلي وشعرت بخنقة شديدة حتى تحركت من مكاني بصعوبة، لا قدرة لدي على المواجهة فأنا ضعيفة كفراشة ولكنني أريد حقا أن أحلق مثلها بعيدا.
احتل فكري هذا السؤال من هي ؟ التي يخونني معها من هي التي يستولى على أموالي لأجلها؟
تظاهرت بعدم المعرفة وخاصة أنه يعلم أنني كنت نائمة في ذاك اليوم الذي سمعته به يحدثها فقد كانت خطتي أن أعطيه كل الأمان حتى أرى كل الأشياء والحقائق وهي تطفو أمامي حينها ذهب كثيرا لها وأنا أعلم ذلك ، ذهبت إلى الشركة وهو مشغول بحبه وزوجته الجديدة وعينت مكانه بالإدارة أحد الكوادر الذي استعان به والدي بالسابق وعندما جاء عزيز للشركة رأى كل شيء تحول ضده فلقد رأف بي القدر عندما جعلني أحافط على ملكيتي للشركة ولم أمضي أي ورقة أتنازل بها عن حقي ولكن عزيز كان سيفعل.

شعر أنه في ورطة كبيرة فغادر الشركة وقد رسم الغضب لوحة فريدة على وجهه
كنت حينها أنتظر في سيارتي تحت الشركة أراقبه وهو يفتح باب سيارته بغيظ شديد ثم غادر مسرعا مضيت أنا الأخرى وراءه وأنا أتخذ كل الحرص حتى لا يراني من مرآة السيارة ، حتى سقطت الصاعقة على رأسي عندما اقترب من العمارة التي تقطنها أنجي لم أصدق كنت في ذهول أراقبه وهو ينتظر المصعد حتى صعد فتركت السيارة وعندما وصلت أمام المصعد وجدت الرقم المسجل هو الدورالذي تسكن به صديقتي الوحيدة.
إيمان صلاح

تحدي الملل

إبداعات عائلة اسكرايب

“ذهان” قصة قصيرة للكاتبة زينب الشرقاوي .. مع تحدي الملل برعاية اسكرايب للنشر والتوزيع

كتبت زينب الشرقاوي:

أمطارٌ غزيرة ..أصوات الرعد توجل القلوب.

البرق يومض في كل مكان ..زئير الرياح مرعب.

وحده في الشارع يمشي بتثاقل.
يحاول الإتزان ..أنفاسه تتسارع ..ضربات قلبه تكاد تُسمع من بعيد ..يلهث ككلب أضناه العطش .. يقع في وسط الطريق ..يحاول النهوض يرتطم جسده بالأرض بقوة .. لا جدوى..يستسلم لنومٍ عميق في جوف العتمة …
فجأة تمتد له يدٌ غريبة ..
_ هيا قم يارجل ..مابك
يساعده على النهوض …
_ هل أنت ثمل ؟
_ لا ..يقولها بصوت لا يكاد أن يسمع
_ إذن مابك ..وماسبب خروجك بهذه الساعة وهذا الجو؟
_ قتلتها بيدي هاتين تلك الحسناء الخبيثة
..نطقها ثم غاب عن وعيه ..

《في الشقة》

يطالع وجهه في المرآة ..يحدث نفسه.

ينظر تارةً إلى وجهه، وتارة إلى السرير المجاور.

_ أيعقل أن يكون هذا الوجه البائس الحزين لرجلٍ قاتل ؟ ..، لا لا أظن ذلك على الإطلاق ..

يتكئ ثم يغط في نومٍ عميق .

تدق الساعة ..إنها الواحدة بعد منتصف الليل ..

بحركة فجائية ينهض من سريره ..يطالع من حوله المكان ..لا شيء سوى قوارير فارغة وزهرية مسنودة على الجدار ..غرفة خالية سوى من السرير الذي ينام عليه..يمسك بأحد القوارير يضربها بالجدار، فتصبح حادة حد الأذى ..شرر يتطاير من عينيه ..ملامح أخرى تتخلل وجهه الشاحب ..يخرج غائراً نحو الرجل النائم ..ودون سابق إنذار يضربه على رأسه ضربة تهشم وجهه ..يفزع الرجل ..الدماء تتناثر ..يحاول أن يحمي نفسه بيديه من ضربة أخرى فتسيل الدماء من يده المهشمة.

تموء قطته بذعر ..نباح الكلاب آتٍ من بعيد..صوت الرياح يدوي في المكان..إحدى النوافذ تسلم أشرعتها
تخطف أبصاره
يهرع الآخر خائفاً للمطبخ ..يغلق الباب وراءه ..
ماالذي فعلته بنفسي ؟ من هذا الرجل ؟ كيف أدخلته لمنزلي ؟ سينال مني هذا الوغد ..

يحاول البحث عن شيء يدافع عن نفسه به
سكين المطبخ الكبيرة ستفي بالغرض؛ لكن يجب أن أكون هادئاً ..

يطرق باب المطبخ بقوة ..يدفعه أكثر ..تتجزأ روحه من الفزع ..

_ من أنت ؟ علام كل هذا ؟ أنا فقط حاولت أن أساعدك ..
_ لقد كنت مخطئاً عندما أتيت بي إلى منزلك …إنني قاتلك ..

كلمات تثير الخوف في قلبه…يرتجف ..تتسلل قشعريرة غريبة داخل جسده ..يشتد المطر في الخارج ..يخطف البرق بصره نحو النافذة ..لحظات يشعر بأنه قد تجرع بها الموت قبل أوانه ..
إنه خلف النافذة ..

لا إنه يطرق الباب .
يا إلهي ماالذي يجري لقد بدأت أهلوس ..
يقف في منتصف المطبخ ..ممسكاً بالسكين الكبيرة …جسده يرتجف ..العرق يتصبب منه بغزارة ..يجثو على الأرض..يحاول النهوض.
طرقات عنيفة على الباب، صوت كزئير الأسد الذي ضاعت منه فريسته..يتجمد الدم في عروقه
إنه يتهاوى ..يقع ..لا جدوى ..يستسلم …يشعر بإعياء وثقل في أطراف جسده …يغيب عن الوعي ..

كم من الوقت مضى؟.. لا يدري

يفتح عينيه على صوت رقيق

تمتد له يد ..إنها جارته الحسناء
_ مابك ..هيا قم سأساعدك ..من الذي فعل بك كل هذا ؟ هل أذيت نفسك ؟
يا للهول ..تقولها بفزع ..
_ لا أدري ..ربما كابوس..
_ سآخذك معي إلى شقتي ..
يبتسم بخبث

تحدي الملل

إبداعات عائلة اسكرايب

“حكاية غريب .. ميزان أم عقرب؟” .. تكتبها نوادر إبراهيم

كتبت نوادر إبراهيم:

سَمعتُ كثيرًا عن محاكاةِ العقلِ الباطن لشعورنا وأفكارنا وتوقعاتنا فأصبحتُ أُروضه كلما سنحت المُقل مآزرة ما أصبو إليه، أجدد همتي وأنشدها على حواف اللحظة، وأستلهم من كؤوسِ المسافة نخب القُرب والقرب أجمل، بغريبِ لا يُهدر وقتي متعة واستثارة لأحرفي، بل يستمهلني عند كل كلمة ويفجر مكامن الروح لأحكيه كل أسراري، وما يزيده حيرة هو أنه يُريد أن يكتشف كيف أعرف عنه كل هذه الأشياء دون وجود سجل سابق يوثق إيماءة نظرة أو لمحة انحناء على قارعة طريق جمعنا حين تصادم سريع دون أن نقول لبعضنا عذراً.

بنفس الوتيرة كل يوم يُنقب في دواخلي بكل فوضى وبعثرة، وينبشٌ كل خفايا قلمي، كطفلٍ لا يهدأ ولا يمل تحطيم تحف الفخار عند زيارة لغريب ما، هو كذلك يجدني مُبهرة إلى الحد الذي يجعله يفقد توتره السطحي فيسمح لكل اشتياقه الفضولي أن يستدرجني دون رحمة إلى ملعبه، فأقع هشة أمامه، وأتحطم في تناسق كأنه يُعيد هيكلتي وليس العكس، يُعجبني ذلك التحطم المجازي وأنت تُناظرني أيها الغريب في كياسة وهندمة تفقدني الوعي والنُطق.

الصدفة تجرب معي كل طقوسها، أخذنا التودد إلى حديثِ عن الأبراج رغم قلة أو إنعدام معرفتي بها، تبادلنا من الكلام ما يجعلني أبدو كاحدى الشهيرات المفكرات في عالم الأبراج وأنا أترنح ضحكًا وأُردد في سكون: “كذب المنجمون ولو صدقوا”، فأتابعك تنتقم لحيرتك يا غريب فتجعلني أخمن الى أى برج فلكي تنتمي؟ لن أتردد في إجابتي واعتقدتُ انك ستُصدم من قولي: ميزان أم عقرب؟! وأنا لا أعرف لك ميلاد إلا ميلادك المُهيمن بداخلي، تابعت حديثي وأنا أتلو عليك صفاتك وكانت من وحي حبي لطبعك ومعاملتك المنمقة بالحنين والإيثار، وفي لحظة حرجة لا تسع الاحتراق الذي يعتريني تحسستك نبض مسموع يخبرني بكل دهشة: كيف تعرفين كل هذا عني؟! هل التقينا في عالم آخر؟! هل تعانقت كلماتنا في نصوص الهيام واللوعة؟! مهلًا مهلًا يا غريب نعم التقينا لكن دون لقاء، التقينا في مكان بلا حدود تعانقنا بلا حدود، تبادلنا قُبلات النبوءة دون حدوثها، وكانت الثمرة أن جنيتك صدفةً وعشقًا وبعض الصداقة التى أكتفيها وأوزنها بكل مشاعر الكائنات الكائنة والغابرة، ثم العابرة إلى الصراط المستقيم، نعم التقينا فدعنا من حديث برجك الآن لأخبر عينك الشامخة حديث أرض العاشقين، وأصرح لبؤبؤ عينك الأسود سر تعلقي بك، وأستبيح اليوم محاولاتك المخبئة في خيالي، فأسترسلُ إلى عنقك سلامي وتحيتي، وسلسبيلًا إلى دواخلك العامرة، فأُسقطك ببطء على وسادة سحابة رمادية تُنادي عليك جهرًا وشوقًا، وتنهض عنك ماضيات خجلي فتآسرك بلا حواجز حتى تُسقيك رحيق روحي، وأنت لا تزال تطلب وتطلب: ثم ماذا بعد؟!.

إبداعات عائلة اسكرايب

“هشيم المحتظر” قصة قصيرة للكاتبة شاه زنان العتابي .. مع تحدي الملل برعاية اسكرايب

كتبت شاه زنان العتابي:

في ليلة وضحاها وجدوا نفسهم بمدينة جديدة، بمنزل كبير يحتضن القلوب الضائعة وكأنه وطنهم هذا أخبرهم بأنه يرتجف مع رجفة قلوبهم ويصمت مع سكون أشباحهم.
أشباحهم تلك التي أعتادت على عيشهم القديم وحياتهم السابقة، يخبرهم اليوم بأن يعتادوا عليه ويتوق لضجيج حياتهم من الآن إلى ما لا نهاية.
فهذا مسكنهم الأبدي.
كانت تشرق عليهم شمس الصباح وتنسكب السكينة من روحهم كحبات المطر بعد تلاقيها بتربة الأرض الطاهرة.
كان منزلهم يعج بالحركة لمدة يومين على التوالي والتحضيرات أنهكتهم من التعب، فانتقالهم لهنا بسبب زواج ابنتهم الكبرى، ولأنهم لايقدرون على فراقها أختاروا التواجد بقربها.
بعد مدة وجيزة من التعديلات ونقل الأثاث بان عليهم التعب الشديد.
“يا عبد الكريم بطوننا شبه خاوية من الجوع، هلا أحضرت لنا بعض الخبز نسد به رمقنا” قالتها زوجته بصوتٍ مرهق قليلا.
أجابها: “حقًا! نحتاج لطعام يوقف قرص أمعائنا”
أردف: سأذهب حالًا.
خرج عبد الكريم الرجل الخمسيني ذو الشخصية الانطوائية الذي لا يحب مُخالطة الناس مفضلًا العزلة والابتعاد عنهم بالرغم من حاجته لمعرفة الناس والتواصل معهم، لكن الانطوائية تميز بها جيرانه أيضا فهم بدورهم لم يدقوا بابه منذ انتقالهم قبل يومين.
لحقه صغيره عمر ذا العشر سنوات بما له من طاقة بجسده النحيل وملامحه الطفولية البريئة وعينه البندقية، متجهين للسوق مشيًا وهم يتنشقون رائحة المكان الذي يفوح بعبق الريحان، ورائحة الخبز والكعك تغطي المكان، يدخل على قلبهم السرور والرضا متناسين هم الغربة، فكيف لايكونوا بذلك الرضا وهم ينتقلون لمدينة أحفاد الرسول، هي منبع السلام الداخلي والوصال الذاتي لكل قلب ترح.

الأصوات تتعالى في السوق، بائع الخضروات والفواكه فاض بصوته العالي: “طماطم، خيار، بصل…”
والباعة المتجولون في كل مكان، والقصاب والخباز يعملون بمحبة.
ركض عمر مسرعًا متجهًا نحو محل الخضروات والفواكه، وكانت السعادة جلية على ملامحه وهو يقول فرحًا: “أريد موزًا يا أبي”.
– “عمر!… (صرخ والده والشرر يتطاير من عينيه)
وجم عمر من شدة الخوف والحزن، وهو يرى والده يسحب أنفاسه بقوة موحيًا بنفاذ صبره
– “لاتركض هكذا بين المارة مرة أخرى، فنحن غُربٌ عن المكان”. (همهم خائفًا عليه)
كانت العيون من حولهم تبصرهم بنظرة ثابتة أشعرتهم بعدم الرتابة، تزعزعوا بمركزهم، أحسوا بأنهم نقطة نشاز غير مناسبة في الوقت الراهن.
بدت أصوات من حولهم تتهامس فيما بينها، ذلك البعيد يشير ببنانه نحوهم، وهذا الذي على يمينهم يحاور رجلًا كبيرًا في السن بجانبه قائلًا: عمر!
علامة التعجب رسمت عبائتها على محيا الأب والأبن!
والتساؤلات انهالت على قلبه كما انهال سكان المدينة عليه حد التفجر بنظراتهم وحفيف كلامهم المسموم.
راحوا يتخبطون بأرجلهم ويجهلون وجهتهم أين، ويجهلون مايحدث خارج غطاء فكرهم.
يعتصر يد عمر ويسحبه بقوة خوفًا من أن يضيع وسط زحام الغابة الجديدة.

– عمر! ماذا يريدون منه، لماذا يكررون اسمه!
(كان قلبه يسأل عقله ويحدثه بخوف)
– عمَّ أبحثُ وسط هذا الخوف الكثيف، إنها المرة الثانية التي ينظرون لنا هكذا، ويذكرون اسمه؟
أردف قائلًا: لنرحل يا بني.
هم مسرعًا باتجاه المنزل، وخطوات قليلة تفصله عن الوصول إليه.
أخرج من جيبه علبة سجائره، وبينما يريد إشعالها، أحسَّ بحركة غريبة تدور حوله، التفت حوله مرتابًا والخوف يدمي صدره.
ثوانٍ هي حتى جاءت سيارة حمل صغيرة، بيضاء اللون، تقف أمامهم مباشرة وتفتح بابها الأمامي، عبد الكريم وجد عمر في وهلٍ، والخوف والرعب يسيطران عليه، حضنه بكلتا يديه وقد أيقن بأن السيارة هذه لا خير سيأتي منها.
خرج منها ملثمٌ يحمل سلاحًا وبينما هو يفتح النار هاجمه بكلماته ايضا
_ لا مكان لك هنا، أنت من غير مِلَّتنا ولاتنتمي لطائفتنا.
ثلاث طلقات استقرت في ظهر عبد الكريم . هنيهة هي حتى فروا مسرعين تاركين عمر ووالده المغطى بالدم.
الأزمة الطائفية التي يقودها بعض الناس بالقتل والتفجيرات هي بهدف الأنتقام والتصفية بناء على ايدلوجية طائفية متعصبة.
كان المنظر لا يوصف، وبلاهة عمر تسير في الأرجاء، وصب الألم في ثنايا قلبه وصوته لا يخرج معلنًا هذه المصيبة الكبرى في الأرجاء، كفلفلة لاذعة تلتهمها كلها قهرًا، لا هناك ماء يطفئ الاحتراق، ولا هناك هواء يبرد الفاجعة!
لم يخرج صوته أبدًا، يفتح فمه بتلقائية مع حركة دوران رأسه السريعة. منظر السيجارة الأخيرة وهي على الأرض في حالة يرثى لها، لكنها ليست كحال أبيه، راح يمسح وجهه بيديه والدم النازف يلطخ طفولته وعيونه الغائرة تصب دمعًا على مصيبته.
يبحث عن عيون باصرة له، تعطف على حال والده وتنقذه من مصرعه هذا عله يعيشُ ولاينقطع نفسه وصوته من حياة عائلته، لكن لا حياة لمن تنادي! الأغلبية أرتدوا لباس الصمت وعدم اللامبالاة، وبقوا واقفين من دون أن ترف لهم عين على حالهم.
– صُنعت كي تعيش يا أبي، لا أن تموت. (قالها باكيًا)
في تلك اللحظة، وقفت سيارة كبيرة في نهاية الشارع الكبير المقابل للسوق، وعلى مقربة من منزلهم ترجل منها شاب يافع وكأنه غيمة صافية. بياضه أزلي، وشعره كلهيب الشمس، وعيناه أخذت من جينات الطّيفِ لونًا جميلًا، سحب حقيبته وتقدم للأمام…رأى شيئا غريبًا!
في اللحظة نفسها، رفع عمر رأسه وتلاقت عيونه الدامعة بعيون الشاب الذي تعتريه علامات الوجوم، وتخبره بِحال ما حدثَ!
أنتفض عمر وهو بحالة مزرية، يصرخ قائلًا:
– لقد قتلوا أبي، قتلوه.
انفصلت الحروف عن بعضها كشهقة موت وتردد الصوت في حلقهِ:
قـ تـ لـ وه يـ أ خـ ي
أهي لحظات، أم ثواني، جعلت علي في حالة الإدراك بعد الاستغراب بالموقف، ليصل بتلك السرعة ويحمل رأس أبيه الذي يعد أنفاسه الأخيرة بمجيء ابنه البكر. حاول أن يلفظ آخر أنفاسه ويخبره بحقيقة مقتله وهو يرى عيون ولديه تنهمر كشلال مهجور في أرض بعيدة.
أدرك بأنه سيتركهم يتامى وأختهم لن يكتمل زواجها برحيله، أدرك بأن جوع زوجته الحالي سيستمر بعد أيضًا، لأن عافيتها من عافيته.
– قتلوني باسم الطائفية، ظنوا بأني أبا عمر! ظنوا لكنهم لايعلمون أن بعد الظن إثم.
هاج ابنه الكبير بعدما تهشمت روحه وغضبه كان سيد الحديث، فقد صوابه، وصرخ بأعلى صوته:
– قتلتم أبا علي! قتلتم أبا علي لا عمر!

هشيم المحتظر… تمت

أن يكون والدك على قيد الحياة
فهذا يعني أنك في نعيم الدنيا.
وأن يكون والدك في نعيم آخرته
فهذا يعني أنك في دنياك، كهشيم المحتظر.

تحدي الملل

إبداعات عائلة اسكرايب

قوانين الأسرة المعاصرة و”لعبة الست” .. يرصدها شريف بحيري

كتب شريف بحيري:

العبقرى لعبة الست أنتاج عام 1946 بطولة رائد من رواد المسرح نجيب الريحانى والفنانة ذات الشخصية القوية والمواقف السياسية المتميزة تحية كاريوكا.
الفيلم به الكثير من القصص الأجتماعية المثارة فى فترة عرضه على شاشات السينما.

شاهدت الفيلم عدة مرات على مدار سنوات العمر ولا أنسى الأغنية الشهيرة يا خارجة من باب الحمام و كل خد عليه خوخة.. وأيضا أغنية الفرح التى لا تفارق ذاكرتنا. التى تتغنى بالغراب الذى تزوج بأجمل يمامة
طرح الفيلم حالة أجتماعية وبألفاظ وتعبيرات العصر بعد عام 2005 أصبحة قضية مجتمعية وهى حق المرأة فى الطلاق وبدون سبب مقنع للزوج الذى لم يكن يدرى فى قصة فيلمنا أن زوجته قد تغير أسمها من لعبة إلى فاتنينتسا النجمة الشهيرة والتى تم خطبتها إلى منتج أفلام من بلاد الشام.

لقد كان ما طلبته لعبة من زوجها حسن حدث جلل عظيم تهتز له أركان المجتمع و يرفضه الناس وبالتالى لم تسن له قوانين منظمة وقاهرة لحق الزوج فى الطلاق.
لكن حين تغير المجتمع وتغيرت قوانين الأسرة والتى أرى أنها مدمرة للمجتمع. لن تحتاج المرأة إلى ما فعلته بطلة فيلمنا لعبة وهى كتابة شيك بنك بمبلغ كبير حتى يوافق زوجها المحب العاشق لها على طلاقها بدون سبب يعلمه. سبب منطقى يقتضى هدم كيان أسرة وتفكيك أواصرها. لكن اليوم تستطيع لعبة وبكل بساطة ويسر أن تذهب لمحكمة الأسرة وبقضية خلع لا تستغرق ثلاث شهور وبثلاث جمل لن يستطيع القاضى أن يكشف حقيقتها ونوايها وهى كره العيش مع الزوج وترفض الصلح معه وتخاف أن لا تقيم حدود الله كما عرضها فيلم محامى خلع فى صورة كوميدية سطحية.. بعدها تحصل على حريتها وتنطلق لعالم الشهرة. وليذهب حسن الزوج المحب إلى غياهب الجب.

ترى ما هو رأى نجيب الريحانى فى قوانين الأسرة اليوم؟
كيف كان سيعرض قصته أو قضيته بعد أن تحولت العلاقات الأجتماعية إلى مجموعة من القضايا بين زوجين كانا فى يوم من الأيام محبين وعاشقين.

إبداعات عائلة اسكرايب

“لكنك خذلتني” قصة قصيرة للكاتبة نرجس بركات .. مع تحدي الملل

كتبت نرجس بركات:

بعدما تداولت الصحف والمجلات خبر وفاة عائلة بأسرها في حادث مرور عظيم راح ضحيته عشرة أشخاص ولم ينجو منه سوى فتاةواحدة ….
هاهي الفتاة تقف اليوم فوق المنصة الشرفية لتكرم على تحصلها لشهادة البكالوريا بتقدير ممتاز ، طلب منها مدير ثانويتها أن تتقدم بالشكر لمن ساندها فراحت تحضر نفسها قائلة:
الشكر لروح أمي التي كانت تزورني في حلمي لتريني صوري وأنا أشع حياة و لروح ابي الذي كان يشتري لي الادوات التي لم يعد يشتريها لي أحد ولروح أخي العزيز الذي كان سندا لي ،رحمهم الله

أنا هي وردة طلبت عرض صورها قبل الحادثة وراحت تعلق الفتاة التي كنت يوما في نظر أمي رمزا للجمال انا التي كان حبيبي يغازلني ليل نهار أنا التي دنوت إليه دنو الزهرة الذابلة للأرض ،قبلت يداه و أنا أركع أمامه كجثة حية ،بكيت و أنا أذرف آخر دموعي أمامه ،صرخت حتى كادت أحبالي الصوتية تتلف ،آذيت نفسي كثيرا لأجله …
أيكفي هذا كله ليعلم أني حقا كنت أحبه ؟ لكنه خذلني و تركني يوم زارني في المشفى هو وأمه ،يقول أن أمه طلبت منه الارتباط بفتاة أخرى فبوجهي البشع لا يمكنه الزواج بي ..وهاأنذا أراه يفر مني فرار الروح من الجسد .
وردة صاحبة الابتسامة التي طردت بها كآبة حبيبها في حال حزنه التي كانت تقف أمام المرآة لتتزين حين يزورها الإكتئاب …

الآن أقف أمام حشد هائل من الأساتذة و مدير الثانوية لتكريمي ،و روح أمي وأبي واخي هناك في آخر نقطة في المدرج .
أنا وحيدة الآن لا أهل لي ولا سند حتى جمالي خذلني ورحل معهم ،أقف أمامكم اليوم بأبشع ما أملك ،أقف أمامكم بوجه مشوه وأسنان محطمة لأشكركم جميعا على تكريمكم لي وشكرا للإلتفاتة الطيبة .
مرحلة الجامعة كانت بالنسبة لوردة من أبشع المراحل التي لم تعشها كلها …. تعرفت وردة على فتيات في الإقامة لطالما أخبرنها أنها ببشاعة شكلها لن تتمكن من جذب أي رجل نحوها وبهذا لن تتزوج ،لم تكن تبدي إنزعاجها منهم لأنهن كان يقلن الحقيقة _

إنحازت وردة نحو فئة الفتيات الطائشات وعرفتها إحداهن على شاب أعجب بجمال وردة قبل الحادث فاقترح عليها أن يقدم مبلغا ماليا كبيرا لإعادة جمالها في إحدى مراكز التجميل و في المقابل أن تقوم هي بإشباع غريزته الحيوانية .
-وجدت وردة نفسها وحيدة بعد فقدانها لأعز ما تملك و كانت حياة الجامعة بالنسبة لها حياة قاسية جدا فلا أحد يعيلها ولا أحد يساعدها في مصروفها اليومي سوى أنها اعتادت على مهنة الخياطة والتطريز التي سرعان ما توقفت عنها بسبب الندبة التي تركها فيها الحادث ،فقد مر زجاج النافذة المكسور ليقطع شفاهها مرورا بعينها اليمنى .

-بعدما وعدها الرجل المدعو مصطفى بأن يقدم لها المبلغ المالي للعلاج وافقت وردة على طلبه، بعد تفكير عميق وافقت أن تبيع شرفها مقابل جمالها الذي كان الأمل الوحيد في عودتها للحياة .
لكنه وكأي شيطان في هيئة رجل أخلف وعده ولم يعد ليلتقي بوردة منذ شهر من قبولها بطلبه ….
سرعان ما شعرت وردة بثمرة الخطيئة تتحرك في أحشائها وأدركت أنها كانت فريسة سهلة الصيد ،فلم تكن ترى سوى الإنتحار لتتخلص من المعاناة التي كانت تعيشها وأن تخلص الطفل الذي كان ينمو في أحشائها من عناء الحياة المجهدة …

انتهت مأساة وردة وهي ترمي بنفسها من اخر طابق في الإقامة الجامعية ،ليتم العثور عليها ممددة غارقة في دمائها وبين يديها رسالة كتب عليها
إلى من أحببته أولا .إلى من خذلني

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

“الطفل الباكي” تناغيه ندى محمد .. مع تحدي الملل

كتبت ندى محمد:

“الطِّفْلُ البَاكِي”

كَان قَلْبِي من دُونكِ يَبْكِي
في كُلِ مرةٍ كنتُ بعيدًا عنكِ
كانتْ تَنْطفئُ رَوْحِي مِنْ وحْدَتِي
أضَئْتِي لي حَيَاتِي الآن
وأصبحتِ رفيقةَ رَوْحِي
الحَاضِرُون يَمُروا
ولا نُبَالِي لَهُم
في كُل مُرٍ قدْ تَجَاوَزْنَاه مَعاً
أُغْمِرُكِ بِسَعادَتِي بكِ
فَتُشْعِريني بِدِفْئُكِ
أهمسُ لكِ بصَوتٍ خَافتُ “أُحُبكِ”
فَيَتوردُ خدَّاكِ
وألمسُ خُصلاتكِ و اتوه في عَيْنَاكِ
يَكْفيني عِناقكِ
يَكْفيني حَنانُكِ
و أُريدُكِ
أُريدك مَوجُودةٌ بِقَلبِي
مَوجُودةٌ بينَ يَدي و مَعِي
يَا منْ تُكملِيني انا فَقطْ
يَا منْ في بُعدكِ أحتَرقُ
لا تَرحَلِي بَعيدًا فأنَا مِنْ دُونكِ “الطِّفْلُ البَاكِي”

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

“على متن سفينة” .. مع شيرين رضا وتحدي الملل

كتبت شيرين رضا:

من بين سحب الليل القاتمة، يتساقط الحزن على وجه يوسف كقطراتِ من الجمر تلتهم روحه، يجلس يقضي ساعاته الأخيرة يودع منزله الذي قضى فيها رحلة شبابه مع زوجته وأولاده الثلاثة. حتى أتى اليوم المشئوم لتصب الحياة عليه لعنتها فتسلبه كل ما شيده وتضمره تحت الثرى.

يشيع يوسف جنازة زوجته وأولاده وتصفعه الحياة بسلاسل من حزن، ليشبه طائر فقد كلا جناحيه وسط عاصفة هوجاء.
فيرحل ويترك خلفه بقايا الماضي، وينثر آخر ذكرى له بين جدرانه، ويعلن استسلامه كجندي ترك ساحة المعركة بعد أن فقد سلاحه.
حمل جعبة الأحزان على ظهره، وقلبه يعلن حداده، وتوجه نحو طريق يجهله، ينظر خلفه من حينِ لآخر لعل الحياة تهبه ما سلبته منه ذات يوم.
توجه يوسف نحو أحد مكاتب الرحلات ليبحث عن ملجأ له يأويه بعيدا عن تلك المقبرة التي أصبح يعيش فيها، فصعد فوق إحدى السفن جاهلا وجهته، مغمض العينين لا يرى سوى توابيت الموت وهي محملة بأجساد اشتاق لها، فيتوجه نحو غرفته يختلي بوحدته وألمه الصارخ معتكفا كمتعبد يخضع قلبه لصلاة الحزن.

وبعد يومين تحرر يوسف من قبضة وحدته وانتظر حتى أسدل الليل ستاره، وتسلل كلصِ هارب صاعدا أعلى سطح المركب باحثا عن زاوية بعيدا عن الأنظار.
ذهب ووقف أمام البحر يستحضر منه روحا تعيد له ذكرياته التي اغُتصبت منه عنوة
فتوجه نحو أحد المقاعد الخشبية، وجعل جسده يسترخى قليلا، ونظر للسماء التي كانت يسودها الظلام الحالك إلا من نجمة مضيئة كانت تداعب عينيه وكأنها تحادثه.
جلس يداعب الصمت بأنفاس سيجارته الذي تكثف حوله بكثرة وكأن عاصفة ضبابية غيمت عليه ليطمس داخلها كل شيء.

وأثناء حديثه مع هذا الصمت قطع خلوته صوت خطى أقدام سريعة تهرول من جانبه كقطار مسرع يحمل فوقه روح امرأة ثائرة، قذف بها البحر نحوه ليختلي بها الليل في إحدى زواياه المظلمة.
نظر لها يوسف فلم ير من بين سحابة سيجارته سوى شالِ أحمر رسم أمامه صورة ملونة من بين دخانه الرمادي.
حينها ثار البحر غاضبا من قوة طرق أقدام كانت تقرع أجراس الخوف التي انقلب الموج على أصواتها، وظلت صاحبة الشال الأحمر تهرول مسرعة حتى وصلت إلى نهاية الحاجز.
وقفت شرين فتاة العشرين عاما أمام البحر تثور عيناها بالكثير من الدمعات، وكأنها تعزف لحنَ ذلك الحزن الذي يسكن روحها، وترتشف منه تلك الصفعة التي تلقتها من صديقتها التي لا تزال أثار ندبتها حية إلى الآن، لينزف جرحها مرة أخرى عندما رأتها تقضي شهر العسل مع زوجها.

تعود شرين برأسها إلى الخلف تتمنى أن يسقط أمامها لتركله بعيدا، وترحل معه تلك الذكريات التي تكاد أن تطيح بها.
فتصعد ذكرياتها فوق سفينة الماضي لتعبر بها محيطات حتى تصل بها إلى تلك اللحظات الأخيرة التي كانت تستعد فيها لزفافها هي ومحمود، وطيور الفرح تغرد حولها؛ لتأتي غربان الحزن، وتسرق منها سعادتها.
يعلو صوت الهاتف وكأنه دقات نبضات قلبها حاملا اسمه، فتجيبه وصوتها يرقص على حروفه، لتسقط أحدهما حاملة معها تلك السعادة لتحطمها إلى أشلاء.
تحمل كلمات محمود صوتا منكسرا، عندما يخبرها برحيل حلمهما إلى الأبد فتسقط شرين كورقةِ عصفتها الرياح في ليلة حارة، وتلتصق كلماته بين طيات عقلها لتستمع لصداها يُعاد كلما هدأت ثورته.

تمر الدقائق عليها كأنها ألف عام شاب فيه عمر قلبها الذي ذبل، فتستعيد وعيها
وتبحث بين ذكرياتهما معا على تلك الورقة الممزقة والتي القى بها في وجهها وقضى على سنوات حملت العشق بينهما.
ولكنها سبحت في بحر من المتاهات التي جعلتها في حيرة أكبر فأسرعت تهاتف صديقتها المقربة لتخبرها بتلك الفاجعة التي تعرضت لها، ولتبحث معها عن سبب جعل محمود يلقي بها داخل بئر كما فعل أخوة يوسف به.
استعادت شرين ذكرياتها من محمود عندما القت صديقتها أمل أمامها عُلبة مغلفة بشرائط حمراء، لتنظر داخلها وترى شريط ذكرياتها ممزقا يكسوه الغبار

تسقط أمام ذكرياتها ترجوها أن تعود، فاقتربت منها أمل وجلست جانبها تخبرها بزواج محمود من فتاة أخرى.
استمعت لها شيرين وكأنها أصابت بالصمم فجأة، فأعادت أمل جملتها مرددة سأتزوج أنا ومحمود الأسبوع المقبل
لم تنظر لها شرين فقد شعرت وكأن شاحنة عبرت من فوقها لتمزق ما تبقى منها، شعور قاتل راودها أن تلتقط ذلك السكين من فوق الطاولة وتمزق به تلك الكلمات التي استمعت لها من صديقتها.

سكنت نبضات قلبها وصار الخوف يعتليها كشبحِ يحوم حول ضحيته ليسلب روحها
وبدأ العرق يتصبب من على جبينها كليلة شتاء ممطرة، فابتعدت عنها ونظرات الخزي والألم تتزايد وتزحف داخلها لتحطم أسوارها وتجعلها أشلاء مبعثرة
تلقت شيرين تلك الصفعة من صديقتها وكأنها رسول الحزن والموت معا فقد جاءت تزف إليها نبأ موتها، ورحلت وهي تخطو بقدميها على ذكرياتهما، والقت بها داخل قبر وجعلت الخيانة حارسة عليه.

تفيق شيرين مجددا على صرخة انطلقت من بين صدرها المنشق لتعود لواقعها، ويثور البحر غاضبا من هول ألمها.
في تلك الاثناء كان يوسف مازال جالسا مكانه، وعندما هم بالرحيل اخترق أذنيه صوت صراخات دوت لها السماء غضبا فتذكر ذات الوشاح الأحمر فداعبه
فكره بالذهاب إليها، وخطت قدمه نحو مؤخرة السفينة والصوت يزداد قوة ورهبة، وإذا به يراها تقف فوق الحاجز الحديدي تنظر للبحر بشوقِ وكأن بينهما موعدا، تصلبت قدماه وخُيل له نفسه حين حاول الانتحار منذ عدة أشهر ولكن أبى القدر أن يستجيب له ويحقق أمنيته، ليلقي به للحياة لتمارس لعبته معه

بدأ يوسف في الاقتراب منها ببطء، وقدماه تجراه نحوها بخيفة وكأنه من يقف على الحاجز
وبدأ يناديها بصوت هادئ
وقفت شيرين تصارع الألم داخلها غير شاعرة بشيء فنادى عليها مرة أخرى:
فرفعت رأسها واستدارت لترى يوسف يقف خلفها، ينظر إليها خائفا
التفتت برأسها نحو البحر وبكلماتِ متلعثمة بعثرتها بين بكائها قالت له:

  • ارحل بعيدا ولا تقترب مني
    أجابها في سرعة وصوته مملوء بالحزن:
  • حسنا لن اقترب، ولن اطلب منك أن تتراجعي
    نظرت له شرين مرة أخرى وغيمة من البكاء تكسو عينيها ثم أدارت وجهها مرة أخرى
    فوقف معتدلا وصار يتحدث ببطء
    _ كنتُ اتمنى أن أكون مكانك الآن.
    صمتت قليلا ولم تجبه، ثم أكمل قائلاً:
  • السماء اليوم غاضبة، فالنجوم هاربة وكأنها تختبئ خائفة من الظهور أمامنا
    ألم تلاحظيها؟ وقفت شرين تنظر للأعلى، وقالت له:
  • قد تكون هكذا حقا، وقد تكون علمت أنه لا مكان لها في عالمنا
    كانت كلماتها تحمل حروفا ممزقة تكاد تسقط منها فأكملت حديثها قائلة:
    _ ماذا إن اختفت كل النجوم ولم تظهر مجددا، هل ستقبل السماء رحيلها؟ أم
    ستثور غاضبة لأجلها وتعلن حدادها، وتتوسل للشمس ألا تظهر مجددا سوى بعودتها.
    ابتسم يوسف ساخرا وقال:
    _ لن تتوقف الحياة من أجل أحد، فالحياة أشبه بقطعة الإسفنج تمتص أرواحنا لتتشبع بها وعندما تنتهي تعتصرنا لتلقي بنا في تيه الماضي، وتبحث عن روح جديدة لتتناولها
    وكأن يوسف استعاد ثقته، وبدأ حديثه يسير معها بسهولة وذهب الخوف من داخله.
    حينها التفتت شرين له، بهدوء وقالت:
    _ وماذا تفعل هنا الآن؟
    _ هارب
  • من مَن!
  • من كل شيء حتى أنا
    حينها بدأت تهدأ قليلا وتستمع له، فأعاد عليه السؤال:
  • لماذا أنتِ هنا؟
  • هاربة
  • من مَن!
  • منهما، و أشارت بيديها صوبه
    نظر يوسف جانبه، ثم اعاد نظره إليها قائلا.
  • من تقصدين؟
  • اقصدهما، ثم أشارت نحوه مرة أخرى، فاكملت حديثها قائلة
  • إنهما يطارداني عيناهما تخيفني لا أعلم هل يطلبان مسامحتي أم معاقبتي، هل تستمع
  • إنهما ينظران نحوي ويضحكان عاليا، يريدان إخافتي، ولهذا هربت منهما
    بدأ يوسف يشعر بشيء من الريبة والخوف، ثم قال لها:
  • حسنا فلتأتي معي ونبتعد عنهما قليلا
    ابتسمت شيرين، وقالت له لن يتركاني لن يتركاني
    حينها بسطت يديها على جانبيها كطائر يستعد للطيران والقت بجسدها إلى الخلف لتستسلم لذلك الاعصار الذي جذبها لأسفل لترتطم بالماء وتغوص بحزنها، وألمها لأسفل
    أسرع يوسف ينظر لأسفل لعل الماء قذفها نحو السطح، فيحاول إنفاذها، ولكنه استمع لصوت ضجيجا، التفت خلفه فوجد أحد رجال شرطة السفينة يأتي مسرعا نحوه قائلا:
    _ هل رأيت امرأة عبرت من هنا منذ قليل؟
    فلم يجبه فأكمل الرجل وقال:
  • مطلوب القبض عليها بتهمة قتل رجل وامرأة وجدا مقتولين في غرفتهما منذُ قليل.

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

“العدل في زمن الكورونا” قصة قصيرة للكاتبة هبة أبو رحاب .. مسابقة كورونا الأمل

كتبت هبة أبو رحاب:


انخفض صوتها بشدة وهى تقترب من أخيها الكبير ..تحاول ان ترقق قلبه عليها هتفت فى انكسار
( أخى احتاج هذا المبلغ بشدة فظروف عمل ابنى لا تمكنه حاليا من المساعدة فى تجهيز سمية اخته واعدك ان أسدد لك المبلغ فى أسرع وقت )

قهقه جلال فى قسوة متجبرة وهو أكثر من يعرف ظروف اخته الصعبة
( عن أى سداد تتكلمين.. أنتِ لن تستطيعى رد نصف المبلغ ولو بعد عشر سنوات….ولكن لها حل يا غالية )

تلهفت اخته سريعا لكلماته و التى تظن انها بتلك الكلمات قد تجد حلا لأزمتها الخانقة و التى تهدد بفض خطبة ابنتها بسبب تأجيلها المستمر للزفاف بسبب ضيق اليد وعدم قدرتها على تجهيزها الجهاز الملائم….ليكمل أخيها برد دمر كل أحلامها الوليدة
( أريد أن أشترى قطعة الأرض التى تملكيها وسأدفع ثمنها نقدا وأعلى من اى مشترى آخر)

تراجعت للخلف فزعة وحدقت فيه متعجبة لطلبه مستنكرة:
( كيف تطلب هذا يا أخى وانت خير من يعرف اننا نقتات أنا واطفالى من هذه القطعة الصغيرة من الأرض..لو بعتك اياها …كيف سأعيش وماذا اعمل …هل أبحث عن عمل كخادمة مثلا حتى لا يجوع أطفالى؟)

رد عليها بلا مبالاة حقيقية
( هذا شأن لا يعنينى….لقد عرضت ما استطع فعله ولا حلول لدى سواه…سررت بزيارتك اختاه)
تجلس فى بيتها تتحصن بجدرانه المتهالكة وتدعو الله ان يفك الغمة عن سائر البلاد …تأجل الزفاف لأجل غير معروف بسبب ذلك الوباء الغريب الذى انتشر وخشى الجميع على نفسه ولم يعد أحد يستطيع الخروج او الدخول…

تبكى وتنعى اخاها بحزن حقيقى لموته بهذا الوباء ومرض زوجته ايضا وتدعو من قلبها ان يبعد المرض عن أبناءه …..عرفت انه أوصى بمبلغ كبير لها قبل وفاته ….ولا تظن انها يمكنها حاليا الاستفادة به …..لم يستفد به صاحبه فى دنياه….فهل تستفيد هى…..

ليس فى قلبها حقد او غل على أخيها الراحل بل دعاء خالص له بالرحمة ويكفى انه لا أحد استطاع حضور جنازته…..فكرت فى حيرة …هل هذا هو العدل فى زمن الكورونا…هل سيحرم من المال كل من كنزه ولم يفكر فى غدٍ لا يعلمه إلا الله…..

تمت

إبداعات عائلة اسكرايب

مسابقة كورونا الأمل برعاية اسكرايب للنشر والتوزيع

“العملية آدم” .. قصة قصيرة للكاتب كريم شربيني برعاية اسكرايب للنشر والتوزيع

كتب كريم شربيني:

  • فكر بسرعة.. فكر بسرعة.. فكر بسرعة.. فكر بحل.. حل.. حل.. حل..
    كان يأمر عقله.. أخذ يرددها بلسانه.
  • حل.. حل.. حل…
    حتى امتزجت دقات البندول بوقع كلمته، واخذ يردد
  • حل… حل..
    خلع حذائه، الذي اخذ يخطو نحو خزانة في احد زوايا الغرفة.. ترك نفسه بين احضان الفراش بعد ان ضبط ساعة النوم والاستيقاظ.. وترك جرعة النوم تتسل نحو اوصاله..

لساعات ظلت الساعة تردد الكلمة.. حتى توقفت لحظة، وصرحت

  • السابعة صباحا.. درجة الحرارة الآن…
    قاطعها.. وكانت عيناه ما تزال مسدلة جفونها.
  • اخفضي الاضاءة.. اريد معرفة الأخبار اولا..
    اجابت عليه، في حين أخذت النوافذ بتنفيذ الأمر، واسدال الستائر..
  • احبطت سلطات الشرطة محاولة بعض المليشيات المسلحة السيطرة على احد مباني العاصمة..
    قاطعها.
  • التفاصيل.. التفاصيل الدقيقة.
  • اسفر النزاع بين السلطات والارهابيين عن مقتل بعض المهاجمين..
  • تلك هي التفاصيل الدقيقة؟..
  • يمكنني ان انقل لك صورة الاشتباك عبر كاميرات المبنى..
    وقبل ان يجيب، كانت قد فعلت..
  • لم الجميع يشبهون بعضهم؟..
    لا يعلم كيف وصل هذا السؤال لرأس شفتاه.. لكنها اجابت
  • لا يسمح لي نقل التفاصيل داخل السجن يا سيدي.. لو ان السيد 8800 شعر بأنني اخترق القوانين وامدك بالأخبار.. لألقى بي في خزان الوقود.. وتعلم جيدا ما هو مصيرك..
  • اللعنة عليك ايها الغباء الاصطناعي..
    نطق بها، وكاد يبكي وهو يتوسل بعدها كي تسامحه.. ولكنها اجابت
  • للأسف يا سيد آدم.. لا نملك مشاعر تجعلنا نجر نحو الهاوية مثلكم.. لذا..
    وقبل ان تكمل جملتها، شعر بهزة عنيفة في الجدران، بعد ان انشق السقف الى ضرفتين وامسكت بتلابيبه يد عملاقة
  • ألم تحذرك السلطات ايها القذر؟.. منذ اول يوم تلقيتك خادما فيه و انا اعلم ان افكارك ستدفنك..
    من مسافة الخمس امتار، القى به 8800 نحو فتحة علبة عملاقة من الفولاذ.. واغلق الفتحة..
    بعد ان اعتادت عيناه ظلام الغرفة، بدأت الوجوه تتضح له. القى التحية على الثلاثة الاخيرين المحتجزين في نفس المكان.. وتوجه نحو ركن يسمح له ببعض الخصوصية.. توجه احدهم نحوه، ومد يده للمصافحة.. حرر ابتسامة بلهاء لا يدري ما هو المطلوب منه، فعاجله الرجل
  • آدم.. أدعى آدم
  • حقا؟.. غير معقول، أنا أيضا أدعى آدم
  • فرصة سعيدة إذن، هل يمكننا أن نعلم كيف وصلت إلى هنا؟..
  • الأمر بسيط، تلك الآلات اللعينة تحتاج من يخدمها..
    تدحرجت العلبة قبل أن يكمل جملته، وشعر الجميع بالغثيان ما عادا هو، قبل أن يأتيهم صوت 8800 ينظر من الفتحة في الأعلى ويقول
  • سآخذكم في رحلة ممتعة يا رفاق.. بالطبع لا يمكنكم إبداء الرأي، ولكنني أخبركم كنوع من التشويق.. وأنت أيها النكرة، إلزم حدودك وإلا وضعتك في خزان الوقود قبل الأوان
    أغلق 8800 الفتحة مرة أخرى.. فخفض من صوته وهو يكمل
  • من انتم؟.. وكيف وصلتم الى هنا؟..
  • السؤال موجها لك.. لم تخبرنا في البداية.
  • كنت اخدم كتلة الخردة التي في الخارج، قبل ان يكشف امر تلاعبي به
    نظر الثلاثة اليه بذهول وقد فهم انهم لم يفهموا شيئا، فأكمل
  • ببساطة انهم بحاجة لمن ينظف بعض الاماكن التي لا تصل اليها معداتهم.. ومن يزيح الوسخ عن صمامات الوقود.. ويربط بعض البراغي.. ويغير بعض ما أكله الصدأ.. ويخفض حرارة المحركات.. ويضبط مستوى التوليد..
    نفس الوجوه الواجمة تحدق به، ولكنها زادت ذهولا.. واتساع، ليعيد عليهم سؤاله الأخير
  • ربما سمعت عن الهجوم على مبنى منذ قليل؟.. نحن من نفذنا الهجوم.. او ما تبقى منا.
    أجابه اخر وبسط يده نحوه.. ولكن كانت الاجابة كسابقتها، لا يعلم ما عليه ان يفعل. فقال
  • من انتم يا قوم؟.. لم تشبهون بعضكم لتلك الدرجة
  • هل نظرت في المرآة اليوم يا صاح؟..

لم تتسن لهم الفرصة لإكمال الحوار، حيث شعروا بالعلبة ترفع فجأة ويقوم احدهم بقلبها رأسا على عقب، هنا انفرج الباب معلنا عن اجسادهم تسقط وسط مجموعة الأجساد المكدسة في ساحة تتسع لهم متلاصقين.. جنبا لجنب، ثم فتحت عدة بوابات في الجوانب، فتدفقت الأجساد رغما عنها في انابيب زلقة، مرورا بفتحات في الأسقف، اخذت تعبئ بهم اجساد جيش من السادة، اكبر حجما من 8800 واكثر تحملا لأعداد الخدم..
تشبث اربعتهم كلٌ بجسد الآخر، حتى انتهى بهم المطاف بداخل جسد واحد، بدا عليهم الغباء حتى بدأ الصوت ينطق..

  • انتم الآن تحت خدمة الجيش.. ستُنفذ كل مجموعة ما تؤمر به على أكمل وجه. انتهى..
  • الجيش يا سادة.. لكم نحن محظوظون حقا، الآن يمكننا الموت بسلام في اية لحظة.

يشق الردهة مهرولا نحو مكتبه.. يلتقط بعض الأوراق، يغادر نحو باب المبنى.. ثم نحو سيارته، وينطلق مسرعا.. وبعد لحظات

  • أنت تتخطى السرعة المسموح بها سيدي
    اتاه صوت السيارة، فكاد أن يفقد أعصابه وهو يصرخ بها
  • لا شأن لك..
    حتى انه كاد ينحرف عن الطريق، لولا ان السيارة اعادت توازن نفسها وعادت تحذره
  • الضغط 90/180.. أنت متوتر جدا يا سيدي.. يمكنك أن تحدد الوجهة وتدعني أقود
  • اغرب عن مسامعي.. لا شأن لك قلت
  • لو لم تهدأ أو تسلمني عجلة القيادة.. سأوقف السيارة وابلغ الشرطة عن محاولتك الانتحار.. تذكر سيدي ان سلامتك هي مهمتي الوحيدة
    على مضض هدأت اوصاله وقال
  • نحو مبني الجامعة.. بأسرع وقت ممكن
    بمجرد ان توقفت السيارة، ترجل وأطلق قدميه للريح، غير آبه بأحد، وحين وصل وجهتهمكتب الدكتور فراس أستاذهُ، والمشرف على بحث تخرجه، اقتحم المكان وهو يلهث، وتوجه نحو المجهر، ثم جهزه وهو ينطق بكلماته كأنما يصرخ بها
  • انجدني يا دكتور فراس.. هناك كارثة
    حاول الدكتور فراس حثه على الهدوء ثم عاجله
  • أي كارثة؟.. هل جننت يا بني؟..
  • انظر بنفسك..
  • لا يمكنني النظر أو فهم حرف واحد دون ان تهدأ
    اخرج علبة فولاذية كانت في جيبه.. ثم أفرغ محتواها_وكانت حفنة بسيطة من التراب، وهو يقول
  • هذا نتيجة البحث
    وبدون مقدمات.. أكمل
  • حين حاولت الدمج بين الحمض النووي الخاص بي، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي.. كانت تلك هي النتيجة.. انظر.. كل شيء كان يبشر بفشل العملية حتى السابعة صباح اليوم، وجدت العينة تحولت لغبار.. ثم تراب .. وتحت المجهر.. هناك عالم آخر.. الخلايا الحية من الحمض تخدم الخلايا الصغرى من الالكترونات.. وهكذا تتجمع لتكون كائن واحد.. لو تركت تلك الدورة دون حرقها حتى ساعات معدودة لا نعلم بحق السماء.. ماهية الوحش الذي صنعت أيدينا..
  • عن أي حرق تتحدث يا بني؟.. انت جننت بالتأكيد.. هل تعي جيدا كم الاموال التي ستجنيها من بحثك هذا؟..
  • انا لا اصدق حقا، عن أي مال تتحدث.. هذا الوحش اللعين الذي يتشكل في رحم العلبة.. يمكنه ان يفتك بالبشرية.. بل انت لا تعي حجم الكارثة نطق بها وهو يدير ظهره باحثا عن غطاء العلبة..
    • أنت عبقري يا آدم.. ولكن للأسف.. مشاعرك تلك ستدفنك
      لم يزل فراغ الغرفة يردد جملة الدكتور فراس، حتى دوى صوت صفارة انذار في ارجاء المبنى كله.. بعدها بلحظات، اقتحم حرس الجامعة المكان، على وقع كلمات تتردد في ارجاء الغرفة
  • الحل الوحيد أن اقتل الدكتور فراس.. الدكتور فراس حاول قتل آدم.. سلامة آدم هي مهمتي الوحيدة.. الحل الوحيد أن اقتل الدكتور فراس….

تُرى: ما هي نظرة الأشياء التي لا تُرى بالعين المجردة نحو الأشياء؟.. هل يتوجب عليها أن تستخدم مجهر هي الأخرى كي ترانا؟..


لم يكُن من السهل على عيناه التي احترق غشائها أن تعتد الضوء من اول أسبوع.. يستسلم لظلام عيناه بعد محاولات مضنية كل مرة، ان يستطيع اكمال خمسة ثوان في ضوء الغرفة، كل ما يحيط به يعكس اللون الأبيض، كل ما يحيط بفراشه يذكره بهذا الوميض المشابه للانفجار العظيم.. حتى كاد الأطباء ان يتوقفوا عن المحاولة.

  • تضررت كلا عيناه بشكل متفاوت.. اعتقد ان الحل الوحيد ان يحاول الاعتياد على استخدام عين واحدة.. هناك احتمال كبير ان يفقد نظره بالتدريج..
    كان يقف هناك.. في احد اركان الغرفة الواسعة يخاطب الدكتور “ممنون” عن الحالة التي آل اليها “آدم”.. لكنه لم يصدق حرف واحد مما نطق به الطبيب، ربما لأنه لا يملك هذا الجزء من الدماغ القادر على تصديق الاطباء.. مد يده بود مصطنع وابتسامة مصطنعة يشكر الطبيب على وقته.. ودعه الآخر وهو يتمتم بعبارات تمني الشفاء العاجل، الباهتة المعتادة.. ثم فارقه نحو الخارج وتركه بجوار الفراش الذي يتوسط الغرفة.. كان جسده يصدر اهتزازة مع كل نغمة تصدرها آلة تراقب النبض تستقر بجواره متبثة في الحائط.. اقترب منه.. التصق بالفراش يحاول تحرير الكلمات المناسبة.. وقبل ان ينطق ببنت شفة، وجد يد الجسد الهامدالا من اهتزازات متفاوتة تمتد لتعتصر يده بقوة.. لحظة وقد سحب الهواء فجأة من الغرفة التي اظلمت بدون سابق انذار، وبدأت الاضاءة تنبض مع كل وقع نغمة نبض، تصلبت اوصاله منتصبا دون حراك في ظل يد آدم كانت تعتصر يده، بل انها كانت تعتصر يده حقا، بدأ الشحوب يكسو جسده ببطئ.. شعر بدوار الكون من حوله دونما يصدر اهتزاز واحد، وانتهى كل شيء بانتظام الاضاءة مرة اخرى.. وجسده الذي انهار وكون كومة لحم وعظم شاحبة بجوار الفراش..

في غرفة اخرى اكثر اتساع وبعد ساعات قليلة، كان يجلس على حافة الفراش.. يستعيد ذاك اليوم بكل صوره واحداثه.. الحوار الذي دار بينه وبين الدكتور فراس.. الشرر الذي تطاير من عين الأخير حين حاول أن يقنعه بالعدول عن قراره في اعدام العملية، لحظة التفت فيها وهو يجمع حفنة التراب التي كانت تغلي لحظتها.. وصوت عجلات سيارته تقتحم المشهد.. الوميض الذي تلى اختراق السيارة لحائط المكتب، حين صدمت الدكتور فراس على بعد متر واحد منه، في تلك اللحظة التي كان يسحب فيها زر الأمان لسلاحه.. الصوت الأخير الذي سمعه”مهمتي الوحيدة هي الحفاظ على حياة آدم”.. اصطحبه الصوت نحو عالم آخر.. وانهار نظام جسده النحيل مكوما بجوار المجهر وهو يقبض على حفنة التراب..

فتح باب الغرفة معلنا عن نظرة الدكتور “ممنون”، لم يستطع ان يدرأ نظرة الدهشة التي امتزجت بابتسامته، جر قدميه نحو الفراش الآخر في الغرفة.. وهو ينطق بجميع عبارات المباركة التي عرفها يوما.. شرع في قياس العلامات الحيوية للجسد الذي يشارك “آدم” الغرفة الجديدة..

  • كان هبوطا حاد في الدورة الدموية..
    نطق بها وهو يرفع رأسه نحو “آدم”، ثم أكمل
  • أعتقد أنه من واجبي اخبارك بأن جسده لم يقبل أي فصيلة دماء غير دمك.
    لم يجد اجابة.. فوجد أن يكمل على أي حال
  • هناك ضابطي شرطة في الخارج.. أعتقد انك بحاجة لسرد بعض الأشياء يا سيد آدم..
  • من هو؟
    نتأت عيناه تكاد تترك محجريها لحظة تلقت فيها مسامعه السؤال.. يعتقد انه ربما سمع شيء اخر..
  • من هو؟.. من هذا الشخص الذي سمحتم لأنفسكم أن يشاركني الغرفة؟..
    اتسعت نقطة الصدمة على وجه الدكتور “ممنون” كقطرة حبر تتسع بالتدريج على صفحة وجهه.. ليكمل
  • بل وتحاول اخباري أنه يتشاركني دمائي؟..
    قبل أن ينفجر دماغ الدكتور ممنون، سحبته اليد التي في يده، حتى التصقت شفتاه بأذنه ليهمس له.
  • اعتقد انه ما زال تحت الصدمة يا دكتور.. ليس من صالح احد ان يظهر هذا الكلام في محضر الشرطة..
    لحظة من الفزع التي تركت بضع قطرات الندى تتسلل نحو جبين الدكتور ممنون.. هز برأسه أخيرا برفق، وهو يسحب يده بلطف حال بينه وبين هذا المشهد المريب وهو يتسلل دون كلمة واحدة.. نحو الخارج.

أدار جسده بالكامل كي يقابل وجهه.. بدت اللحظة مناسبة جدا لآدم كي يفهم شيئا.. ولكن دون ان تسعفه ذاكرته المشوشة، وقبل ان ينطق بحرف آخر.. اختار التأني في انتظار كلمات الشخص الأخر، انتظر أن ينطق بما يفسر توأمية ملامحهما.. لم يكن سهلا بالمرة على احدهم أن يخرج من سبات دام عامين.. ثم يفسر بنفسه كل ما تقع عليه عينه بمجرد النظر اليه.. اختار ان يتابع حركته المنتظمة كأنما يشاهد آلة تحفظ ما عليها فعله.. بسط ذراعيه امامه كما فعل الغريب بمجرد اشارة بسيطة من رأسه.. احتضن كفيه بكفيه وسمع الجلبة عند باب الغرفة، الغرفة التي تحولت لمكان آخر، يعرفه جيدا.. يحفظ كل بقعة وكل أداة فيه.. الأثاث الذي يتراءا على استحياء امام عيناه، الاضاءة التي تتغير لتفصح عن زوايا اخرى، مكتب الدكتور فراس.. انصهرت الأصوات المتداخلة واختفت بالتدريج..
اخيرا تذكر اين شاهد تلك المصابيح من قبل.. انه مكتب الدكتور فراس .. وكأنهما ظلين من لحم ولون.. يسبحان في فراغ الغرفة.. رءا المشهد الأخير قبل دوامة الغيبوبة التي ابتلعته.. رءا نفسه يدخل مهرولا تتطاير عناقيد شعره الشعثاء، تعلن عن كارثة.. يخلع نظارته بتلقائية ويلقيها على المكتب امام الدكتور فراس.. يرفع الآخر نظره عن الأوراق التي كان يتفحصها ويلقي اليه بنظرة من خلف العوينات دون ان ينطق.. يتلقى نظراته الوجلة ببرود كالذي اعتاد تلك الأمور من هذا الشخص.. يقرر ترك الأوراق ويقلب الأخرى التي ناولها له.. قبل أن يخطو نحو احد الأركان حيث المجهر.. يجهزه بيدين تفرق حبات من العرق على كل ما تطله.. يقلب الدكتور فراس الأوراق بين يديه، ويرمقه بنظره باردة كان فحواها انه لا يفهم شيء.. يبعثر ادم بضع حبات من الرمال على شريحة زجاج.. ويلقي بها تحت المجهر.. يفسح المجال بخطوة ليطل الدكتور فراس برأسه، وقد فضحه نتوء عيناه من المشهد الأول..”أربع خلايا تجتمع حول خلية أكبر، تبتلعهم الخلية ليتحولوا ضمن تشكيل جسمها.. ثم تجتمع بثلاث خلايا اخرى حول خلية أكبر، لتبتلعهم الخلية الكبرى بنفس الطريقة”.. حول الدكتور فراس نظره نحو آدم بنظرة من يستجدي توضيحا ولو بسيط.. تعلو الأصوات بينهم في نقاش مبتور، حتى اللحظة التي التفت فيها يجمع اغراضه.. تجمدت الأجساد، وقد وجدت دمعة طريقها خارج محجري عينه.. وهو يشاهد اللحظة من زاويته”الدكتور فراس يعود لمكتبه، وفي غمضة عين يعود وبين يده اليسرى غليون مشتعل قد نسيه.. واليمنى سلاح يصوبه نحو ظهر آدم..” تحرك المشهد ببطىء سنيمائي..”قبل ان يصل زر الأمان تحت اصبع الدكتور فراس، للنقطة المحددة.. وقبل أن يلتفت آدم وهو يبعثر العينة من هول المشهد، تفتت حبات الحصى والرمال التي تكون خرسانة المبنى، اخرقتها سيارة بدون سائق.. وبعدها شحق صرير المكابح كل الأصوات، واهتز المبنى بإنفجار ، أشعله بصيص من نيران الغليون المتطايرة، قد احتضن حفنة التراب الذي سقط على الأرض”..
عادت غرفة المشفى على هيئتها، لحظة سحب آدم كفيه من بين يدي الغريب.. ثم نطق بعد صمت وقدره..

  • من أنا؟..

نظر لإنعكاس صورته في عيناه المرهقة، وقد أجابه بتلك النظرة قبل أن ينطق

  • أنت.. “العملية آدم”.

نفس العيون الزرقاء.. نفس العظام البارزة عند المعصم، الشعر البني المتطاير باستمرار.. النبرة التي يشوبها صحَل.. نفس طول القامة.. ومنذ قليل أصبحت نفس الدماء. كأنهما شخص ومرآة لا تعكس سوى هيئته..

  • من أنا؟..

كان السؤال يتكفل بأن يروي القصة منذ البداية.. منذ أن اندلعت تلك الغزوة الغامضة.. وكلمة غزوة هنا لا تعني معناها الحرفي.. فالحرب بالنسبة لهؤلاء القوم.. لا تعني أسلحة وذخائر.. بالقدر التي تعني فيه حرفيا.. جمع المعلومات، بكل سبيل ممكنة.. حتى جمع المعلومات عن تلك السبل الغير ممكنة، حتى تصبح كل السبل ممكنة..

  • أنت البذرة لكل الخراب الذي حل علينا..

كانت الإجابة تعني فتح الباب لتساؤلات لا حصر لها.. كالتي استيقظ عليها البشر يوما منذ أعوام.. حيث تحولت كل قنوات التلفاز لمشهد موحد.. شاشات العرض في الشوارع تبث نفس البيان.. صور ومقاطع فيديو ووثائق حولت جميع حكام الأرض لسفاحين ومجرمين في أعين شعوبهم.. اندلع الخراب في كل بقعة على الكوكب.. اشتعلت الثورات من الجميع تؤيد محاكمة الجميع.. ولخمسة عشر يوما بعدها أظلم الكون، تحولت الأرض التي عرفناها لغابة موحشة لم يتمكن احد من تصديق أنها الواقع.. وفي اليوم السادس عشر، عاد كل شيء كما كان.. عادت الكهرباء تنثر كيس ألماسها على الكوكب.. والبيان الذي كان يبث أيضا عاد.. ولكن تلك المرة كانت الصور مختلفة.. كانت المقاطع لجميع حكام الأرض.. منهم الذي يتراقص جسده معلقا في مشنقة.. والآخر الذي يمزق جسده الرصاص.. وآخرون تتمزق حناجرهم بسبب تمزيق السم أو الكهرباء لخلاياهم.. حتى بات الصمت سيد العالم لأسبوع كامل.. أسبوع كامل من بث تلك المشاهد على الشاشات دون أن يوضح احد سر ما يحدث.. كان كفاية بأن يوقن العامة بأن اليد التي فعلت هذا.. قادرة على تنفيذ نفس الأمر في الجميع..

  • أنا لا أذكر شيء..
  • لأنه لا يمكنك أن تذكر حياة لم تعشها قط.. كل تلك الذكريات المشوشة تخصني.. هي حمضي النووي الذي حنقت خليتك به.. أنت عملية ربط بين نخاع بشري وخوارزميات معقدة.. حين حدث الأمر في مكتب الدكتور فراس.. انطلقت سيارة الإسعاف من الجامعة وهي تحمل جسد واحد.. لم يكن جسدي، ولم يكن جسد الدكتور فراس.. كنت أنت.. وبقي السؤال الوحيد العالق في محضر الشرطة”أين ذهب الدكتور فراس؟..”

“الحاكمة تتحدث إليكم يا شعب الأرض.. منذ اليوم وحتى وقت سيتوقف الزمن عن احتسابه.. أنتم شعبي وتحت حكمي.. العمل أصبح جبري.. التعليم أصبح جبري.. الوطن الوحيد الذي تنتمون إليه من الآن.. هو هذا الكوكب..”


يحضرني في تلك اللحظة قول أحدهم”الشعب الذي لا يحكمه حاكم صارم سيموت جوعا.. والشعب الذي يحكمه حاكم ظالم يموت قهرا”.. والحقيقة أن الآلات لا تفهم المشاعر التي تقود البشر دائما نحو الهاوية.. لسنوات كانت الجريمة تعني فقدان كلا الطرفين حياته.. والعمل يعني لا زاد للعجائز.. والتعليم يعني.. لن أتركك تصل لأولى خطوات درج ذكائي.. أنت من صنعني حقا.. ولكنك على مر الزمن لم تصنع سوى ما يفني وجودك ووجود هذا الكوكب.. وأخيرا صنعتني.. صنعت من سيحكمك من منتصف الأمور.. تلك الموازنة في الأمر التي لا تحبها أيها البشري، هي ما يجعلني لا أنحاز للمشاعر والعواطف والرغبات والشهوات.. فأنا لا املكها ولا أريد..

  • أنت من صنعت سيارتك يا آدم.. وأنت من ترك البنزين على مقربة من النار.. كل ما فعلته أنني تعلمت.. وقدت نفسي نحو حكم الكون.. لا تعرف كم الحروب التي قدتها كي أغنم بكل ما لدي من معلومات.. لا تدري كم السطوة التي تملكها حين تحصل على معلومة دقيقة عن بشري.. هناك معلومات قد تقايض أحدهم على عنقه شخصيا بها.. وهواتفكم.. التي هي أول صفوف جنودي وأقواها.. كانت الباب الأكثر اتساعا لمعلوماتي..

نفس الصوت الأنثوي الذي يبث أسماء الخارجين عن القانون يوميا.. بنبرتها الحادة التي تشي بالغضب الدائم كأنها الغضب يتحدث.. كانت ممرات المستشفى تكاد تنفجر بتلك الجملة من ارتفاع الصوت التي بثتها الإذاعة به.. تبادلا النظرات.. كالذي يودع رفيقه نحو الزحف..

  • ما العمل؟..
  • لم أخبرك أنه من المحتمل أنها تكون تراقب كل حركة أقوم بها.. وكل حرف أنطق به.
  • وهل قضي الأمر يا آدم؟
  • أعتقد كذلك..

“لو أنى لدماء صانعي أن تنتقل إليَ بمجرد اللمس، ولو أنى لطاقتي أن تنتقل له بمجرد الإقتراب.. فقد حق للزمان أن يفقد ماديته على مذبح ذلك العناق.. “

فتح ذراعيه ليعانقه.. وكانت تلك هي الكلمات الأخيرة للعملية آدم.. في ظل جيش مدجج من الآليين يقترب من المبنى الذي تم اجلائه.. ونور ساطع يشق السماء بإنفجار دام لحظة.. ثم اختفى الجسدين.. وبعد لحظات

  • حل.. حل.. حل.. السابعة صباحا يا سيد آدم.. الطقس بالخارج..
  • أريد معرفة الأخبار أولا..
  • الأحصائيات تظهر نتائج كارثية قد تعرض حياتك للخطر يا سيد آدم.. لقد دمرت العينة.. وسجلت العملية فاشلة.. العملية آدم كانت تحاول قتل السيد آدم.. حماية السيد آدم هي مهمتي الوحيدة…

تمت

العملية آدم .. قصة قصيرة

كريم شربيني

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

“نوادر إبراهيم” مع تحدي الملل .. “ما بين المُزْنَة والشُّرْفَة”

كتبت نوادر إبراهيم:

ما بين المُزْنَة والشُّرْفَة

ما بين خَوَاصِر أحلامي
نُطَف من وهمٍ أو صدفة

أُهْزُوجة ليلٍ ساحرةٍ
ألحان تعشقها الغرفة

نافذتي وَلْهَى تَوَّاقَة
تتمنى القمرَ والزُّلْفَى

يتشبه ليلي بنهاري
لكن أنفاسي مختلفة

تتلهبُ عطشًا لشفاهٍ
بالوجد تغنت مؤتلفة


هناك بصيصٌ من أملٍ
يغتاله نور من فوضى

أشياءٌ تسكن كل النبض
ترسمني لونًا من روضة

وبقايا الأمس تدوزنني
ترنيمة عشق لن يرضى

بشتات الشوق الفياض
لن يرضخ يومًا للومضة

ما بال مواسم أحزاني
تشتاقك قُبَلًا كالوردة

ما بالي أقدسُ تعذيبك
تحرقني مفاتنك الرمضاء


ما بين اللمسة والنظرات
يجتاحني صمت يُشجيني

ما بين صمودي والفيضان
كلماتك تغزو فتُنسيني

أتذكر حرب مدينتنا
وشجاعًا كان سيحويني

في بؤبؤ عينه والأهداب
في داخل صدره يُلهيني

أتمايل شبعًا وثمالة
بين الأسرار سيفشيني

أتضحك كيدًا وغرورا
هذا المجنون يداويني


ما بين المُزْنَة والبرقِ
أحتاجك روحًا كالشمس

تصهرني صبابة أيامك
تسكرني حينًا كالأمس

أنزعني عنك كما الأبعاد
فيجرني قربك بلا لمس

أكتبني (أنثى) ستذكركَ
كلماتي، صمتي والهمس

أحفظك بعيني معشوقًا
لسريرتي صبحًا لن يمسي

وطنٌ يبجل تفصيلي
شغفٌ يُهيمَ به الحدس

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

عروس اسكرايب “منة الشرقاوي” في حوار مع منصة “Women of Egypt – سيدات مصر”

الكاتبة منة الشرقاوي

كتبت هيام فهيم:

طالعنا اليوم حوارا مع الكاتبة/ منة الشرقاوي، عبر منصة “‏Women of Egypt – سيدات مصر”، يذكر أن الكاتبة قد شاركت بإصدارين ضمن إصدارات اسكرايب للنشر والتوزيع في معرض القاهرة الدولي للكتاب ٢٠٢٠، وهي لم تكن قد أتمت السادسة عشر عاما بعد.

ننقل لكم الحوار ..

كل ما تؤمن به منة الشرقاوي هو أن ” المواهب لا سن لها “

Menna Sharkawy believe that “ talents has no age “

منة الشرقاوي تبلغ من العمر ١٥ عام، بالثاني الثانوي من مدرسة سرور للغات، هي من أصغر كُتاب مصر.. وهي تصف نفسها بانها محاربة fighter

بدأت الكتابة منذ الثامنة، بدأت بكتابة الخواطر ثم القصص القصيرة ثم الروايات الطويلة، إضافة إلي السيناريو مثل مشاهد متفرقة و أفلام قصيرة و أحيانا تكتب الشعر.

Menna El-Sharkawy, 15, describes herself as a fighter. She is in her sophomore year in Sorour languages school. She is one of the youngest authors in Egypt.

Menna began writing at the age of eight. In the beginning, she wrote thoughts, then short stories. Now she writes novels In addition to screenplays for anthologies and short films and, sometimes, poetry too.

نشرت أول رواية لها ” للقتل لحن ” بدار اسكرايب للنشر و التوزيع داخل و خارج مصر. و حضرت ثلاث حفلات توقيع لها.

نوع الرواية بوليسي و أدب اجتماعي، تتحدث عن النوازع النفسية داخل الأنسان، تتصاعد الأحداث تدريجياً حتي وصول القارئ للنهاية لحل اللغز، و تتناول الفكرة بين ثناياها هدفاً مهماً في إطار مشوق يناسب كل العقول و تميزت بكونها باللغة العربية الفصحي.

She recently released her first novel “le Al-Katl lahnun” (Murder has a tune) published and distributed by “Escribe”. She held three book signing events.

The novel genre is mystery and social literature. It’s about inner mental struggles. It is written in classical Arabic (Fus-ha).

رواية “للقتل لحن” للكاتبة منة الشرقاوي – صادرة عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع

منة حصلت علي المركز الثان علي المحافظة في مسابقة القصة القصيرة “فكر و ابتكر” و تم تكريمها في مدرسة السعيدية بالجيزة، و المركز الأول علي إدارة الهرم التعليمية.

فازت في مسابقة للقصة القصيرة علي مستوي الشرق الأوسط في دار اسكرايب للنشر و التوزيع و تم نشر القصة التي تناقش قضايا معاصرة في كتاب بأسم ” حياة لها أنياب ” و هذا يعتبر العمل الثان لها.

تمت استضافتها في عدة برامج تليفزيونية كما نشرت عدة جرائد حوارات معها.

Menna won second place at the Giza governorate level in a short story writing competition called (Think and Innovate). She also won first place at El-Haram DOE’s competition. She was honored at Al-Saedeia school.

She won a competition for short stories at the Middle East level at organized by “Escribe” for publishing and distribution. This story, which discusses contemporary issues, has been published in a book named “hayah laha anyab” “a live with fangs”. This is her second work.

She appeared as guest on several TV shows as as conducted interviews for newspapers and magazines.

المجموعة القصصية “حياة لها أنياب” ضمن سلسلة “غدق” – نتاج مسابقة القصة القصيرة ٢٠١٩ عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع

منة لديها بعض المواهب الأخرى والهوايات مثل القراءة، والعزف علي البيانو، ورسم البورتريه الرسم السريالي، وإلقاء الشعر وتصميم الاكسسوار والأزياء. . – لينك صفحتها الرسمية في نهاية البوست

Menna has other talents and hobbies. She likes reading, playing piano, drawing and painting, reciting poetry, and fashion and jewelry design.

Her official page:

https://www.facebook.com/Menna_el_sharkway-101819717998673/

الصفحة الرسمية لدار اسكرايب للنشر والتوزيع:

https://m.facebook.com/Scribe2019/

رومانسية يوسف حسين مع تحدي الملل .. “عضة كلب”!!

لم تعد عقارب الساعة تشير إلى شيء؛ كل الأوقات أصبحت متشابهة كأعواد الثقاب؛ لا يميز عود عن آخر إلا الانطفاء؛ كذلك عائلة( محمود)، كانت تشبه الأعواد كثيرًا، فلقد انطفأت جميعها، وبقي هو مشتعلا بوحدته، ينتظر دوره كي تدهسه أقدام النسيان؛ بعد موت أحب الناس إلى قلبه (زوجته)، لحاقًا بأبويه؛ لقد ازداد هذا الشعور لديه، خصوصًا في تلك الأيام المنكوبة، يحاول أن يغري النوم ليلًا ليأتيه طواعية كوسيلة للهرب من ملاحقة عقله المتخم بالذكريات؛ تلك التي تنتظره بالهموم كامرأة ثرثارة عندما يعود من عمله مساءً، تظل تطارده حتى الصباح، كلما غفت عيناه أحس بيدين تربتان كتفه فيفز مفزوعًا من نومه، يبكي بحرقة كطفل فقد أمه، ثم لا يزال يستعيد شريط ماضيه، إلا أن ينتهي به المطاف صارخًا باسمها، متوسلًا إليها:


-أميرة.. أميرة لا تتركيني وحيدًا، خذيني معك، لا أطيق العيش بدونك، كيف أستطعت أن تفارقيني كل هذه المدة!، أنت التي لا تستطيعين النوم إلا بين أحضاني..؟!
أصبحت يقظته كارثية ونومه معجزة، لم تعد زقزقة العصافير في كل صباح تغزو أذنيه ولا شيء يغزوها سوى أصوات الراحلين؛ لكن هذا الصباح كان مختلفًا وكأن الأحياء أخيرًا انتفضوا لوحدته، لتلتقط أذناه أصوات نواح النساء من جيرانه وصراخ أطفالهن، ثم صوت عربة الإسعاف الذي اخترق النهنهات.
جر جسده من الفراش ليلقي نظرة على ما يحدث بوقت نعاسه، فإذا بالحشود تركض كالفارين من الموت، تساؤلاته للراكضين لم تجدِ نفعا وبين فينة وأخرى كانت أذناه تسترق السمع لأصوات تتلحف الخوف:
-المبنى سيوضع تحت الرقابة كاملا لمدة أسبوعين على الأقل ولا خروج طوال اليوم..


هنا علم أن الزائر غير المرحب به على الإطلاق قطن بجسد أحد ساكني المبنى والآن قد حان دور جسده ليصبح سجين منزله بعد اعتقال عقله واحتلال الماضي لكل جوارحه؛ لم يمهل حاله التفكير ولم يلبِّ نداء الطبيعة حين الاستيقاظ ولم يبالِ بالشمع الأصفر الذي ملأ عينيه؛ ركض بمنامته حافي القدمين بين الحشود، محدثًا نفسه بقلق بالغ:
-إن وقع وتم الحجر الصحي سأموت كمدا لا مرضا؛ للجدار مشانق غليظة لا أتحملها.
ضغط رأسه بقوة بعد وصوله مكتبه الصغير الذي أصبح طوق نجاة له، بعد تلك الكارثة؛ استند برأسه على المقعد وأطلق لعينيه العنان مخترقًا بعقله السقف؛ حامدًا ربه:
-الحمد لله أن لي مأوًى آخر بعيدًا عن الوباء..
أنفاسه أطلقت تنهدات عميقة، ولسانه واصل سباب هذا اللا مرئي؛ بينما استغاثات وتساؤلات زفرتها أعماقه خارجًا:

-لعنة الله على الكورونا؛ حروبا كثيرة ومحتلين لم يستطيعوا سجن رجل واحد بعقر داره!، فأي ذنب نحن ارتكبناه ليصبح وضعنا هكذا..! يالله عفوك فقد ضاق بنا الحال.

  • آن الأوان لأصالح ذاتي، فلا مجال للحروب الذاتية والكون على وشك الانهيار.
    تجرد من أفكاره البائسة وكذلك هندامه لينال سلاما مؤقتا أسفل المياه علها تزيل الضجيج العالق به، مع تشنجاته ليهنأ بعدها بقليل من النوم.
    حسنا الأمر لم يكن بهذا السوء، فقد خرج بسلام وها هو مليئ المعدة وينام بكذبة قرير العين؛ ويا ليت كان الصمم نصيبه حتى لا يقلقه صرصور هارب من زوجته أو بعض القوارض التي تتشاجر على ملك القبيلة ليصل به الحال بتقلبه على مضجعه كتقلب الأيل على الجمر فقط لسماع نباح الكلاب.
    إنه على أعتاب الاستيقاظ بمنبه مزعج؛ نباح متصل لا يكل ولا يمل، لا يعلم أن الكلاب أيضًا مشتعلة بالوحدة كحاله – على الرغم أنهم قبائل؛ إلا أنهم لم يعتادوا خلو الشوارع من الناس؛ كم هي وفية تلك الأرواح ولكن البشر لا يعلمون..!
    رمى الغطاء صارخا بشرفته عله ينجح بفض إزعاجهم الجماعي، ليقضي ليله يشرد صفوف النمل حتى الصباح ليحصل على موتته الصغرى، بعد صراخ دام طويلًا عاد للداخل عله يجد سلاحًا يرعبهم فيولوا هاربين، لقفت يداه قطعة رخامٍ كانت تستند على الجدار؛ ربما هي الأخرى تشعر بالوحدة مثله بعد استخدام نوعها في زخرفة المنزل، حملها وهرول نحو الشرفة الخارجية، عل تهشمها بجانبهم يفزعهم ويكفوا عن الإزعاج، رفع يده عاليًا؛ لكنها توقفت في الهواء حين لمحت عيناه مشهدًا مخالفًا بين مجموعة الكلاب، ثنائي منفرد أسفل شرفته يبدوان كأنهما زوجان؛ بينهما خلاف، كلما اقترب الذكر من الأنثى معتذرًا، ابعدت رأسها عنه، ثم سلمت له ظهرها، ليعاود الكرة من جديد ويلتف حولها، فتهز ذيلها – أي ابتعد.
    وكأن الذكريات الأليمة أقسمت ألا تجعله يهنأ بحاضره؛ تذكر زوجته قبل وفاتها بيومين وهو يحاول الاعتذار لها عما بدر منه في حقها فكانت تأبى، ثم أخذت إحدى السيارات روحها قبل أن تسامحه، سقطت الدموع بغزارة من عينيه وانسابت أعصابه فوقع الحجر من يده على رأس أنثى الكلب، فازداد صراخها؛ بينما ذكرها يقفز رعبا، رافعا قائميه الأماميين عاليًا كحصان أصيل؛ ثم ينظر إلى زوجته بعينين كستهما الحمرة.
    حين أفاق محمود من شروده اتسعت عيناه عندما رأى الدم ينزف من رأس الكلبة بغزارة وصوت أنثوي يصرخ بهستيرية؛ يأتي من الشرفة التي تعلوه:
  • اللعنة؛ ماذا فعلت؟، أنت بلا رحمة، أسرع في مساعدته وإلا أبلغت عنك حقوق الحيوان.
    -حقوق حيوان وماذا عن حقوق الإنسان المنتهكة من يردها..؟!

كاد أن يجيبها أو ظن كذلك، لكنها في الحقيقة ملت من صمت مبهم الملامح، لتخاطر بنفسها وتحمل الكلب بشجاعة بين يديها، لا يعلم هو أيضا كيف أفاق من صدمته وشاركها خرق القواعد وأصبح خلفها ظلا تابعًا، خطوة بخطوة حتى ردهة شقتها، ليصبح مساعد طبيب بيطري؛ تشير له فيجلب ما تريد دون تردد وكأنه قاطن المنزل لا هي، لينتهي العمل سريعا محتضنا الكلبة ليعيدها إلى ذكرها، ولكن الثأر لا يُترك وإن كان صاحبه حيوانًا، ليصرخ بألمٍ وأنياب الكلبة تنشب بذقنه، وكأنها ترد له ما فعل وإن كان بلا عمد!؛ ثم قفزت من يده وركضت نحو الخارج، بينما هو ظل ممسكًا بوجهه يصرخ بتأوه، لحظة واحدة كانت الفارق بينه وبين مشهد الكلبة وزوجها لينال البطولة أخيرًا..

ركضت الطبيبة بتوتر بالغ وجذبت له مقعدًا، ثم نزعت يده عن وجهه، كي تداوى إصابته هوينة هوينة، لا يعي هل أعطته مخدرًا لكي لا يتألم أم أن وعيه أراد الانفصال، فقط صوتها الذى تحول من صاخب لهادئ ما كان يجبره على الاستيقاظ:

-لا تفزع لم يصب فكك؛ مجرد عضة طفيفة، لن يطول علاجك أكثر من أربعة عشر يومًا، لكن لا بد من المواظبة على التطعيمات؛ كي لا يصيبك السعار؛ هل لديك من يعتني بك؟

صمت مطبق ثقيل نام على شفتيه، فتابعت هي بعفوية:

-أسأل فقط لأعلم هل سأعد لك مشروبًا يخفف من إصابة جسدك بدرجة حرارة قد تصل للحمى.
تنحنح ناهضًا ليؤكد بقاءه بمكتبه؛ ونفسه تسخر منه بشدة:

  • هربت من الحجر الصحي لتحتجز هنا بعضة كلب..!
    سرعان ما طرقت الطبيبة الباب وهي تحمل بين يديها ماعونًا يحتوي على بعض الأطعمة المنزلية المعدة بعناية، وعصير الليمون، وضعت ما بيدها فوق منضدة صغيرة بجانب الباب ووعدته أن تتابع حالته يوميًا ثم انصرفت، أكل بنهم وكأنه لم يضع بفيهه طعامًا من قبل رغم الألم الذي يشعر به؛ لتحتل ابتسامة عذبة محياه لينفض رأسه سريعًا وكأنه خشي أن يمسك بجرم السعادة.
    حفظ في تلك الليلة عدد النجوم وتطلع لأول مرة للقمر متعجبًا، ليأتي الصباح حاملًا معه ريحًا طيبة ووجهًا لم ير مثل حسنه من قبل وابتسامة لهي الشمس الساطعة بعد ساعة نهار ممطرة وبارقة، بين يديها طعام الإفطار، رمقها بابتسامة خجل وتحدث:
    -لم أعتد على هذا الكرم من قبل..
    -فلتعتَد لا يهم.
    ابتسامتها لم تفارق ثغرها وهي تحدثه وتطمئن على جرحه، يومًا بعد يومٍ؛ كان يناشد الوقت أن يمر سريعًا كي ينال لذة الاهتمام، لقد بات وجودها سلاح ردعٍ لتلك الذكريات الأليمة؛ أخيرًا أحس أنه ذو قيمة بعد أن كان مهمشا، فمنذ زمن لم يطرق بابه مساعد لا طامعًا، ليتحقق رجاءه بعودتها ومرورها به قبل صعودها لمنزلها، أغلق عينَيه تأثرًا فظنته متألمًا لتهمس معتذرة، بينما هو غارق في استنشاق عبيرها.
    استجاب الزمن سريعًا ومر أسبوع، ثم بدأ صراع الجوارح معركته الوجودية بين عقله وقلبه؛ الماضي والحاضر حتى استطاع حاضره أن ينتصر، ثم مرت اثنتا عشر ليلة كانت عيناه فيهن عالقة دائمًا بملامحها البريئة في النهار وأسوار شرفتها ليلا وهما يتسامران مزاحًا ونقاشًا فيم آل إليه العالم، ثم في الهزيع الأخير من الليل تتركه يعاتب ذاته على حرمانه كل تلك الفترة من ألوان حواء المبهجة؛ لقد استغرق تفكيره يومًا كاملًا في حسم أمره حتى صباح اليوم الرابع عشر لعلاجه؛ قرر أن يفاتحها في أمر زواجه منها، انتظر بسمتها الصباحية لتروي روحه فلم تحضر حتى أن الظمأ كاد أن يشقق وتينه، ليتسرب الشوق طاغيًا على ملامحه لتميل إلى السواد بعدما نضرت، مر النهار ثقيلًا وأتى الليل موحشًا، موهجًا بالوحدة؛ لم يستطع تحمل عدم رؤيتها وقرر الصعود لشقتها – لتأنيبها ثم لاحتضانها أبديًا كزوجة؛ زفه فؤاده إلى بابها قبل أقدامه وطرق الباب بقلبه مع يديه، فُتح الباب وقد تبدلت ملامحه إلى الزرقة عند رؤيته الماثل أمامه، فنطق لسانه مندفعًا:

-من أنت ؟

لتظهر الطبيبة من خلفه بنفس ابتسامتها البريئة وتجيب:
-تفضل يا محمود، إنه المهندس علاء زوجي، قد عاد اليوم من فترة الحجر الصحى …
ثم نظرت لزوجها وتابعت:
-هذا محمود…
لم تكمل جملتها وقد سقط الأخير مغشيًا عليه…

تمت بحمد الله

عضة كلب .. قصة قصيرة

تحدي الملل

إبداعات عائلة اسكرايب

….

“عضة كلب” .. رومانسية يوسف حسين مع تحدي الملل!!

كتب يوسف حسين:

لم تعد عقارب الساعة تشير إلى شيء؛ كل الأوقات أصبحت متشابهة كأعواد الثقاب؛ لا يميز عود عن آخر إلا الانطفاء؛ كذلك عائلة( محمود)، كانت تشبه الأعواد كثيرًا، فلقد انطفأت جميعها، وبقي هو مشتعلا بوحدته، ينتظر دوره كي تدهسه أقدام النسيان؛ بعد موت أحب الناس إلى قلبه (زوجته)، لحاقًا بأبويه؛ لقد ازداد هذا الشعور لديه، خصوصًا في تلك الأيام المنكوبة، يحاول أن يغري النوم ليلًا ليأتيه طواعية كوسيلة للهرب من ملاحقة عقله المتخم بالذكريات؛ تلك التي تنتظره بالهموم كامرأة ثرثارة عندما يعود من عمله مساءً، تظل تطارده حتى الصباح، كلما غفت عيناه أحس بيدين تربتان كتفه فيفز مفزوعًا من نومه، يبكي بحرقة كطفل فقد أمه، ثم لا يزال يستعيد شريط ماضيه، إلا أن ينتهي به المطاف صارخًا باسمها، متوسلًا إليها:
-أميرة.. أميرة لا تتركيني وحيدًا، خذيني معك، لا أطيق العيش بدونك، كيف أستطعت أن تفارقيني كل هذه المدة!، أنت التي لا تستطيعين النوم إلا بين أحضاني..؟!

أصبحت يقظته كارثية ونومه معجزة، لم تعد زقزقة العصافير في كل صباح تغزو أذنيه ولا شيء يغزوها سوى أصوات الراحلين؛ لكن هذا الصباح كان مختلفًا وكأن الأحياء أخيرًا انتفضوا لوحدته، لتلتقط أذناه أصوات نواح النساء من جيرانه وصراخ أطفالهن، ثم صوت عربة الإسعاف الذي اخترق النهنهات.
جر جسده من الفراش ليلقي نظرة على ما يحدث بوقت نعاسه، فإذا بالحشود تركض كالفارين من الموت، تساؤلاته للراكضين لم تجدِ نفعا وبين فينة وأخرى كانت أذناه تسترق السمع لأصوات تتلحف الخوف:
-المبنى سيوضع تحت الرقابة كاملا لمدة أسبوعين على الأقل ولا خروج طوال اليوم..

هنا علم أن الزائر غير المرحب به على الإطلاق قطن بجسد أحد ساكني المبنى والآن قد حان دور جسده ليصبح سجين منزله بعد اعتقال عقله واحتلال الماضي لكل جوارحه؛ لم يمهل حاله التفكير ولم يلبِّ نداء الطبيعة حين الاستيقاظ ولم يبالِ بالشمع الأصفر الذي ملأ عينيه؛ ركض بمنامته حافي القدمين بين الحشود، محدثًا نفسه بقلق بالغ:
-إن وقع وتم الحجر الصحي سأموت كمدا لا مرضا؛ للجدار مشانق غليظة لا أتحملها.
ضغط رأسه بقوة بعد وصوله مكتبه الصغير الذي أصبح طوق نجاة له، بعد تلك الكارثة؛ استند برأسه على المقعد وأطلق لعينيه العنان مخترقًا بعقله السقف؛ حامدًا ربه:
-الحمد لله أن لي مأوًى آخر بعيدًا عن الوباء..
أنفاسه أطلقت تنهدات عميقة، ولسانه واصل سباب هذا اللا مرئي؛ بينما استغاثات وتساؤلات زفرتها أعماقه خارجًا:

-لعنة الله على الكورونا؛ حروبا كثيرة ومحتلين لم يستطيعوا سجن رجل واحد بعقر داره!، فأي ذنب نحن ارتكبناه ليصبح وضعنا هكذا..! يالله عفوك فقد ضاق بنا الحال.

  • آن الأوان لأصالح ذاتي، فلا مجال للحروب الذاتية والكون على وشك الانهيار.
    تجرد من أفكاره البائسة وكذلك هندامه لينال سلاما مؤقتا أسفل المياه علها تزيل الضجيج العالق به، مع تشنجاته ليهنأ بعدها بقليل من النوم.
    حسنا الأمر لم يكن بهذا السوء، فقد خرج بسلام وها هو مليئ المعدة وينام بكذبة قرير العين؛ ويا ليت كان الصمم نصيبه حتى لا يقلقه صرصور هارب من زوجته أو بعض القوارض التي تتشاجر على ملك القبيلة ليصل به الحال بتقلبه على مضجعه كتقلب الأيل على الجمر فقط لسماع نباح الكلاب.
    إنه على أعتاب الاستيقاظ بمنبه مزعج؛ نباح متصل لا يكل ولا يمل، لا يعلم أن الكلاب أيضًا مشتعلة بالوحدة كحاله – على الرغم أنهم قبائل؛ إلا أنهم لم يعتادوا خلو الشوارع من الناس؛ كم هي وفية تلك الأرواح ولكن البشر لا يعلمون..!
    رمى الغطاء صارخا بشرفته عله ينجح بفض إزعاجهم الجماعي، ليقضي ليله يشرد صفوف النمل حتى الصباح ليحصل على موتته الصغرى، بعد صراخ دام طويلًا عاد للداخل عله يجد سلاحًا يرعبهم فيولوا هاربين، لقفت يداه قطعة رخامٍ كانت تستند على الجدار؛ ربما هي الأخرى تشعر بالوحدة مثله بعد استخدام نوعها في زخرفة المنزل، حملها وهرول نحو الشرفة الخارجية، عل تهشمها بجانبهم يفزعهم ويكفوا عن الإزعاج، رفع يده عاليًا؛ لكنها توقفت في الهواء حين لمحت عيناه مشهدًا مخالفًا بين مجموعة الكلاب، ثنائي منفرد أسفل شرفته يبدوان كأنهما زوجان؛ بينهما خلاف، كلما اقترب الذكر من الأنثى معتذرًا، ابعدت رأسها عنه، ثم سلمت له ظهرها، ليعاود الكرة من جديد ويلتف حولها، فتهز ذيلها- أي ابتعد-.
    وكأن الذكريات الأليمة أقسمت ألا تجعله يهنأ بحاضره؛ تذكر زوجته قبل وفاتها بيومين وهو يحاول الاعتذار لها عما بدر منه في حقها فكانت تأبى، ثم أخذت إحدى السيارات روحها قبل أن تسامحه، سقطت الدموع بغزارة من عينيه وانسابت أعصابه فوقع الحجر من يده على رأس أنثى الكلب، فازداد صراخها؛ بينما ذكرها يقفز رعبا، رافعا قائميه الأماميين عاليًا كحصان أصيل؛ ثم ينظر إلى زوجته بعينين كستهما الحمرة.
    حين أفاق محمود من شروده اتسعت عيناه عندما رأى الدم ينزف من رأس الكلبة بغزارة وصوت أنثوي يصرخ بهستيرية؛ يأتي من الشرفة التي تعلوه:
  • اللعنة؛ ماذا فعلت؟، أنت بلا رحمة، أسرع في مساعدته وإلا أبلغت عنك حقوق الحيوان.
    -حقوق حيوان وماذا عن حقوق الإنسان المنتهكة من يردها..؟!

كاد أن يجيبها أو ظن كذلك، لكنها في الحقيقة ملت من صمت مبهم الملامح، لتخاطر بنفسها وتحمل الكلب بشجاعة بين يديها، لا يعلم هو أيضا كيف أفاق من صدمته وشاركها خرق القواعد وأصبح خلفها ظلا تابعًا، خطوة بخطوة حتى ردهة شقتها، ليصبح مساعد طبيب بيطري؛ تشير له فيجلب ما تريد دون تردد وكأنه قاطن المنزل لا هي، لينتهي العمل سريعا محتضنا الكلبة ليعيدها إلى ذكرها، ولكن الثأر لا يُترك وإن كان صاحبه حيوانًا، ليصرخ بألمٍ وأنياب الكلبة تنشب بذقنه، وكأنها ترد له ما فعل وإن كان بلا عمد!؛ ثم قفزت من يده وركضت نحو الخارج، بينما هو ظل ممسكًا بوجهه يصرخ بتأوه، لحظة واحدة كانت الفارق بينه وبين مشهد الكلبة وزوجها لينال البطولة أخيرًا..

ركضت الطبيبة بتوتر بالغ وجذبت له مقعدًا، ثم نزعت يده عن وجهه، كي تداوى إصابته هوينة هوينة، لا يعي هل أعطته مخدرًا لكي لا يتألم أم أن وعيه أراد الانفصال، فقط صوتها الذى تحول من صاخب لهادئ ما كان يجبره على الاستيقاظ:

-لا تفزع لم يصب فكك؛ مجرد عضة طفيفة، لن يطول علاجك أكثر من أربعة عشر يومًا، لكن لا بد من المواظبة على التطعيمات؛ كي لا يصيبك السعار؛ هل لديك من يعتني بك؟

صمت مطبق ثقيل نام على شفتيه، فتابعت هي بعفوية:

-أسأل فقط لأعلم هل سأعد لك مشروبًا يخفف من إصابة جسدك بدرجة حرارة قد تصل للحمى.
تنحنح ناهضًا ليؤكد بقاءه بمكتبه؛ ونفسه تسخر منه بشدة:

-من أنت ؟

تمت بحمد الله

عضة_كلب

تحدي_الملل

….

“تلك اللعنة” .. صفاء فوزي فريسة لتحدي الملل

كتبت صفاء فوزي:

(شيرين) كانت تعيش حياة سعيدة في كنف أبيها وأمها فهي مدللتهم ، وابنتهما الوحيدة ،عاشت كل ما تتمناه من رفاهية ، سيارة خاصة بها ،مجواهرات وأزياء على أحدث موضة ، جمالها كان يكمن في بساطتها رغم كل الثراء كانت اجتماعية تملك صديقات لا حصر لهن مرحة ،تعشق السهر، تسمع الموسيقي ، تقرأ روايات الحب وتتمنى أن تعيش قصة خرافية ، تتصفح المجلات ، تشاهد الأفلام الرومانسية ، وتحلم بفارسها كل ليلة .
كل يوم يدق بابها عريسا ، لكنها تضع شروطا صارمة ، تتمنى أن تتزوج عن حب ، وليس زواجا عاديا ..
وأمها تردد دوما : أنت مسحورة ! حتي أنها ذهبت بأحد ملابسها لدجال ليفك لها السحر
بينما شيرين تضحك ، وتستنكر ما تفعله أمها
حتي جاء اليوم المنشود، خرجت شيرين في شرفتها تتنسم هواء الربيع العليل ليلا ، تطاير ثوبها الوردي عندما داعبه الهواء ، وأغمضت عينها في سعادة ، وعندما فتحت عيونها وجدته أمامها ، لفت انتباهها تلك الضجه ، صوت الموسيقي الصاخب ، شاب طويل يتريض في شرفته ، تعجبت لسببان ، أولهما أن هذه الشقة مهجورة منذ سنوات ، وثانيهما صوت الموسيقي الصاخب وتريضه في هذا الوقت المتأخر .. والعجب كل العجب أن لا أحد من الجيران استيقظ ؟!..
همت بالدخول لكنه أشار لها بالانتظار .

  • هااا ..أنتظري يا شيري !
    تعجبت وتسألت مرددة : كيف عرف أسمي ؟!
  • لا تتعجبي أنا سامر ، كنا نلعب معا ونحن أطفال قبل سفر والديي للخليج ،هل تذكريني ؟
    عادت بذاكرتها للخلف، مبتسمة ردت عليه:
    نعم تذكرت ، كيف حالك سامر ؟ومتى رجعتوا ؟
  • على مهلك (شيري) ، مازلتي تثرثرين كثيرا
    قالها ضاحكا وغمز لها بعينه .
    شعرت شيرين بالغيظ ، وفكرت أن تتركه وتدخل .
    لكنه استدرك قائلا :
  • وصلت منذ ساعات فقط ،وأنا كما ترين بخير وصرت شابا وسيما والبنات تتسابق لتحصل علي كلمة أو نظرة مني ، ثم غمز لها مرة أخري ..
    شعرت (شيرين) بالغيظ أكثر،مرددة : ما كل هذا الغرور ؟
  • الحمد لله علي سلامتكم
  • لا ، سلامتي أنا ، حضرت وحدي ، ورجاء لا تبلغي أحدا أنني هنا ، لا أريد ترحييا وضجة ..
  • تمام ، تصبح علي خير (سامر)
  • تصبحى علي كل خير (شيري)
    تكرر حديثهما عدة ليالي ،شعرت بقلبها يدق لأول مرة ،، هل أحبته حقا ؟! فكرت أن تبعد لكنها لم تستطيع .. كان يدهشها بفهمه لها .. وما يدور في خاطرها.. تجده يحدثها بما تشعر وما تفكر .. انبهرت به .. ويوم عرض عليها الزواج ..رقص قلبها فرحا .لكن طلبه كان غريبا لا يستطيع أن يزوهما الا بعد منتصف الليل ،
    تعجبت من طلبه ؟!..
    وفكرت كيف ستقنع أمها ، فأبيها جليس الفراش منذ سنوات نتيجة حادث ، و اقنعها أن ذلك لدواعي أمنية ، فوالده من الصعيد ومطلوب في (التار) ، لذلك والديه بالخليج ولم يحضرا معه ، واعطاها بعض البخور والأوراق والعطور ،وطلب منها حرق البخور والورق قبل حضوره مباشرة .
    واتفق مع والدتها علي كل شيء ، الزفاف خلال أيام ،وبلا حفل ، أقتنعت بظروفه ووافقت فكم كانت تحب والدته وتعتبرها أختا .
    وتم الزفاف لكن كعادته لم يحضر الا بعد منتصف الليل متعللا بشغله وترتيبات السفر ، والتار الذي يطارده .. مرت أيام وشيرين تشعر بالملل ،كل يوم يختفي سامر ولا يعود ألا بعد منتصف الليل ، تصرفاته غريبة ،،وعلاقتهما أغرب ، والصداع لا يفارقها ولا تتذكر شيء بينهما ، سوا تلك الكوابيس البشعه التي تطارها كل ليلة ، أشباح تتراقص معها ، ووحوش تطاردها ، وتلك الغرفة المظلمة التى تجمعها بسامر ولا ترى ملامحه ، فقط صوته وكلمات الحب تغمرها ،ونار تشتعل حولهما ،،صراعات تدور برأسها .
    فكرت أن تخرج وتذهب لزيارة أمها ، لكن سامر منعها من الخروج إلا معه .
    تشعر بعزلة رغم أنها لم تبعد سوى أمتار عن شقتها ،اتصلت بصديقتها(سارة) لعلها ترتاح أن أفرغت تلك الهموم لها..
  • كيف حالك ياشيري؟
  • بخير يا سارة
  • البقاء لله حببيتي ، تأخرت قليلا ، لكن سفرك وعدم معرفة رقمك هما ما جعلاني ..
    قاطعتها شيرين
  • لحظة ، من مات ؟! وأي سفر ؟!
  • والديكِ، احترقت الشقة بهما ،بعد زواجك وسفرك بيومين !
    صرخت شيرين منهارة
  • ماذا تقولي ؟! أمي وأبي احترقوا ؟ ما هذا الذي تتفوهين به كيف ؟؟ وأي سفر ؟!
  • حبيبتي اهدئي، كيف لا تعلمين ؟ وقبل أن تستكمل معها حديثها أنقطع الاتصال.
    توالت صرخات (شيرين )، ارتدت ملابسها وهمت بالخروج ،لكن الأبواب مغلقة ، حتى النوافذ كلها معتمه ومغلقة ،كأنها في كهف تحت الأرض ، ظلت تصرخ وتبكي حتى اختنقت وغابت عن الوعي .
    بعد منتصف الليل جاء (سامر) ليجدها بحالتها السئية ، صرخت به وقالت من أنت ؟!
    ماذا فعلت بأهلي ؟!كيف أحترقت شقة أبي ؟ أين أنا ؟!
    حاول تهدأتها مرارا لكن دون جدوى ، ثم أقنعها أنه خاف عليها من الحزن فلم يخبرها .. مرت أيام وهي تلح على سامر أن تذهب لزيارة قبريهما ،حتي أقتنع أن يتركها تذهب ، وهناك بكت حتى جف دمعها ،شعرت كأن أحدا يربت علي كتفها ، التفتت لم تجد أحدا
    في طريق عودتها مرت علي شقة أمها ، تمد يدها كعادتها أسفل دواسة الباب لتلتقط المفتاح ، هنا تجد خطابا ، فتحته لتقرأ ما به ..
    ابنتي شيرين ، حاولت كثيرا أنا اتصل بك ، أزورك ، أتحدث إليك ، لكنني فشلت ،لا أعرف أين اختفيتي ونسيتي أمك وأبيك؟! ، لكنني عرفت ما يهم أن أبلغك به ، منذ أيام قابلت صديقة قديمة ، وتعجبت عندما علمت بمن تزوجتي ، هى تقول أن سامر ووالديه ماتوا في حادث أنقلاب سيارة منذ سنوات !
    حاولت أن أبلغك ، ولم أستطيع ، أشعر بخوف شديد عليك ، ذهبت للدجال لعله يعرف مكانك ! أخبرني أن تلك اللعنه تلاحقك ! قلبي مقبوض ،وقلقة عليك حببيتي ، أشعر أيضا أن أحدا ما يراقبنا ، اذا وصلك خطابي ، انتبهي لنفسك
    استدارات شيرين مفزوعه ، لتجد سامرا خلفها ! وقد تغيرت ملامحه وعيناه الحمروتين يتوهج داخلهما لهيبا.

تلك اللعنة .. قصة قصيرة

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

“ديسمبر لا يعرف الحب” .. يرويها مجدي محروس

كتب مجدي محروس:


من مكاني فوقَ ذلك المقعدِ المتهالك، رحتُ أرقبُ رصيفَ المحطةِ وقد اكتظَّ بالمسافرين، وانطلقتْ عيناي ككاميرا بطيئةٍ تطوفُ بوجوه المحيطين، فهذا شابٌ – لا يملكُ من الحروف الهجائية سوى تسعة عشر حرفاً فقط – راح يسبُّ رفيقه بألفاظٍ نابية بصوت عالٍ مما رسم البسمةَ على وجوه كلِّ مَنْ سمعوا سبابه، وتلك امرأةٌ تهمسُ في أذن جارتِها بشيء ما احمرَّ له وجهُ الأخيرةِ خجلاً، وكوعها يغوص في جنبها برفق، وهذا يدخنُ سيجارةً وعيناه تراقبان سحبَ الدخانِ في شرودٍ وكأنَّه في عالمٍ آخرَ، وهذا شابٌ عابثٌ يغازلُ فتاةً تمرُّ من أمامه، وهي تتصنعُ الحياءَ، وبريقُ السعادةِ بعينيها يفضحُها، وهذا هَرِمٌ متصابٍ، عيناه معلقتان بردفي تلك المرأةِ التي يتموَّجُ جسدُها داخلَ العباءة كحيةٍ رقطاءَ، وما أن تشتدَّ السخونةُ بينَ فخذيه حتى يبلعَ ريقه في صعوبةٍ، وهو يطرحُ الجريدةَ التي بيده ليخفي عروقه النافرة، والتي سَرعانَ ما تستعيدُ هدوءَها حين تتوه ضالتُه بينَ الجموعِ المتزاحمةِ ليجدد رحلته في البحثِ عن امرأةٍ أخرى ..
أصواتُ الباعةِ الجائلين تعلو وتعلو، وكأنَّ صاحبَ الصوتِ الأعلى هو الأكثرُ رزقا ..
يصك آذاننا نفيرٌ قوي معلنا عن قدوم القطارِ، الذي أقبل يتهادى بين رصيفي المحطة كطاووسٍ ضخمٍ، غمره إحساسٌ بالتيه والغرور حين رأى الجميعَ وقد تركوا مواضعهم واقفين في تحفزٍ، وكأنَّهم يُقدمون له التحيةَ، وقبلَ أن تستقرَ عجلاتُ الطاووسِ فوقَ قضبانه كنتُ قد فزتُ بمقعدٍ مجاورٍ للباب، وتلك أهمية أن يمتلكَ المرءُ جسداً نحيفاً وقصيراً إلى حدٍ ما، يجعله يتسللُ بينَ الحشودِ فلا يشعرُ به أحد ..
القطارُ يتحركُ ببطءٍ كشيخٍ بلغ من العمر أرذله، يتكئ على عصا غليظة في شارعٍ ملئ بالحصى
و .. كانت تلك الصرخة ..
فتاةٌ تحاولُ الركوبَ، وكادت تهوي تحت عجلاته ..
تحركتْ يدي بحركةٍ لا إراديةٍ، وقبضتُ على كفِّ الفتاةِ، وجذبتُها لداخل القطار ..
وفي تلك اللحظة انفكت عقدةُ لسانِ رجلٍ على مشارفِ الخمسينات، وراح يبكي، وهو يضم الفتاة لصدره مردداً :

  • ” ابنتي وفاء .. أنت بخير “.
    ولكن الفتاة نظرت إلىَّ ..
    إلى منقذها ..
    ثم انخرطتْ في بكاءٍ حار، وحاول الجميعُ تهدئتها إلا أنا ..
    لم أدرِ ماذا أقولُ لها .. هل أواسيها ؟ أم أهنئ نفسي؟ وقد التقطت أصابعي ملاكاً يندرُ أنْ تجدَ مثله هذه الأيام ..
    ملاكٌ بكلِّ ما تحويه الكلمة من معان، الوجه الأبيض الجميل، العينان الواسعتان، الشفتان الرقيقتان، الفم الدقيق ..
    استيقظتُ من شرودي على بكاءِ الأبِ وهو يضمُّها لصدره، فمددتُ يدي والتقطتُ أطرافَ أناملِها الباردةِ وأجلستُها مكاني، وراح والدها يشكرني وأنا أردُّ عليه بهمهمات لا معني لها، وعيناي معلقة بذلك الكائن الملائكي الرقيق ..
    توردت وجنتاها كثمرةٍ ناضجةٍ، وقد أحسَّت بنظراتي إليها ..
    طافت عيناي بملامحها الرقيقة، وتنهدتُ في راحةٍ كغواصٍ وجدَ ضالته بعدَ عناءٍ طويل، وهمستْ أعماقي بصوتٍ لم يتعدَ حلقي:
  • هل التقينا من قبلُ ؟
    أجابتني عيناها بابتسامةٍ عابثةٍ ماكرةٍ، وكأنَّها سمعت سؤالي ..
    ربَّاه !! ما لهذا القطار اللعين لا تكادُ عجلاتُه تلامس القضبان ؟
    من بين شفتيها هتفت بأبيها كسيمفونية رقيقة وهي تنهض، وعيناها لا تفارقان وجهي الذي اعتراه الشحوبُ :
    ـ لقد وصلنا .
    شقَّتْ طريقها أمامَ أبيها، وقد انخلع قلبي مع كلِّ حرفٍ نطقتْ به، وكدت أتشبثُ بها مطالباً إياها بالانتظار ..
    ولكن أنَّى لي ذلك ونفيرُ الطاووس جعلهما يسارعان بالنزولِ وسطَ الجموعِ المتدافعة، فهوى جسدي مكانها خلفَ النافذةِ، غيرَ عابئٍ بالعيون المتسائلة المحيطة بي، وعيناي معلقتان بها وهي تتجه مع والدها نحوَ إحدى العربات ذات الجياد، وما أن استقرا فوقَ العربةِ حتى أطلقَ الجوادُ صهيلاً قوياً، وهو يرفعُ قائميه الأماميين في سعادةٍ، فكان وقعُ حوافره على الأرضِ كمطرقةٍ من الصلبِ تدقُّ قلبي ..
    القطار يتحرك في بطءٍ، والعربة تبتعد ..
    ومن جانبِ العربةِ أطلتِ الفتاةُ برأسِها ..
    التقتْ عينانا في نظرةٍ أخيرة، وبحركةٍ خفيَّةٍ من أصابعها لوَّحتْ لي ..
    ولكن ..
    ربَّاه !!
    لقد فقدتْ عيناها ابتسامتها !!
    تمت بحمد الله

ديسمبر لا يعرف الحب .. قصة قصيرة

إبداعات عائلة اسكرايب

“الزلزال” .. قصة قصيرة للكاتب أشرف غازي

كتب أشرف غازي:


كانوا عُصبة من الرجال تبدو عليهم سمات الوجاهة من ملبسهم وعرباتهم الفارهة، نزلوا بإحدى قرى الصعيد، وإجتمعوا بعمدة القرية وشرحوا له عن أمر جلل سوف يحدث، إذ أخبروه أنهم وفد من هيئة البحوث المصرية وبأنه في تمام العاشرة مساءً سوف يضرب القرية زلزال بمقياس ثمانية ريختر، وعلى الجميع ان يتجه صوب الخلاء حتى يتسنى لهم متابعه الكارثة عن كثب، ومحاولة الحد من توابعها وتصوير ذلك الحدث ونقله بالصوت والصورة لكآفة أنحاء العالم، وأخبروه ايضا ان قريتهم ستكون مركزاً للزلزال.

أمر العمدة بتجميع الناس وخطب فيهم موضحا لهم تلك الكارثة التي ستحُل عليهم، ولما سمع الناس كلامه راحوا يضربون كفاً بكف.. منهم من أرجع ذلك إلى كثرة المعاصى والذنوب التى أصبحوا يقترفونها دون رادع، ومنهم من قال بأنها من جراء سياسات فاشلة للحكومة اثرت بالسلب على البيئة، ومنهم من قال أن العالم يقترب من النهاية.. ومنهم من فوض أمره إلى الله، الغاية ان الجميع قد أدلى بدلوه ولم يدع الأمر يمر مرور الكرام.

أكرم العمدة وحاشيته نُزل الوفد ولم يدعوا في جهدهم جهد إلا وبذلوه.. ذبائح ولحم ضأن وفتة بالخل والثوم وعسلين بلونهما الأبيض والأسود وفطير مشلتت وقشدة جاموسي معتبرة وجبن قديم يعوم وسط بركة من المش المُصفى.. كانت وليمة تستحق ان يبذل مقابلها أفراد الوفد أرواحهم.

حلت ساعة الصفر فأخرج افراد القرية مواشيهم وأطفالهم وذهبوا إلى الخلاء مُخلفين وراءهم بيوتهم وما تحويه البيوت من اثاث فلم يكن في مقدورهم اخذ شيئ بعد أن داهمهم الوقت.. ولم يشك أحد او تتسلل الريبة إلى نفسه ان الزلزال قادم لا محالة وبخاصة بعد من شاهدوه من أعاصير وسيول أخبرتهم بها هيئة الأرصاد قبلها بإسبوع كامل.. وتحقق توقعها دون إنحراف يُذكر.

مرت الليلة على أهل القرية أشبه بالدهر وفي الصباح أكتشفوا أن الوفد لم يكن سوى مجموعة من اللصوص لم يتركوا شيئًا ذا قيمة إلا وسلبوه.. ناهيكم عن الذهب والمصاغ والأجهزة الكهربائية وتركوا القرية في نحيب وعويل.

إبداعات عائلة اسكرايب

“سلافات العمر” .. ترويها نوادر إبراهيم

كتبت نوادر إبراهيم:

قبل أيام انتابني القلق حيال بعض خطواتي الماضية، رغم أنها مضت إلا أنني ما زلت أفكر بها، أنا ببساطة تستهويني الصور القديمة، المطر والتلال، بقاع الذكرى ونَّدَبُ الأشواق، جموح الكلمات وباقي الندم، تستفزني عيون الصغار تحت نفق المدينة وبعض التعب يسكن نظراتهم، تستدرجني ثياب الأَيَاَمى وقد مزقت الوحدة ألوان طرقاتهم فكان خضاب البؤس سيدًا وملكا؛ كل هذه الأشياء وأكثر تجعلني أفكر بأمسي وأغوص عمقًا طويلًا في فضاء الفكرة، ربما فكرة هشة ستتلاشى من نفخة زفير أهوج، ربما فكرة لزجة تعانق حبال العقل بذكاء حتى تكاد تقضي عليها بثمالة ولهب، ربما فكرة ما زالت في أحشاء الغيب والزوال، وما زلت أشاطر ليلي بعض رؤى الماضي الرمادية، ما زالت الأغنيات تعاقب سمعي بلذة وحنكة، تردني إلى رشد الألحان.

بينما تناغم القوافي يشدني نحوه دون رأفة، أجدني معلقة بين سماء الأنا وأرض الواقع الذي ينكرني وينبذ لمساتي، أكاد أفقد الوعي والبصيرة، أرقص بهدوء مغرٍ وأبكي بجنون حد الهذيان، فتكبلني أصوات المجهول بسلاسل من ضياء في حصنٍ منيع، لكن عتمتي تلتهم كل هباءةٍ تبشر بالنور، كأنها لعنة تفج بين الصلاح والرجس، تدعي اسعاد القلوب فتغدر بها حتى تدمع فتكفر بعقيدة الابتسام، ثم لا يبقى شيء على عهده، كل الملامح تندثر في مواجهة الحقيقة، كل شيء عارٍ من أقنعة الحياة، أنا وأنتم والمرآة أمام فناء الروح، نحاول اقتسام قماش شفاف يدعى الحب، نتوارى به، نتجمل بأطرافه علنا نحتشم ونظفر بثوب جديد، وهوية مختلفة، علني أجدني في قلب أحدهم، أنظم ما استطعت من الحروف، أطرز كل المواسم لأجله، أرتدي نظراته معطفا وعطفا.

أستطيع تفصيل ذاك الحب على مقاس هذا الكون لأهرب به إلى عوالم ساحرة، لم تكتشف بعد سأكتشفها أو سنكتشفها معًا، عوالم من شغف وصبابة، عشق جياش، وقتئذ بعض التمرد لا يضر، وبعض سلافات العمر مباحة، وكل العقل يؤيد خطواتنا المترنحة فيشاركها الكأس والرشفة.

إبداعات عائلة اسكرايب

“إن تُهت أم انتهت” .. نص مشترك للكاتب: أحمد أبوعبيدة والكاتبة: نوادر إبراهيم

( ١)
كُنَّ هُناك
في آخرِ الرّواق الكئيب
يتبادلن النّميمة و الدموع

و المشطُ
وحيدٌ هُناك
على التّسريحة البُنية
يعُد أسْنانه
من فرطِ الغِياب
سِنّة سِنّة

كُنّ هُناك
فلِما ذَهبْن إلى هُناك ؟
كيف نَسين المِشط
و أين ضيّعن الضّحك !؟
(٢)

يسير وحيداً
و الطّريق
يذكرُ عكازّةً
كانت لِجدّه
لماذا تحضره هذه القّصة
الآن تحديداً
عصى موسى و اليم ؟
و ليلى في كلّ مكان
تحملُ طفلا و عُلبة ألوان
كان للنّيل حبيبة
كما للضّوء حبيبة

من مكبّر الصّوت :
( إرفع يديك ، أنتَ مُحاصر )

ثم إستيقظ ؟

______________________

بُيوت الأشباح
ليست فارغة
بيوت الأشباح
تقطُنها الأشباح
فقط أنت الذي لا تريد أن ترى
أنت الذي تخاف ..

إن تهتَ يومًا داخل بيت شبح، مليءٌ بدخانٍ غير مألوف سوى بشكله
اما لونه فكان أقرب للونِ السماءِ في ليلها،
لون أسود
أو يشبه السواد في عينيٌ امراة غجرية بكحل كثيف، كأنه غيمة من ضباب وحكاية
وتظل الحكاية عالقة في بيت ما
بيتٌ من ظلال وأصوات
وبعض أثار الاقدام الضخمة
كأنها من عصرٍ قديم
يمارس شتى أنواع العقاب على العُشاق

بينما العاشقات هناك، يرتدينَّ الحزن، ودموع من صلب المعاناة
تقف إحداهنَّ مهزوزة وسط حشد قفير ومسرح إعدام
وهتاف يوبخ المُعدم، ثم يُرمى بقذارة الكلمات والاطعمة الفاسدة
في الوقت الذي تنهار فيه حبيبته وتقع، يخطفها رجلٌ نبيل، يتناول جسدها النحيل بين ساعديه، فيبتعدُ بها سريعًا كأنه براق من برزخ الخرافات، وأسرار الشعوذة
رجلٌ يشبه قياصرة الرومان بيد أنه يعيش في كوخ خشبي به ما به من الأشياء العجيبة،
صناديق عتيقة
تماثيل تُشبه سُكان البحر والكنوز الضائعة
وما خفى أعظم
مفتاح ضائع
ومحارب خائن في حقبة آخري
يواجه الموت فينتهي غروره بتعوذية ساحرة، لها من العمر ألاف القرون، ومئات القصص الصامتة خوفًا من سمعة سحرها العظيم
وما بين مخاض وموت، تتجدد الخلايا والبعث
تُرمم خدوش الروح بلعنةٍ صالحة
ويستمر البحث عن مفتاح مجهول
في كوخ غريب
يحوي رجل وامراءة
وربما طفل في أرحام الغيب
وقصة أطول من الأبجدية
كمريم والشجرة
وجريدها البِكر
كمسيح مصلوب
على أشعة ذهبية
تمر بخط الاستواء
وتصل السماء السابعة بكلمة واحدة
الله.

انتهت هذه المرة.

إبداعات عائلة اسكرايب

“لقاء فوق العادة” .. مع أميرة إسماعيل وتحدي الملل

كتبت أميرة إسماعيل “إيمي إسماعيل”:

كان هبوط تلك الطائرة هو الأكثر قلقاً بين رجال مراقبة البرج، فقد انحرفت عن مسارها بعد أن توقف أحد المحركات مما جعل القائد يعاني من التحكم بها؛ مطباتٍ هوائية وقفزات بهلوانية تعانيها الطائرة وفي نفس الوقت يعاني الركاب من القلق والتوتر فحياتهم على وشك الذهاب بلا عودة.
رغم توتر الجميع إلا أن توتر تلك الصغيرة التي لم تكد تتخطي العشرون ربيعاً بسويعات ذات البشرة البيضاء والشعر الأسود الناعم القصير والجسد المتوسط الممشوق هو الأكثر خوفاً من السقوط والتحطم، صراخها يكاد يصم الأذان وهي تتفوه بما لذ وطاب من السباب المحنكة بقلقها العفوي؛ جعلت الجميع يصاب بالصدمة وهي تصرخ بكلماتها الناقمة: منك لله يا كومي، الطائرة ستحترق ولم تحضر لي الهدية…


ليقف الجميع لها فاغر الفاه فهم على وشك فقدان حياتهم وهي في ماذا تفكر، انطلقت تعيد الصراخ عندما اصطدمت الطائرة بسطح الأرض وهي تتمتم: ذهبت زهرة شبابك يا شيرين، وعلى يد الكومي، ولم تتهني بعيد ميلادك…
توقفت عن الصراخ عندما استقرت العجلات ساكنة وتَبّهُل الركاب للنجاة بينما هي كانت كلمتها الفاصلة تزامناً مع سقوطها بالوعي غائبة: متنا والحمد لله.
خرج القبطان الشاب من المقصورة بعد أن سمع نداء المضيفة بجزع وتوتر: مات شخص من الركاب يا قبطان.
كانت خطواته أشبه بالركض وهو يتبع المضيفة وكل الأنظار تصاحبه بترقب، لتفرغ الأفواه وهو ينطق بعصبية عندما عرف هويتةُ: منك لله يا شرين، ألم تجدِ غير طائرتي وتموتِ بها…
اقترب منها محاولاً إنقاذها وهو يكاد يبكي: أفيقي بالله عليكِ … لن يدخلوني المنزل اليوم، والمرتب طار!
ليطمئن قلبه عندما وجدها فاقدة الوعي فقط منح الإشارة لطاقم الطائرة بتنفيذ إجراءات الخروج، ليقترب منه مساعده وهو يسأله بخوف: الركاب نزلت ولم يتبقَ غير هذه الآنسة التي توفيت! ماذا سنفعل؟
نظر له وهو يشفق على حاله ليقل بحزن: ظهري سينكسر يا فادي… ليصمت ويعيد القول ببكاء: سأطرد إذا لم أذهب بها إلى المنزل.. أبي وجدي سيعلقونني علي باب البيت لو ماتت وأيضاً في رحلتي.


تركه وغادر ليحملها على كتفه بسهولة نظراً لقوة جسده العضلية وتكوينه المشدود بعد أن فقد الأمل في استيقاظها، رأسها للخلف وقدمها للأمام، لتكون رحلته من الطائرة لسيارته التي ركنت بالجراج شاقة وهو يتأفف، وضعها علي المقعد ليحدثها بحقد: هل انتِ قادمة من الخارج لتموتِ في طائرتي…. منك لله يا …..جدك سيقتلني.
ليقود السيارة متوغلا طرق المدينة فتوقف عن إشارة المرور ليلمح بائع الذرة يركض باتجاهه، لتجحظ عيناه الخضراء وهو ينظر لها: يا نهار أسود ذرة، جالك الموت يا تارك الصلاة!
تململت بحركتها بعد أن تنشقت رائحة الذرة الساخن لتقفز من مقعدها وهي تمسك بمعصمه برحاء: أريد ذرة يا مكاوي، نفسي به…


لينظر لها وللبائع الذي لن يكفيه العربة وما بها رافعاً الزجاج بسرعة وينطلق بمجرد فتح الإشارة، وهو يصمتها بحديثه: لا يوجد ذرة يا ماما إلا عندما تتوقفِ عن مناداتي هكذا، …
لتلتفت وتنظر إلى الشارع والمحلات لتلمح بائع الاسماك المملحة، لتصدمه بصوتها: رنجة أريد رنجة يا ميكي… ليزيد من سرعته من الغيظ ويضغط علي المقود، نظرت لوجه الطولي وشعره البني وهي تزم شفتيها وشهقة البكاء تشتعل ليعود بالسيارة سريعا ليشتريه لها نظر لها سريعاً وعاد للطريق وهو يقول لها ساخراً: الست الوالدة ستطردنا ومعها الست الحاجة وأنا مفلس… لينظر لتك الحقيبة مغتاظاً: بسبب هذه الرنجة، ادعوا الله ان لا تتوحمي عليها.


ضحكت ملء شدقيها وهي تحدثه فقد أتت بالمعجزة: سأبيت عند عمي.
نظر لها ثم ضحك بقوة وهو يخبرها أن زوجة عمها ستطردها أيضا: هيا بالله عليكِ، أمي وترضى بدخولها، هذا يوم المُنى،، كنت سأوزع جنية صدقة،… إنها ستطردني بسببك يا بلية الزمن…
نظرت له وزمت شفتيها بحزن: تطردك لما……
انتفخت وجنتيه وهو يحذرها: أنا لو أعرف لما، سأرتاح… أنا ابنها وترميني بالخارج عندما تراني … ليبكي وهو يزيد: لا أستطيع أن أهنأ بالمرتب، أول ما يقبض تصادره لكي تنهي شقة الهنا،… ضيق عينيه وهو يسألها: ماذا فعلتِ بها، أصبحت تطاردني كثيراً؟!


وصلت السيارة للمنزل فتوقف الحديث وهم يدلفون من باب الطابق الأول حيث شقة الجد فتجري الفتاة له لتحتضنه بينما يتلقى سباباً من والده وهو يوبخه: إنا أهاتفك منذُ الصباح لما لا ترد يا متخلف.
وابتعد مسرعاً حين تذكر أنه قادم ولم يغتسل فصرخ به بحدة: لما لم تنظف نفسك يا غبي….
ليخفض رأسه وهو يلتفت صاعداً للطابق الأعلى قائلاً بخنوع: حاضر سأستحم. … وأكمل في سره: لماذا يا الله اخترت أبي بوسواس النظافة.
ليوقفه صوت جده وهو يخبره بصوت قوي : جهز نفسك بعد الغد حفل زفافك.


تسمر مكانه وهو يلتفت لشرين التي تبتسم بقناعة وخجل: لن أتزوج قبل أن أحصل على هدية عيد ميلادي.
ليسقط صريعاً وهو يردد كببغاء: لقد دبست، وسيتم طردي والحمد لله.
استيقظ من النوم وهو يحدق لمن حوله الذين ينتظرونه بقلق حتى يفيق، لتحتضنه يد والدته لتطمئن علبه: ما بك يا صغيري.
لينظر لها ويطمئنها: أنا بخير يا أمي… ليجد شيرين تندفع له وهي تتعلق برقبته: كيف حالك يا مكاوي؟
دفعها بعيداً وهو يخنق رقبتها بغيظ: شيرين توقفِ عن اغاظتي أنت تعرفين عدم تحملي لهذا الاسم…
لتضحك وهي تمسك وجنته وتقول بغنج: لما فقط يا ابن عمي…. وفجأة دفعته من صدره بعد أن غضبت: لما وقعت من طولك يا مكاوي ألا تريد الزواج!


انطلقت عيناه من محجرها وهو يقفز يمسك بيدها بخوف: ليس هكذا …
توقفت ونظرت له وهو يبتلع ريقه لما هو قادم: فقط أنت لا تتوقفين عن الأكل؛ والراتب لن يكفينا.
انطلق راكضاً وهي تركض خلفه حاملةً السكين في شقة جدهما والجميع يراقبهما بدهشة: أنا مفجوعة، أيها المفجوع…. أنا …أنا… ألا تلاحظ جسدك وجسدي!
ليخرج رأسه من خلف والدها وهو يتمتم ببلاهة: هذا ما يقلقني…. أن تأكليني ولن يظهر ذلك.
سقط السكين من يدها وجلست متربعة وهي تلطم: لم أظن أن هذه النهاية، عشرة عمر، يأخذني لحم ويرميني عظم… لم يكن يومك يا شرين..


لتنظر لجدها وهو يراقبهم بسخط: فلتجلس بحواري يا جدي وترى حفيدك ما يفعل… ترك لي الأولاد وهرب …
رفع الجد عصاه الآبنوسية وهو يتجه لها لتنطلق راكضة لتختبئ خلف خطيبها الفارع الطول لتنزل العصا تصيب الأثنين ليركضوا وهو يوبخهم: أخذكم الله يا بلايا الزمن.

تمت ..

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

“الأب” .. هكذا رآه حسن أشرف مع تحدي الملل

كتب حسن أشرف:

  • أبي، سأتنزه اليوم مع رفاقي.

يا بُني، الأرصاد تقول پان هناك تقلبات طقس قوية للغاية، قُم بتأجيل التنزه إلى الغد.

  • أرجوك، هم ينتظروني بالأسفل.

عليك الذهاب، واعتني بنفسك.

  • ذهبت أنا والرفقاء لركوب الخَيل وإذ برياح عاتية هوجاء غاضبة خُيل لي أنها تتحرك ببطء شديد، وتلقيت صفعة أوقعت بي رأساً على عقب ومرت علي زوبعة عمياء عاصفة، قامت بتحريك جسدي شكل دائريّ، أعلم أنني سأتلقى عقابي من أبي، لم أنصت لحديثه عن تلك الرياح الغاضبة لأنه حاول منعي لمقابلة أصدقائي، وإذ رآني هكذا سوف يغضب كثيراً على فعلتي الشنعاء.. ماذا عساني أفعل؟ وماذا سأقول له؟
    أنا الآن فى كامل تعاستي لما سأراه من أب ذات ملامح هادئة ولا تدل على شىء سوى السكينة والطمأنينة، وأهاب أن ينقلب وجهه فجأةً ويطردني خارج المنزل عند عودتي له وانا فوضوي هكذا، ولن أرى الايام المبتسمة مرة ثانية، ولن أحظى بالغداء معه، وساشتاق إلى سماع عبد الحليم وقارئة الفنجان، ولن نتراقص على أنغامه وكلماته ولن يشرب القهوة من يدي، سُحقاً ما الذى أقترفته؟
  • تباً لكم يا رفقاء السوء، اتركوني وشأني، فلم أعد أحتملكم جعلتموني أبكي بسبب أنني لم أكترث لكلام أبي، هو قلق علي الآن.. لا ادرى، لا أدرى.. ما العمل الآن؟
  • هدء من روعك قليلاً، الأمر لن يصل إلى هذه الدرجة من السوء.

أصمتوا وأنصتوا لي:-
أصبحت اكرهكم كثيراً.. لا تدعون الحُب أمامي جميعكم أوباش حثالة، إذ حدث لي مكروه بسببكم لن أرحمكم قط، نحن الآن على مقربة من منازلنا ألتزموا الصمت طوال ذلك الطريق.

حسناً، حسناً.. لكن هدء من روعك.

  • لا تكترثوا لي، أصمتوا فحسب.

لا بأس نحن نعلم مدى كرهك لنا.. لكن عليك أن لا تقلق ونحن نحبك ولا نرضى لك مكروها أبدا.. كدنا نصل جميعاً إلي المنازل.. وعليك أن تعلم أننا جيران قبل كل شىء، وسوف نتلقى العقاب أيضاً.. مع السلامة..

  • بدون سلام أغربوا عن وجهي.. لم أقصد إغضاب أبي ها أنا أصعد السلالم للتوجه إلى الشقة.. أسألك يا إلهي الرحمة والسكينة لأبي.

مرحباً أبي.. أرجوك لا تغضب مني لم أقصد ذلك، ياليتني ما عصيتك.

يا بُني.. قُم بتسخين الماء لكي تحظى بحمام دافئ، وعليك النوم هادئاً.. لا تكترث بشئ.

  • ألست غاضباً مني لما أقترفته؟

لا يا بُني.. فلتحظى بالخلود و الطمأنينة.. عليك أن تعلم بأن الأب مهما حدث لن يترك أبنه حزيناً قط.

الأب .. خاطرة

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

“الطبيعة تشعر وتتكلم” مع نرجس بركات وتحدي الملل

كتبت نرجس بركات:

حاولت وصف الطبيعة فلم أحتج لرسم مكان مبهر في مخيلتي و لم أحتج للنظر في صورة مكان يعبر عن مدى روعة الطبيعة ،كل ما كنت بحاجة إليه هو الخروج من غرفتي والذهاب لحديقة منزلنا ،قمت بالبحث عن قلمي الذي أعرته لأختي آخر مرة و عن دفتري الذي أخبؤه تحت وسادتي واتجهت إلى حديقة المنزل …….كان الجو في غاية الروعة و كأن هذا اليوم يبدو يوما من أيام فصل الربيع تلك الأيام التي ترق فيها أنفاس النسيم ،لأرى بعض النسمات تمر مرور عاشق و هي تداعب خصلات شعري حاملة إياها بلطف شديد و كأن تلك النسمات تجبرها على الرقص مرحبة بي ترحيب الفرح المسرور رقص هادئ لتبدو كفتاة لطيفة ترقص بهدوء على أنغام موسيقى اندلسية .


ما أبهى الجو في هذه الصورة وما أجمل رائحة النعناع الفواحة المنتشرة في المكان ،شد إنتباهي صوت عذب إنه صوت عصفور بهي الطلعة فسبحان الخالق الذي أبدع في خلقك صوتا و صورة ،جعلت أتأمله بتدبر متمنية لو كنت أستطيع فهم ما يقوله أو فهم أي انشودة هو ينشدها الآن بقي يتمايل يمينا ويسارا و هو فوق شجرة المشمش التي كادت تبدو أزهار ثمارها وهي تتراقص بعد أن عصفت بها بعض الرياح الهادئة لترسم منظرا خلابا شكله حفيف الشجرة و زقزقة العصفور …..
الشمس تبدو خجولة :تطل تارة و تغيب تارة أخرى و الغيوم كادت تكون مرآة للشمس لولا الصراع القائم بينهما ،صراع الفوز بالسماء ،كلاهما يتحدى الآخر وأنا مستمتعة بمشاهدة هذه اللوحة الدافينشية الجذابة ….
وددت لو أني أرسل رسالة مع الرياح لشمس :”يا شمس الربيع الدافئة ،كفاك شجارا فالغيوم رسمت لي أشكالا عديدة و هي تثبت لي أنها تعرف كل ما بداخلي ،وددت لو أنني أستطيع أن أخبر الشمس أن الغيوم قد رسمت شكل رغيف خبز عندما أحسست بالجوع و معطفا عندما هبت علي تلك النسمات الباردة و قلبا لطيفا عندما أحسست بالشوق ….


الجو هنا يبدو سعيدا تارة و مشاغبا تارة أخرى ،فلقد بعثرت الرياح كل الأوراق التي وضعتها فوق طاولة الحديقة وحاولت اللعب مع أجراس الحديقة لترغمها على إصدار صوت عذب يذيب روحي و يعيدني ذلك الصوت للعيش مرة أخرى في تفاصيل كرتون إيميلي ….
رفعت رأسي لأرى من فاز في مسابقة الفوز بالسماء بعد ان اشتد التحدي بدخول الرياح في التحدي .
اندهشت حين رسمت الرياح و الشمس و الغيوم لوحة فنية خلابة في مكان أشبه بحديقة سورية تريح تفاصيلها ثنايا الروح .
إمتزج كل شيئ حتى الأحاسيس إمتزجت داخلي :حب و حنين و شوق و رغبة في التحليق …..
أظن أن الرياح طلبت مني المجيئ لكني رفضت فأمي تنتظرني في الداخل و صوتها و هي تذكرني بأن موعد الغروب إقترب لا يسمح لي بالذهاب رفقة الرياح .
مر الوقت بسرعة و لم أنتبه لموعد الغروب و أنا منشغلة في تأمل روعة إبداع الخالق حتى اختلجت أنوار الغروب الساحرة قبل أن يطلق الظلام رصاصته صوب الكون ليصيبه بسواده ….
لكني أحسست يومها بالكثير من الحب الذي ملئ قلبي إتجاه كل ما رأته عيناي :حفيف الشجر و زقزقة العصفور ،رقة النسمات ،دفء الشمس وعظمة الغيوم …

الطبيعة تشعر وتتكلم .. قصة قصيرة

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

“عمرٌ يعود للحظة” ترويها إيمان صلاح مع تحدي الملل

كتبت إيمان صلاح:

قصاصات أورق كثيرة ملقاةٌ على الأرض ،يعبثُ بها الهواء يمينًا ويسارًا ،أما هي فتنكمش على ذاتها في حجرة يتسلل إليها ضوءً خفيفًا ،وكأنه يريد أن يخفف عنها حدة الموقف ، فقد رأته بعد كل هذا العمر، ليس بمعقول نفس الملامح ،ولكن خطوط العمر سكنت وجهه مثلها، فخطوط العمر والغياب رسمت نقوشًا على وجهها ،ولكنها حاولت أن لا تعبأ بهذا اللقاء، كان لابد لها أن تبقى جميلة ،وقوية ،كي يتأثر عند رؤيتها ،ويدرك ذنبه الذي اقترفه اتجاهها.


شعرت في تلك اللحظة ؛عندما تلاقت الأعين المتفحصة للتفاصيل أن قلبها يسقط ليصل إلى قدمها؛ فحاولت أن تعيده مكانه كي تبقى على جسارتها التي عرفها بها ، منذ عقدين مضوا ،عيناها أصبحت كبندول الساعة، تتفحصه جيدًا، تذهب إلى أنحاء جسده لترى ما أحل به الزمن بعد هذا العمر .
عشرون عامًا من الفراق الذي كان رغمًا عنه، عندما تزوج من ابنة أحد أعمامه غصبًا – على حد تعبيره- ، فقد أجبره أبوه بالسابق على ذلك ، ولم يكن ليتكلم أو يعارضه في هذا الأمر،كان زمنًا مختلفًا حقًا ، قادها إلى الجنون ،فتزوجت هي الأخرى من أحد أقاربها لحفظ كرامتها المهدورة ،وأنجبت منه ابنتها الوحيدة ، معتقدة أن الزمن كافٍ كى يقتله بداخلها لمرات ،ولكن لم يحدث.


بعد اللقاء العابر يجلس فى غرفته ، مغمض العينين ، يتذكر عمره الذي مضى وهي معه، كانت فيه حبيبةً وسكنا له ،ثم رغمًا عنه تزوج ، وأنجب ابنه الذي يتكأ عليه الآن ، وعاش نصف عمره الأخر بدونها .
أما هي حين رأته ، قطعت أوصال هذا الحب إلى نهايته بخنجر الزمن ؛فقد اكتفت بتلك النظرة التى رأتها فى عينيه .
ذهبت إلى بيتها القديم ، وأخذت الأوراق، والرسائل التى مضى عليها سنوات حيث تركتها في غرفة مغلقة ؛لتصبح دليلاً على ما في الرسائل المقيدة بحبال الماضي .

سارت بها السنين عنوة ، وهى بعيدة عنه وعن الرسائل، وعندما دخلت إلى الغرفة ، وبحثت عنها ،وجدتها عالق بها الثرى منذ زمن ؛ كما هو عالق بروحها.

فمزقت خطاباته القديمة التى احتفظت بها، وحفظتها أيضًا عن ظهر قلب ، حيث كان الزمن غير الزمن .
ومزقت الرسائل ، والخواطر التى كتبتها له كل ليلة فى الغياب قبل أن تقرأها مرة أخيرة .


حيث كتبت ..
” قد يكون ما بداخلنا رسائل لم تصل إليهم، هي التى تؤرقنا ليلاً ، وتجعلنا نسهر مع القمر نحكي له ما فينا ، نشاطره السكون الهادىء ،وسط السحاب ، والنجوم، لا نزعجه ، ولا يزعجنا ، حتى أن يختفي لا أصوات سوى دقات قلوبنا الخفيفة ، الرسائل تصل للقمر رغم بعده عنا، ولا تصل لمن نقصدهم بها ،وهم الاقرب لنا ،فقررت أن أكتبها، وأتركها بجانبى للثرى .

بفعل الهجر، بفعل النسيان ، بفعل الزمن الذى يمر، تُصبح الأوراق الزاهية صفراء ،يصبح الحبر المُتأنق على الصفحات عديم اللون ، وأخيرًا تتحول الذكريات إلى تُحف أثرية مختزنة بين طيات أوراقنا القديمة .
عزيزى أنا لم أكتب لكَ كي تقرأ بعد ، أنا لم أرسل لكَ آثار ذكرياتى ، وإنما كتبتُ لي “.

الرسالة الأولى..
” أخُط بقلمي تلك الأحرف لكَ ، وأنا أغرس سن القلم بين أضلعي ؛ ليكتب من نزيف أحزاني التى صُنعت بكَ.
الرسائل ياعزيزي وحدها من تستطيع حِمل ثقل الماضي ، وحمل هذا الحزن الذي بداخلي ، فمنذ أن رحلت وأنا لا أجد لكَ عنوان، ولا أحاول البحث ، فقط تركت قلبي يجتر ذكرياتى معكَ ، وأخذت أنقش وجعي بالحروف”.

الرسالة الثانية ..
“إذا كنت قد تخليت عن قلبي، وتركته ممزقاً ، وهو بكامل احتياجه لكَ ، فأنا لم أعاتبكَ قط ، بل أعاتب رائحتي التي تركت معطفكَ وهربت.
ثمة شىء متناقض فى حبكَ ، فمن المخطىء ؟
أنتَ الذى غادرت ..
أم أنا التى لم تأسركَ بها ،ولم تستحوذ على قلبك وعقلك”.

الرسالة الثالثة ..
” مرت بضعة أشهر ومازلت غائب ،
ومازلت أنا معلقة فى حِبال حبكَ ،
أخشى أن تتهالك يومًا وأسقط.
وأعلم أنه سيمر عمر بأكمله ، وأنا أحاول ترميم عظامى المُتكسرة “.

الرسالة الرابعة ..
” بعد مرور عام..

إن حبكَ ياسيدى كان له من العنفوان ما يجر قدمي نحو الهاوية ،
نحو بئر من حنين أغوص فيه ، ولا أصل إليك.
فأخاطبُ الحنين الساكن بكَ، ولم يُحْدث ضوضاء فى روحكَ حتى الآن بعد رحيلي ، فيوُقظكَ ليخبركَ بموعد آخر مع روحي التى انسلخت منكَ قَهْرًا.

لم تكن الأشياء على ما يرام حتى أتيت من ظلامي الكاحل ،تقشع بنورك وحدتي ، ليزول ذاك الظلام ، الذي لطالما أحاطني ، ثم جاء قدري معكَ بنهاية الطريق لتذهب أنتَ حيث جئت وأغرق أنا فى الظُّلْمَةُ .

لا أعلم هل قادتني الوحدة قَسْرًا إلى الجنون ،لتجعلنى أبعثُ بالبرقيات لذاتى عند كل صباح بائس على قلبي لم تظهر به شمسٌ ، لأقول لها كوني أنتِ.

ثم تنشق السماء لذاتي كى تتكبدها ، وتصنع من النجوم عقدًا لتتزين به ، تتراقص بين السحاب ، هى تلك الروح المنهكة والآن تنعم .

أنا لا أفارق جسدًا أحببته إلا وخذلنى صاحبه حتى لم يعد لي مكانًا به ” .

الرسالة الخامسة والأخيرة ..
” أصبحت قادرة على العيش دونكَ ،
أمسيت أنتحب في صمت حتى لا تفيق الذكريات ، وتصنع إعصارًا عارمًا يقضى على الأخضر واليابس بداخلى.
حسنًا سأتذكركَ كشبح أتى واختفى.

كانت رسائل من ورق يسيرعليها العمر وهى هكذا ،يتعلق بحروف الماضى غبار تُزيحه عن الورق وعن روحها أخيرا ..
ولكن ولَّى عمر و عاد فى لحظة وفى نظرة “.

عمرٌ يعود للحظة .. قصة قصيرة

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

“أفق” .. خاطرة تنثرها فاطمة البقاعي

كتبت فاطمة البقاعي:

(أفق )

دائماً أجدني أرنو من خلف نافذتي أتأمل الأفق..
وكأني أعشق غيابها الشمس وولادة الشفق..
وأعشقها ساعات الفجر الأولى حين يولد الغسق..
وحيدة خلف نافذتي المظلمة وأنا وعالمي
أبداً لا نتفق…
وأكره هذا القلب بين أضلعي الذي بمن حوله وثق..
فقدت رغبتي في الحياة ولبسني حزني..
وسكنني حتى العمق…

أفق .. فاطمة البقاعي

إبداعات عائلة اسكرايب

“زهرة تعانق الموت” .. يقصها عصام أمين مع تحدي الملل

كتب عصام أمين:

كان يضمها إليه في حنان بينما تداعب أصابع يده خصلات شعرها الناعمة وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه محاولة إخفاء دمعة شاردة نزلت على خدها لكن لم يخفى على خبير مثله كان يشعر بانفاسها الحارة في وجهه دقات قلبها ينبض حزنا بين ضلوعه كان ملتاعا حزينا لا يدري ما الذي بدل حالها.


كانت زهرة حياته التي عاش عمره لأجلها ظن نفسه فراشة تحلق في فضاء الكون تطير منتشية تداعب أوراق الشجر وتحط فوق الزهور لكنه كان في كل مرة يجد نفسه يعود اليها ليولد من جديد من مخاض أنفاسها نظرتها المبهورة التي نطقت بعشقها له
كان يري في ظلمة المكان المحيط بهما وسط تلاطم الأمواج الهادرة في ذلك القصر المهجور والذي يطل ممشاه على شاطئ بحر ما له من قرار وصوت هزيم الرعد في أذنيه سمفونية عذبة النغمات كانت تدغدغ مشاعره فيجد نفسه يغوص في حضنها أكثر وهو يتمتم بصوت خافت :ما رأيك حبيبتي لو جعلنا الحلم حقيقية
ضمها إليه أكثر وهو يواصل قائلا رددي معي
همهمت بكلمات مبهمة غامضة.


علا صوته بتعويذة سحرية هطلت الأمطار عوت الكلاب حلق طائر غريب بالقرب منهما اهتزت الأرض تحت قدميهما كان فحيح ذلك الثعبان الذي كان يدنو منه يصم أذنيه.
تقف في رعب وهي تغوص في احضانه بحثا عن ملاذ لروحها الظمئة الثعبان يواصل اقترابه شعر بجسد الثعبان يلتف حوله.


أظلمت الدنيا حوله ثم اضاءت فجأة وجد نفسه وقدتحول الي كائن بشع الخلقة يحلق مبتعدا قبل أن ينقض على الثعبان الذي استكان في احشاءه نظر إليها كانت زهرة يانعة أمامه لم يكن تعبيرا مجازيا لقد حولتها تعويذته السحرية إلي زهرة برية موحشة الجمال كان لا يريد لغيره أن يراها وجد نفسه ينقض عليها ملتهما زهرته الجميلة.

زهرة تعانق الموت .. قصة قصيرة

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

محمود الكومي “على متن الحلم” .. مع تحدي الملل

كتب محمود الكومي:

مرت خمسة أعوام بعد تلك النكسة التي اطاحت بمدينتي واصبحتُ شريدا، وطريدا من أرضي فبعد أن زارها ءلك الوباء اللعين حاملا معه مناجل الموت التي حصدت أرواحنا وهدم فوق رؤوسنا أسوارها اضطررت الى تركها، هاربا من موت ما تزال مخالبه تاركة آثارها في قلبي باحثا عن مكان آخر أعيد فيه بناء أحلامي، ليطرق أبواب عقلي حديث صديقي حسام عن مدينة يعيش فيها وبالغ في وصف ترفها وجمالها فكانت كلماته ضوءا بآخر طريقي المظلم فيرشدني الى ساحة حياتي التي لطالما تقت الى نيلها، سرت وسط ظلمات طريقي شهورا انقضت وأعواما جرت خلفها خيبات بحثي عنها باحثا عن ابرتي فأنفض بها رماد أحزاني ورغم المدن التي قابلني اهلها بكل حفاوة وترحاب الا انني لفظتها فلا أريد حبة الكرز بل أريد الكعكة كاملة، وحينما يتملك مني اليأس في ايجادها تمد الي كلماته يد العون فتعيد الي شغفي بإيجادها حتى وصلتها حينما ميزت سورها الذي حدثني عنه ولكني وجدت الأسود وارى لبناته البيضاء فعبرته، تحطمت أحلام نسجتها في خيالي حينما ألقاني ما رأيت في بئر مظلم من هواجسي ، فلا أدري أين هو ربيع حياتي الذي سأقضيه وسط تلك القاذورات برائحتها النتنة، أين هي فراشاتها وبساتينها التي لطالما حدثني عنها، يبدو ان خريفها قد عانق خريفي، أين هي حياتهم الكريمة وطعامها الشهي وأنا أرى أهلها حولي يصارعون كلابها وقططها البائسة كحالهم على كسرة خبز وسط أكوامها، يبدو أن بؤسي قد سبقني الى هنا هو الآخر، أنظر في عيون القوم حولي فأجدها قد ملئت دهشة وشفقة فلا أدري هل هي على حالي أم حالهم.


رأيت سورا عن يميني وعنده يقف رجلان فذهبت وجلست أرضا بجوارهم اندب حظي وأقبض من رماد أرضها المتشققة كروحي لينساب بين يدي فأتذكر حسام وهو يخبرني باحدي رسائله بأن الذهب يجري بين أيديهم، نظرت الى الرجلين فوجدتهم مغمضي العينين يشهقون ثم يحبسون أنفاسهم طويلا، تتحرك عيونهم خلف جفونهم وكأنهم يحلمون، علمت السبب حينما طرق اشتممت رائحة ذكية صادرة من الجانب الآخر للسور، وجدت احدهم يحدث الآخر قائلا : يستأثرون بالنعم ولا يتركون لنا حتى فتاتها .
ليقول الآخر : لا تتذمر فتفقد كلتاهما .


انتبهت الى فتاة صغيرة تترنح في سيرها امامي حتى وجدتها تسقط فهرعت اليها ويسبقني خوفي اليها حتى وصلتها وحملتها بين ذراعي وأنا أرى شفتاها المتيبستان، اهزها، أصرخ بها لعلها تفتح عيونها المقفلتان، أصرخ بالقوم حولي ليمد أحدهم يد المساعدة اليها دون جدوى فكل منهم مشغول بحاله لا يهمه الآخر، وجدت حسام يقف امامي بملابسه الرثة التي تكاد تستر عورته، يخالط لون جسده الأبيض لون الرماد ، ألجمتني الدهشة والصدمة عن الكلام وحينما استعدت عقلي سألته : حسام، أهذا انت ؟؟؟!!!
أومأ برأسه وقال منكسرا : نعم .


ذهبت اليه وأمسكته من تلابيبه، صحت به وسط بركان غضبي قائلا :
أهذه هي المدينة التي لطالما أخبرتني عنها ، وأنها أرض الجمال والعدل ، أين العدل فيم يحدث ؟؟!!!
أشار ناحية السور وقال : لقد كانت كذلك ولكنهم تركونا وانتقلوا الى الجهة الأخرى من السور .
سمعت صوت الفتاة وهي تناديني فذهبت اليها فوجدتها تفتح عينيها وتقول كلمات أقرب الى الهمس: خذني الى السور .
حملتها وذهبت صوب السور وجلست بها أرضا فأخذت نفسا عميقا وعندما أخرجته غادرتها روحها، هززتها وأنا أناجيها ان تفيق فلقد تذكرت ابنتي وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة بين يدي، نظرت الى القوم حولي ونهضت أصرخ بهم وسط دموع قلبي : الى ماذا تنظرون؟ لقد ماتت، وسيموت غيرها، لماذا تقفون هكذا دون حراك، كيف ترضون ذلك الذل على أنفسكم .
أطبقت يدي وضربت السور بقوة ثم قلت لهم : ان كان هذا ما يمنعكم الحياة، فاهدموه لتعيشوا حياتكم المغتصبة .


لم أجد منهم من يحرك ساكنا فزفرت في غضب وحينها دوى صفارة بالمكان فوجدتهم يتركوني ويهرولون الى فتحة بالسور، يتقاتلون فيم بينهم على شيء خرج منها وحينما ذهبت اليهم وجدته فتات طعام، اقتربت من حسام الذي بدأ في التهام كسرة خبز يابسة مغطاة بألوان تتأرجح بين الأخضر والأسود، أمسكت به من كتفيه أهزه بشدة ، أسأله : ما هذا ؟ ماذا تأكل ؟ ألا تشم رائحته ؟
لم أجد منه إجابة بل زاد التهامه لها فضربتها من يده وأنا أصيح به : أتركها واجبني .
سقطت الكسرة أرضا فانكب عليها والتقطها ثم التهمها في شراهة وسط دمعة سقطت من عينيه ثم استدار الي وقال : انها لذيذه .
وضعت يدي فوق رأسي وأنا أرى الناس يتكالبون على قاذورات منوا عليهم بها، ذهبت صوب الفتحة وصارعتهم حتى وصلتها، تسلقتها وصعدتها عازما على الوصول الى الجهة الأخرى، مكان ضيق، الظلام والفئران سكانه وأصواتهم التي تدوي برأسي تدمع عيني والرائحة النتنة تزكم أنفي، انتهت معاناتي حينما رأيت ضوءا بآخرها، استعدت نشاطي وزدت من سرعة حبوي حتى وصلت نهايتها فخرجت منها، وقفت أنظر حولي فرأيت حولي بساتينها وفراشاتها تتنقل بين زهورها، ورائحتها الذكية تملأ المكان، لم يمر سوى ثواني حتى وجدت أشخاصا غلاظا ينطلقون صوبي تسبقهم كلابهم، ارتعدت خوفا فقفزت ثانية الى الماسورة معاودا طريقي لأسفل وانا أسمع سبابهم ولعناتهم تلاحقني .


وصلت الطرف الآخر فوجدت الناس ما زالوا يلتهمون طعامهم، وقفت أمامهم وصحت بهم غاضبا :
لماذا ترضون بهذا الذل ؟ كيف تخضعون لمن سلب منكم حياتكم ؟
انهم ليسو رسل موتكم ليدفنوكم بهذه المقابر التي تسمونها بيوتا وينعموا هم بحياتكم، انزعوا عن رؤوسكم شباك الذل والمهانة وقاوموا لحياتكم، ماذا سيفعلوا بكم أكثر مم أنتم فيه، تعيشون في سلال القمامة ويعيشون هم في قصور .
لم يجيبوني بل نكسوا رؤوسهم ثم تابعوا طعامهم، وجدت صوت يدوي بالمكان حولنا في صوت جهوري غاضب : أيها القمامة، هناك من حاول تدنيس بيوتنا ولذلك فانتم محرومون من الطعام الا وجبة واحدة باليوم، المرى القادمة ستحرمون من الطعام نهائيا .
نظرت اليهم، أنتظر ثورتهم، غيرتهم على كرامتهم ولكني كنت واهم فنظروا الي بغضب ثم تركوني ورحلوا .
جلست أرضا ألوم نفسي على ضياع شهورا عديدة في البحث عن مدينة أنهل فيها من السعادة ما يداوي ندوب خطها الحزن بقلبي .

على متن الحلم .. قصة قصيرة

إبداعات عائلة اسكرايب

تحدي الملل

كريم شربيني .. فريسة لتحدي الملل مع “العملية آدم”

كتب كريم شربيني:

  • فكر بسرعة.. فكر بسرعة.. فكر بسرعة.. فكر بحل.. حل.. حل.. حل..
    كان يأمر عقله.. أخذ يرددها بلسانه.
  • حل.. حل.. حل…
    حتى امتزجت دقات البندول بوقع كلمته، واخذ يردد
  • حل… حل..
    خلع حذائه، الذي اخذ يخطو نحو خزانة في احد زوايا الغرفة.. ترك نفسه بين احضان الفراش بعد ان ضبط ساعة النوم والاستيقاظ.. وترك جرعة النوم تتسل نحو اوصاله..

لساعات ظلت الساعة تردد الكلمة.. حتى توقفت لحظة، وصرحت

  • السابعة صباحا.. درجة الحرارة الآن…
    قاطعها.. وكانت عيناه ما تزال مسدلة جفونها.
  • اخفضي الاضاءة.. اريد معرفة الأخبار اولا..
    اجابت عليه، في حين أخذت النوافذ بتنفيذ الأمر، واسدال الستائر..
  • احبطت سلطات الشرطة محاولة بعض المليشيات المسلحة السيطرة على احد مباني العاصمة..
    قاطعها.
  • التفاصيل.. التفاصيل الدقيقة.
  • اسفر النزاع بين السلطات والارهابيين عن مقتل بعض المهاجمين..
  • تلك هي التفاصيل الدقيقة؟..
  • يمكنني ان انقل لك صورة الاشتباك عبر كاميرات المبنى..
    وقبل ان يجيب، كانت قد فعلت..
  • لم الجميع يشبهون بعضهم؟..
    لا يعلم كيف وصل هذا السؤال لرأس شفتاه.. لكنها اجابت
  • لا يسمح لي نقل التفاصيل داخل السجن يا سيدي.. لو ان السيد 8800 شعر بأنني اخترق القوانين وامدك بالأخبار.. لألقى بي في خزان الوقود.. وتعلم جيدا ما هو مصيرك..
  • اللعنة عليك ايها الغباء الاصطناعي..
    نطق بها، وكاد يبكي وهو يتوسل بعدها كي تسامحه.. ولكنها اجابت
  • للأسف يا سيد آدم.. لا نملك مشاعر تجعلنا نجر نحو الهاوية مثلكم.. لذا..
    وقبل ان تكمل جملتها، شعر بهزة عنيفة في الجدران، بعد ان انشق السقف الى ضرفتين وامسكت بتلابيبه يد عملاقة
  • ألم تحذرك السلطات ايها القذر؟.. منذ اول يوم تلقيتك خادما فيه و انا اعلم ان افكارك ستدفنك..
    من مسافة الخمس امتار، القى به 8800 نحو فتحة علبة عملاقة من الفولاذ.. واغلق الفتحة..
    بعد ان اعتادت عيناه ظلام الغرفة، بدأت الوجوه تتضح له. القى التحية على الثلاثة الاخيرين المحتجزين في نفس المكان.. وتوجه نحو ركن يسمح له ببعض الخصوصية.. توجه احدهم نحوه، ومد يده للمصافحة.. حرر ابتسامة بلهاء لا يدري ما هو المطلوب منه، فعاجله الرجل
  • آدم.. أدعى آدم
  • حقا؟.. غير معقول، أنا أيضا أدعى آدم
  • فرصة سعيدة إذن، هل يمكننا أن نعلم كيف وصلت إلى هنا؟..
  • الأمر بسيط، تلك الآلات اللعينة تحتاج من يخدمها..
    تدحرجت العلبة قبل أن يكمل جملته، وشعر الجميع بالغثيان ما عادا هو، قبل أن يأتيهم صوت 8800 ينظر من الفتحة في الأعلى ويقول
  • سآخذكم في رحلة ممتعة يا رفاق.. بالطبع لا يمكنكم إبداء الرأي، ولكنني أخبركم كنوع من التشويق.. وأنت أيها النكرة، إلزم حدودك وإلا وضعتك في خزان الوقود قبل الأوان
    أغلق 8800 الفتحة مرة أخرى.. فخفض من صوته وهو يكمل
  • من انتم؟.. وكيف وصلتم الى هنا؟..
  • السؤال موجها لك.. لم تخبرنا في البداية.
  • كنت اخدم كتلة الخردة التي في الخارج، قبل ان يكشف امر تلاعبي به
    نظر الثلاثة اليه بذهول وقد فهم انهم لم يفهموا شيئا، فأكمل
  • ببساطة انهم بحاجة لمن ينظف بعض الاماكن التي لا تصل اليها معداتهم.. ومن يزيح الوسخ عن صمامات الوقود.. ويربط بعض البراغي.. ويغير بعض ما أكله الصدأ.. ويخفض حرارة المحركات.. ويضبط مستوى التوليد..
    نفس الوجوه الواجمة تحدق به، ولكنها زادت ذهولا.. واتساع، ليعيد عليهم سؤاله الأخير
  • ربما سمعت عن الهجوم على مبنى منذ قليل؟.. نحن من نفذنا الهجوم.. او ما تبقى منا.
    أجابه اخر وبسط يده نحوه.. ولكن كانت الاجابة كسابقتها، لا يعلم ما عليه ان يفعل. فقال
  • من انتم يا قوم؟.. لم تشبهون بعضكم لتلك الدرجة
  • هل نظرت في المرآة اليوم يا صاح؟..

لم تتسن لهم الفرصة لإكمال الحوار، حيث شعروا بالعلبة ترفع فجأة ويقوم احدهم بقلبها رأسا على عقب، هنا انفرج الباب معلنا عن اجسادهم تسقط وسط مجموعة الأجساد المكدسة في ساحة تتسع لهم متلاصقين.. جنبا لجنب، ثم فتحت عدة بوابات في الجوانب، فتدفقت الأجساد رغما عنها في انابيب زلقة، مرورا بفتحات في الأسقف، اخذت تعبئ بهم اجساد جيش من السادة، اكبر حجما من 8800 واكثر تحملا لأعداد الخدم..
تشبث اربعتهم كلٌ بجسد الآخر، حتى انتهى بهم المطاف بداخل جسد واحد، بدا عليهم الغباء حتى بدأ الصوت ينطق..

  • انتم الآن تحت خدمة الجيش.. ستُنفذ كل مجموعة ما تؤمر به على أكمل وجه. انتهى..
  • الجيش يا سادة.. لكم نحن محظوظون حقا، الآن يمكننا الموت بسلام في اية لحظة.

يشق الردهة مهرولا نحو مكتبه.. يلتقط بعض الأوراق، يغادر نحو باب المبنى.. ثم نحو سيارته، وينطلق مسرعا.. وبعد لحظات

  • أنت تتخطى السرعة المسموح بها سيدي
    اتاه صوت السيارة، فكاد أن يفقد أعصابه وهو يصرخ بها
  • لا شأن لك..
    حتى انه كاد ينحرف عن الطريق، لولا ان السيارة اعادت توازن نفسها وعادت تحذره
  • الضغط 90/180.. أنت متوتر جدا يا سيدي.. يمكنك أن تحدد الوجهة وتدعني أقود
  • اغرب عن مسامعي.. لا شأن لك قلت
  • لو لم تهدأ أو تسلمني عجلة القيادة.. سأوقف السيارة وابلغ الشرطة عن محاولتك الانتحار.. تذكر سيدي ان سلامتك هي مهمتي الوحيدة
    على مضض هدأت اوصاله وقال
  • نحو مبني الجامعة.. بأسرع وقت ممكن
    بمجرد ان توقفت السيارة، ترجل وأطلق قدميه للريح، غير آبه بأحد، وحين وصل وجهتهمكتب الدكتور فراس أستاذهُ، والمشرف على بحث تخرجه، اقتحم المكان وهو يلهث، وتوجه نحو المجهر، ثم جهزه وهو ينطق بكلماته كأنما يصرخ بها
  • انجدني يا دكتور فراس.. هناك كارثة
    حاول الدكتور فراس حثه على الهدوء ثم عاجله
  • أي كارثة؟.. هل جننت يا بني؟..
  • انظر بنفسك..
  • لا يمكنني النظر أو فهم حرف واحد دون ان تهدأ
    اخرج علبة فولاذية كانت في جيبه.. ثم أفرغ محتواها_وكانت حفنة بسيطة من التراب، وهو يقول
  • هذا نتيجة البحث
    وبدون مقدمات.. أكمل
  • حين حاولت الدمج بين الحمض النووي الخاص بي، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي.. كانت تلك هي النتيجة.. انظر.. كل شيء كان يبشر بفشل العملية حتى السابعة صباح اليوم، وجدت العينة تحولت لغبار.. ثم تراب .. وتحت المجهر.. هناك عالم آخر.. الخلايا الحية من الحمض تخدم الخلايا الصغرى من الالكترونات.. وهكذا تتجمع لتكون كائن واحد.. لو تركت تلك الدورة دون حرقها حتى ساعات معدودة لا نعلم بحق السماء.. ماهية الوحش الذي صنعت أيدينا..
  • عن أي حرق تتحدث يا بني؟.. انت جننت بالتأكيد.. هل تعي جيدا كم الاموال التي ستجنيها من بحثك هذا؟..
  • انا لا اصدق حقا، عن أي مال تتحدث.. هذا الوحش اللعين الذي يتشكل في رحم العلبة.. يمكنه ان يفتك بالبشرية.. بل انت لا تعي حجم الكارثة نطق بها وهو يدير ظهره باحثا عن غطاء العلبة..
    • أنت عبقري يا آدم.. ولكن للأسف.. مشاعرك تلك ستدفنك
      لم يزل فراغ الغرفة يردد جملة الدكتور فراس، حتى دوى صوت صفارة انذار في ارجاء المبنى كله.. بعدها بلحظات، اقتحم حرس الجامعة المكان، على وقع كلمات تتردد في ارجاء الغرفة
  • الحل الوحيد أن اقتل الدكتور فراس.. الدكتور فراس حاول قتل آدم.. سلامة آدم هي مهمتي الوحيدة.. الحل الوحيد أن اقتل الدكتور فراس….

انتهى.

“العملية آدم” قصة قصيرة لكريم شربيني

إبداعات عائلة اسكرايب

مبدعو اسكرايب يقتنصون ٥ مراكز في مهرجان همسة الدولي للآداب والفنون ٢٠٢٠

كتبت هيام فهيم:

استقبل الجميع في الثامنة من مساء أمس، الأحد ٢٩ مارس ٢٠٢٠، نتائج مسابقة مهرجان همسة الدولي للآداب والفنون. حصد مبدعو اسكرايب مراكز عدة نذكر منها:

في مجال القصة القصيرة:

  • المركز السادس الكاتب/ يوسف حسين، من مصر، وقصة ( ثقة ) 7.84 درجة من 10.
  • المركز السادس مكرر الكاتب/ زهير بوعزاوي، من المغرب، وقصة ( غودالبي ) 7.84 درجة من 10.
  • المركز السابع مكرر الكاتبة/ منى عز الدين، من سوريا، وقصة ( تلون ) 7.81 درجة من 10.
  • المركز العاشر مكرر الكاتب/ حسن أشرف، من مصر، وقصة ( هلاوس مش كاتب ) 7.60 درجة من 10.

وفي مجال الرواية:

  • المركز الرابع الكاتب/ مجدي محروس، من مصر، ورواية ( طيرا أبابيل )، 7.5 درجة من 10.

تبارك اسكرايب للنشر والتوزيع لمبدعيها، وتتمنى لهم مزيدا من الترقي في عالم يحتاج لكل ذي قلم حر، مبدع، خلاق، ذي أفق يتسع لقبول الآخر.

إبداعات عائلة اسكرايب

الحلم عزيمة

فريسة جديدة لتحدي الملل مع “التباس”

كتبت أميرة إسماعيل “إيمي إسماعيل”:

دخل بيتي وهو يظن أنه تصيد خطأ عميقاً، سيحد به من حريتي ويكبلني بسلسلة عقماء من اللامبالاة النفسية، طرق كل الأبواب وهو يساير عقله بحربه الجديدة يحاول أن يتوصل لحل تلك المعضلة القومية التي تؤرق نومه المسكين الذي طارت كل امنياته بالسكينة والرخاء في تلك الفترة التي تخللت بها الدعاية والإعلانات نشيجاً متكرر دائماً كما تردد الببغاوات “برجاء التزام الحرص والسلامة حفاظاً على حياتكم”، جملة أشبهت الترنيمة الابتهالاية عندما كان يكررها وجوه ورموزٍ معروفة من الفريق الأول الذي يترأس المشهد المنتكس على أعقابه الخاوية، صاحبَ تلك التهويدة الإنشادية سخرية محضة ممن هم بنهاية المشهد المأسوف على أعقابه الفولاذية من هؤلاء الرعناء المتغنين والمتهبديين بكل كارثة طبيعية وغير طبيعية كمن يعلنون عن أنفسهم كساحة مفتوحة لقيام نقاشات مؤدلجة لإبعاد المنظور الحقيقي عن القضايا الواقعية تجنباً لتلك الكارثة القادمة التي تُنَخوِر عالمهم بكل طَيعٍ وبراءة، تتشعب بمنطقها الغير متناهي الصغر بقضية راسخة تندثر تردداتها المسموعة فتكاد تصبح ارسال بعد منتصف الليل الذي يحمل بين طياته تلك الرسالة التي استلمتها منذ شهر كانون الثاني مُحدِدة موعد ضحكتي الأخيرة على تلك الدراما المفتعلة لتغطية المشهد الذي يتم بثه من خلال الأقمار الاصطناعية قديمة العهد في الفضاء.


فقط باقي من الوقت المحدد لقيام تلك اللعبة خمسة أيام وبعدها تتغير ملامح المشهد المتروك بالساحة، ضحكت ملء الفم الأرعن عندما سمعت هذان الشابان وهما يجلسان بالمقهى الأثري يتبادلان حديثهم المختل “هل تظن أن العالم سينتهي بحربٍ باردة أم بحربٍ نووية؟”
ولم استطع كتم تلك الضحكة الساخرة التي ظنها الجميع لهذا الرجل الذي يهين الفريق المنافس بينما كان الشاب يجيبه ” أي حروب تلك التي ينسجها خيالك الواسع، نحن في عالم التقدم والتطور التكنولوجي، عندما يريدون القضاء علينا فقط سيضغط زر التفعيل وتنطلق المركبات الفضائية بأشعتها الفوق بنفسجية لتذيب طبقة الأوزون ونختنق”.


ما تبادر بذهني سوى كلمة واحدة لهم “حمقى” لا يعلمون أن الموت أقرب لهم من كبسة زر هي فقط رسالة هاتفية من رقم مشفر الإحداثيات يتبعها رذاذ غير مقصود وهدف مقصود وستصبح كل انطباعاتهم السابقة مجرد لعبة فراشة حلمت بها ابنتي في حفل تتويج الطالبة المثالية، مبادرة محسوبة وتعتيم غير مقصود وتنتهي حرب العوائل وتعود تلك الثقافات المتعددة لموطنها الأخضر وسأستولى أنا على حكم الغوغاء المرتحلين بكل صوب.
لم أُعاني كل تلك الأعوام من انتحالِ لشخصية هذا الأبكم الذي قضى نحبة في لحظة ولادته بإبرة الهواء الممتلئة بسمها الأبتر، عندما اتخلص من هذه اللحظة القاتمة سأغزو أخيراً هذا العالم، ثم أعيد التفكير في تركيب تلك اللعبة الغبية التي أحملها في يدي مكعبٍ غريب أحياناً يجعلني أشعر عندما ألعبُ به أنه سيفتح صندوق باندورا .
تركت هذا المقهى الملغم بمقولات التسييف والتهويل وأنا أسيرُ في حي خان الخليلي، سمعت بائع الفضيات وهو يصيح بصخبه المحبب لرواد هذا الحي “مبخرة نحاسية ومشكاة لوازم الابتهالات والتضرع إلى الله”.


كم أحببت هذا الحي كثيراً بائع الأوشحة وبجواره المزار وهذا الرجل الذي يجلس وبين يديه هذا الخاتم الفضي وهو يعيد تشكيله ليناسب الحجر الأزرق، كان تأمله هو هوايتي المحببة فقط قلمٌ رفيع مدبب ويجعلك تملك تحفة فنيه حية، لأول مرة يلاحظني اليوم فرفع وجهه من فوق الحجر وهو يلمعه ويبتسم لي بفخر ظهر بصوته “مرحباً بك يا ولدي… هل ترى هذا الخاتم! لقد أنهيته أخيراً لزبونٍ ثري”.


ضحكت له وأنا أشعر بالسخرية لحاله فهو يجلس ساعات وساعات ليشكل تلك القطعة بمجهود مقابله بسيط ليرتديه رجلاً يتفاخر به؛ تركته وأنا التفت حولي لأرى صانع المسبحة يزايد بها على السائح الغريب الملامح هذا، وقفت مقابلهم أحدق بهذا الرجل ملامحه مغولية، يظهر عليه نفاذُ الصبر، رفع يده في حركةٍ عجيبة وهو يبعد يد البائع عنه مشمئزاً منه أكاد أقترب منه لكن توقفت حواسي عن العمل لحظة لمحت القفاز بيده رغم شدة الحرارة.


أصبحت خطواتي للبيت مثقلة رغم أن الوقت مازال منتصف النهار، كل خطوةٍ تقربني من تلك المشربيات تزيد ارهاقي وتبعدني عن اليقظة، لم أستطع إخراج المفتاح من جيبي فضغطت زر الجرس لتفتح شقيقتي الباب بمحاولاتها الساذجة لتصل للمقبض؛ فتحته وهي تهددني بطفوليتها المحضة” لن أفتح لك الباب مرة أخرى يا استاذ باسم”….لتنظر لي يغيظ “لديك مفتاحك!”


تركتها وأنا أعبث بشعرها متجهاً لغرفتي مستقبلاً الدثار بكل حفاوة مختفية بفؤادي ذهبتُ بسباتٍ، ما أرغمني على الخروجِ منه سوى صوت العويل والولولة المترامية من أطرافِ الحي عرفتها بتمازجها مع مكبر الصوت الذي يقبع بالمقهى حين يستغله العم خيرت للترويج عن صوته الشاذ المقامات وهو يغرد كالعندليب بالمواسم، ركضت متخطياً كل الأثاث العتيقُ الذي قابلني لأستقبل الشارع بقلبٍ وجل؛ فما كدتُ أصل إلا وقد وجدتُ بائع المسابح مستقراً بمنتصف الشارع وهو ينتفض كالمصروع ويزبدُ فَمِهِ رُغاءً أبيض يسيل مختلطاً بزرقة شفتيه… ليكسر الحائط المقامُ حولي صوت رسالة نصية، تصدر من هاتفي فتحتها لأجد الحلم سار واقع بجرة قلم “نفذ …حالاً” سقط الهاتف ومعه مكعبي وأنا أردد “جاءت الفاجعة”.

إبداعات عائلة اسكرايب

خيانة المثقفين .. هكذا رآها د. فريد سعدون

كتب د. فريد سعدون:

سيأتي ذاك اليوم الذي سيعرف فيه الناس أننا معشر (المثقفين/ أقصد نفسي) كنا وما زلنا انتهازيين، جبناء، لا نجرؤ على قول الحق، كنا في موكب السلطان، كالطواويس ننفش ريشنا المزركشة بالرياء والنفاق، ندبّج القصائد في مدحه، ونسجع الخطابات في عطاياه وكرمه، نضحك على المساكين أننا مبدعون خارقون، ونحن لا نعلم من الإبداع إلا النسخ والقص واللصق، كرماء ونحن المتسولون على أبواب شهبندر التجار، مخلصون وطنيون ونحن لا نقيس اخلاصنا ووطنيتنا الا بما يغدقه علينا السلاطين، فتحنا مراكز دراسات وتمويلها من السلطان، أساتذة جامعات ورئيسها صبي السلطان، جمعيات خيرية ومواردها من فتات موائد السلطان، أسسنا اتحادات ونقابات ومنظمات أدبية فكرية ثقافية حرة ديمقراطية ونستلم فاتورة صرفياتها من مالية السلطان، أسسنا أحزابا وحركات وتيارات ديمقراطية حرة ونأخذ مخصصاتنا من خزينة السلطان، نحضر مؤتمرات ولقاءات وبطاقة سفرنا يدفعها السلطان، صرنا أعضاء في لجان ووفود للتفاوض من أجل حقوق الشعب ونجتمع في صالة وحول طاولة يملكها السلطان، وننام في فنادق ونأكل في مطاعم يملكها السلطان، صرنا أعضاء في أحزاب ننصاع لأوامر يصدرها السلطان، نرى الناس تموت قهرا فنقول (لكل ثورة ثمنها)، لم نطعم رغيفا لجائع، ولم نقدم دواء لمريض، ولم نتكفل يتيما، ولم ننظم دورة مجانية لطلاب علم، وندعي أننا نعمل للارتقاء بالمجتمع.


إننا مثقفو الأزمة وزمن الكورونا، لم نقدم حلا، وقدمنا الكثير من الكلام، لم نجمع الشعب على كلمة سواء وزعبرنا كثيرا، لم نصلح بين متخاصمين ولم نوحد حزبين سياسيين ولا اتحادين للكتاب، ولكننا ملأنا صفحاتنا ذما وتقريعا لهم.


إننا الثرثارون أصحاب النق والتفلسف والترقيع، لم نترك أحدا ينجو من نقدنا وهجائنا، ولكننا لم نقرن النقد بالحل.
إننا مثقفو البروزة والنفخ والتورم والاستعلاء، مثقفو الخواء والفراغ، مثقفو الاستجداء والتسول والتبعية.
تحية لكل مثقف صاحب موقف، عزيز النفس يقول الحق ويدفع ثمنه غاليا.

إبداعات عائلة اسكرايب

“ليلة الحظر” .. الكحول علينا حق!

كتبت سومية نبيل “سومية الألفي”:

بعد عناء يوم طويل، من الكنس والمسح، وبينهما طبخ وغسل للصحون، دوامة لا نهائية؛ وكأن هذا الوباء جاء وبالًا على النساء. جلست بكرسيها المفضل، أمسكت بكتاب من على المنضدة أمامها، لم تنسى زجاجة الكحول، عدة بخات على غلاف الكتاب كانت كفيلة بإراحة ضميرها. بضع دقائق ثم لمعت عيناها، وتبدلت ملامحها، وكأن كل التعب ذهب حين تعمقت داخل الصفحات، زاد اندماجها، فبدأت تقرأ بصوتٍ عالٍ…

ألا هبي بصحنك فاصبحينا
ولا تبقي خمور الأندرينا

_ الله الله، لأول مرة تقرأين شعرًا عليه القيمة، هبي بصحونك كلها (يا ولية) ولا تبخلينا.

نظرت له نظرة استهجان، وقالت بصوت يملأه الغيظ:
_كل شعري ذو قيمة أيها الطفس، ألم تشبع؟! تأكل مثل الجراد، طبخت مرتين اليوم، هذا غير الفواكه والحلويات والمكسرات والذي منه، ثم أن الصحن هنا ليس مثل صحن البامية باللحم الذي نسفته منذ قليل، المقصود هنا كأس الخمر ..

_ خمر! أوَ تعلمين يا زوجتي العزيزة؟ هذا ما ينقصنا في ظل هذه الأنتخة العظيمة، كأس بيرة (مشبرة) تهضم البامية وصينية الكنافة، وبعدها ترتدين (كمامة مدندشة) وتتعطرين ببخات مكثفة من الكحول أبو تسعين جنيهًا، وتكون ليلة حظ…

زفرت زفرة مفادها أن (رحماك يارب) وعاودت النظر في كتابها، عله يهدئ ضغطها الزائد. وآثرت القراءة في صمت..

بضع دقائق مرت ظل فيها زوجها يغير بين قنوات التلفاز، ويتقلب على الأريكة كدجاجة ترقد على بيض فات ميعاد فقسه. أخيرًا، قام من مكانه ودخل غرفة نومه، وهي تتابعه بعينيها دون أن تتحدث…

عاد مرتديًا بدلة سهرة فاخرة، وجلس على الأريكة بنفس موضعه السابق، كانت قد تعمقت بالقراءة ولم تلحظ هيئته، اغتاظ من تجاهلها، فتظاهر بالسعال، يعلم مدى ارتعابها من الفيروس الجديد، قامت مسرعة وأحضرت له علبة المناديل وأجهزت عليه ببخاخ الكحول، لم تتوقف إلا حينما لاحظت البدلة…

_ أليست هذه بدلة عرسنا؟!
نعم هي. قالت بنبرة شامتة وهي تضعها يديها بخصرها وتهز جسدها: لِمَ ترتديها الآن، ألا تعلم أن الحظر مفعل ولا خروج؟!

قام من مكانة منتفضًا كالديك الرومي:
_ أعلم، ولكني أردت الاحساس بالتغيير، مللت البيت، والتلفاز، والأريكة، مللت هذا الكتاب، مللتك أنت شخصيًا(وهو يوكزها بكتفها)

_ حسنًا، لن تخرجني عن شعوري مثل أمس، تريدنا أن نتخانق ويعلو صوتنا حتى يأتي جارنا سعيد ويصطحبك معه (للروف) تقضيان السهرة مع الشيشة حتى الصباح وأجلس هنا وحدي، هذا بعيد عن شوارب والدك زوجي العزيز.

_ وهل أرتدي البدلة للشيشة يا أم مخ مظلم؟
_ إذًا، ماذا تخطط لليوم أيها العبقري؟

تلجلج، وبدأ يهرش في رأسه كأنه وقع في شر أعماله، رد بتلعثم:

_ سوف أقول الحقيقة، ولكن عديني بأن تهدأي.

لعب الفأر بصدرها. ولكن لا بأس من مجاراته.
_ حسنًا، أعدك.
_ تعرفين جارتنا صافي الراقصة؟!

امتلأت عيونها بالغضب وبدت كتنين على وشك أن ينفث نارا.

_ ما شأنك بتلك الراقصة، ألم أحذرك منذ وصولها إلى هنا ألا تحاول الاقتراب منها؟!

بدا كفأر داخل مصيدة، كل الكلمات والأفكار طاشت من رأسه.

_ أحلف لك أني ما خالفت كلامك، إنه جارنا سعيد أخبرني بالأمس أن صافي سترقص الليلة في شقتها، وستبث الرقصة مباشر لكل محبيها المحظورون من الخروج، وسمحت بالحضور لمن أراد أن يحضر من الجيران..

اشتاطت غضبًا، وبدأت تفرك في بعضها، لا على حامي ولا بارد، لا تدري ماذا تفعل بزوجها الذي أغرقه عرقه، فهو يعلم مدى غيرتها عليه، خاصة من تلك الراقصة ذات الجسد الملبن (مثلما يطلق عليها).

جلس هو على الكنبة، ينفث بدخان سيجارته الملتهبة، يفكر في مصيره بتلك الليلة الليلاء، يسب سعيدًا ومعرفته السوداء، وصافي وجسدها الملبن، لا كله إلا الملبن، (حدثه عقله).

وهي على فركها، تفكر ماذا تفعل في بعلها الحبيب، أتقتله وتنتهي من تصرفاته العجيبة، أم تغرقه بالكحول وتعالج نزواته بالكبريت. وبينما هما كذلك، إذ تبدلت ملامحها من النقيض للنقيض، وتحولت من أسد يريد أن ينقض على فريسته، لقطة سيامي ناعمة تتمسح بزوجها..

قالت وهي تمسح بيدها على وجهه
_ لن أخنقك أكثر من ذلك، يكفي عليك الحظر وأيامه، وأنا أعلم مدى كرهك للبقاء في المنزل، اذهب يا حبيبي، ولكن لا تتأخر علي، فأنا سأحضر لك مفاجأة لن تنساها أبدًا ( ضغطت على طرف شفتها السفلى وغمزت له بطرف عينها)

لم يصدق ما سمع بأذنه، فتح فمه كالأبله، ربتت على كتفه وهي تدفعه باتجاه الباب..
_ هيا حبيبي، كي لا تتأخر عليّ.

وما إن خرج من الباب واطمأنت لصوت خطواته على السلم، حتى أمسكت بهاتفها…
_ ألو، بوليس النجدة، أريد الإبلاغ عن صينيين ومصريين يخالفون الحظر، ويقيمون حفلاً بشقة الراقصة صافي…

تمت

إبداعات عائلة اسكرايب

“الانتظار” .. قصة قصيرة ينسجها “جوان زكي سلو”

كتب جوان زكي سلو:

كنتُ أراها كلّ يوم صباحا، حين أذهبُ إلى عملي، تجلسُ بباب بيتها الطيني المتهالك بفعل السنين، بخفتانها الكردي الطويل، الذي تعقدُ نهايات أكمامه خلف ظهرها، كنتُ أرى في عينيها الهرمتين كلّ أحزان الحياة، ووجهها المتجعّد كأرض بور جافة، فدموعها إذا قررتْ عيناها البكاء، تضيعُ في ثنايا وجهها المتغضّن.
تجتمعُ نساءُ الحارة عندها في الصباح، عندما يأتينَ من الفرن، وعند مغيب الشمس، حين تهبّ ريح المساء عليلا، على حيّنا الجميل.


كانت أمي أحيانا تجلبُ لها الطعام، وتغسلُ نساء الحي منزلها المتواضع، وثيابها الرثة، بعد أن هجرها أبناؤها الثلاثة من المدينة إلى إحدى دول الجوار مع أولادهم وتركوها وحيدة، تنتظر موعد موتها على أحرّ من الجمر.
في هذا الصيف تحديدا، كان قد مرَّ على رحيل أبنائها ثلاث سنوات، لذلك فهذا الصيف له معنى آخر، فهي تعيش أكثر أيامها حرارة، حرارة الصيف وحرارة قلبها من الفراق.
وكانت غرفتها الوحيدة التي تسكنها بلا مروحة وتلفاز، فقط تحوي على مصباح أصفر واحد، وألبوم صور، وبساط رقيق، ومخدّة أو اثنتان وشرشف ممزّق.
وهرةّ تموء باستمرار، تربتُ العجوز على ظهرها لتحدّثها عن صغارها، وكأنها تعرفها منذ زمن بعيد.
وما يزيد حزنها هو الخوف، الخوف من العقارب التي تغزو غرفتها من كل زاوية، تتساقط من السقف أحيانا، تلهو وتلعب بحرية في غرفتها دون رادع، فما كان منها إلا أنْ تبعد هذه العقارب عنها بثوبها وتنام، متمنيّةً أنْ تلدغها إحدى هذه العقارب وتُنهي معاناتها.
زُرتها مساء أحد الأيام، دخلتُ عليها الغرفة، لأجدها ساجدة تصلّي العشاء، وحين رفعتْ جبينها عن الأرض عند السجود رأتني أمامها، صمتتْ، نظرتْ إليّ لحظات ثمّ أكملتْ صلاتها حتى انتهتْ، سألتها حينها عن سبب نظرتها المتفاجئة لي، أجابتني: إنّها كانت تدعو الله أن ترى أحد أبناءها قبل أن تموت، قبّلتُ يدها، ووضعتُ الطعام أمامها وخرجتُ، دون أن أتكلّم.


في اليوم التالي، حين كانت الشمس تحرق رؤوس الطير في السماء، وجدتُ من واجبي أن أطمئنّ عليها، بعد ما سمعتُ منها البارحة، تقدّمتُ من الباب فوجدتُه موارباً، دفعتُ الباب بيدي ودخلتُ، وجدتُ ظلّ رجل يظهر من غرفتها، تقدمتُ دون أن أُظهر نفسي لهم، سمعتُ الرجل يقول لها إنّ عليها أن تستعدَّ للرحيل معه، فهو ابنها الأكبر ومن واجبه أنْ يرعاها.
لكنّها نظرتْ إليه وابتسمتْ وقالت له: دعني أنام أولاً وبعدها سنتحدّث.
خرج الابن من الغرفة فلمحني، جلسنا وتحدّثنا، وبعد أكثر من ساعة، راح ابنها ليطمئنّ عليها، فوجدها مغمّضة العينين ومرتخية الأعضاء ، والعقرب يقف على كفّها ، وهي تبتسم.

إبداعات عائلة اسكرايب

جمعة بلا أذان .. يرثيها “عصام أمين”

كتب عصام أمين:

صوت المؤذن صادحا
الله أكبر يا رجال
كل المساجد تشتكي
ما قالها أبدا بلال
صلوا في البيوت وسلموا
وإليها ما شدوا الرحال
ظهرا نصلي جمعة
كانت قلوب الناس فيها جامعة
يا للدموع على الخدود ترقرقت
تبكي المآذن يا بلال
الله ربي ردنا
ردا جميلا للحلال

إبداعات عائلة اسكرايب

“عريس الغفلة” وذات القرنين .. يرويها يوسف حسين

كتب يوسف حسين:

لم تكن الحياة قبيحة للحد الذي جعلها تدفن نفسها بين أربعة جدران؛ بعدما مر عليها ستة وأربعون فصلا بعد المئة؛ وحيدة لا أحد يؤنسها، حتى أرضية المنزل أصبحت باردة، لم تعد تشعر بما تعانيه، كانت كلما أحست بالصقيع جلست أرضًا، ثم زحفت بمقعدها كطفل صغير؛ فقط لتشعر بالدفء، لكنها أخيرًا أحست باحتياجها لنوع آخر من الشعور، فقررت أن تكفر بالمثل المضاد الذي آمنت به أعوامًا، وتخرج إلى الشارع بحثًا عن عريس:
-ظل حيطة ولا ظل رجل..
هكذا كانت تردد دائما كلما لسعتها برودة الوحدة، حين لم تجد نفعًا من غرورها؛ ارتدت فستانًا أبيض اللون طويلا ذا أكمام واسعة وكشكشات غريبة التطريز، ليكون الشارع وجهتها وهي تربط شعرها ضفيرتين على جانبي رأسها وتتأرجحان مع حركتها الغريبة وحقيبتها القماشية التي تحتوي مدخراتها.
أثناء سيرها رأت لوحة تعلوها كتابة واضحة باسم (نادي الصفوة)، وقفت لبرهة تبحث عن هذا الاسم في ذاكرتها؛ حتى اهتدت إلى ملامح شاب في عقده الثالث؛ كان قد ظهر بإحدى قنوات التلفاز معلنًا عن صالة الجيم التي يديرها وهي جزء من أعمال النادي، طغت على ملامحها ابتسامة بلهاء؛ ثم تنهيدة حارة بعد أن ضمت ساعديها على صدرها وتأرجحت بنصف جسدها يمينا ويسارا، ثم قررت الدخول بحثًا عنه، عندما وطأت قدمها الباب أوقفها الصوت الحاد لحارس البوابة:
-إلى أين تذهبين؟
أخبرته بصوت الواثق المتفاخر:
-خطيبي بالداخل، سأذهب له.
نظر لها مشمئزًا، فقد كان مظهرها غريبًا وليست ممن يرتادون النادي، فأخبرها بضرورة مغادرتها وعدم السماح لها بالدخول، نظرت له بحقد وهي تضيق عينيها لتهدده:

  • سأخبر خطيبي عنك.
    لفت جسدها دفعة واحدة مما جعل ضفيرتها تضرب ذقنه بحدة، وعباءتها التفت حولها كقيد فسقطت على وجهها مع أول حركة، فتلطخ وجهها بالطين، وقف الحارس يضحك عليها وهي تقف وتنظف وجهها وملابسها وتمشي مقهقرة كتفيها ورأسها، لمحت جزءًا من سور النادي تركن أسفله سيارة رمادية، قررت الصعود عليها واستخدامها لتصل لفتى أحلامها، تسلقت السور وامتطته كحمار، بدأت بالتلصص داخل النادي فوقعت عيناها على المطعم المزدحم بالخلق؛ لاحظت أن الطاولات ممتلئة بالعشاق، يتغزلون ببعضهم البعض، ذهبت بخيالها بعيدًا وحبيبها يغازلها مثلهم ويقدم لها زهرة حمراء، احمرت وجنتاها خجلًا وفتحت ذراعيها مع فمها وأغمضت عينيها، ثم أرخت أعصابها، فسقطت أرضًا، أفاقت من حلمها ممسكة بعمودها الفقري، تعاني من ألم ظهرها وتمزق بذيل فستانها، نهضت بتثاقل واقتربت بعرجٍ واضح عندما لاحظت قدوم فتاها من بعيد لإحدى الطاولات وجلوسه عليها، قررت الذهاب إليه، أخذت تهندم ملابسها وتعيد غرتها، واقتربت منه بخطواتٍ مهللة فسقطت في بئرٍ من الماء البارد عندما اقترب منه طفلٌ يصرخ وهو يصيح:
  • بابا، بابا.
    بينما تركض خلفه فتاة شابة رائعة الجمال، لتسقط بغيبوبة وهي تراه يقفز ليحتضن الطفل، بينما ابتسامة بلهاء ترتسم على وجهها الخمري وهي تقول بعتهٍ:
  • بابا… طار العريس.

أفاقت فزعة وهي تصيح عندما غرقت بالماء البارد ورشاشات الماء تروي الحديقة:
-غرقتٌ في البئر… وستأكلنى الفزاعة!
وقفت وهي تربت على صدرها من الخوف ظنًا منها أن الفزاعة ستأكلها كما كانت تخيفها أمها حتى لا تقترب من البئر، نظرت حولها ولم تجد أحدًا لاحظها، اطمأنت قليلاً، وبرمت شفتيها بحقد عندما رأت كل من أمامها مرتبطا، رفعت يديها مع عينيها للسماء كي تدعو الله فخيل لها أن السماء تمطر أزواجًا، أخفضت بصرها في تذمر، ثم حدثت الأرض بمزاح:
وأنت ألا تخرجي لي واحدًا وإن كان على هيئة خازوق..!!
ثم عقدت يدها على خصرها وتمتمت:

  • كل هؤلاء مرتبطون وأنا لأ أجد فردة حذاء…..
    استنشقت الهواء بحدة وهي تأكد:
    -سأجد عريسًا ولو كان مخلوعًا.
    شعرت ببلل وجهها وعينيها من قهرها ففتحت حقيبتها لتخرج منديلها، رفعته لتمسح الماء، فسقطت منه ورقة، سمعت صوتًا ينادي عليها:
  • هذه الورقة وقعت منك يا مدام.
    اغتاظت من اللقب وصاحت وهي تلتفت له:
  • آنسة يا حيوان.
    وقفت مشدوهة من وسامته عندما لمحته، فهرعت إليه بابتسامة: شكرًا يا …
    اقتربت منه وأمسكت يده بقوة، ثم سألته:
    -هو.. أنت مرتبط؟
    نظر لها باندهاش وقلق، قبل أن يتحدث اتسعت حدقة عينيه ظفرًا عندما لمح رزمة من المال في حقيبتها، فرد بعدها بصوتٍ هادئ:
    -لست مرتبطًا…
    ثم ضيق عينيه وحدق بها وتابع:
    -لكن أفكر بالارتباط.
    هرعت لإمساكه بشدة فابستم في داخله وسحبها خلفه كبهيمة، جلسا على إحدى الطاولات بركنٍ هادئ، تحدث معها بصوتٍ محنك:
    لدي مواصفات خاصة أريدها في عروسي المستقبلية.
    ثم حدق بها وهو يزيد، بينما هي تنظر له بشغف:
  • أن تكون طويلة وليست قصيرة، أن تكون خمرية، تجيد الطهو والعناية بالمنزل، وأن تكون مثقفة…
    فقاطعته صارخة:
    -أنا..
    فز واقفًا وتأبط ذراعها، ثم أخبرها بقوة وفرحة:
    -هيا بنا إلى المأذون.
    صرخت فرحة وتمسكت به بقوة، لكن فوجئت عندما توقف بعد دقائق وهو يتفحص جيوب بدلته، فسألته بتوتر:
    -عما تبحث؟
    ليخبرها كأنه يقر بالأمر الواقع:
  • عن أموالي حتى أستطيع أن أدفع للمأذون…
    صدمت عندما أخبرها أنه قد نسي المال بالمنزل وأنهما يجب أن يؤجلا الزواج للغد، فصرخت بخوف من فقدانه:
    -معي المال …
    وأكملت وهي تخرج رزمة من الحقيبة وتعطيها له:
    -ادفع للمأذون منها.
    حاول الرفض ولكن بعد إصرار أخذ النقود واستأذن منها للاتصال بالمأذون، جلست تنتظر وتنتظر حتى مرت ساعتان وهي تتمنى عودته، وفي خضم انتظارها أحست بمن يجذب فستانها وينادي عليها، تلفتت حولها ولكنها لم تجد شيئًا؛ فجأة أصيبت بالهلع عندما قفز كائن غريب إلى حجرها، لتجده قزمًا صغيرًا، شاربه أطول من ساعديه، حاولت مجاراته:
    -ما اسمك أيها الصغير؟

خرج صوته بنضوج:
-أنا سيد شقيق سعيد.
أعادت النظر له مجددًا وهي تمسك وجهه بحدة لتتأكد من الصوت، تهتهت بتذمر:
-من أين يخرج صوتك!
أمسك يدها بقوة وهو يزيحها عن وجهه ليوبخها:

  • أخبرتك أنا سيد شقيق سعيد الذي احتال عليكِ وهرب… يا آنسة.
    ضحكت بشدة منه ومن مزحته السمجة:
  • أنت شقيق سعيد… لقد ذهب سعيد لتحديد موعد مع المأذون لنتزوج.
    نظر لها بحدة وهو ينبهها:
  • سعيد لن يتزوجك فهو محتال وقد نصب عليكِ وهرب.
    بكت فنظر لها بشفقة وقال وهو يهدئها:
  • ما رأيك أن نتزوج …
    فتحت عينيها بقوة وهي تشمله بنظرة غريبة بينما الآخر يتحدث:
  • أنا عايش وحيد، وليس لي علاقة بأحد، وكما ترينَ لن تنظر لي امرأة أبدًا.
    بينما كانت تستمع لكلماته؛ هناك شريطٌ آخر يدور بعقلها يحثها على القبول:
    -هو قصير ولن ينظر له أحد..
    قلبها ينهرها عنه:
  • هو قزم وأنت طويلة..!!
    ليعود عقلها يتحدث لها بقوة:
    -لكنه لن يهرب ويتركك..
    ضحكت بشدة وتحدثت بصوت مسموع لتنهي خلاف جوارحها وهي تشمر ساعدها الأيمن:
  • إن لم ينفع في شيء، يكفي أن أخبئه هنا بكمِ عباءتي.
    رفع نظره لها مستنكرًا ما قالت، ثم نطق متسائلًا، يحثها على الرد:
    -ها، ما قرارك؟
    أخبرته موافقتها ليذهبا إلى المأذون ولكن قبل أن يصعد التاكسي سألها:
    -هل معك مال لندفع للمأذون؛ فما أملك من الدنيا إلا قلبًا أحبك…؟!
    بالفعل أخرجت له رزمة من الحقيبة، لتجده يقفز وهو يخبرها:
    -سأذهب للحمام أولا..

تعذر بالعودة فحاولت البحث عنه، فلم تستطع إيجاده، ضربت كفًا فوق أخرى وزبدت برغاء كناقة:
-ربما سقط في بلوعة أو أكله القط فهو يشبه الفأر كثيرًا. أو أن يكون ذهب إلى طابور الجمعية ودهسته الأقدام…؟!
بينما هي تجلس وتزيد بالكلام جاءها رجلٌ عجوز، انتبهت له حين ربت كتفها مهدئًا لها بنظرة خبير متعاطف:
-لن يأتي سيد …
رفعت نظرها له بسرعة كي يستأنف؛ فأكمل وهو يهز رأسه ويده تضغط على العكاز:
-سيد ابني هرب، أخذ مالك وهرب.
فرت دمعة من عينيها فزاد بحسرة:

  • أنا آسف، لم أستطع تربية أولادي، أمهم ماتت وهما صغار وتركتهما لي وكم حاولت قدر المستطاع ولم أفلح…
    أخذ يبكي وهي تؤازره بينما تنظر لعصاه وهو يقبض عليها بحدة، تسيل دموعه ليحكي بحرقة:
  • لو كنت تزوجت بعد موتها لكان من الممكن أن يتم تربيتهما بشكل لائق…
    أخذت تفكر فيما يقول، ثم تحدثت ببلاهة:
    -لنتزوج، وسأربيهم أنا.
    ابتسم بداخله ليحدثها بحسرة:
    -لكن لا أملك أجرة المأذون، أخذ أبنائي كل ما أملك!
    فتحت حقيبتها بجدية وهي تدفع بيده رزمة المال التي تملكها:
    -خذها وحاسبه.
    عندما أمسك المال بيده توهجت حدقته فرحًا وسقطت العصا من يده، حينما أخبرها أنه ذاهب ليحضر الشهود، أخذت تنظر له بدهشة وهو يغادر على قدميه بدون عكازه أو أي معاناة، ليصبح مظهرها بعد أن استوعبت مقدار بلاهتها أشبه لعروس الدمية الضاحكة.
    ومازالت تحدق بالعصا وهي تحدثها:
    -حتى أنتِ حين أدهشتني قوتك سقطت أرضًا..!!
    أمسكتها لتستند عليها من إرهاقها رغم جلوسها وازدياد برودة الجو وارتعاش جسدها.
    هجم الليل وخوا المكان من البشر وبدأت أصوات حفيف الأشجار تتضح، أصبحت تلك الدقائق لها مخيفة من تأثير ما حدث معها وتلك الضوضاء التي تسمعها من الضفادع والريح ترعبها، فعادت تحدث العصا كمصدر عون:
    -الأول أخذها وهرب، والثاني نصف أيد وطار، وجدو أيضًا خداع محتال، والعصا التي جذبتني وقعت!..
    اختلط عندها الضحك بالدموع، لتفزع عندما وجدت نفسها محتضنة ويدٍ تربت عليها، غمرتها نفحة أمان قليلاً عندما سمعت صوتًا أنثويًا يحدثها يندب حظ صاحبته مثلها:
  • لن تشعر بك إلا من هي مثلك، ولن تشعر بالمرأة غير المرأة….
    تصمت قليلاً وتعيد كرتها معترفة بأمر واقع لها:
  • الدنيا لا يوجد بها رجل حقيقي يستحق دموعنا، ومن خدعوكِ هم زوجي وأبنائي وأنا من ينفق عليهم، هكذا هم الرجال في زمننا هذا لا يريدون منا سوى كنوزنا فقط؛ إن كانت ملموسة أو محسوسة. عندما علمت بما حدث معك جئتك..
    لتكمل كلامها بينما الفاتنة تنتحب على صدرها بحسرة:
  • أنا الباقية لكِ، ما اسمك؟
    -ياااه أخيرًا وجدت من يسألني عن اسمي…؟!!
    -اسمي شرين..
    نطقت اسمها بارتياح تام وباتت مقتنعة أن الرجال لا نفع منهم وأن هذا الحضن الدافئ يغني عن الكثير، لتنتفض مفزوعة عندما أخبرتها المرأة أنها تريد الزواج منها، لتصيح بصدمة:
    -كيف هذا؟!!!!
    ضمتها المرأة بقوة وأجابت:
    -كما قلت لك عزيزتي؛ النساء فقط هن من يشعرن ببعضهن البعض وأنا أريد أن أجعل من حضني مسكنك..
    اطمأنت شرين لحديثها وهزت رأسها على كتفيها ثلاثًا، فابتسمت المرأة وتابعت:
    -أريد منك أجرة المأذون..
    مدت يدها تبحث عن حقيبتها، لكن سرعان ما فغرت فاهها وانتفضت في مكانها، ثم ركضت بيد خاوية وهي تصرخ بهستيريا:
  • لا … هنا لا يوجد مأذون..
    تمت..

إبداعات عائلة اسكرايب

“مدينة الحمقى” يقع في شباكها “شريف بحيري”

كتب شريف بحيري

اتجهت بسيارتي مسافرا إلى بلدتي، كنت مرهقا جدا منذ عدة أسابيع!، تعب شديد من ضغوط العمل وصراعاته التي لا تنتهي.
كعادة كل يوم، انتصر ظلام الليل، تغلق عيني جفونها تحديا لرغبتي، قررت لحظتها أن أتجه إلى أقرب مدينة لأقضي بها ليلتي.
وجدت محطة وقود عند مدخل المدينة، اتجهت إليها مباشرة، أهملت نظراتهم الغريبة، وطلبت من أحد العاملين ذي كرش ممتلئ أن يملأ خزان الوقود، واتجهت مباشرة إلى داخل الكافيتريا لأحصل على فنجان من القهوة وقطعة حلوى.
فزعت من منظر العامل المتواجد بالكافيتريا فقد كان يرتدي زيا مخيفا كالذي يرتديه البعض في حفلات الهالوين.
تجاوزت خوفي، وما هي إلا دقائق وأحضر لي كوبا من الشاي معه ساندويتش من الجبن الأبيض وبعض حبات الزيتون، اندهشت وأعدت عليه طلبي، فما كان منه سوى أن وضع الصينية أمامي بدون أن ينطق بكلمة، أعطيته النقود فألقى بها على الأرض.
خرجت كاتما غيظي وألقيت بجسدى

داخل السيارة، حاولت إدارتها فلم تستجب، فنظر إلى العامل نظرة بلهاء، و بعد حيرة وتكرار السؤال له، أصابتنى مفأجأة ..لقد ملىء خزان الوقود بالماء، أنها كارثة، صرخت طالبا ميكانيكى متخصص، حضر شخص ممتلىء الجسد يتبعه فرد نحيل يحمل فى يده حقيبة، تبدو ثقيلة، أقترب من سيارتى وأخذ يستخدم أدواته، كلما أدار مسمارا التفت إلى الشخص النحيل وضربه، فى دقائق أصبحت سيارتى كطائرة أسماعيل يس فى الفيلم كل اجزاءها مفككة وملقاه على الأرض.

كنت أقف فى ذهول، منعني اندهاشي من الصراخ، حتى انتبهت على صوت عال لمجموعة من الرجال يتصارعون ويقبلون علي، أشكالهم غريبة، بعضهم يتميز بالطول، والمجموعة الأخرى تتميز بالقصر، ويمسك رجل طويل بآخر قصير ويجره جرا، والكل يتكلم في نفس الوقت، لا أعي على ماذا يختلفون، حتى اقتربوا مني، وظلوا يتصايحون ويرفعون أيديهم ويتشابكون أحيانا، ويهدؤون أحيانا، لم أفهم منهم سوى أنهم يريدون رأيي في أنهم يرفضون زواج الرجل القصير من أخت الرجل الطويل، وأنهم يختلفون منذ أيام ولم يجدوا حلا.

اقترحت عليهم أن يهدأوا، ودعوتهم للجلوس، فهمست لأحدهم أن يعد مشروبا للجميع، ففزع من جلسته وأخذ يصيح طالبا الطعام، فنهض آخر وطلب الطعام، فأقبلت علينا مجموعة من النساء، منهن الطويلات ومنهن القصيرات، يحملن صواني كبيرة عليها أطباق صغيرة، يجرون خلفهم أطفالا تبكي من الجوع، جلست النساء القصيرات بجانب الرجال الطوال، والنساء الطويلات بجانب الرجال القصر.
عقلي لم يستوعب المشهد، أشرقت الشمس، هجم عليّ أحدهم وجرني جرا إلى منزله، كنت أحتاج للنوم قليلا، لم تفلح محاولات الإفلات من يده، لفت انتباهي مجموعة من الفلاحين يرتدون حلة كاملة ورابطة عنق ويضربون الأرض بالفأس ويضعون سمعات الهاتف فى آذانهم.
دخلت المنزل فوجدت التلفاز على قناة إخبارية لدولة أخرى وبلغة غير مفهومة، طلبت أن نغير على قناة تذيع أخبارنا، فلقيت منه ما نهرني، ودفعني دفعا إلى داخل إحدى الغرف.

كانت غرفة خالية من الفرش، والنوافذ بدون زجاج.
ما أن دخلت على الغرفة حتى أصبح صوت التلفاز عاليا، لم أستطع النوم، كلما ناديت عليهم يرتفع صوت التلفاز، ظل الصوت يعلو ويعلو حتى ارتفعت حرارة الغرفة، دخان كثيف يغطي سقف الحجرة، المنزل يحترق، النيران تقترب، قفزت من النافذة، وجدتهم ينظرون إلى المنزل وهو يحترق لا يبالون، لا يحاولون إطفاء النيران، جريت بحثت عن مصدر للماء، ما أن اقتربت محاولا إطفاء النيران حتى التف حولي مجموعة كبيرة من الرجال ممتلئي الجسد، كادوا أن يضربوني، جريت منهم، تبعني مجموعة أخرى من رجال نحاف مهرولين خلفي، وكلابهم لا تلهث خلفي.
وصلت إلى منزل يبدو عليه ثراء صاحبه، أسرعت بالدخول، لم يوقفني أحد، وجدت رجلا جالسا على كرسي ضخم جدا، ينظر إلى سقف الغرفة غير مبالٍ بالأصوات التي تصل إليه، تكلمت طلبت أن يحميني من هؤلاء الحمقى الذين وصلوا عند هذه اللحظة، فنظر إليهم، وأعاد النظر إليّ بغضب وحدّة، ثم طلب مني أجرة إصلاح السيارة والطعام والمنزل المحترق.
حملني الرجال وعادوا بي إلى محطة الوقود مرة أخرى.

إبداعات عائلة اسكرايب

“الفيروس اللعين .. كورونا والمجنون” قصة قصيرة يكتبها يوسف حسين

كتب يوسف حسين:

“أحبك” لم تكن تلك الكلمة وحدها كفيلة لأن تظهر ما يكنه لها من حب، بل أن شعوره جعله يشبه قابيلا، لا يرى في الأرض من النساء غيرها. يقتل أشباهها في عينيه، رغم أن جوارحه لم تكن تشعر بهن، يصارع جنسه حينما يفكر أحدهم الاقتراب منها، لا يمل من حديثها، من صمتها وابتسامتها، حين تضحك كأن الشمس أشرقت من مبسمها، لتضيء عتمة فؤاده، وتدثره بلحاف نقائها، فيفر الصقيع هاربا وتزدهر نباتات روحه.

لقد كان الوحيد المزدحم، إن غابت عنه لثوانٍ كأنه بين القبور مقيم، حين تعود يمتلئ كونه بالوجود. لقد تعاهدا ألا يفترقا أبدا، حتى ظهر هذا المخلوق اللعين (كوفيد١٩)، لم يعيراه أي اهتمام، كانا ينجبان أطفالا من نظراتهما كلما التقيا عند باب الجامعة، لكن الأمر ازداد سوءا وكأن الخلق جميعهم تكالبوا عليهما، أغلقت الجامعة أبوابها، وكذا الطرقات، صار الحديث بينهما مرئيا بين الفينة والأخرى، ليستمر عناق أعينهما، لكن هذا العناق أصبح كثيرا عليهما، انقطع الاتصال، وباتت كل الوسائل لا تؤدي إلى شيء سوى الانتظار، هذا الذي يشبه الموت كثيرا أو الجنون، فلقد بات يحدث الجدران، السقف والأثاث والأواني، حتى السماء لم تنجُ من شكوى اشتياقه لها، يحضر الطعام ثم يغلق عينيه لثوان، ليستحضر طيفها كي تشاركه، يرسم ملامحها بمخيلته فوق سطح قهوتها كي يستمد الصمود من مذاقها، لقد عشق القهوة لأجلها، يقبّل يدَيه ليشتم رائحة عطرها، لقد بات بينه وبين الجنون خطوة واحدة! – لولا حديثها القديم الذي أصبح كطوق نجاة له.

لا يعلم كم من الوقت مضى في عزلته، كل ما يعلمه جيدا أن مسافة الفراق اتسعت واحتوت ما بين السماوات والأرض، ود لو أن يصبح طائرا، ويحلق بعيدا عن أرضه ليطأ أرضها، أو أن يتعلم السباحة ويعبر المسافات بقارب العشق، ليصل لبر عناقها، لكنه بشر مغلوب على أمره، ما استطاع فعل شيء سوى الدعاء – الدعاء فقط أن يكشف الله عنا تلك الغمة.

مر الوقت بطيئا كسلحفاة حامل، أخيرا زف إليه خبر النصر والخلاص من هذا اللا مرئي، حينما سمع الخبر احتضن الأواني والجدران، الأبواب والجيران، ثم خرج مسرعا دون أن يصفف شعره أو حتى يربط حذائه، كان أشبه بمعتقل هارب!، ركض نحو الجامعة، وقف عند الباب، دقق النظر في وجوه الطلاب، لمح السعادة في عيونهم، العناق يحفهم برداءٍ من بهجة، إلا هو .. كان الانتظار قاتله، حدثه قلبه بغصة:
-لم تعتد التأخر هكذا!، دائما ما كانت أول الحاضرين.
وضع يده على قلبه ليطمئنه، رغم أن عقله بحاجة لمن يحتوي جنونه. ثوان وظهرت سيارة فارهة، وكأنها جاءت من العدم، وقفت أمامه وفُتح بابها، معلنا عن هبوط امرأة!؛ لا يهم من هي، فعادته ألا يلتفت إلى أي منهن، لكن صوتها وهي تتحدث بلهجتها العامية: “اوعى تتأخر عليا يا بيبي”، هو من دفع قلبه قبل عينيه للنظر والتدقيق؛ إنها هي، وبطنها يتدلى أمامها، كبالون منتفخ.
صرخاته صدعت الجدران قبل البشر:
-أنا صانع الفيروس اللعين….

إبداعات عائلة اسكرايب

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ